أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راكان علي - إما أن تكون مسلما سلفيا أيديولوجيا إرهابيا أو إسلامك مزوّر ومغشوش وكيوت!















المزيد.....

إما أن تكون مسلما سلفيا أيديولوجيا إرهابيا أو إسلامك مزوّر ومغشوش وكيوت!


راكان علي
Adel Ahmed


الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 18:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا تزال العقلية الشمولية الأحادية المغلقة على ذاتها ذات اللون الواحد والنسق الواحد والشكل الواحد، التي إما تقبل بكل شيء أو ترفض كل شيء، هي المسيطر على طرائق التفكير في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، إما خير مطلق أو شر مطلق، إما نأخذ بكل ما في التراث بغثّه وسمينه أو نتركه ونلعن كل ما جاء به وفيه، إما أن تقبل بالإسلام ومعه تاريخ المسلمين بكل ما في ذلك التاريخ من جرائم وانتهاكات أو ترفض الإسلام كدين وسبيل نحو الحق سبحانه، إما تصدق وتقدس كل شيء رُويَ عن النبي أو قام به وتقبل به أو ترفضه بكل ما فيه وكل ما صدر عنه، إما تقدس القرآن ونصوصه أو ترفضه بالكامل، إما أن تكون مسلما سلفيا أيديولوجيا إرهابيا أو إسلامك مزوّر ومغشوش وكيوت.. إلخ.

لا زالت هذه العقلية المتعصّبة هي المسيطر على عقولنا وحتى لدى اللادينيين والملحدين، فإما ترفض كل شيء في التراث الديني وتكفر بالدين ذاته وإلا فأنت متخلف رجعي ظلامي، وإما تنكر وجود الحق تعالى وتهزأ به وبمن آمن به وإلا فلا علاقة لك بالعقل والمنطق ولن يحدث بك وأمثالك أي تغيير يذكر … إلخ.

لا أعرف لماذا تعجزون عن التفريق بين الإسلام كدين، كثقافة، كخلفية، كطريقة من بين الطرق الكثيرة المختلفة والمتنوعة لوصل الحق، وبين تاريخ الإسلام وأحكامه وشرائعه ومن استغله في حروبه ومعاركه وغزواته وجرائمه! قد تقولون وهل الإسلام سوى تاريخه وشرائعه؟

الإسلام في أوروبا ليس هو ذاته في نجد، وفي أمريكا ليس هو ذاته في أفغانستان، وفي تصوري له ليس هو نفسه تصورك له. إذن للإسلام تجليات كثيرة، متنوعة، عديدة، لا تعد ولا تحصى، ومن ضمن تلك التجليات أحكامه وشرائعه التي جاءت في عصور ماضية وفق سياقات مختلفة تخص تلك العصور والأزمنة. إذًا، تجليات الإسلام مختلفة، لكن أقربها لجوهره أكثرها توافقا مع مفهوم الدين باعتباره كما قال عبدالجبار الرفاعي: ".. يشتغل على إرواء الظمأ الأنطولوجي وإشباع حاجاتٍ لا يمكن أن يشبعها العقلُ والخبرة البشرية، إنه يهتم بأزمة المعنى وسبل معالجتها، إنه يعالج فقدان معنى الحياة في عالم اليوم، وكيفية إنتاج هذا المعنى."

كما يقول الدكتور العراقي عبد الجبار الرفاعي في كتابه [الدين والظمأ الأنطولوجي]: "لا أنكر أن تمثّلاتِ الدين الأرضية طالما كانت منبعاً، للتمويه والخداع والتزوير والاستغلال والظلم والتعسّف والتنويم، لكني أشير هنا إلى ما هو أبعد وأعمق من تلك التمثّلات، وهي ما تشي بالمحتوى العميق للدين، وهذا المحتوى هو الذي ينزع الكائن للتشبّث به، وهو ما يمنح حياته معناها. ‏ذلك أن الحياة لا تُطاق من دون معنى لها، اللامعنى يفضي إلى الغثيان والقنوط والضياع، ولا أحسب أن هناك منبعاً تستقي منه الروحُ البشرية المعنى أخصب من الدين. الدين هو المنهل لإرواء الظمأ الأنطولوجي، وهو المنبع لإثراء الحياة الروحية."

لا خلاف أن الدين اُستُغِل أبشع استغلال وحُشِر فيما لا علاقة له به، غير أنه لا يعني أن ذلك الاستغلال هو جوهر الدين ومجاله. الدين كما ذكر الدكتور عبدالجبار الرفاعي "منبع المعنى والمنهل لإرواء الظمأ الوجودي للإنسان".

يكفي ازدراء للدين بما هو منبع المعنى وسبيل وصال الحق تبارك وتعالى، يكفي إمعانا في ربطه بتاريخ الدم والاستغلال والحروب والدمار والانتهاكات التي اُرتُكِبت باسمه. إلى متى نساهم في حشر الدين في مجال غيره مجاله؟ إلى متى سنستمر في إطالة أمد عملية ترحيل الدين من مجاله الحقيقي والأساسي [المجال الأنطولوجي] إلى مجال الأيديولوجيا؟

مؤسف أن يصرّ البعض على وضعي ومن مثلي في دائرة الاتهام فقط لكوني مسلم رغم رفضي لكل ما في تاريخ المسلمين من انتهاكات وغزوات ومجازر، ورغم عدم تقديسي للتراث بما في ذلك أحكامه وشريعته والفقه وشخص النبي وأقواله، بل وحتى النص القرآني ذاته!

قال لي أحدهم إما تقبل بكل ما في القرآن وإما ترفضه كله، مستندا على آية [أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض].

أكرر أني لا أقدس نصوص القرآن باعتباره نصا بشريا، من كتبه بشر، مخلوق، والمخلوق ناقص، والناقص لا يُقدّس. لا مقدس لديّ سوى الله سبحانه وتعالى هذا أولا.

ثانيا: بما أنك استندت على نص قرآني، فلي الحق لأرد عليك بنص قرآني آخر [الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب]، وهذا ما فعلته بالضبط أن اتبعت أحسن ما في القرآن والمرويات وكل التراث، أخذت أحسنه وتركت ما لا علاقة له بالدين باعتباره منبعا للمعنى والطمأنينة الوجودية، وما لم يعد مقبولا به في هذا العصر. تلك هي الحكاية ببساطة. أنا مسلم أسلّم بوجود الله أعمل الصالحات أمارس الشعائر والطقوس الدينية الإسلامية بروحانية ودفء، من صلاة وصيام ودعاء وغيره، لا أحمّل الإسلام أكثر مما يحتمل ولا أزيحه من مجاله الأساسي الأنطولوجي [بتعبير عبدالجبار الرفاعي]، وأكتفي بما يضفي على وجودي وروحي وحياتي من معنى وطمأنينة وسلام وتقبل لكافة البشر بشتى اختلافاتهم وتنوعاتهم. كما لا أحمّل القرآن أكثر مما يحتمل هو الآخر فلا وظيفة له بالنسبة لي غير ما ذكره المفكر المغربي سعيد ناشيد في كتابه [الحداثة والقرآن] حينا وصف القرآن بأنه: ".. ترجمة بشرية للصور الوحيانيّة، التي لها مصدر إلهي وربّاني بالفعل، غير أنها ترجمة أنجزها الرّسول نفسه في خطاب وجّهه إلى الناس في تلك العصور القديمة الماضية وفق ثقافتهم وظروفهم ومدركاتهم. لهذا السبب، لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نقيِّم القرآن بمقاييس الحداثة السياسية والثورة العلمية وحقوق الإنسان، ولا يجوز لنا أن نتعامل معه كنصّ في العلم أو السياسة أو الأخلاق. وإذا فعلنا ذلك فإنّنا سنقترف جرماً كبيراً، وسنظلم القرآن ظلماً عظيماً. ‏كما يحاول أن يفعل بعض الذين يقدّمون تفسيرات لبعض الاكتشافات العلمية عن طريق ربطها بالقرآن، مثل الحديث عن الذرّة والكواكب والاكتشافات الطبّية.. وغير ذلك. ‏وهي اكتشافات معرّضة للتجاوز عن طريق اكتشافات جديدة تُخطّئها أو تنفيها، وتجعل القرآن الكريم الذي هو خطاب تعبّدي عرضة لتأويلات متهافتة تدّعي لنفسها العلم في حين أنها لا تتسق أبداً مع شروط العلم. ‏بل هي تأويلات تضع القرآن في مواضع تقلّل من قيمته مدّعية تأكيد ما جاء فيه، وهو عمل لا يطلبه الخطاب القرآني نفسه. ‏القرآن الكريم خطاب تعبّدي خالص. وهذا يكفي لمن يملك إيماناً سوياً وحسّاً سليماً."

كما ذكر كذلك وظيفته الأخرى المتمثّلة في استلهام ما فيه من قيم وجدانية كـ[والكاظمين الغيظ]، [والعافين عن الناس]، [وقولوا للناس حسنا]، [ادفع بالتي هي أحسن] وغيرها من القيم الراقية والباقية.

وأختم بما قاله عبدالجبار الرفاعي -الذي أعده كنزا حقيقيا في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية- حينما أكّد على أنه: ".. ما دام هناك إنسان على الأرض هناك موت، الموت هو الحقيقة الوجودية العميقة الصادقة، التي يكفّ فيها الكائن البشري عن الكذب. ما دام هناك موت هناك دين. الدين هو الجواب الوحيد لتحدي الموت. ‏الموت هو نهاية الحياة الدنيا، وذوبان وجود الكائن البشري، الذي له وجودٌ هو الأغنى، مقارنة بسواه من الموجودات الممكنة، ولا يمكن أن ينصاع هذا الوجود لنهاية ينعدم فيها، ذلك أن هذا النوع من الوجود لا يطلب إلّا الأبدية."



#راكان_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا مسلم، ولكن هل هذا يعني أني أقدّس الشريعة أو أحكامها أو ح ...
- نسويّات متعجرفات!
- العلمانية | هل تُعادي الدين أم مستغلّي الدين!؟


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راكان علي - إما أن تكون مسلما سلفيا أيديولوجيا إرهابيا أو إسلامك مزوّر ومغشوش وكيوت!