أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد رحيم - ربع قرن على سقوط أوهام التناوب الديمقراطي: (14 مارس 1998/ 14 مارس 2023)















المزيد.....

ربع قرن على سقوط أوهام التناوب الديمقراطي: (14 مارس 1998/ 14 مارس 2023)


سعيد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 7550 - 2023 / 3 / 14 - 23:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربع قرن على سقوط أوهام التناوب الديمقراطي:
(14 مارس 1998/ 14 مارس 2023)

سعيد رحيم

اليوم 14 مارس 2023؛ قليلون جدا يتذكرون أن مثل هذا اليوم من عام 1998 هو يوم الإعلان عن آخر حكومة عينها الملك الراحل الحسن الثاني في حياته، وسميت ب"حكومة التناوب التوافقي" على رأسها عبد الرحمان اليوسفي، زعيم حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، آنذاك، وكان أمله تعبيد الطريق للانتقال من التناوب التوافقي إلى التناوب الديمقراطي بينما آلة القرار كانت عينها على شيء آخر .

لقد مر على الحدث اليوم ربع قرن بالتمام والكمال.

شكلت هذه الحكومة، في ذلك الوقت،
حدثا سياسيا على الصعيد الوطني والخارجي. واعتبرها كثيرون، حينئذن، تجربة سياسية فريدة في العالم العربي، نظرا لارتباط اسم رئيس وزرائها بإحدى مكونات المعارضة التاريخية لنظام حكم الملك الراحل، منذ ما بعد نهاية الحماية الفرنسية. واعتبرت حدثا سياسيا كبيرا، كذلك، نظرا لارتباط الحزب المتصدر لانتخابات ذلك العام (98) بشعارات يختلط فيها الإيديولوجي بالديماغوجي غذت حماسة ومشاعر أجيال متعطشة ل"الديمقراطية" و"الاشتراكية" و"الحرية" والكرامة.. وكل ما له صلة بحقوق الإنسان الاقتصادية والمدنية السليبة.

لذلك زرع الإعلان عن هذه الحكومة - المكونة من الإتحاد الإشتراكي، الاستقلال، الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الأحرار في نسختها الثانية - طموحا ملتبسا ومنشغلا بانتقال ديمقراطي ناضلت القوى التقدمية والديمقراطية في سبيله منذ عقود في المغرب، دون جدوى. ووضعت فيه فرضية "تغيير النظام من الداخل" على المحك.

للتحديد فقط، فإن عمر ولاية هذه الحكومة لم يتجاوز أربع سنوات، ما بين 1998 و 2002.
وكان خالد عليوة وزير التشغيل والناطق الرسمي في هذه الحكومة قد قال، متعاليا، في كلمته بالمقر الإجتماعي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالدار البيضاء: "سنمكت في الحكومة 15 قرنا"!!.

قبل أسبوع تقريبا من الإعلان عن حكومة "التناوب التوافقي"،بدل "التداول على السلطة" (المفهوم المفقود في القاموس السياسي للمغرب)، تم عقد ندوة بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء كان محورها: "آفاق الوضع السياسي الراهن بالمغرب".

حضرت هذه الندوة وشاركت فيها أطر قيادية من الإتحاد الإشتراكي ومن حزب الاستقلال وأعضاء من النقابة الوطنية الصحافة المغربية وفاعلون سياسيون آخرون من مشارب مختلفة..

وركزت كلمات وعروض المتدخلين فيها على مشاركة المعارضة التقليدية وبعض حلفائها في الحكومة المقبلة من أجل إقامة الديمقراطية، خصوصا بعد الموافقة على دستور 1996 ولأجل إنقاذ المغرب من "السكتة القلبية"، طبقا للتوصيف الشهير للملك الراحل، الذي أطلق إشارات واضحة، في أكثر من مناسبة خلال تسعينيات القرن الماضي، يدعو فيها لإشراك المعارضة التقليدية في المناصب الحكومية، بل أخذها كلها عدا "وزارات السيادة".

1- في بهو المركب الثقافي، بعد نهاية الندوة، تحلقنا نحن مجموعة من الصحفيين حول الأستاذ الراحل العربي المساري - وكان حينها مشاركا بصفته الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وممثلا لحزب الاستقلال في الندوة - وأخذ يوضح لنا دقة المرحلة التي يمر منها المغرب وحاجته الملحة للخروج من الضائقة العامة في البلاد عبر تسريع الانتقال إلى تناوب سياسي تقوده حكومة من المعارضة.

ثم استدرك بأسف قائلا "..لكن هناك جهات متنفذة ترفض هذا الأفق، هذا التناوب". فسألته شخصيا للتو: "هل المقصود بالجهات المتنفذة الرافضة لهذا الأفق الأحزاب الإدارية المتعاقبة؟"، فكان رده سريعا "لا.. لا ليست تلك الأحزاب، بل جهات أبعد من ذلك إنها جيوب المقاومة". وعقبت على جوابه مباشرة: " إذا كان الأمر كذلك فبالناقص من هذه الحكومة!". لكنه أجابني مسرعا مرة أخرى: "لا.. لا.. لا تقل هذا.. نحن في حاجة إلى حكومة للتناوب". ولم أضف كلمة!

لم تمض سوى شهور قليلة على تنصيب حكومة "التناوب التوافقي"، التي ترأسها اليوسفي، حتى شعر نقيبنا العربي المساري، الذي آلت إليه حقيبة وزارة الاتصال بالاختناق وهو يسعى بكل ما أوتي من حصافة ودبلوماسية وجدية لكي يعقلن قطاع الإعلام والاتصال العمومي، على وجه الخصوص ويخرجه من قوقعته الروتينية المملة. فقد نسجت حول الوزير - نقيب الصحافيين السابق - كل أشكال الافتراء والمزاعم وسيجت عليه العزلة والتغييب وأصبح "كعريس الغفلة في الزفة"، لا علم له بما يجري داخل مجاله الدستوري. ونتيجة لذلك قدم استقالته من منصبه مرتين، وتراجع عنها بعد النقاش معه وحثه على الاستمرار في مواجهة جيوب المقاومة.
لكن اسم العربي المساري توارى عن الأنظار في التعديل الحكومي 2000/ 2002".

هكذا نزل صديقنا اللبق عن صهوة حماسة أحلامه الوردية خاوي الوفاض.. بل لم يستغل حتى منصبه لقضاء مصالح شخصية، كما فعل آخرون. وفي صيف 2015 مات ع. المساري عليه أوسع الرحمات، نزيها ب"غصة في القلب وفي الحلق"!

2- في أحد أيام سنة 2000 عقد محمد اليازغي أحد القادة البارزين في حزب الاتحاد الإشتراكي ومنافحا عن حكومة التناوب التوافقي - التي شغل بها وزيرا لإعداد التراب الوطني والماء والبيئة - لقاء جماهريا بدار الشباب الواقعة بشارع أنوال بالدار البيضاء مجد فيها أهمية مرحلة الانتقال السلس للسلطة بين ملكين، بفضل التناوب التوافقي.. وفي ختام عرضه الذي تابعته جماهير غفيرة من ساكنة سباتة(قرية الجماعة) طرحت عليه السؤال التالي:"السيد اليازغي.. ألا تفكرون، وأنتم في الحكومة، في دسترة مبدأ التناوب؟". فكان جوابه كالتالي: "ليس ضروريا دسترة التناوب.. فبريطانيا التي هي من أعرق الديمقراطيات في العالم ليس لها دستور مكتوب، دستورها شفوي وبدون مشاكل. ونحن في المغرب يجمعنا عنصر الثقة".

وفي دجنبر 2013 بمناسبة حفل توقيع كتابه "سيرة وطن.. مسيرة حزب" بمدينة آسفي اعتبر اليازغي أن عدم دسترة التناوب كان خطأ في التجربة السياسية لحزبه على رأس الحكومة، خلال الفترة المذكورة.

3- في فبراير 2003، أي خمسة أشهر على الانتقال السلس للسلطة وإجراء أول انتخابات برلمانية في العهد الجديد في (2002/09/27) ، والتي تم على إثرها، في تاسع أكتوبر 2002 إبعاد عبد الرحمان اليوسفي، أبرز المتحمسين للتناوب التوافقي - عن رئاسة الوزارء، رغم صدارة حزبه لنتائجها، شد اليوسفي الرحال غاضبا مما أسماه حزبه بالخروج عن "المنهجية الديمقراطية" باتجاه فرنسا ثم بروكسيل، حيث ألقى بها محاضرة تاريخية قيم فيها منتقدا، تجربة التناوب التوافقي.

ومعلوم أن صوت اليوسفي - بعد القسم على القرآن مع الملك الراحل - كان مجلجلا يصدح تحت قبة البرلمان، كلما تقدم بتصريحه الحكومي أو بخطاب أو ألقى كلمة بمناسبة من المناسبات، لا يتوقف فيها عن تمجيد "المرحلة الواعد"، بالنسبة إليه، لتحقيق كل الأحلام للانتقال بالمغرب من التناوب التوافقي إلى التناوب الديمقراطي.

لكن هكذا ختم اليوسفي محاضرة بروكسيل بعد قضائه أربع سنوات على رأس حكومة أزيح منها ب منهجية دستورية تبخرت معها أوهام الانتقال إلى الديمقراطية، حيث قال: "لقد كان قبولنا بقيادة تجربة التناوب مخاطرة أخذنا فيها في الحسبان المصلحة الوطنية وليس المصلحة الحزبية؟. واليوم وقد انتهت هذه التجربة بدون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها، بمعنى التوجه نحو الديموقراطية عبر خطوات تاريخية إلى الأمام ،التي ستشكل قطيعة مع ممارسات الماضي، فإننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام مطلب وطني يلزمنا بالانتظار سنتين على أمل أن نرى إمكانية تحقق الحلم في انتقال هادئ وسلس نحو الديموقراطية، ونتمنى أن لا نفقد في المستقبل القريب ملكة الحلم والقدرة عليه".

وها قد مرت سنوات وليس سنتين فقط على ذلك الانتظار..!!

وأضاف اليوسفي في المحاضرة نفسها: "قد كان هناك وعي عميق بان هذه الحكومة اذا لم تفلح في تحقيق برنامجها فان ذلك سيكون بسبب عراقيل أخرى غير العراقيل الإدارية؛ أي بمعنى انها لم تتوفر على كل الوسائل التي تسمح لها بالعمل.

وقال أيضا وهو يقفل هذه الصفحة: "لم تبد الاوساط الشعبية الحماس الكافي إزاء هذه الانتخابات ،وربما حدث أن نصف المغاربة البالغين سن التصويت من بين ناخبينا المعتادين قد عبروا بواسطة امتناعهم عن المشاركة في التصويت عن خيبة أملهم إزاء التناوب التوافقي، إذ أن تجربة السنوات الخمس المنصرمة افهمتهم أن الحكومة لا تتوفر على السلطة الكافية من أجل القيام بمسؤولياتها و أنها كانت مقيدة بتقاليد عتيقة".؟

إننا إذ نستعرض هذه المحطة التي مر عليها اليوم ربع قرن من تاريخنا في المغرب فلكي نفضي إلى أسئلة تؤدي بنا إلى إماطة اللثام عن منزلق السياسة النفعية البراغماتية التي تحول دون وضوح الرؤية الاستراتيجية في تحقيق الانتقال الفعلي إلى التناوب الديمقراطي وليس شيئا آخر.

إنه السؤال الذي سبق للشاعر والفاعل السياسي عبد الرفيع الجواهري أن طرحه ذات يوم في السنوات الأخير في لقاء ثقافي بمدينة المحمدية رفقة الكاتب حسن أوريد حيث قال: "يجب صب الملح على الجرح". ولم يكن مقصده من ذلك "إيكس ليبان" فقط بل ما جرى داخل البلاد مباشرة بعد أحداث مطلع سبعينيات القرن الماضي،



#سعيد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات والصحراء كعب أشيل* يسار المغرب
- وجع التجربة
- نيشان...الحرية


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد رحيم - ربع قرن على سقوط أوهام التناوب الديمقراطي: (14 مارس 1998/ 14 مارس 2023)