أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد فضل الله - من بوتن إلى أردوغان كيف السبيل إلى تهدئة المراجعين عودة الجغرافيا السياسية إلى أوروبا















المزيد.....



من بوتن إلى أردوغان كيف السبيل إلى تهدئة المراجعين عودة الجغرافيا السياسية إلى أوروبا


حامد فضل الله

الحوار المتمدن-العدد: 7513 - 2023 / 2 / 5 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من بوتن إلى أردوغان
كيف السبيل إلى تهدئة المراجعين
عودة الجغرافيا السياسية إلى أوروبا

هيرفريد مونكلر Herfried Münkler

إلى مجموعة عابدين وحامد بشري "وغياب الحكماء وغياب الحلّ في النزاع الأوكرانيّ الروسيّ، وبوتين صناعة أمريكية".
تقديم وترجمة: فادية فضة وحامد فضل الله برلين
مدخل:
لاتزال الحرب الروسية الأوكرانية مُشتعلة، بل تزداد ضراوة بعد قرار الغرب تزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد 2 الألمانية ودبابات إبرامز الحديثة الأمريكية، مما يؤدي إلى مخاطر تصعيد لا حصر لها، ويصبح الغرب شريكاً في الحرب إلى جانب أوكرانيا ضدَّ روسيا، على الرغم من الخداع والنفاق والتمويه والنفي المتواصل. وأصبحت ألمانيا الآن متورطة عسكرياً في الحرب ومتخلّية عن رفض التورط في الحروب، بعد الضغوط الهائلة، التي مُورست على المستشار أولف شولتز(الحزب الاشتراكي الديمقراطي) ــــ ليس فحسب من أمريكا، بل ومن حزب الخضر المشارك في حكومته الاِئتلافية، والذي أشتهر في تاريخه السياسي ضدّ الحروب وتصدير الأسلحة، ليصبح من دُعاة الحرب ــــ وليتخلى أيضاً، عن السياسة الحكيمة للمستشار السابق فيلي براندت (سياسة الشرق) والانفتاح على أوروبا الشرقية وروسيا. لقد قدمنا في السابق عدَّة مقالات تناولت أثار هذه الحرب المُدمرة من عدّة وجهات نظر مختلفة، ونستعرض الآن المقال الحديث لعالم السياسة الألماني والمتخصص في النظرية السياسية وتاريخ الأفكار، والأستاذ السابق في معهد العلوم الاجتماعية بجامعة هومبولت في برلين، هيرفريد مونكلر.
النصّ المترجم مأخوذ من النسخة المكتوبة من محاضرة عقدت في أكاديمية برلين – برندبورغ للعلوم، ونشر في مجلة "أوراق للسياسة الألمانية والدولية" الشهريّة، عدد يناير 2023، لا توجد في النص هوامش أو مراجع للمؤلف، أمّا هوامش المترجم، فهي فقط، من أجل توضيح بعض النقاط.
إلى النص:
من ينظر أثناء الحرب في شرق أوكرانيا، إلى أوكرانيا فقط، يرى القليل جداً. فالقوقاز بالطبع هو جزء من المنطقة التي أصبحت الحرب مستوطنة فيها. فهذه المنطقة من الشيشان وجورجيا إلى أرمينيا وأذربيجان هشّة للغاية. وإذا ألقينا نظرة فاحصة، فإن هذا ينطبق على ساحل البحر الأسود المقابل لأوكرانيا ولتركيا أيضاً. تُمارس تركيا منذ فترة ما يسمى بالسياسة العثمانية الجديدة. يُمكن للمرءِ أيضاً، أن يُطلق على هذه السياسة الإمبريالية الجديدة، التي يحدث فيها بطريقة مُماثلة، الألم الوهميّ الامبريالي الإمبراطوري، كما هو الحال مع بوتين- أي ذكرى القوة، والعظمة، وروعة الأزمنة السابقة، التي يريد المرء استعادتها. كما تعتبر تصرّفات أردوغان على الحدود الجنوبية لتركيا مع سوريا مثالاً على ذلك. وكذلك صراعه المُستمر مع اليونانيين في بحر إيجة هو أيضاً، تذكير بأنَّه ليس من قبيل المُصادفة أن أردوغان وبوتين يتوافقان بشكلٍ جيدٍ في بعض النواحي، وبالتحديد فيما يتعلّق بالسؤال: كيف يمكننا تغيير الوضع الراهن في واجهة ثلاث قارات والاقتراب من الظروف التي نعتقد أنّها كانت ولا تزال مُناسبة لنا بالفعل- أي الإمبراطورية الروسيّة القديمة من العصر القيصري والإمبراطورية العثمانية السابقة؟ ولكن أجزاء من البلقان تنتمي إلى هذا الفضاء بين الحرب والسلام أيضاً. نجد هنا قوّة المُراجعة الثالثة الكامنة، وهي صربيا باعتبارها الخاسرة من تفكك يوغوسلافيا. فيما يتعلّق بكلّ من كوسوفو والبوسنة، تسعى صربيا جاهدةً لتغيير الحدود الحالية، على سبيل المثال من خلال ضمّ جمهورية صربسكا في البوسنة والهرسك إلى صربيا.
إذا سارت الأمور بشكلٍ سيّء، فلا يمكن استبعاد أن مناطق الصراع الأربعة، المنفصلة حالياً عن بعضها البعض، سوف تتجمّع في نقطة اضطراب رئيسيّة واحدة، حيث يلاحظ المرءُ ما يفعله الآخر ثم يُحاول في ظلال هذه المجرى فرض مصالحة الخاصة.
لهذا السبب لم أكن قلقاً طوال الوقت أن يستخدم شي جين بينغ زخم حرب أوكرانيا ليس لضمّ تايوان بالقوّة فحسب، بل بالأحرى أنّ تركيا ستتبع سياسة مُستقلة للغاية كقوّة وسطى- تركيا التي ترى نفسها على أنّها الجناح الشمالي الشرقي الهامشي لحلف شمال الأطلسي فقط، وتدعي في بعض الجوانب، بأنّ عضوية الناتو هي الدرع النووي ضدّ روسيا، لكنها في عين الوقت تنتهج سياسة مصالحها الخاصة. وأن صربيا تعيد إحياء الصراعات المهدئة موقتاً في البلقان عن قصد من أجل الاقتراب من أفكارها حول دولة صربية أكبر.
مركز أزمات البحر الأسود
دعونا نلخص: في وسط منطقة الأزمة الضخمة هذه، يقع البحر الأسود، إلى الشمال منه أوكرانيا، والقوقاز إلى الشرق منه، حيث كان هناك قتال متكرر في الأشهر الأخيرة. ولا تزال المشاكل بين أذربيجان وأرمينيا دون حلّ.

لدينا جنوب البحر الأسود تركيا، التي تشنّ منذُ عقودٍ عديدةٍ حرباً ضدّ الأكراد، تعود جذورها إلى معاهدة سيفرس1 للسلام. تمّ في هذه الضاحية من باريس، عام 1919 إبرام السلام مع تركيا أي مع الإمبراطورية العثمانية، والتي تنص على قيام دولة كردية مستقلة. لكن مصطفى كمال، الرجل القوي في تركيا في ذلك الوقت، رفض قبول ذلك واستخدم الوسائل العسكرية لمنع قيام دولة كرديّة. كان للفرنسيين في ذلك الوقت قوات في شمال سوريا، وكان بإمكانهم استخدامها لفرض أحكام نظام باريس للسلام. ولكنهم لم يفعلوا ذلك بسبب خسائرهم الهائلة خلال الحرب العالمية الأولى، والتي كانت أكبر نسبياً من خسائر الألمان. أمّا في معاهدة لوزان للسلام لعام 1923، فلم يعد هناك أيّ ذكر للدولة الكرديّة. ولأنّ الأكراد لا يوافقون، لهذا تندلع الحرب في تركيا بانتظام، ثم تنهار وتعاود تجددها مرّة أخرى. لذلك نحن نتعامل مع سياسة عثمانية جديدة من قبل أردوغان أو حزب العدالة والتنمية، وهي سياسة تحملها ذاكرة الإمبراطورية العثمانية. في ذلك، يبدو أردوغان هو شقيق بوتين الصغير، والأخير تطارده أيضاً، ذكرى أن روسيا كانت ذات يوم قوة على البحر الأسود، والذي يشعر بالحماسة عندما يفكر في العودة إلى كاثرين العظيمة، التي احتلت هذه المنطقة لروسيا. باختصار: تلعب الذكريات التاريخية دوراً مركزياً في كل من شمال وجنوب البحر الأسود، وهو ما أودّ تسميته "آلام الوهم الإمبراطوري".
لذا إذا أردنا حقاً فهم الصراع في أوكرانيا، فنحن بحاجة إلى النظر للفضاء الأكبر. الجغرافيا السياسية، الأسئلة والأجوبة التي نضطر بشكل متزايد الآن إلى التفكير فيها مرة أخرى، ونبحث في المناطق الجغرافية عن أماكن تضاعف الصراعات أو تداخلها، وبالتالي وجود احتمالية مُتزايدة لوقوع الحروب. تبرز في هذا البحث، منطقة البحر الأسود كشريط يمتدّ إلى عمق أوروبا ويميل في الوصول إلى البوسنة والهرسك أو ربما أبعد من ذلك. هذا الشريط، الذي يبلغ طوله حوالي ألف كيلومتر، سيشغل الأوروبيين لعقود قادمة. وسيكلفهم الكثير من المال والجهد إذا أرادوا أو اضطروا إلى تهدئة الوضع.
إذا نظرت إلى هذه المنطقة تاريخياً وليس جغرافياً فقط، كما أنا فعلت الآن، عندها يمكنك فهمها على أنّها إرث من الحرب العالميّة الأولى. لأنّها تشمل المناطق التي كانت حتى ذلك الحين تحت سيطرة إمبراطوريات متعددة الجنسيات ومتعددة الطوائف واللغات مثل أي إمبراطورية، القياصرة الروس وإمبراطورية السلاطين العثمانيين وملكية الدانوب وإمبراطورية هابسبورغ، والتي لم تكن أمورها جيدة بشكل خاص، ولكنها كانت تميل إلى الهدوء داخلياً حيث لم يكن من الممكن أنشاء دول قومية مستقرة فيها بعد عام 1918: إمّا لأنّها تتألّف من عدّة أمم، أو بعض أولئك الذين ينتمون إلى الأمم الفخرية2 الذين يعيشون خارج الدولة القومية.
إمبراطوريات مقابل الدول القومية
كان البديل عن الدول القوميّة هو استعادة الكيانات الإمبراطورية. تمّ في عام 1922 - في 30 ديسمبر 1922 على وجه الدقّة - تغيير اسم روسيا السوفيتية، كما كانت معروفة حتى ذلك الحين، إلى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. بطريقةٍ ما، كانت مُحاولة للجمع بين كيانات مُتعددة الجنسيات، ولكن مُتعددة اللغات أيضاً، في مكانٍ واحد وتحييدها كمناطق للصراع السياسي.
ثم أدّى تفكك الاتحاد السوفيتي إلى ظهور منطقة عادت مرّة أخرى فيها جميع مشاكل تشكيل الدولة القومية الصعبة. ينطبق هذا في بعض النواحي، على منطقة مملكة الدانوب أيضاً، حيث يمكن للمرء أن يقول: كانت مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين، كما كانت تُسمى في الأصل ثم تم تسميتها يوغوسلافيا، كانت محاولة للتغلب أيضاً، على القومية والعرقية، الاختلافات الدينية واللغوية لتحييدها بتشكيل قوّة سياسيّة شاملة.
أثار تفكك كلا الكيانين بعد 1990/1991 العديد من المشاكل التي لا تزال ملتهبة وأنتجت ما يسمى قوى المراجعين: روسيا وصربيا. من المثير للاهتمام أنه في هذه الحالة، ليست الحرب العالمية الثانية، التي نفكر فيها عادة عند البحث عن الجذور التاريخية للصراعات، لكن الحرب العالمية الأولى وأفكار نظام باريس للسلام تحدد الحاضر - وخلال مائة عام لم يكن من الممكن حلُّ هذه المشاكل.
هناك أسباب لذلك: لا توجد طريقة للاستقرار هناك بحيث يمكن بسهولة التوفيق بين الأمة والدولة. مثال المجر: بعد سلام تريانون، أي معاهدة باريس للسلام مع المجر، لا يزال 40 في المائة ممن يسمون أنفسهم مجريين يعيشون خارج أراضي الدولة المجرية. هذا هو السبب في أن المجريين شنّوا حرباً ضدّ رومانيا في عام 1920، التي خسروها بشكلٍ واضحٍ. كان الوشاح الذي ارتداه فيكتور أوربان3 في مباراة كرة قدم دولية في نوفمبر 2022 بمثابة تذكير بـ "المجر الكبرى" السابقة. لكن شنّ البولنديون أيضاً ما لا يقلُّ عن أربعة حروب ضدَّ الاتحاد السوفيتي في فترة ما بين الحربين، من عام 1919 إلى عام 1939، والتي تعاملت بشكلٍ أساسي مع مسألة لمن تنتمي أوكرانيا الغربية: بولندا أم روسيا السوفياتية؟ انتصر البولنديون في أوائل عشرينيات القرن الماضي وأصبحت غرب أوكرانيا جزءاً من بولندا. جاء ميثاق هتلر – ستالين ليتم أعادتها إلى الاتحاد السوفيتي، التي لم تنتقل لبولندا بعد الحرب العالمية الثانية مع "التحوُّل الغربي"، وإنما تمّ ترسيخها لروسيا.
الأتراك ضدّ اليونانيين: مطلع القرن 1922/23
إنّ الكارثة الحقيقية في هذه المنطقة كانت في عامي 1922/23 ، أي قبل مائة عام بالضبط، الحرب بين اليونانيين (الإغريق) والأتراك، والتي تناولت مسألة من يملك ساحل بحر إيجة في آسيا الصغرى والأجزاء الجنوبية من ساحل البحر الأسود أيضاً. في ذلك الوقت، كان لدى اليونانيين (الإغريق) تصوُّر القُدرة على بناء شيء مثل بولندا العظيمة، على أساس الإمبراطورية البولندية الليتوانية في أواخر العصور الوسطى وأوائل العصور الحديثة. تابع اليونانيون (الإغريق) فكرة توحيد المنطقة التي حكمتها بيزنطة ذات مرّة، على الأقل أجزاء منها، باسم اليونان الكبرى. لكن ذلك حدث بشكل خاطئ، مما أدّى إلى عمليات طردٍ جماعيّة: 300 ألف "تراقي"4 طردوا إلى تركيا ومثل 1.5 مليون يوناني من تركيا أعيد توطينهم في اليونان. لا تزال هذه الصراعات قائمة - ولم تتوقف إلاّ لأنّ كلا البلدين اليوم عضوان في الناتو. ومع ذلك، فإن النزاعات حول حقول الغاز في بحر إيجه جعلتنا مشغولين للغاية في الأشهر الأخيرة.
باختصار: خلفت الحرب العالمية الأولى عدداً كبيراً من المشاكل في منطقة البحر الأسود، والتي بدأت الآن في الظهور مرَّة أخرى. مما لا شكّ فيه أن هذا مجال سيكلف الأوروبيين قدراً كبيراً من المال في المستقبل. وليس نتيجة لإعادة إعمار أوكرانيا فحسب، وبل إذا اتبعوا استراتيجيتهم لتهدئة المناطق من خلال نقل الازدهار أيضاً. لكن هذا يقود إلى النقطة الثانية التي يجب مناقشتها في هذا السياق: عودة قوى المراجعين.
تُعرَّف قوى المراجعين بأنّها لا تقبل النظام الموجود حالياً، لا سيما الترسيم الحالي الذي يريدون مراجعته. لذلك يمكن للمرء أن يقول: إنّ فنّ إنشاء نظام سلام يتمثل في إقامة سلام لا يُظهر أي قوّة. ولكن لم ينجح ذلك في الواقع إلاّ في عام 1648 في مونستر وأوسنابروك، بعد نهاية حرب الثلاثين عاماً، وربما مرّة أخرى في عام 1815 في مؤتمر فيينا. هذا هو المجد الأبدي لمدرسة الدبلوماسية النمساوية: تراوتمانسدورف (Trauttmannsdorff) وميترنيخ (Mitternich). لقد أدرك الكونت تراوتمانسدورف، الذي أنشأ سلام ويستفاليا في أربع سنوات من المفاوضات، أنّه - من خلال السماح بالتفاوض على جميع المشاكل واحدةً تلو الأخرى – لن يكون في النهاية هناك ممثل لديه تصور: وجوب إلغاء هذا الأمر مرّة أخرى في أي فرصة لاحقة، وينطبق الشيء نفسه على ميترنيخ ومؤتمر فيينا. ولكن بعد ذلك، وبصرف النظر عن الحرب "الداخلية الألمانية" والسلام عام 1866، لم تعد هناك أية معاهدات سلام خالية من إعادة النظر فيها أي (المراجعة). في صلح فرانكفورت عام 1871، كان من الواضح أنّ فرنسا كانت قوة مراجعة. كان واضحاً في اتفاقية باريس للسلام لعام 1919: ليس فقط ألمانيا هي قوة مراجعة ولكن روسيا السوفيتية أيضاً، لأن أجزاء كبيرة من أراضيها السابقة تم انتزاعها من الإمبراطورية القيصرية، وبشكل أساس من خلال إنشاء "الوفاق الصغير" الذي امتد من دول البلطيق إلى البحر الأسود، وشكل طوقاً واقياً بين ألمانيا وروسيا.
ولكن كانت إيطاليا قوة مرجعية بعد عام 1919 أيضاً، رغم أنها جلست على مقاعد الفائزين . كان هناك حديث عن انتصار مُضرّ، وهذا ما أوصل موسوليني إلى السلطة. ربما لهذا السبب تركت اتفاقيتا يالطا وبوتسدام في عام 1945، بحجّة أننا لا نعقد حتى معاهدة سلام، لأن مثل هذه المعاهدة تنتج الكثير من الاستياء. ولم يتم إعادة فتح الأمر برمته في عام 1990، على الرغم من وجود مطالبة بمعاهدة سلام نهائية. لكن الخوف من أن يؤدي ذلك حتماً إلى عودة ظهور قوى مراجعيه، كان ببساطة أكبر من اللازم.
ومع ذلك، وحتى دون معاهدة سلام، كانت ستظهر قوة مرجعيه وبالتحديد مع انهيار الاتحاد السوفيتي. في الواقع، كان من الواضح بالفعل في 31 كانون أول/ديسمبر 1991 بأنّ روسيا ستصبح فاعلاً مرجعياً (لإعادة احياء التوسع الامبراطوري) لمجرّد و بما أن الدولة كانت مشغولة جداً بنفسها في البداية، لم تستطع فهم الواقع الحاصل بحدّ ذاته. لم يتطلب الأمر سوى خطاب بوتين سيئ السمعة في عام 2005، والذي قال فيه إن تفكك الاتحاد السوفيتي كان "أعظم كارثة جيوسياسية في القرن العشرين". من تلك اللحظة فصاعداً، كان الأمر واضحاً، حيث وضع بوتين الأوراق على الطاولة: روسيا تبحث عن مراجعات وتركيا؟ في غضون ذلك - على الأقل مع حزب العدالة والتنمية ودورها العثماني الجديد - كانت فاعلاً مرجعياً منذ 15 عاماً أيضاً. وإذا نظر المرء عن كثب، فإن هذا ينطبق على صربيا ايضاً. وهي تبدو وكأنها الخاسر في حروب التفكك اليوغوسلافية وتودّ تغيير بعض نتائج هذه الحروب.
لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف السبيل إلى تهدئة المراجعين؟
استراتيجية الحل الأول: التهدئة من خلال نقل الثروة

استراتيجية الحلّ الأولى، التي يُنظر إليها بشكل منهجي وليس تاريخياً، تعني نقل الثروة. يتمّ دمج القوى المراجعيه في اقتصاد مزدهر، حيث يعمل الناسُ بشكل جيد، وبهذا يصبح الاستياء، وذاكرة "الماضي العظيم" السابق، رويداً رويداً أقلّ أهميّة، حتى يتمّ تقييم الازدهار الحالي بدرجة أعلى من السرديات التاريخية، مثل تلك التي يستخدمها بوتين باستمرار. و يجد الألمان على وجه الخصوص، بأن مشروع التهدئة من خلال نقل الثروة جيداً، وهو أمرٌ مفهوم تاريخياً. اتبعت الجمهورية الاتحادية القديمة، جمهورية بون، بطريقة ما وبشكلٍ خاصٍ، مع الإقرار، بأنّ هذا المسار باعتراف الجميع، لم يتم على الفور، حيث لعبت جمعيات اللاجئين (النازحين) حتى نهاية الستينيات دوراً أكبر في مطالبتهم بالعودة. ولكن هذا كان يتغير بشكل متزايد. كان انتخاب فيلي براندت عام 1972 علامة على أن المزاجيه قد تحولت إلى فولكلور، وأنّ الفرق الوطنية المختلفة ما زالت تلتقي بأزيائها التقليدية وتستمع إلى موسيقى - ممتلئة الوجنتين، لكن ولم تعد اجتماعات النازحين دعوة سياسية حقيقية لتغيير الحدود. وهكذا، مع الاعتراف بالحدود الألمانية مع بولندا، تكيفت الجمهورية الفيدرالية القديمة مع هذه الأوضاع، وتركت الدافع وراء المراجعة وراءها.
بوتين واليمين الأوروبي
ربّما يقدر اليمين السياسي في أوروبا بوتين لأنّه يريد إدخال روايات مشابهة له. إذا سُمح للمرء بإطلاق روايات مماثلة في أوروبا، كما يفعل بوتين، فسيؤدي ذلك إلى انفجار المراجعة في ألمانيا أو في أيّ مكان أخر في أوروبا. ويصبح كلّ شيء معرضاً للنقاش مرّة أخرى. ثم نعود لنتحدث عن "ستراسبورغ ستبقى ستراسبورغ" وبالطبع عن شرق وغرب بروسيا أيضاً، بوميرانيا، سيليزيا المختلفة وأكثر من ذلك بكثير. لذلك يمكن للمرء أن يقول: النظام الأوروبي من مونتانيون إلى يومنا هذا، وليس فقط فيما يتعلّق بالألمان، هو مشروع لتهدئة المساحات من خلال الازدهار أو نقل الازدهار. ينطبق هذا على التوسيع الشرقي أيضاً، والذي لم يكن قراراً سهلاً بالنسبة إلى المجموعة الأوروبية آنذاك لأنه جلب عدداً من الدول المتلقية الصافية5 واللاعبين المحتملين بحقّ النقض إلى الاتحاد. ومع ذلك، كان من الضروري منع تكرار فترة ما بين الحربين 1919 و 1939 في شرق أوروبا الوسطى. وكان هذا المشروع ناجحاً للغاية.
يعتبر الترابط الاقتصادي هو الوظيفة التكميلية لنقل الثروة. لذلك كان من الواضح القول: نحن نحاول تهدئة روسيا باعتبارها الجهة الفاعلة الرئيسية المحتملة للمراجعين الفاعلين، من خلال شراء مصادر الطاقة والمواد الخام، لأنّها أرخص بكثير بالنسبة لنا، بل وأكثر توافقاً من الناحية البيئية، من البدائل، لأنّها تُنقل عبر خطوط الأنابيب. وفي المقابل نبيع التكنولوجيا المُتقدمة للروس.
بهذه الطريقة نخلق تحويلاً للثروة إلى روسيا يعتمد عليه السادة في الكرملين، لأن الأموال القادمة من أوروبا تُستخدم لدفع رواتب المتقاعدين وموظفي الخدمة المدنية وغيرهم. ونأمل في الوقت نفسه، أن تعمل بشكل جيد كما فعلت في أوروبا وقبل ذلك مع الألمان. كانت تلك - ببساطة - خطّة شتاينماير التي نفذتها أنجيلا ميركل.
المشكلة في هذا: أن المرء بحاجة إلى رجلٍ اقتصاديّ على الجانب الآخر وفي القمّة السياسية ويتعامل مع الأمور بطريقة محسوبة وعقلانية، ويسأل نفسه عمّا يخسره إذا تخلّى عن مثل هذا المشروع أو خربه وماذا يكسب إذا تابع نفس المسار: الشخص الذي لا يتبع استياء الذاكرة التاريخية، والذي لا يسترشد بآلام الأشباح الإمبراطورية. كانت تلك - ولا تزال - المُشكلة الوحيدة مع هذا الشكل من إشراك المراجعين. وكانت تتمثل المُشكلة الأخرى في فشل عملية التدفق من الأعلى إلى أسفل، أي عدم انتقال الثروة إلى الناس العاديين. حقيقة أن الكثير من الأموال المحوّلة ذهبت مباشرة إلى الأوليغارشية، لم تزعجنا في الغرب بشكلٍ رهيب، لأنّ العديد من هؤلاء الأوليغارشيين قاموا من بين أشياء أخرى ببناء يخوتهم هنا. أدّى هذا إلى خلق فرص عمل عندنا، بينما لم تصل آثار الازدهار إلى أجزاء كبيرة من السكان الروس. لكن كان لذلك عواقب استراتيجية: فقد كان بوتين قادراً على تحمّل العقوبات الغربية سياسياً، لأنّها لم تغيّر بشكلٍ فوريّ أو جذري حياة الناس في روسيا.
استراتيجية الحلّ الثانية: التهدئة من خلال الاسترضاء
الخيار الثاني لإشراك مراجع فاعل هو الاسترضاء. عند القيام بذلك، يلتقي المرء بالمراجع ويسأله عما يريد تغييره، ويبدأ بالتنازل من أجل يفسح المجال لتحقيق تنازل المراجع أيضاً. ولكن الآن، وبسبب اتفاقية ميونيخ، لا يتمتع الاسترضاء بسمعة طيبة. ولكن حتى بعد عام 1938 لم يخرج الاسترضاء عن نطاق الاستخدام. تستند اتفاقيات كامب ديفيد، معاهدة السلام لعام 1978 بين إسرائيل ومصر، على مثل هذا الاسترضاء "نحن الإسرائيليون نعيد ، لكم سيناء وتوقعون اتفاقية السلام في المقابل". كان شعار "الأرض مقابل السلام"، الذي كان من المفترض أن يؤسس سلاماً بين إسرائيل والفلسطينيين أيضاً، والذي لم ينجح في النهاية. وتم تضمين الاسترضاء في اتفاقية مينسك أيضاً: نحن، فرنسا وألمانيا، المنخرطون في الاتحاد الأوروبي، لا نعترف بضمّ شبه جزيرة القرم بموجب القانون الدولي، لكننا لا نعالج المشكلة المتمثلة – في ضمان تهدئة روسيا للمناطق الانفصالية في دونباس، حتى تصبح منطقة صراع متجمّدة. لكن ذلك لم يكن
كافياً لبوتين. على العكس من ذلك، كما ثبت بحلول 24 فبراير 2022، فقد جعله ذلك أكثر جوعاً، بدلاً من تهدئته كما هو الحال في ميونيخ 1938.
هذا هو دائما خطر سياسة الاسترضاء. لكن يمكنك قلب الصفحة أيضاً واكتشاف ما يلي: ما فاز به تشامبرلين على هتلر في ميونيخ عام 1938، قبل كلّ شيء هو الوقت، وخلال هذه الفترة بدأ إنتاج الطائرات المقاتلة (Spitfires) في إنجلترا. من دون تلك الطائرات المقاتلة التي تمّ بناؤها منذ ذلك الحين، لم تكن للبريطانيين المقدرة للانتصار في المعركة الجوية فوق إنجلترا في عام 1940.
بطريقة ما، اشترت اتفاقية مينسك الوقت لأوكرانيا، واستخدمته أيضاً. والعمل الأكثر احترافاً للجيش الأوكراني منذ ذلك الحين، من نوع القيادة والاستخدام التكتيكي لأنظمة الأسلحة الإلكترونية إلى ردّ الفعل المرن، هو نتيجة تدريبهم من قبل شركات الأمن الأمريكية من 2014 إلى 2022. لأنّه بعد بداية الحرب، وقبل كلّ شيء، لم يكن الأمر يتعلّق بالأسلحة الثقيلة التي تم تسليمها أم لا، ولكن بمسألة استخدام المركبات التي يتم التحكم فيها إلكترونياً. على هذا الأساس - من خلال كسب الوقت نتيجة التهدئة - انتصر الأوكرانيون في معركة كييف في المرحلة الأولى من الحرب.
استراتيجية الحل الثالثة: التهدئة من خلال التخويف
الشكل الثالث للتعامل مع الفاعل المراجع هو الردع، أي التخويف من خلال بناء قدراتك العسكرية الخاصّة. حتى يتضح الأمر للمراجع: إذا حاولت تحقيق أهدافك في شكل حرب، فستخسر في أحسن الأحوال، أكثر مما يمكنك الفوز به. خلف هذا يقف المنطق: من الأفضل إبقاء يديك بعيداً، فلن يفيدك ذلك.
لكن هذا مُكلف للغاية، حتى بالنسبة لأولئك الذين ينتهجون سياسة الردع هذه. لأنه بينما يستفيدون هم أنفسهم من مبدأ نقل الثروة، على سبيل المثال من خلال التكامل الاقتصادي للدورتين الاقتصادية الروسية والأوروبية، فإن تطوير القدرات المقابلة لأغراض الردع مكلف للغاية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يحصل عليه المرء بالفعل. لا يتصرّف المراجع في البداية بطريقة مراجعاً، حيث يظلّ هادئاً. كما أن إعادة التسلح، من ناحية أخرى، سوف تقضي على إمكانية استهلاك مكاسب السلام التي نشأت بهذه الطريقة. وبالتالي، لا سيما في الديمقراطيات، هناك ميلٌ ضئيلٌ للاستثمار في الردع.
يفكّر المرء فقط، في الجدل الدائر منذ سنوات حول ما إذا كان ينبغي بالفعل استثمار 2٪ من الناتج المحليّ الإجمالي في الجيش. تمثّل نسبة الاثنان في المائة قيداً كبيراً على خيارات الدولة. أو بعبارة أخرى: لقد اعتدنا منذُ فترةٍ طويلةٍ على حقيقة أنّ الميزانية الاجتماعية أعلى بكثير من الميزانية العسكرية، بينما كان العكس تماماً في أيام دراستي. ويترتب على ذلك: طالما أن المُراجِع لم يُظهر نفسه بعد على أنه مراجع حقاً ويتصرف وفقاً لذلك، فمن الصعب للغاية على الديمقراطيين الاعتماد على الردع. خطاب المستشار أولف شولتز في خطاب نقطة التحول، هو ردّ فعل لما أصبح واضحاً في 24 فبراير 2022 .
لقد فشلت محاولة إشراك بوتين في القوّة الاقتصاديّة ولم ينجح الاسترضاء. لذلك علينا التغيير الجذري وإنفاق 100 مليار وأكثر على البوندسفير (الجيش الألماني).
لكن هذا سيبقينا مشغولين لفترة طويلة، فله عواقب وخيمة على ألمانيا وأوروبا ككل: سيكونون قد تجاوزوا ذروة ازدهارهم لعقود، ليس فقط بسبب فصل الدورتين الاقتصادية الروسية والأوروبية فحسب، ولكن بسبب شرط إشراك المراجعين، بأنّ الحلين الرخيصين: التكامل الاقتصادي والاسترضاء، لم يعد قابلاً للتطبيق أيضاً، وعلينا اللجوء الى الحلول العسكرية الأكثر تكلفة - إما للردع أو حتى، لحرب ساخنة كما هو الحال في الوقت الحاضر.
تتمثل المشكلة الأكبر التي تواجه عام 2023 في كيفية جعل فاعلين أثنين يتفاوضان مع بعضهما البعض بينما يكون لكلّ منهما أهداف يسعيان لتحقيقها بالوسائل العسكرية وقد قدما بالفعل تضحيات كبيرة من أجلها. مع وجود مساحة أكبر قليلاً، يمكن مناقشة هذا باستخدام كلاسيكية كلاوزفيتز الكلاسيكية "من الحرب" (Vom Kriege) على غرار تمييزه بين الغرض من الحرب وأهداف الحرب. الهدف يعني ما نريد تحقيقه "بالحرب". والأهداف تصف ما نريد تحقيقه "في الحرب". من هذا يمكن للمرء أن يرى أن المعتدي، أي روسيا، كان لديه في البداية أهداف بعيدة المدى بينما كان يسعى لتحقيق هدف مركزي، ألا وهو القضاء على أوكرانيا كفاعل سياسي مستقل. من أجل جلب هذا المهاجم إلى طاولة المفاوضات، عليك أن تجعله يفهم أنه لا يستطيع تحقيق أهدافه، أو أن تحقيق هذه الأهداف سيكون مكلفاً للغاية وكارثياً لدرجة أنه قد ينهار كلاعب سياسي. لكن هذا يرقى إلى تعزيز قوّة أوكرانيا في البقاء، سواء كان ذلك عن طريق توريد الأسلحة أو، والأمر الذي لا يقلّ أهمية في النهاية، عن طريق ضمان القدرة المالية للدولة الأوكرانية.
كيف ينجح السلام التفاوضي ؟
عانى الجيش الروسي في غضون ذلك، من بعض الهزائم الخطيرة، لا سيما استعادة خيرسون، لذلك يمكن للمرء أن يفترض أن الروس سيكونون في الواقع مستعدين للتفاوض – مهما كان الأساس. ولكن كيف يمكن إقناع أوكرانيا بالتفاوض من جانبها، بينما تم أخذ جزء من البلاد منها، وهي في هذه الأثناء كانت تعمل بنجاح كبير وتستعيد الأرض كجزء من الهجوم المُضاد؟ لذا فإن السؤال هو: ما هي المساحة التي يجب استعادتها - من وجهة نظرنا كمراقبين لما يحدث، ولكن كداعمين لأوكرانيا أيضاً - حتى يتمكن القادة السياسيون في أوكرانيا من بدء المفاوضات؟ يبدو أن الألمان والفرنسيين يعتمدون على استعادة الوضع الراهن في 23 شباط/فبراير 2022. لذلك لا تشمل شبه جزيرة القرم أو المناطق الصغيرة من دونيتسك وليهانسك في استعادة الوضع الراهن. يختلف الموقف البريطاني قليلاً: فهو يهدف إلى إعادة أوكرانيا إلى الحدود التي نشأت فيها عام 1991. يتعلّق هذا بمذكرة بودابست لعام 1994: في هذه المذكرة، ضمنت أوكرانيا سلامة حدودها عن طريق نقل الأسلحة النووية التي تراكمت لديها إلى روسيا مع انهيار الاتحاد السوفيتي. ولقد وقع عليها الأمريكيون والبريطانيون وكذلك الروس والأوكرانيون. لكن نظراً لأن البريطانيين لم يفعلوا أيّ شيء جديّ عندما تمّ انتهاك المذكرة على نطاق واسع بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، فإنهم على الأقل يتخذون اليوم موقفاً مختلفاً قليلاً وأكثر صرامة عن موقف الفرنسيين والألمان.
من ناحية أخرى، يبدو أنّ لدى الأمريكيين فكرة مختلفة تماماً، وهي فكرة حرب طويلة الأمد ضد ّروسيا بهدف استنزاف عمق الخدمات اللوجستية الروسية، والأهم من ذلك، لاستهلاك اتساع نطاق ضباطهم وبالتالي التأكد من أن الروس لن يكونوا قادرين على خوض حربٍ بهذا الحجم لمدة 15 إلى 20 عاماً القادمة. أدلى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بتصريحات واضحة في هذا الاتجاه، كما أنّ بعض تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكين توحي بهذا التقييم.
فهل يعني ذلك أنه لن تكون هناك مفاوضات على الإطلاق في المستقبل المنظور؟ هذا لم يتقرر بعد. لكن ربما ليس الأمر بهذا السوء إذا كانت روسيا تعلم أنّ هذه هي الأهداف الأمريكية، لأن ذلك يزيد من احتمالية مواءمتها مع الأهداف الألمانية والفرنسية. لأنه إذا كان السادة في الكرملين لا يزال لديهم أي نوع من العقلانية الحسابية، فإنهم يدركون أنّ الحرب التي لا نهاية لها، ستؤدي إلى تطور سيكون كارثياً بالنسبة لهم. يجب عليهم إنهاء هذه الحرب قريباً، وإلا سيفقدون عمق لوجستياتهم وعمق قوتهم البشرية العسكرية.
لا يزال من الصعب القول كيف سينتهي الصراع في نهاية المطاف. لكن هناك أمر واحد واضح: لن تشارك كييف في مفاوضات السلام أو المفاوضات بشأن وقف إطلاق نارٍ مستقر إلاّ إذا أعطى الأوروبيون أوكرانيا ضمانات أمنية شاملة. يحتاج أصدقاء السلام الذين يطالبون بصوت عالٍ بـ "مفاوضات الآن!" إلى معرفة ذلك. إن إعطاء ضمانات أمنية يعني أنّه في المرة القادمة التي يهاجم فيها الروس- أو حتى الأوكرانيون- سيكون الأوروبيون أنفسهم طرفًا في الحرب.
العواقب على النظام العالمي
أخيراً، يجب فحص السؤال المتعلق بالنتائج العالمية التي يمكن أن تنبثق مما لوحظ بإيجاز. يُقال غالباً، إن كل هذا ما هو إلاّ مُجرد مشكلة أوروبية، وأن هناك العديد من المشكلات الأخرى في العالم، مثل تغير المناخ وانقراض الأنواع، والتي تعتبر أكثر أهمية من الناحية العالمية. لكن هنا خطأ في تقدير أبعاد الأحداث. لأنّ مفهوم خلق السلام باستخدام عدد أقل وأقل من الأسلحة، أي على أساس الترابط الاقتصادي المتبادل كأداة للتهدئة، لم يفشل فيما يتعلق بروسيا فحسب، بل في نفس الوقت انتهى الحلم بفرض نظام عالمي سلمي أوسع إلى حدّ كبير حيث يتم استبدال الحرب بمحاكم التحكيم. وهذا ينطبق على التهديد بفرض عقوبات اقتصادية أيضاً، والتي تعد بديلاً للحرب.
هذا المفهوم قد فشل على الصعيد العالمي. ربما ليس في 23 أو 24 شباط/فبراير 2022، ولكن ربما بالفعل مع الانسحاب من أفغانستان وما يرتبط به من التخلي عن مفهوم التحول الذي أصبح مكلفاً للغاية بالنسبة للغرب على المدى الطويل.
فشلت استراتيجية تهدئة التحول من خلال نقل الثروة في العالم الاِسلامي، لأن عقلية جزء كبير من السكان كانت محكومة بالدين. كان هذا ولا يزال الوظيفة السياسية للإسلام، لوضع قيم أخرى غير زيادة الرخاء. لقد أخر الدين المفهوم العالمي الشامل للغرب ليصبح فعالاً. وأصبح في النهاية مكلفاً ومرهقاً للغاية؛ وكان الأوصياء، على سبيل المثال: وفوق كل شيء الولايات المتحدة غارقين. وإذا ألقينا نظرة فاحصة، فأن صيغة دونالد ترامب أمريكا أولاً، كانت بالفعل انصراف الولايات المتحدة عن دور الحارس لهذا النظام العالمي.
نظرة إلى المستقبل: خمس قوى عظمى تهيمن على العالم
لم يكن في الأصل، يُعتقد أبداً بأن الولايات المتحدة يجب أن تتولى هذا الدور، بل الأمم المتحدة. لكن الأمم المتحدة لا تتمتع بالقوة إلا بقدر استعداد دولها الأعضاء لإتاحة الفرصة لقدرات الأمين العام. وكان هذا الاستعداد منذ البداية محدوداً للغاية. ليس لدى الأمين العام للأمم المتحدة، حتى يومنا هذا، قوات احتياطية تحت تصرفه، يمكن استخدامها بشكل مستقل في حالة حدوث أزمة - كما هو منصوص عليه بالفعل في ميثاق الأمم المتحدة - ولكن يجب عليه أن يعتمد على الولايات المتحدة أو الجيوش ذات الحجم الكبير التي لا تتمتع بقوة قتالية حقيقية بتزويده بالقوات مع الخوذات مطلية باللون الأزرق، وفي قصورها تزيد من المشكلة بدلاً من حلها.
ونظراً لعدم وجود وصي على النظام العالمي اليوم، فلن يكون من الممكن فرض نظام عالمي موجه بشكل معياري أيضاً، فالنظام يعتمد على مثل هذا الوصي. البديل هو العودة إلى النماذج شبه الفيزيائية، أي التوازن وزيادة الوزن وما إلى ذلك.
لعلنا نقدم في هذه المرحلة، تنبؤ (تكهن) ختامي: من المرجح أن يتم تحديد النظام العالمي الجديد من قبل خمسة فاعلين. في تاريخ الأنظمة الدولية "خمسة" هو الرقم الذي يظهر دائماً عندما لا يتعلق الأمر بالترتيب أحادي القطب أو ثنائي القطب، وإنما الحديث حول نظام عالمي متعددة الأقطاب. مارس الإيطاليون هذا لأول مرة خلال القرن الخامس عشر في صلح لودي، وخمسة فعلوا ذلك في النظام الوستفالي بعد سلام مونستر وأوسنابروك أيضاً: الإمبراطور في فيينا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا، بالإضافة إلى السويد كقوى عسكرية كبرى. ولكن مع معركة بولتافا عام 1709، عندما هزم بطرس الأكبر الملك تشارلز الثاني عشر ملك السويد، والتي صعدت معها روسيا لتصبح قوة عظمى، انتهى تاريخ السويد كقوة أوروبية كبرى. حلت مكانها بروسيا، التي تم تنظيمها بطريقة مشابهة للسويد: لم تكن قوية اقتصادياً، ولكنها قوية بشكل خاص عسكرياً وكانت مشغولة بقضايا ومناطق مختلفة، خاصة في أمريكا اللاتينية، ولم تعد ترغب في لعب دور في السياسة الأوروبية. حلت محلها روسيا.
لذلك كان هناك خمسة لاعبين كبار مرة أخرى. وهكذا كان هناك دائماً خمسة أعضاء، تماماً كما هو الحال اليوم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بين الأعضاء الدائمين. وهم حريصون للغاية على عدم وجود المزيد، لأن ذلك سيضعف موقفهم من الفيتو.
من سيكون الخمسة الكبار؟
ولكن من سيكون الخمسة الكبار في النظام العالمي الجديد الناشئ؟ يكاد يكون من المؤكد أن الولايات المتحدة والصين على نفس المستوى. وهذا يعني أننا يجب أن نبتعد بسرعة عن فكرة أن العصر الأمريكي قد انتهى وأن عصر الصين قد بدأ. لن يكون هناك تسليم عصا السباق، كما حدث في الماضي من لندن إلى واشنطن أو نيويورك. ستشترك الولايات المتحدة والصين في موقع القوة الأولى. بجانبها، بصفتها شريكاً صغيراً للصينيين، من المفترض أن تكون روسيا. ليس بسبب قوتها الاقتصادية، ولكن لأن روسيا تمتلك أكثر من 50 في المائة من الأسلحة النووية في العالم. وكذلك أنظمة الناقل الضرورية. أيضا بسبب موقعها الجغرافي السياسي أيضاً، أي الجسر البري لشمال آسيا.
يمكن أن يكون الأوروبيين جزءاً منها أيضاً، كشركاء صغار للولايات المتحدة الأمريكية، يعتمدون على المظلة النووية الأمريكية، أو حتى بشكل مستقل إذا كان لديهم المكون النووي الخاص بهم. ومع ذلك، لا يمكن التعرف على هذا في الوقت الحالي. لكنه سيكون سؤالاً مثيراً بالفعل: هل سيبني الأوروبيون مكونهم النووي بحيث لا يعودوا "خاليْ الوفاض "فارغين" عندما يقوم آخرون، مثل بوتين الآن، بإدخال هيمنة التصعيد النووي؟ أم سيتركونها؟ هذه قضية متفجرة مستمرة، لا سيما في ضوء احتمال رئاسة دونالد ترامب أو رون ديسانتيس واحتمال فصل الولايات المتحدة عن أوروبا.
وفوق كل ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان الأوروبيون سينجحون في التحول، من مجرد مدراء حكم إلى لاعب فاعل سياسياً جيوستراتيجياً؟ يمكن للمرء أن يقول إن لجنة فون دير لاين تتخذ الخطوات الأولى في هذا الاتجاه. لكن هذا صعب للغاية. وربما ستنجح على أي حال فقط، إذا كانت هناك مجموعة أخرى من الفاعلين في السياسة الخارجية داخل الاتحاد الأوروبي، وهي عبارة عن أحد الدوائر التي ما زالت ناقصة. برلين، باريس، مدريد، وارسو، وربما روما أيضاً. وعدد قليل من الآخرين. ربما سيكون بعد ذلك فاعلاً قادراً على العمل ولن يتم حظره من قبل لاعب الفيتو أو قاعدة الإجماع.
حافز الأوروبيين للانخراط هو إعادة هيكلة النظام العالمي، وبالتحديد السؤال: هل تلعب أوروبا دوراً في هذا أم لا؟ إذا لم يدير الأوروبيون هذا التحول، فإن أوروبا لا تهم، إنها مجرد كائن - وليس موضوعاً للتطور. ثم تدخل قوة أخرى بدل أوروبا في نظام الخمسة.
ستلعب الهند وهي الخامسة من الخمسة الكبار، دور "قالب للموازين" وهو ما تقوم به بالفعل. فمن ناحية، تروج نفسها باعتبارها أكبر ديمقراطية في العالم، أو على الأقل من حيث العدد. لكن من ناحية أخرى، هي خلف ذلك الوجه القبيح للقومية الهندوسية. وفي الوقت نفسه، لا تؤيد الهند العقوبات ضد بوتين، لكنها منفتحة على جميع الأطراف. يتم تنظيم هذه الدول الخمس الكبرى بدورها: من ناحية الدول الدستورية الليبرالية، أوروبا والولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى الأنظمة الاستبدادية، السلطوية الاستبدادية في روسيا، والسلطوية التكنوقراطية في الصين. حتى في العلاقة ذات الاتجاهين، هناك أزمة عرضية، ولن تكون صداقة خالصة - لا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ولا بين الصين وروسيا.
ضمن هذا النظام العالمي الجديد، مهام البشرية - تغير المناخ، انقراض الأنواع، الجوع في الجنوب العالمي، الهجرة – سيتم تنحيتها وتصبح ورقة المساومة لهؤلاء الخمسة. تماماً مثلما فعل الصينيون لفترة طويلة، على سبيل المثال في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ في مصر في نوفمبر 2022: نعم، نحن نزيد من استعدادنا لمواكبة قضايا سياسة المناخ، ولكن فقط بشرط أن ترفع العقوبات عنا وتستمرون في تصنيفنا كدولة نامية. إذا كان الأمر مهما بالنسبة لكم، فعليكم أن تقدموا شيئاً مقابل ذلك، وهذا ما تبدو عليه ألعاب التفاوض. لذلك هذا لا يعني بالضرورة أن حماية البيئة أو تغير المناخ ستكون أسوأ حالاً. هذا يعني فقط أن الجهات الفاعلة تتحول والمنظمات غير الحكومية التي هيمنت حتى الآن تهبط إلى المستوى الثاني.
على الصف الثاني يتوقف الأمر
وفي كل هذا فإن "الصف الثاني" سيصبح مهمًا بشكل متزايد - وهو موضوع عمل عليه عالم السياسة الهندي الأمريكي باراغ خانا. يشمل سؤال المستوى الثاني كل أولئك الذين ليسوا في الخمسة الكبار: أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وأجزاء من آسيا. مع من يذهب الصف الثاني؟ هذا سؤال حاسم للمستقبل. دعا المستشار أولف شولتز عمداً رؤساء دول وحكومات الهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والأرجنتين إلى اجتماع G7 في إلماو في حزيران /يونيو 2022 ، من أجل تقريبهم من الغرب. ثم رد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على ذلك في الأمم المتحدة في نيويورك وقال إنه من الطبيعي أن يضمن الروس الحماية لجميع الدول الممكنة. لكن في قمّة مجموعة العشرين في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، لعب موقف إندونيسيا المضيفة دوراً مهماً للغاية في إدانة روسيا في القرار النهائي. الصف الثاني، بتفضيلاته الغامضة وغير المحددة جيداً، هو العنصر المضطرب داخل هذا النظام المكون من خمسة - مع التشكيل الذي يتكون من اثنين إلى اثنين والهند تقلب الموازين. مع من تذهب البرازيل في المستقبل؟ مع من يذهب الأفارقة؟ مع من تسير جمهوريات آسيا الوسطى؟ وبالطبع ستعود مسألة مناطق النفوذ مرة أخرى. أو بعبارة أدق: لقد عادت منذ فترة طويلة، على سبيل المثال في استراتيجية طريق الحرير، التي أوجدت بها الصين مناطق نفوذ كبيرة. لا تستطيع روسيا أن تفعل ذلك لأنها لا تملك المال الكافي. عليها دائما أن تلجأ إلى الوسائل العسكرية. تعتبر حرب أوكرانيا في هذا الصدد، وسيلة لتأمين مناطق النفوذ أيضاً. وهذا شيء سيفعله الآخرون في النهاية أيضاً. كل هذا ليس ممتعاً للغاية. لكن من الضروري أن نستعد الآن لما يمكن أن نتوقعه في المستقبل. أولئك الذين لا يفعلون هذا سيصبحون بأي حال هم الخاسرون من التغييرات التي تحدث الآن.
- Herfried Münkler, von Putin bis Erdogan: Wie pazifiziert man die Revisionisten?
Die Rückkehr der Geopolitik nach Europa, Blätter für deutsche und internationale Politik1‘23



#حامد_فضل_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كولونياليّة الإسلام السياسي - مرة أخرى حول كتاب د. فتح الرحم ...
- يوتوبيا الاشتراكية: بوصلةٌ لثورةٍ مُستدامةٍ
- كولونيالية الإسلام السياسي
- زمن التحوّل العالمي في عالم متعدد الأقطاب، لا غِنى عن التعاو ...
- »الجاني الوحيد روسيا«: كيفية إخماد الحريق بالبنزين
- التقليد والتجديد في النضال من أجل المستقبل
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ...
- عبد المنعم عجب الفيا قراءة في كتاب الشعر السوداني
- العنصرية، المفهوم، التاريخ، المسار والآفق - كتاب للباحث والا ...
- حرب الحلفاء الأمريكية -العادلة!- على العراق تحتفل بعيد ميلاد ...
- مشروع النهوض الاِسلامي العربي والحداثة
- نظرة في كتابات المُريد البرليني للكاتب والشاعر السوداني أمير ...
- إسرائيل وجيرانها. الشرق الأوسط الجديد: لماذا تتضاءل القومية ...
- الشرق الأوسط الجديد: التضامن الإسرائيلي والاِماراتي ضد إيران
- معركة القرن1 واشنطن وبكين وإحياء منافسة القوى العظمى
- إعادة التفكير في عالمية حقوق الإنسان
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
- صدمة كورونا* نهاية سحر العولمة
- النساء قمن بدور أساسي في سقوط عمر البشير
- النور الذي خبا


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد فضل الله - من بوتن إلى أردوغان كيف السبيل إلى تهدئة المراجعين عودة الجغرافيا السياسية إلى أوروبا