أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - نتنياهو يأخذ وقتا مستقطعا لاحتواء العاصفة















المزيد.....

نتنياهو يأخذ وقتا مستقطعا لاحتواء العاصفة


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7570 - 2023 / 4 / 3 - 13:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدت استجابة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدعوات وقف إجراءات تغيير النظام القضائي في إسرائيل، أقرب إلى "الوقت المستقطع" الذي يطلبه مدرب فريق رياضي، لكي يلتقط أنفاسه ويعيد ترتيب صفوفه أملا في تلافي هزيمة وشيكة ومحتّمة. فقد تضافرت الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة والإضرابات غير المسبوقة التي شلت مرافق الدولة والاقتصاد، مع الضغط العلني الشديد من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على نتنياهو ما اضطره إلى تعليق خطة "الإصلاح القضائي"، وهو الذي كان يصم أذنيه قبل ذلك عن كل الدعوات التي أطلقها معارضو التغييرات على امتداد ثلاثة أشهر، بما في ذلك نداء عاطفي أشبه باستغاثة أطلقه رئيس الدولة اسحق هيرتسوغ بقوله أن خطر الحرب الأهلية بات واقعيا.
كما تجاهل نتنياهو الواثق بقوة ائتلافه اليميني، وبالأغلبية الميكانيكية التي يملكها في الكنيست (64 نائبا من 120) نصائح قادة دول صديقة مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وما نقله عدد من مبعوثي الإدارة الأميركية، فضلا عن مواقف قادة المجموعات وقوى الضغط اليهودية والصهيونية في الولايات المتحدة التي مالت إلى معارضة التغييرات.
لكن الأمور خرجت عن السيطرة: فعلى امتداد اثني عشر أسبوعا تدحرجت كرة الثلج وتضخّمت، وكادت تطيح بالحكومة نفسها بعد أن وصلت ارتداداتها إلى صفوف الائتلاف الحكومي، بل إلى حزب الليكود حين دعا عدد من وزراء الحزب ونوابه إلى الحوار وتاجيل البت في التشريعات.
انحناء رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام العاصفة لم يقنع معظم المحتجين، فهو استغل خطابه القصير ليعلن استمرار قناعته بالتغييرات. وما لفت المراقبين والمحللين أنه لم يخاطب المجتمع الإسرائيلي بوصفه رئيسا لوزراء الجميع، بل قرن رسالة التهدئة والدعوة للحوار والتفاهم بمغازلة القاعدة الانتخابية لائتلاف اليمين واليمين المتطرف، التي يغلب عليها اليهود الشرقيون والطبقات الأدنى في المجتمع وسكان "مدن التطوير"، علاوة على نسبة مهمة من المستوطنين، وقد خاطبهم بالقول "انتم لستم ولن تكونوا مواطنين من الدرجة الثانية"، ويمكن تفسير ذلك ببساطة بأن نتنياهو تراجع مؤقتا في انتظار لحظة أكثر ملاءمة للانقضاض على خصومه وإجراء التغييرات، علما بأنه أنجز عددا من التغييرات المهمة ومن بينها القانون الخاص بتحصين رئيس الوزراء ومنع محاكمته.
يعكس خطاب بنيامين نتنياهو وسياساته بشكل عام، في نظر كثير من المراقبين والمحللين النسخة الإسرائيلية لليمين الشعبوي الذي يجاهر بمعاداته للنخب الثقافية والأكاديمية والقيم الليبرالية للطبقة الوسطى، ويعارض كذلك استقلال القضاء والهوامش المتاحة لحرية التعبير. ومع أنه من أصول غربية ( أبوه بنتسيون ميلوكوفسكي، بولندي من مواليد وارسو) وعلماني النشأة والثقافة وليس معروفا عنه التدين على الإطلاق سوى في مراعاة المظاهر الشكلية، إلا أنه يكثر من الحديث عن روح الأمة اليهودية وجوهرها الخالد المتمايز عن غيرها من الشعوب والأمم، وهو المبادر إلى سن قانون أساس القومية الذي يعتبر تقرير المصير حقا حصريا للشعب اليهودي. وليس صدفة أن نتنياهو يتمتع بعلاقات وثيقة جدا مع زعماء وقادة اليمين الشعبوي في العالم على شاكلة الرئيس الأميركي السابق ترامب، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والهندي ناريندرا مودي. ومع أن اليمين الشعبوي، مثله مثل تلاوين اليمين الفاشي والنازيين الجدد، يعتمد في العادة على الطبقات الشعبية الدنيا محرضا إياها على "الآخر" القومي أو الديني أو العرقي، فهو من أشد أنصار الخصخصة وتصفية القطاع العام، وحرية التجارة من دون قيود، وذلك ما يسير عليه نتنياهو خلال ولاياته الست في رئاسة الحكومة.
لكن شهوة نتنياهو للسلطة وسعيه المحموم للتملص من المحاكمة والسجن بأي ثمن في ضوء اتهامات الفساد الجدية الموجهة له، دفعته إلى التحالف مع قوى اليمين الديني واليمين الصهيوني الديني، إلى درجة الارتهان لهذه القوى الأكثر تطرفا، حتى أن قدرته على المناورة تقلصت خلال أزمة التغييرات التشريعية الأخيرة في ضوء تهديدات بعض أعضاء حزبه وحلفائه بالاستقالة حال قبوله بوقف خطة الإصلاح القضائي، فاضطر في نهاية المطاف مكرها إلى استرضاء حليفه إيتامار بن جفير والموافقة على مطلبه بتشكيل الحرس الوطني تحت قيادته، في خطوة تعني شرعنة التشكيلات الميليشيوية القائمة حاليا في المستوطنات، والمعروفة باعتداءاتها المتكررة على القرى الفلسطينية، بما في ذلك محرقة حوارة الأخيرة.
نتنياهو المعروف بدهائه وخبرته الواسعة في السياسة وأحابيلها، ارتكب غلطة الشاطر حين قام يوم 26/3/2023 بإقصاء وزير دفاعه الجنرال يوآف جالانت، وهو ليكودي لا يقل يمينية ولا حماسة للتغييرات القضائية، لكنه اضطر لنقل مخاوف القيادات العسكرية، وقلقها على مستقبل إسرائيل وأمنها، في ضوء اعتراضات رئيس الأركان وقادة أجهزة الأمن والأسلحة الرئيسية، إلى جانب رؤساء الأركان السابقين وجنود وضباط الاحتياط، وبخاصة الطيارين، وضباط الوحدة الاستخبارية 8200، وعدد من الجنود النظاميين.
إقالة جالانت منحت المحتجين دفعة معنوية ومادية وثقة هائلة بالنفس، فارتفع عددهم لأكثر من نصف مليون متظاهر بعد هذه الخطوة التي اعتبرت صفعة للجيش الذي يعد أهم مؤسسة في دولة إسرائيل ويلعب أدورا سياسية وتربوية واقتصادية (شركات الصناعة العسكرية) في غاية الأهمية، كما يرتبط باتفاقيات ومعاهدات مع دول كبرى وجيوشها وبخاصة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، ويشكل الجيش المعهد الأبرز لتخريج قادة إسرائيل من وزراء ونواب وحتى رؤساء البلديات ومدراء الشركات الكبرى.
ومع أن ثمة دوافع شخصية وحزبية تقف وراء خطة الإصلاح القضائي، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة في إسرائيل كشفت عن جملة من التناقضات المحتدمة داخل المجتمع الإسرائيلي، خلافا للتناقض الرئيسي القائم بين الفلسطينيين العرب والمشروع الصهيوني، أبرز هذه التناقضات هو بين اليهود الغربيين (الأشكناز) والشرقيين (السفاراديم والمزراحيم) والذي يعبر عن نفسه في الثقافة والفنون والعادات والتقاليد واللغة واللهجات والملامح الجسمانية وبعض الطقوس الدينية، وكذلك التناقض بين العلمانيين والمتدينين (الحريديم) حيث أن لكل فريق أحياؤه السكنية ومستوطناته المنفصلة ومدارسه ونظام حياته الاجتماعية وتعريفه لمعنى اليهودية، إلى جانب التناقضات الطبقية والاجتماعية، والتمايزات التي ظهرت في السنوات الأخيرة بين المستوطنين وسكان مدن الساحل حيث يتبنى المستوطنون مواقف متطرفة تجاه الفلسطينيين ويدفعون دولتهم إلى مزيد من التطرف. أما التناقضات بين اليمين واليسار، أو أنصار السلام ومؤيدي استمرار الاحتلال، فقد تراجعت بشكل ملحوظ مع استقرار حكم اليمين والانزياح المستمر لكل المجتمع الإسرائيلي وأحزابه نحو اليمين واليمين المتطرف. وجدير بالذكر أن مؤسسي دولة إسرائيل وأبرزهم دافيد بن غوريون طرحوا مشروعا يسمى "بوتقة الصهر" لتقليص الفروق بين الجماعات الإثنية المختلفة، وخلق شخصية "الإسرائيلي الجديد"، لكن هذا المشروع مُني بفشل ذريع بسبب عنصريته وتبنيه للثقافة ونمط الحياة الغربي على حساب تقاليد اليهود الشرقيين وثقافتهم.
كل هذه التناقضات برزت خلال الاحتجاجات الأخيرة من خلال مواقف واصطفافات مُكوّنات المجتمع الإسرائيلي، وهي تناقضات عميقة وراسخة تعكس نفسها في عديد مجالات الحياة ومن ضمنها الانتماءات السياسية والحزبية وأنماط التصويت، وقد سبق لعدد من قادة إسرائيل ومفكريها أن حذروا في وقت مبكر، أي قبل سنوات، من أن الخطر الحقيقي الذي يتهدد إسرائيل يأتي من داخلها، ومن هؤلاء رئيس الوزراء السابق إيهود باراك الذي حذر من انهيار إسرائيل في أيار 2022 عبر مقاله المعروف ب"لعنة العقد الثامن".
يبدو الموضوع الفلسطيني غائبا عن هذه المعادلة، مع حرص قادة الاحتجاجات على إظهارها "يهودية خالصة"، وحرص فلسطينيي الداخل على ألا يكونوا في جيب طرف ما على حساب حقوقهم وهويتهم، لكن الرابط بين الأزمة الداخلية الإسرائيلية والقضية الفلسطينية كامن حتما في جوهر التناقضات، فمن يستهين بحياة الآخر القومي وحقوقه وإنسانيته لا يمكن له أن يكون متسامحا مع المختلفين معه في الرأي من أبناء جلدته، وفي المقابل فإن مشكلة الفلسطينيين الجوهرية تكمن في صعوبة استفادتهم من هذه الأزمة في ضوء وضعهم الداخلي المنقسم والمأزوم والمهلهل.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذن يستطيع بايدن الضغط على حكّام إسرائيل!
- شهوة السلطة أعمت نتنياهو عن إدراك الحقائق
- عملية حوارة وتصاعد المقاومة في الضفة
- تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (2 من 2)
- تصاعد خطر المستوطنين وإجرامهم (1 من2)
- عن الاعتراف بدولة إسرائيل
- بن غفير فاشي أزعر ذو سوابق ونتنياهو أسير له
- بين حماية السلطة وحماية الشعب الفلسطيني
- هل تندلع حرب أهلية في إسرائيل ؟
- إسرائيل ولجنة مكافحة الإرهاب: حاميها حراميها
- رواية -مجيدو- المشوشة
- سياسات حكومة نتنياهو: وجهان لعملة فاشية واحدة
- عنف المستوطنين
- سُلطة ومعارضة
- المجتمع الدولي مطالب بمنع نكبة جديدة
- احتجاجات داخلية إسرائيلية في وجه الفاشية
- النقابات: قوة وشرعية تمثيلها لمنتسبيها
- أبوغوش: للمستوطنين ميليشات وتشكيلات مسلحة
- فتح بين كونها حزب سلطة وحركة تحرر (2 من2)
- فتح بين كونها حزب سلطة وحركة تحرر (1 من2)


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية ترفض دعوى نيكاراغوا لاتخاذ تدابير ضد تصد ...
- نتنياهو لعائلات الرهائن: قواتنا ستدخل رفح بـ-صفقة أو دونها- ...
- -دون إعلان رسمي-.. هل غيّرت قيادة -حماس- مكان إقامتها من قطر ...
- تعليق الشرطة الإسرائيلية على تصفية السائح التركي الذي طعن عن ...
- محامون يوجهون رسالة إلى بايدن لحثه على وقف توريد الأسلحة لإس ...
- -هل تؤمن بالله-.. مشاهد من عملية الطعن في لندن واستبعاد علاق ...
- مدرعة M88A1 الأمريكية ??في معرض غنائم الجيش الروسي في موسكو ...
- كمائن القسام المفخخة تثير إعجاب المغردين
- شاهد.. شرطة لندن تعتقل رجلا نفذ هجوما بسيف
- انتقادات أممية لتوعد جامعة كولومبيا بفصل طلابها المناصرين لف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - نتنياهو يأخذ وقتا مستقطعا لاحتواء العاصفة