أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - كل عام ونحن متسامحون














المزيد.....

كل عام ونحن متسامحون


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1713 - 2006 / 10 / 24 - 11:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل عام وأنتم بخير. هذه الأيام يحتفل المسلمون حول العالم بعيد الفطر بعد ان انقضى شهر الصوم. هذا العيد يحتفل به المسلمون في شتى أنحاء العالم بمختلف طوائفهم وشيعهم وألوانهم وأعراقهم وأجناسهم. وعلى الرغم من الاختلافات الطائفية الشديدة بين أتباع المذاهب المختلفة، وعلى الرغم من الفروقات الفكرية والعقيدية الكبيرة بين المسلمين العلمانيين المنفتحين والمسلمين المتدينين الملتزمين والمسلمين المتزمتين المتطرفين، إلا أنهم جميعاً سنة وشيعة، علمانيون وملتزمون ومتطرفون يحتفلون بهذا العيد في نفس التوقيت وربما بنفس التقاليد والصلوات. وربما كان الشيء الوحيد الذي يربط بين كل هؤلاء وأولئك هو الإيمان بالإسلام ورسوله، وفيما عدا ذلك فهناك اختلافات جذرية بشأن وسائل ومفاهيم الإيمان وكيفية ممارسة الإسلام في الحياة العملية.

لا شك في أنه من المستحيل وضع فرق المسلمين في قالب أو إطار واحد بسبب الاختلافات الفكرية والمذهبية والعقيدية الجوهرية التي تفصل بين كل فريق، بل ويجب القول أنه من الظلم وضع المسلمين المستنيرين في صف واحد مع المتطرفين والإرهابيين الذين يكفرون ما عداهم ممن لم ينتم لمجموعاتهم الظلامية. ومن الإنصاف القول بأن المستنيرين من المسلمين يعدون نماذج رائعة في التسامح والاعتدال والانفتاح على الأخر والاندماج في المجتمات التي يعيشون بها والإسهام في الحضارة الإنسانية وهي الصفات التي يفتقد إليها للأسف المتطرفون والإرهابيون ونسبة لا بأس بها من المسلمين المتزمتين والمتشددين والتكفيريين في شتى بقاع الأرض.

إذا كنا نتمنى للجميع الخير بمناسبة عيد الفطر، فإننا نشدد على أن للخير مقومات وشروط من أهمها التسامح مع النفس والأخر والمجتمع والحياة. فلا يمكن للمرء أن ينعم بالخير إذا ما امتلأ قلبه بالحقد والكراهية لمن يختلف معه في الرأي و الرؤية والتفكير والعقيدة. ولا يمكن للفرد أن يكون بخير إذا ما أراد أن يقتلع الأخر من جذوره. ولا يمكن للإنسان أن يحيا بخير إذا ما تملك منه الفكر التكفيري المتزمت والهدام القائم على الأحادية السلبية المناهضة للتعددية الإيجابية والرافضة للاعتراف بحقوق الأخر.

وإذا كانت مباديء التسامح والاعتدال والانفتاح على الأخر تعد من أهم مقومات الخير الذي نرجو لشعوبنا ومجتمعاتنا وعالمنا أن ينعم به، فهل يريد أناس مثل محمود أحمدينجاد وحسن نصرالله ومحمد مهدي عاكف وأسامة بن لادن وغيرهم من المتشددين والمتطرفين والإرهابيين الخير للعالم أو لشعوبهم المسلمة أو للشعوب غير المسلمة؟ هذا ما لا أظنه. فالخير الذي يريده أولئك المتشددين والمتطرفين والإرهابيين يشبه في مفعوله سم الأفاعي، وهو يختلف تمام الاختلاف عن الخير الذي نتفق مع المسلمين المعتدلين بشأنه. خير أولئك ينطوي على الحقد والشر والكراهية والحرب والدم. وخير أولئك يعني أحادية الفكر والعقيدة، والتخلص من الأخر. وخير أولئك لا يعرف إلا التطرف والتشدد والتزمت والسلفية والقيود. وخير أولئك يهدف إلى إلغاء العقل والعلم والحضارة.

لعل الأمثلة على الخير الشرير الذي يريده لنا أولئك المتطرفين عديدة ومتنوعة وتأتي من معظم البلدان العربية والإسلامية. فالخير الذي يريده تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين للعراق يكون عبر تمزيق هذا البلد، وسفك دماء مئات الألاف من الأبرياء من مواطنيه، وطرد مسيحييه من وطنهم. والخير الذي يبغاه تنظيم حزب الله في لبنان للمواطنين اللبنانيين يجيء عن طريق إغراقهم في نزاعات داخلية طائفية وحروب خارجية تهدر أمكانات لبنان وتضعف اقتصاده. والخير الذي تتمناه جماعة الإخوان المسلمين في مصر والعديد من البلدان الإسلامية للشعوب يقوم على قمع الحريات، وتكفير المفكرين والكتاب والعلماء، وبث الكراهية نحو أتباع الديانات الأخرى. والخير الذي يعنيه نظام الملالي للشعب الإيراني وسائله هي الانغلاق والتطرف والمخاطرة بمستقبل ومقدرات إيران.

إن الخير الذي نريده ونتمناه للمسلمين وغير المسلمين في عيد الفطر هو الخير القائم على مباديء التسامح والاعتدال والحرية والانفتاح والتعقل والتقدم والسلام والمساواة. إنه الخير الذي يجعل من كتاب ومفكرين منفتحين مثل القرآني الوقور الدكتور أحمد صبحي منصور، والليبرالي الدكتور شاكر النابلسي، والمفكرة الرائعة الدكتورة وفاء سلطان، والعبقري العفيف الأخضر، والشجاع هاني نقشبندي، و الرائع أشرف عبد القادر يتبنون مناهج فكرية قائمة على العقل والاعتدال والتسامح، وهو الخير الذي يدفع كتاب ومفكرين مثلهم للدفاع قضايا إنسانية مريرة مثل قضية الحريات العامة، وقضية الإرهاب المتأسلم، وقضية اضطهاد الأقليات المسيحية في الدول العربية والإسلامية دون حساسية أو خوف من إرهاب المتأسلمين.

الخير الذي نريده ونتمناه هذا اليوم هو الخير الذي يجعل من القائمين على موقع ليبرالي حر مثل موقعنا هذا، ومعظمهم من المسلمين الأحرار، يحرصون بدأب على توعية القراء العرب والمسلمين بالفكر الحر المتسامح نحو شركاء الوطن والإنسانية. وأخيراً إنه أيضاً الخير الذي يجعل من عالم بارز مثل الدكتور أحمد زويل يتواصل مع الأخر في الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق المزيد من الاكتشافات العلمية التي تعود بالمصلحة على البشرية جمعاء وتقودها إلى الأمام من دون أن يلتفت إلى دعاوى تكفير الأمريكيين التي يصدرها المتطرفون بصورة مستمرة. تحية قلبية لكل هؤلاء وغيرهم من المسلمين المنفتحين في عيد الفطر.

كل عام ونحن جميعاً متسامحون، معتدلون، عقلانيون، مسالمون، متساوون، منفتحون وأحرار...



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحكيم أم تحجيم العقل في مسألة صراع الأديان
- 25 يوماً من الحرب... 58 سنة من الكراهية
- نصر الله لمن: لحزبه المغوار أم لشعبه المختار؟
- سياسة الأسد: عليّ وعلى جيراني
- من يحاسب حزب الله على أخطائه بحق لبنان؟
- الأسد يعاقب اللبنانيين بالآلة العسكرية الإسرائيلية
- لبنان: ماذا يخبيء لك حزب الله؟
- المسكوت عنه في محاولة تقسيم الكنيسة القبطية
- تجريد الإنسان الأمريكي من آدميته
- القذافي يخشى مصير تلميذه الليبيري
- طغاة في قبضة العدالة: إنذار لمن يهمه الأمر
- قراءة في آفاق جديدة للقضية القبطية
- دين، سياسة واقتصاد في المونديال
- صح النوم: صرخة فيروز لإيقاظ الضمير الوطني
- بل هجرة سيد القمني انتكاسة للحرية
- النفوذ السياسي لرجال الأكليروس العرب
- الوجه القبيح ل -حماس- الزرقاوية القاعدية
- مقتل الزرقاوي ومقتل الفكر الإرهابي
- عبء النفوذ السياسي لرجال الدين – نموذج السيد حسن نصرالله
- التوريث، الإخوان وأزمة الأحزاب السياسية في مصر


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - كل عام ونحن متسامحون