أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم العلاوي - في عيد الحب.. وما الحب؟














المزيد.....

في عيد الحب.. وما الحب؟


عبد الرحيم العلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7522 - 2023 / 2 / 14 - 12:52
المحور: الادب والفن
    


بداية وقبل الحديث عن الحب لابد من التعريج على التاريخ الذي جعلوه عيدا له، 14 فبراير من كل عام، لأن الأغلبية التي تشتري الورود الحمراء، وتلبس اللباس الأحمر، وتتبادل الهدايا لا يدرون شيئا عن تاريخه، وإن كان العتاب في عدم البحث لا بيانا لتملك المعرفة التي لولا البحث ما علمتها أيضا.

في روما سنة 207 م، أحب القس فلانتينو ابنة الإمبراطور كلاوديوس، ولأن الكنيسة تحرم زواج القسيسين ما كان من فلانتينو إلا أن زنى بابنة الإمبراطور، ولما علم الأخير بالأمر قتل القس، فرأى البعض أن يخلدوا ذكرى فلانتينو كونه رمز الحب ومن ضحى لأجله.

فهل ما فعل فلانتينو يستحق فعلا " السان فلانتين" ؟

من منظور إنساني لا ديني ما فعل خطيئة في حق الابنة وأبيها، وفي حق الكنيسة التي كان يتبعها راض بأحكامها، وإن كانت النفس البشرية تواقة لأن تثور على كل القيود الجاثمة على صدرها، وما قتله إلا دليل على نبذ جريمة الزنا إنسانيا قبل دينيا، لذلك عيد الحب يخلد لجريمة.

وبالرغم من تواتر الاحتفال بعيد الحب إلا أننا أمام قيمة ينبغي فهمها جيدا، فبها للحياة معنى، غير شامتين بمن يخلد يومه، ولا مؤيدين لهم، ليس لأحد الحق ولا الوصاية على غيره، لكن من الضروري التذكير بالحدث لتعم الفائدة، ولعل وعسى يتم الاقتناع والإقناع عوض فرض الرأي وخياطة النعوت البائسة.

فما الحب إذا؟ وأينا يعلم عنه ويعرفه؟ وكيف يتحقق كقيمة إنسانية لابد من زرعها في القلوب قبل كتابتها في السطور؟

إن كان من يظن قدرته على ضبط مفهومه فالوهم أقرب عنده من الحقيقة، لأن الحب من القيم التي يصعب التنظير لها، خاصة مع اختلاف زوايا النظر إليه، وقد نجد أن لكل إنسان في هذا العالم تعريفه الخاص له، فكيف يمكن جمعه في وعاء واحد، وما ينبغي التنبيه عليه فقط هو دعوى حصره في ما يتبادله الرجل والمرأة، وهذا حاصل ما عليه أغلب من يسمع كلمة حب.

إنه أكبر من علاقة بين رجل وامرأة، وكل الباحثين عنه يدخلونه خندقا واحدا، البحث عن شريكة الحياة أو شريك الحياة.

لا أحد من هؤلاء المحتفلين بهذا اليوم سيفكر في الاحتفال مع صديق له يحبه، أو مع أمه وأبيه، إذا فالمشكلة أكبر من نقاش جواز الاحتفال من حرمته، هي مشكلة فهم شمولية القيمة التي تنذر في حياتنا اليومية.

وقد نجد بالمقابل ٱخرين يتغنون بجملة " حب الله يكفيني"، أو " ما لنا إلا حب النبي الكريم "، قد يغلب في ظنهم أن الحب المتبادل بين البشر ما هو إلا ملهاة عن الغاية العظمى وهي التقرب من الله، وقد تكون قلوبهم لا مسام فيها حتى لينفذ قطر الحب عليها، وهؤلاء أيضا ممن حصروه بين الحب الأعظم والٱخر الأصغر.

قد نفرق من هنا بين حب وحب، ليس لغرض ضبطه، وإنما لإزالة الغشاوة التي تحجب الرؤية، والقياس بعدها أوسع لا حدود له.

وإن جمعنا رأي الٱخذ بالحب كونه بين رجل وامرأة، ورأي الٱخذ بحب الله ورسوله، سنخلص أن الحب هنا يختلف إلى منتهاه لا بدايته، فالبداية من القلب، وتلك المشاعر المنبعثة منه لها قرار الشخص من حدده سلفا حسب معتقده.

حب الله حب العبد لربه إلها معبود لا يعبد سواه، وحب الرجل لزوجه، وحب المسلم لنبيه، وحب الأب لأبنائه، والابن لأبويه، والأم لأبنائها، والأخ لإخوته، والصديق لصديقه...

حب الرجل لسيارته، حب الفتاة لقطتها، حب الفارس لحصانه، وقد تسمع أنواعا ستعجب منها.

وفي هذا اليوم بالذات يطلع البعض ليربطوا الحب بما كان عند العرب" الحب قيس وليلى، الحب جميل وبثينة، الحب عنتر وعبلى"، لا ننفي ما كان من هؤلاء من فناء في حبهم ومواقف تظهر جليا وصولهم لدرجات سامية في الحب.

حقا إنه لمن العجب ما يروى عن قيس لما تبع كلب ليلى ليهديه لطريقها، فمر على رجال يصلون، رأوه ولم يرهم، وعند عودته استوقفوه : مررت بنا ولم تقف لتصلي، ليأتي رده الصاعق: لو كنتم تصلون لما رأيتموني، فقد رأيت كلب ليلى وما رأيت بعدها أحدا.

وما كان من عنتر وهو في ساحة الحرب يذكر عبلة:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني*** وبيض الهند تقطر من دمي

لكن لا نجعلهم رموزا دون غيرهم لا لشيء إلا لأننا عرب، ننسب الفضل لنا، والبقية أعاجم، لا يعترف الحب بشيء بقدر اعترافه بالإنسانية على اختلاف الديانات ولأعراف، والأعراق والألسن، الأشكال والألوان.

إنه من يُدخل الناس في مصفاة، يطهر ما يهلك النفوس، فمع الحب تزول الأحقاد، تنطفئ جذوة الحسد قبل أن تستحيل لهبا يحرق الذات، وبه يتمكن في الخواطر حب الغير قبل أن يستقر الكره، نعم بالحب يرقى المجتمع، ولك أن تتخيل مجتمعا تسود فيه المحبة والإخاء.

وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث شريف" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وفي ٱخر " ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"، وفي الحديث القدسي " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...".

ومن الأحاديث السالفة الذكر ربط بين الحب والمُظهر له، وبين الحب ومُنشئه، فالحب بلا مُظهر له ادعاء باطل، وإفشاءُ السلام جعله النبي عليه السلام سببا في حصول الحب في القلب بين الناس.

إن قيمة الحب أرقى بكثير من اختزالها في يوم عيد كل عام، لا يتحقق بهدية كبرت قيمتها أو قلت، ليس كلمات ننثرها أو خطبا نلقيها، هو شيء ما بداخلنا لا يظهر إلا بالسلوك الذي نتودد به لمن نحب، لأن السلوك وحده الفرض وما يرافقه نوافل.



#عبد_الرحيم_العلاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البغل
- نهيق


المزيد.....




- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم العلاوي - في عيد الحب.. وما الحب؟