أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لين مالي - الفصل الرابع: قيادة البروليتكولت: بين الأنتلجنسيا القديمة والجديدة















المزيد.....



الفصل الرابع: قيادة البروليتكولت: بين الأنتلجنسيا القديمة والجديدة


لين مالي

الحوار المتمدن-العدد: 7511 - 2023 / 2 / 3 - 12:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




Mally, Lynn. Culture of the Future: The Proletkult Movement in Revolutionary Russia. Berkeley: University of California Press, 1990. http://ark.cdlib.org/ark:/13030/ft6m3nb4b2/

لقد تحدت الثورة الروسية، ككل الثورات، سلطة النخبة القديمة والشرائح المترسخة من الهرمية الاجتماعية. مع ذلك، ما إن بات البلاشفة في السلطة، اكتشفوا بسرعة أنهم إذا أرادوا بناء نظام مستقر، كان عليهم بناء نخبة جديدة لتحل مكان تلك القديمة. ولإيجاد الموارد البشرية الضرورية، تواصل الحزب مع الطبقات المسحوقة، وهو الحل المتناسب مع روح الثورة. مع ذلك، لم يكن هذا الحل كافياً للحفاظ على الدولة. غالباً ما كان القادة من البروليتاريا أو الفلاحين قليلي الخبرة أو التجربة في وظائفهم. وبهدف الحفاظ على النظام، اعتمد النظام مزيجاً من القوة والإقناع لتشجيع المثقفين والخبراء المدربين في ظل القيصرية لخدمة الحكومة السوفياتية.


كان إنشاء نخبة مستقرة ومنجزة وموالية الشغل الشاغل للنظام خلال السنوات السوفياتية الأولى. حل الدولة، كان تشكيل قيادة هجينة من ممثلي الطبقات الدنيا والقديمة صاحبة الامتيازات، وكان حلاً ولّدته الضرورة. رغم ذلك، فقد أثار ذلك اعتراضات من الجماعات العمالية، التي اعترضت من المكانة التي أعطتها هذه الإجراءات لأعدائها من الطبقة القديمة. كما أنها أزعجت المثاليين الثوريين، الذين تخيلوا مجتمعاً تسوده المساواة من دون نخبة على الإطلاق.

يحسب لهم، أن بوغدانوف وحلفاءه من حلقة الفبيرد كانوا قد توقعوا مثل هذه الصعوبات قبل وقت طويل من ثورة تشرين الأول/أكتوبر. فقد حاججوا أنه لكي تنجح الثورة المقبلة، يجب أن تخلق الطبقة العاملة نخبتها قبل محاولة السيطرة على السلطة. ولكن الحل الذي اقترحوه، أي التعليم البطيء والمتعب لمثقفي الطبقة العاملة قبل الثورة، كان قليل الأهمية بعد عام 1917. كان على البروليتكولتيين، كقادة الحكومة والحزب، ابتكار مخططات جديدة لحل مشكلة القيادة الثورية.

ولأن الحركة كانت شديدة التركيز على الإبداع والاستقلالية البروليتارية، أكد أنصارها مراراً أن الطبقة العاملة يمكنها تولي إدارة المجتمع الثوري لوحدها. كان البروليتكولتيون مشهورين بتمجيدهم لقدرات البروليتاريا، وهو أمر شديد الوضوح في الانتاج الفني للمنظمة. “نحن كل شيء، نحن في كل مكان، نحن النار والضوء”، أعلن الشاعر فلاديمير كيريلوف، “نحن الإله، والقاضي، والقانون”. (1) مثل هذه المشاعر ألهمت الرفض الموجه ضد الانتلجسنيا القديمة ومكانتها في المجتمع الثوري. إذاً، لا عجب، أن العديد من الكتاب يرون البروليتكولت كواحدة من أكثر الأطراف دفاعاً عن السلطة العمالية. (2)

مع ذلك، وعلى الرغم من سمعتها، لم تتمكن البروليتكولت من تجنب المشاكل التي واجهتها المؤسسات الثورية الأخرى في السنوات السوفياتية الأولى. كانت البروليتاريا قليلة العدد، ومثقلة بالأعباء، وقليلة الخبرة للسيطرة على السلطة بمفردها. حاولت مفوضيات الدولة الجديدة إقناع البيروقراطية القيصرية بالبقاء في مناصبها القديمة. لم يستطع الجيش الأحمر المحاربة في الحرب الأهلية من دون مساعدة من جنرالات القيصر. في المصانع السوفياتية أجبر مزيج من الصعوبات الاقتصادية والضغط السياسي الشديد العمال على قبول مساعدة المدراء والمهندسين. واكتشف حتى أكثر البروليتكولتيين تطرفاً أنه من غير الممكن الانخراط في الإبداع الثقافي من دون خدمات النخبة الثقافية القديمة- مثل الكتّاب، والرسامين والتربويين الذين اكتسبوا خبرة في ظل النظام القديم.

مُثُل قيادة البروليتكولت

طرح منظرو البروليتكولت أسئلة صعبة حول السلطة والهوية الطبقية، والخبرة في المجتمع الثوري. كما أملوا برعاية الروح الاشتراكية التي كانت قائمة على الروح الجماعية. في الوقت عينه، أرادوا تطوير مثقفين بروليتاريين جدد لإثبات أن الطبقة العاملة لديها المهارات والموارد لتولي المسؤولية. أخيراً، اعتزموا الاستفادة من مواهب قدامى المثقفين بطريقة تزيد، ولا تمنع، الإبداع البروليتاري. كانت أهداف متعبة وفي بعض الأحيان متناقضة.


بالنسبة إلى البروليتكولتيين عنت الاشتراكية انتصار الجماعة على الفردية البرجوازية، انتصار الـ“نحن” على الـ“أنا”. ساد مبدأ الجماعية في البنى التنظيمية للبروليتكولت: أعطيت السلطة للمجموعة وليس للأفراد. أعطت الشرعة الوطنية السلطة للمجالس المنتخبة في مؤتمرات دورية. (3). لم يكن هناك مبادئ مكتوبة حول التكوين الطبقي للقيادة، بالتأكيد لأن مخططي البروليتكولت افترضوا أن مجموعة من العمال الأعضاء ستختار مجموعة من القيادين العماليين. كما لم تصف المبادئ علاقات السلطة بين المجالس القيادية، ولم تحدد تعليمات حول المناصب التقليدية مثل الرئيس، ونائبه، أو أمين سره. ظهر الالتزام عينه بالنزعة الجماعية في العديد من البيانات والمبادئ التوجيهية المحلية. أعلن المشاركون في قسم كولبينو للفنون أنهم لا يريدون “جنرالات ثقافية”. ستتألف مجموعتهم من متساوين قد يعرفون أكثر أو أقل بقليل. (4)

على الرغم من الالتزام بالمساواتية، اتبعت العديد من المجموعات المحلية الأشكال التنظيمية المحددة من قبل البروليتكولت المركزية والممارسات السائدة، مثل اختيار الرئاسة، وبقية المراكز التي تتبعها، وقيادات الأقسام الفنية. بشكل مثالي، جرى انتخاب هؤلاء المسؤولين خلال مؤتمرات دورية ويمكن طرح الثقة بهم إذا أساؤوا استعمال منصبهم، ولكن لم تتحقق هذه المبادئ الديمقراطية دائماً. بعض الحلقات بدأت بالعمل من دون مؤتمرات تأسيسية، والبعض الآخر لم يجتمع بعد الجلسة الافتتاحية. (5) بالطبع، حتى عندما يُثَبت القادة بموجب الانتخابات، فكان بإمكانهم ممارسة تأثير شخصي على البرامج الثقافية المحلية.

كان هذا التوتر بين القيادة الجماعية والسلطة الشخصية مضمراً في أهداف المنظمة. لم يؤمن أكبر منظري البروليتكولت، ألكسندر بوغدانوف، بأن الجماعية تعني رفض الانجازات الفردية. وحدها الفردانية البرجوازية الأنانية سيقضى عليها في ظل الاشتراكية. الفردانية البشرية، المنفصلة ولكن المرتبطة بمصالح الجماعة، ستكون مزدهرة في ظل الاشتراكية. (6) من خلال كلمات أقل تجريدية، كان العديد من البروليتكولتيين فخورين بمواهب العمال الفنانين والمنظمين. عندما مات، القائد البروليتاري المعروف، فيدور كالينين، في بداية عام 1920، امتلأت الصحافة البروليتكولتية بمقالات مؤثرة عن مآثره، وأشاد به بوغدانوف كواحد من الأمثلة عن النوع الجديد من المثقف العمالي. (7) إن إنجازات هذا الفرد الموهوب ومن هم مثله ترمز إلى قدرات مجمل البروليتاريا.

من دون شك، تسبب هذا الترابط المعقد بين الفرد والجماعة في حصول ارتباك. لم يكن هناك مجال واسع لإساءة استعمال السلطة فقط، ولكن المنظمات كانت في الكثير من الأوقات ممزقة بين أهداف متضاربة. هل يجب تكريس مواردهم لتعليم وتدريب البروليتاريا بمجملها؟ رفض المدافعون عن هذا المسار الراديكالي كل أشكال الهرمية، من بينها تربية النخبة العمالية للوقوف في مقدمة البروليتاريا. (8) أو هل يجب تنمية المواهب للواعدين من العمال؟ اعتقد مؤيدو هذا الموقف أنها أفضل طريقة لإظهار انجازات الطبقة العاملة وسلطة الثقافة البروليتارية. كل موقف يتضمن مخاطره. إذا كانت البروليتكولت شديدة المساواتية، فيمكن أن تتحول بسهولة إلى حركة تعليمية أساسية بالكاد يمكن تمييز أعمالها من أعمال الناركومبروس. إذا كانت تلبي حاجات الأكثر تطوراً، فستخسر صلاتها بالجماهير.

طرح دور قدامى المثقفين معضلات صعبة بنفس القدر. بدأت النقاشات المحتدمة حول مكانة المثقفين في الحركة البروليتارية في المؤتمر التأسيسي عام 1917 واستمرت من دون هوادة طوال تاريخ البروليتكولت. في عالم ثوري منقسم بين “العامة” مقابل أرستقراطية الـ”هم” كان من السهل تمييز المثقفين على أنهم الأعداء الطبقيون الأشداء. كانت منشورات البروليتكولت مليئة بالإدانات للنخبة المثقفة. أصر الكاتب البروليتاري، أليكسي ساموبيتنيك-ماشيروف، على أن تعتمد البروليتكولت على النخبة الثقافية البروليتارية “بذلك تكون الضمانة الوحيدة للثقافة البروليتارية”(9) حذر فيدور كالينين من أن للمثقفين رؤية عالمية مختلفة عن الطبقة العاملة. لا يفرق مدى تأييدهم، لأنهم ما زالوا يبعدون العمال عن أشكال التعبير البروليتارية. (10)

كشفت مثل هذه المنازعات عن عدم ثقة الطبقات الدنيا بالمثقفين، ولكنها قامت بشكل أساسي بدور بلاغي. فرئيس بروليتكولت في بتروغراد، ساموبيتنيك-ماشيروف ساعد على استقطاب المثقفين إلى برامجه. شارك كالينين قيادة البروليتكولت المركزية مع أصدقائه ومعلميه، المفكرين بوغدانوف وليبيديف-بوليانسكي. كما رحب العديد من أبناء الطبقات الدنيا بالمثقفين من دون إزدواجية على الإطلاق.

ساهمت المنظمة المركزية بهذا الارتباك، حيث أرسلت رسائل متضاربة جداً حول هذه المسألة المعقدة. كان منظرو البروليتكولت قلقين من أن المثقفين قد يسيطرون على العمليات الإبداعية في المنظمات المحلية، وحذروا من المخاطر التي يشكلها هؤلاء على الثقافة البروليتارية. ولكنهم أدركوا كذلك أن الحركة لا يمكنها البقاء من دون بعض المساعدة الفكرية. وبحسب قول أول رئيس للبروليتكولت، ليبيديف-بوليانسكي، إن المثقفين الاشتراكيين الذين أتوا إلى البروليتكوت كان لديهم خبرة ثقافية. (11) كان ذلك من الأسس التي لا يمكن لمنظمة ثقافية التخلي عنها.

مشتتةً بين الشك والحاجة، حاولت البروليتكولت اكتشاف طرق للاستفادة من تجربة المثقفين مع تقليص تأثيرهم. خلال المؤتمر الوطني الأول، قرر المندوبون أن البروليتكولت ستستفيد من مهارات المثقفين “بقدر الإمكان”. (12) حدد الميثاق الوطني الصادر عام 1919 مدى ذلك. إن المعرفة الحقيقية المفعمة بروح البروليتاريا وشخصيتها لا يمكن أن تتحقق إلا عبر التعرف المديد لحياة العمال وعاداتهم، وهو أمر يصعب على غير العمال تحقيقه. بالتالي، سيقتصر دور العناصر المتعاطفة غير البروليتارية على الأدوار الفنية والمساعدة في الأعمال الإبداعية في البروليتكولت. (13)

مع ذلك، إن هذا الحل البسيط، الذي حوّل المثقفين إلى مساعدين خارجيين في منظمة يفترض أنها تتألف من العمال الذين يقودونها، ثبت أنه صعب التنفيذ للغاية. منحتهم تجربة المثقفين الثقافية سلطة لا يمكن أن تحصرها قواعد الإدارة الجماعية. اكتسب الفنانون والمربون تأثيراً كبيراً في الحلقات المحلية وتركوا بصمات لا تمحى على البرامج الثقافية للمنظمة.


من خلال معالجة مشاكل القيادة والهوية الطبقية، صارع البروليتكولتيون مع التناقضات التي طرحتها الثورة الاشتراكية نفسها. هل يمكن للمساواة التوفيق مع المهارة والموهبة؟ هل من الممكن تنشئة مثقفين جدد من دون إعطاء السلطة لتلك القديمة؟ في مجموعة متنوعة من الإجابات التي وجدها المشاركون على هذه الأسئلة، اعترفوا من دون قصد بحدود سلطة البروليتاريا وأعادوا تعريف لغة السيطرة الطبقية.

قادة من الطبقات الدنيا

تدين البروليتكولت بوجودها بجزء كبير منه إلى جهود الفنانين المتفانين والمفكرين من الطبقات الدنيا الذين حصلوا على تعليمهم بصعوبة بالغة في مدارس المنفى وحلقات تعليم الكبار في ظل النظام القديم. بالنسبة إلى هؤلاء الأفراد الموهوبين كانت البروليتكولت عرضاً لإنجازاتهم ووسيلة لمواصلة تعليمهم في مناخ مصمم لتلبية احتياجاتهم. كان أبرز القادة العماليين هم من خدموا في اللجنة المركزية الوطنية وفي الرئاسة. على الرغم من أن البروليتاريين يشاركون دائماً هذه المناصب مع غير العمال، إلا أنهم شكلوا نسبة كبيرة من المراكز العليا، وازدادت أعدادهم مع الوقت.

كانت المجموعة الأولى من القادة البروليتاريين، قد انتخبت في المؤتمر الوطني عام 1918، وقد تضمنت فيدور كالينين، أليكسي ساموبيتنيك-ماشيروف، فاسيلي إغناتوف، ميخائيل غيراسيموف، فلادمير كوسيور، فلاديمير كيريلوف، كارل أوزول-بريدنيك، إيليا سادوفيف. (14) ما عدا الممثل إيغناتوف والمناضل النقابي كوسيور كانوا بأجمعهم من الكتّاب الذين تميزوا بالعمل الإبداعي والنقدي في عدة صحف ومجلات اشتراكية. وستكون السيرة المهنية للرباعي، كالينين، وكيريلوف، وغيراسيموف، وساموبيتنيك-ماشيروف- أمثلة على هذا الجيل المتميز.

بكل سهولة، كان الأهم فيدور كالينين، المساهم المؤثر في الثقافة البروليتارية، ورئيس قسم البروليتكولت في الناركومبروس، وصديقا محبباً لبوغدانوف وليبيديف-بوليانسكي. وكان كذلك شقيق ميخائيل إيفانوفيتش كالينين، الرئيس المستقبلي لمجلس السوفيات الأعلى خلال حكم ستالين. ولد كالينين في عائلة فلاحية تعمل في النسيج عام 1882، بدأ العمل في المصنع في سن مبكرة. عام 1901 تعرض للنفي بسبب نضاله السياسي. أطلق سراحه في الوقت المناسب فلعب دوراً ناشطاً في ثورة عام 1905، ولذلك حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات. عندما انتهت محكوميته، بدأ كالينين بالتحريض السري في صفوف البلاشفة في موسكو. وبسبب تأييده للبلاشفة، انضم إلى مدارس المنفى في كابري وبولونيا، سرعان ما تميز كطالب ومنظِّم. ولاحقاً انضم إلى حلقة لوناتشارسكي للأدب البروليتاري في باريس. في حين عمل في مصنع للطائرات في فرنسا، بدأ كالينين بنشر أفكاره حول الخلق الثقافي في مجلة نضال، وفي المجلة الأساسية للفبيرديين إلى الأمام. منحته كتاباته العديدة عن الفكر والثقافة البروليتارية لقب “الفيلسوف البروليتاري”. (15)


كان فلاديمير كيريلوف أحد أشهر الكتاب المبدعين في المنظمة. إن قصيدة “نحن”، التي أهداها إلى السلطة البروليتارية، يستشهد بها دوماً على أنها نموذج للخلق البروليتاري. ولد في سمولينسك عام 1890، ذهب إلى مدرسة القرية حيث بدأ بالعمل كمتدرب على صناعة الأحذية. في سن الـ 13 غادر لينضم إلى العمل في التجارة البحرية، لاحقاً شارك في انتفاضة البحارة خلال ثورة عام 1905. وبسبب دوره في الثورة، نفي 3 سنوات من البلاد. وما أن أنجز العقوبة حتى ترك روسيا وسافر حول العالم، من ضمنها إقامة طويلة في الولايات المتحدة. بدأ كيريلوف مهنته ككاتب عندما كان في الخارج، على الرغم من أنه لم يبدأ بالنشر قبل الحرب العالمية الأولى بقليل. عند عودته إلى روسيا حسّن مهارته في الكتابة الأدبية في صفوف بيت الشعب الشهير للكونتيسة بانينا في سان بطرسبرغ. (16) نشرت البروليتكولت مجموعته الشعرية، التي تضمنت قصائد مثل الفجر والمستقبل والمسيح الفولاذي.

كما كان ميخائيل غيراسيموف من الكتاب والمنظمين المهمين. ولد في سامارا عام 1889، وهو ابن عامل في قطاع السكك الحديد. انضم غيراسيموف في المدرسة الابتدائية بدعم من السكك الحديدية وبدأ بالعمل في سن الـ 9. مثل كيريلوف وكالنينين، أصبح بسرعة ملتزماً في النضال السياسي كما تعرض للسجن بسبب دوره في ثورة عام 1905. بعد إطلاق سراح غيراسيموف تابع تحريضه السياسي. وفي مواجهة اعتقال محتمل، فر من البلاد عام 1907. بقي في أوروبا لعدة سنوات، حيث تابع نضاله السياسي، كما أمضى عدة سنوات في السجن هناك. في باريس، انضم إلى حلقة لوناتشارسكي للأدب البروليتاري وبدأ بنشر أعماله في الصحف والمجلات الاشتراكية. خلال الحرب العالمية الأولى، تطوع في الجيش الفرنسي، ولكنه أعيد إلى روسيا بسبب مشاركته في البروباغندا المناهضة للحرب. عام 1917، أصبح غيراسيموف منظماً بلشفياً قيادياً في بلدته سامارا، حيث تولى مسؤولية سوفيات المدينة وساعد على تشكيل وحدة الحرس الأحمر المحلية. (17)

ألكسي ماشيروف، الذي استعمل الاسم المستعار “ساموبيتنيك” (من الكلمة الروسية التي تعني الأصلي أو المميز). ولد في سان بطرسبرغ عام 1884. وهو ابن حرفي، أرسل إلى مدرسة المدينة الابتدائية ومن ثم، عندما بلغ سن الـ 12، أرسل للعمل في مصنع لصناعة المعادن. أدى نضاله السياسي إلى اعتقاله ونفيه بعد 1905. بعد عودته إلى سان بطرسبرغ عام 1908 انضم ساموبيتنيك-ماشيروف إلى البلاشفة وبدأ بالكتابة الأدبية، وتلقى دروساً في بيت الشعب للكونتيسة بانينا. ظهرت أشعاره في مجموعة غوركي الأولى لكتابات العمال وفي جريدة البرافدا. كان من مؤسسي البروليتكولت عام 1917، أصبح ساموبيتنيك-ماشيروف رئيساً لمنظمة مدينة بتروغراد. (18)

شارك هؤلاء العمال المثقفون في العديد من التجارب المشتركة. وكانوا جميعاً من العمر نفسه وقد تركوا العمل اليدوي خلفهم لمتابعة العمل السياسي والثقافي. كما كان لتاريخهم في الحركة الثورية نفس المسار. وكانوا من البلاشفة لفترة طويلة، وشاركوا في ثورة 1905 وقضوا فترة في السجن والمنفى. كما جمعتهم أواصر صداقة قوية بينهم. تعرف كالينين إلى غيراسيموف في مدارس المنفى؛ الأخير كان صديق كيريولوف، في حين درس الأخير مع ساموبيتنيك-ماشيروف والكاتب البروليتاري إيليا سادوفيف، في بيت الشعب للكونتيسة بانينا.


من الصعب المبالغة في تقدير أهمية هؤلاء الكتاب الأربعة في تكوين البروليتكولت، كالينين وساموبيتنيك-ماشيروف، إلى جانب فاسيلي إيغناتوف والكاتبين، ألكسندر بومورسكي وألكسي غاستيف، كانوا من المنظمين الأساسيين للبروليتكولت عام 1917. (19) أمّن كالينين، الصديق والتلميذ السابق للوناتشارسكي، روابط أساسية بين البروليتكولت والناركومبروس. هذه الحلقة من العمال الملتزمين كانت كذلك مسؤولة عن البدء ببعض أهم المنظمات المحلية. ذهب كيريلوف وبومورسكي إلى تامبوف. (20) وأسس غيراسيموف البروليتكولت في مسقط رأسه سامارا، حيث حملت المجلة المحلية، نور المصانع، عنوان إحدى قصائده. (21) أسس وقاد إغناتوف البروليتكولت في تولا وساعد على تأسيس منظمات جديدة في القوقاز. (22)

كان هذا الجيل الأول من قادة البروليتكولت حريصاً للغاية على ترك بصماته كفنانين ومفكرين جادين وليسوا من الهواة الذين واصلوا مهنتهم على حدى. أرادوا إنفاق موارد البروليتكولت على تطوير مهارات أفضل ممثلي طبقتهم، وليس على التعليم الأساسي لإفادة الجماهير. المسؤولية الأولى للمنظمة كانت مساعدة الموهوبين، كتب كالينين، ويمكنهم بعد ذلك أن يكونوا نموذجاً للآخرين. (23) مثل هذه المواقف قللت من حساسيتهم تجاه مشاكل الناشطين الثقافيين الطموحين الذين لم يثبتوا وجودهم بعد.

على الرغم من أن مؤهلات هذه المجموعة كانت مثيرة للإعجاب، إلا أن مواردهم لم تكن كافية للحفاظ على المنظمة. كان هناك الكثير من البحث عن العمال ذوي الخبرة السياسية، ونادراً ما كانت البروليتكولت مسؤوليتهم الوحيدة. كالينين، مثلاً، عمل في الناركومبروس، والحزب الشيوعي والجيش الأحمر بالإضافة إلى مسؤولياته في البروليتكولت. مات بعد إصابته بالتيفوس في بداية عام 1920 في حين كان ينظم جريدة عسكرية على الجبهة الجنوبية. سرعان ما وضع كوسيور مسؤولياته في البروليتكولت جانباً لتولي مسؤولياته في الحزب بأوكرانيا. (24) وأصيب سواهما بخيبة أمل عندما أصبحت المنظمة ناشطة جداً في التعليم العام بدلاً من برامج أكثر تخصصاً. ترك غيراسيموف وكيريلوف القيادة الوطنية للبروليتكولت عام 1920. على الرغم من أنهما كانا يحتفظان بعلاقات مع المنظمة، وصبت جهودهما الأساسية في منظمتين ثقافيتين جديدتين، اتحاد الكتاب البروليتاريين، ومجلة المسبكة، اللتين هدفتا إلى تحسين ظروف العمل للفنانين البروليتاريين المحترفين. (25)

كان ذلك دليلاً على حيوية البروليتكولت لأن القادة الجدد من الطبقات الدنيا قد تقدموا للحلول مكان القدماء. فانتخب مجلس قيادي جديد عام 1920 الذي ضم فاليريان بليتنيف، عامل تحول إلى كاتب مسرحي، وبافيل أرسكي، كاتب بروليتاري الذي ساعد على قيادة منظمة بتروغراد، وجورجي نازاروف، عامل في صناعة المعادن في بتروغراد، وعامل آخر في نفس القطاع، أندريه كوزوشكين (26). كان هؤلاء الرجال جزءاً من جيل جديد من القادة البروليتاريين الذين وصلوا إلى المنظمة الوطنية عن طريق منظماتهم المحلية.

كان فاليريان بليتنيف الأهم، انتخب لمنصب الرئيس الوطني أواخر عام 1920. ولد بليتنيف عام 1886، كان نجاراً طوال 19 سنة. كان بليتنيف منشفياً حتى الثورة، وكان مدافعاً بليغاً عن الأدب العمالي في واحدة من أولى الخلافات حول الثقافة البروليتارية قبل عام 1917. (27) وكان مشاركاً أساسياً في مسرح البروليتكولت في موسكو وأصبح عضواً في اللجنة المركزية المحلية عام 1919. عام 1920 انتخب إلى رئاسة البروليتكولت الوطنية. ركزت مسرحياته العديدة على تاريخ الحركة الثورية، وعرضت على نطاق واسع على المسارح العمالية في نهاية الحرب الأهلية. (28)

انتخب بافيل أرسكي، عضو آخر في هذه المجموعة الجديدة، إلى قيادة البروليتكولت الوطنية من منظمة بتروغراد. كـ بليتنيف، كانت منشوراته قليلة قبل عام 1917. بدأ النضال خلال الحرب، وشارك في ثورة شباط/فبراير وساعد في اقتحام قصر الشتاء، على الرغم من أنه لم ينضم إلى البلاشفة سوى حتى 1918. كان عضواً مبكراً في بروليتكولت ببتروغراد، نشر أرسكي شعره في مجلات البروليتكولت وكتب مسرحيات لمسرح بتروغراد. نشرت مجموعته الشعرية الأولى، أغاني النضال، عام 1919. (29)

انتخب، العامل من بتروغراد، جورجي نازاروف، إلى اللجنة المركزية عام 1920 وكذلك عام 1921، وكان قائداً وطنياً آخر اكتسب تقديراً لعمله في المنظمات المحلية. كان ميكانيكياً، ورئيس اللجنة الثقافية في مصنع البلطيق ببتروغراد عام 1917. على الرغم من أن نازاروف قد شارك في الحلقات الثقافية قبل الثورة، طورت البروليتكولت موهبته الثقافية والتنظيمية. وعندما بدأ المخرج ألكسندر مغيبروف مسرحاً في مصنع البلطيق، كان نازاروف طالباً نجماً. لحق بمغيبروف إلى البروليتكولت في بتروغراد حيث بات على صلة مع منظم المسرح النشيط، فاسيلي إيغناتوف. ذهب نازاروف مع إيغناتوف إلى تولا، حيث تولى مسؤولية مسرح البروليتكولت المحلي وانضم إلى اللجنة التنفيذية فيه. عام 1922 عاد نازاروف إلى بتروغراد لتولي منصب رئيس البروليتكولت. (30)

كما ترقى مشغّل المخرطة، أندريه كوزوشكين من منظمة إيجيفسك، بسرعة في المراتب وتولى المسؤولية. جرى افتتاح فرع للبروليتكولت لأول مرة في مصنع المدينة تحت إشراف قسم الناركومبروس. مع ذلك، كان عمال مصنع المعادن المحلي غير راضين على قيادته غير البروليتارية وقرروا إعادة هيكلته. كان كوزوشكين، ابن عامل في قطاع صناعة المعادن، جزءاً من اللجنة التنظيمية الجديدة. من دون تدريب مختص لمهنته، تولى مسؤولية استوديو المسرح. انتخب رئيساً للبروليتكولت في إيجيفسك وبسبب قدراته اختير عضواً في اللجنة التنفيذية الوطنية كمرشح للعضوية عام 1920 وعضوية كاملة عام 1921. (31)

لم يأتِ هذا الجيل إلى البروليتكولت بسمعة راسخة، كما فعل كيريلوف. على الرغم من أنهم كانوا جميعهم أعضاء في الحزب الشيوعي، إلا أن أوراق اعتمادهم اعتمدت مؤخراً مقارنة مع ساموبيتنيك-ماشيروف، الذي عمل في مجلة البرافدا قبل الثورة. مع خبرة ثورية وحزبية أقل، كان لديهم كذلك التزامات أقل تجاه المؤسسات الأخرى، كوزوشكين، مثلاً، لم يتولَ أي منصب خارج البروليتكولت. (32)


كان هؤلاء القادة الوطنيون هم الأكثر وضوحاً ولكن ليس بأي حال من الأحوال الأمثلة الوحيدة على البروليتكولتيين من الطبقات الدنيا الذين تدرجوا ووصلوا إلى مناصب عالية. نادراً ما قدمت المنظمات القاعدية معلومات مفصلة عن السير الذاتية لأعضائها. مع ذلك، إذا كان المندوبون إلى مؤتمر البروليتكولت عام 1921 يدلون إلى مؤشر يفيد أن عدد العمال ازداد في المناصب القيادية كلما انخفض عدد العمال على السلم الهرمي. من بين 34 مندوباً يعملون كمسؤولين تنفيذيين في المنظمات المحلية كان 14 (41 بالمئة) منهم يعملون في وظائف الطبقة العاملة. مع ذلك، إن الأرقام الخاصة بأعضاء هيئة الرئاسة، تظهر صورة مختلفة: 24 من أصل 33 ممثلاً (73 بالمئة) كانوا من الطبقة العاملة. (33)

تكررت مشاكل التعريف نفسها التي عقّدت المناقشات حول عضوية البروليتكولت على الجدالات حول القيادة. وما هو بالضبط زعيم بروليتاري. إذا حكمنا من خلال عمله في المصنع لوحده، إن شخصاً مثل كالينين لن يكون مؤهلاً لهذا المنصب لأن عمله في المصنع كان منذ زمن بعيد. وليس ف. م. بلينكوف، الخباز الذي ثقف نفسه والذي ترأس استوديو ساراتوف الأدبي، لن يكون مؤهلاً وليس أنطون شوفينوك، موظف مكتب تولى منصب قيادي في منظمة البروليتكولت في تولا. (34) ولكن من دون شك بالنسبة للعديد من المشاركين أن الأصل الطبقي، أو الدليل على التعاطف البروليتاري، كانت لا تقل أهمية عن وظيفة المصنع الحالية. أدى هذا الأمر إلى فتح القيادة أمام بروليتاريا ذات تعريف واسع جداً. في الوقت عينه، سهّل الأمر على المثقفين تبرير مكانهم في منظمة الطبقة العاملة هذه.

قادة من قدامى المثقفين

كانت مناهضة النخبوية قوية للغاية في البروليتكولت، كما كانت بالفعل في الكثير من المؤسسات في السنوات السوفياتية الأولى. في حين تجاهلت انتقادات القادة المركزيين الفلاحين والبرجوازية الصغيرة، إلا أن اللغة السلبية المستعملة ضد المثقفين ضربت على وتر حساس بين الأعضاء. فقد أثارت استياء عميق الجذور لدى الجماهير ضد أصحاب الامتيازات. على حد تعبير أحد المندوبين في المؤتمر الوطني الأول للبروليتكولت “أنا أعرف طبقتين فقط، الفقراء المضطهدين والأثرياء المستغلين” (35). قدامى المثقفون، كممثلين عن النخبة القديمة، كانوا يصنفون بسرعة كمنتمين إلى عالم آخر وعدائي من “البرجوازية وأتباعها”. (36)

مع ذلك، ثبت أن هذه النظرة المانوية للعالم مبسطة جداً بحيث لا يمكنها وصف الحقائق الاجتماعية المعقدة لروسيا السوفياتية. الهجمات الغاضبة على المثقفين، كانت اعتيادية في الصحافة البروليتكولتية، ومتسقة في أهدافها. قسم الكتاب النخبة الثقافية إلى معسكرين؛ من جهة المثقفون “البرجوازيون”، ومن جهة ثانية مجموعة الأصدقاء المحتملين من المثقفين “الاشتراكيين” أو “الثوريين”. إن التعاطف السياسي، وليس الأصل الاجتماعي، هو الذي يحدد انتماء الفرد. أولئك الذين شككوا بالثورة هم الأعداء، لكن من أثبت التزامه تجاه الطبقة العاملة من خلال العمل السياسي أو الانخراط طويل الأمد في المشاريع الثقافية البروليتارية أعفوا من النقد في الكثير من الأحيان. (37) لقد نجوا من الإدانة من خلال التحول من الخارج إلى الداخل. سمحت إعادة تعريف من هو الصديق والعدو، بناء على الموقف والوظيفة بدلاً من المكانة الطبقية للمشاركين في البروليتكولت بتكليف المثقفين مناصب هامة دون التظاهر بالتخلي عن مبادئ المنظمة.

ساهم أهم منظري البروليتكولت في هذا الاستعمال المعقد للفئات الاجتماعية. كان ليبيديف-بوليانسكي واحداً من أكثر المدافعين عن الطهارة الطبقية. قال إن المثقفين يأتون إلينا ولديهم المهارات التي نحتاجها، ولكن يجب وضعهم تحت الرقابة اللصيقة. (38) على الرغم من امتيازاته الكامنة في خلفيته، إلا أنه كان واضحاً أنه استثنى نفسه من دور “الدخيل المشبوه”. دافع بوغدانوف، مثقف آخر، عن نزاهة النظرة البروليتارية للعالم، التي هي غير مشوهة وغير قابلة للتبدل من خلال التلاعب من عناصر من خارج طبقتها. (39) ولكنه بالتأكيد لم يشكك في قدرته على التعبير عن أفكار البروليتاريا.

على الرغم من القواعد الكثيرة التي تنظم انضمامهم، إلا أن المثقفين الاشتراكيين شاركوا في قيادة البروليتكولت على عدة مستويات، بدءاً من العضوية في اللجنة المركزية الوطنية وصولاً إلى الأدوار الاستشارية في حلقات المصانع. أكثرهم تأثيراً هم من كانوا في المنظمة المركزية، حيث احتل المثقفون بعضاً من أهم المواقع. كانوا جميعاً يتمتعون بمؤهلات ثورية ممتازة. كأقرانهم العمال، كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي، مع استثناء لافت هو ألكسندر بوغدانوف. (40) كما شغلوا العديد من المناصب العالية في المؤسسات السوفياتية الأخرى.

كان الرئيس الوطني للبروليتكولت من 1918-1920، بافيل ليبيديف-بوليانسكي، ابن مسؤول قيصري صغير وحاصل على تعليم جامعي. ولد عام 1881، والتحق بداية في مدرسة دينية، ودخل إلى الجامعة لتعلم الطب، ومن ثم تحول إلى العمل السياسي الاحترافي عام 1903. عام 1908 فر من روسيا إلى سويسرا، وانضم إلى التكتل الفبيردي في الحزب البلشفي. لم يرجع ليبيديف-بوليانسكي إلى البلاد حتى عام 1917، عندما انضم رسمياً إلى الحزب البلشفي. شغل مناصب هامة في الدولة الجديدة، حيث عمل في سوفيات بتروغراد، والسوفيات الوطني، وترأس قسم النشر الأدبي في الناركومبروس، حيث حرر مجلة تربوية هامة. (41) في دوره كرئيس وطني ومحرر لمجلة الثقافة البروليتارية كان ليبيديف-بوليانسكي قادراً على تحديد الهوية الرسمية للبروليتكولت.

كان ألكسندر بوغدانوف المنظر الأساسي والشخصية الملهمة في البروليتكولت. كعضو في اللجنة المركزية للبروليتكولت ومحرر للثقافة البروليتارية، امتد تأثيره إلى أكبر من موقعه الوظيفي. أكسبته كتاباته الغزيرة في مجالات الثقافة والعلوم والتنظيم الاجتماعي مناصرين أبعد من منظمة البروليتكولت. عمل بوغدانوف محاضراً ومدرساً في موسكو خلال السنوات السوفياتية الأولى، حيث قدم خدمات للعديد من المجموعات الثقافية المختلفة، من بينها الأكاديميا الاشتراكية. (43)

ومن بين المفكرين المهمين الآخرين في المنظمة آنا دودونوفا، التي خدمت في كل اللجان المركزية الوطنية في البروليتكولت من عام 1918 حتى حلها عام 1932. ولدت عام 1888، انضمت إلى التكتل البلشفي عام 1911. شاركت في انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر كسكرتيرة من لجنة موسكو العسكرية الثورية وانضمت إلى القسم الثقافي لسوفيات موسكو. (43) كما كان فلاديمير فيديش، عضو الحزب في موسكو، عضواً في لجنة موسكو العسكرية الثورية. انتخب في البروليتكولت الوطنية عام 1918، وبات نائباً للرئيس عام 1921. (44) كان فيدور بلاغونرافوف، البلشفي القديم، عضواً في اللجنة المركزية للبروليتكولت وساعد على قيادة منظمة موسكو. (45) شغل بلاتون كيرجينتسيف، البلشفي القديم والمفكر اللامع، منصباً في اللجنة المركزية للبروليتكولت في موسكو، وكان بداية أحد رؤساء تحرير الثقافة البروليتارية. إلى جانب عمله في البروليتكولت، احتل مناصب في الناركومبروس ووكالة الأخبار الحكومية، روستا. (46)

كما ضمت المنظمات الإقليمية أعضاءً من غير العمال في مواقع هامة للغاية. عمل إيليا ترينين، فبيردي سابق وصديق لليبيديف-بوليانسكي، في اللجنة المركزية للبروليتكولت في سامارا عام 1918. ظهرت كتاباته في مجلة البروليتكولت في سامارا، نور المصانع. (47) فلاديسلافا لي، خريج جامعي وشيوعي من طبقة النبلاء السابقة، كان رئيس منظمة تفير. (48) في بلدة بيليف، مقاطعة تولا، انتخب أعضاء البروليتكولت فالنتين نيكولايتسيف رئيساً لهم عام 1921. كان عضواً في الحزب، وابن مدرس وعامل أحراج، درس في جامعة موسكو. (49)

كان هؤلاء الرجال والنساء من النخبة الاشتراكية ولهم تاريخ طويل في العمل السياسي والثقافي. لم يهددوا موقف المنظمة “المناصر للعمال”. لم تكن البروليتكولت في بتروغراد بقيادة العامل السابق ألكسي ساموبيتنيك-ماشيروف أكثر تأييداً للبروليتاريا من النبيل السابق فلادسيلافا لي الذي كان يترأس البروليتكولت في تفير. بالفعل، بدا في بعض الأوقات أن المثقفين أكثر المدافعين المتحمسين عن مصالح العمال.

مع ذلك، وعلى الرغم من تعاطفهم الثوري، كان تأثير هؤلاء المثقفين إشكالياً. استعمل ليبيديف-بوليانسكي مجلة الثقافة البروليتارية لتشكيل شكل ومحتوى الكتابات العمالية، وتحسر على حالة الأدب البروليتاري في العديد من المقالات والمراجعات. اتهم الكتاب الطموحين من الطبقات الدنيا بافتقارهم إلى الأسلوب والمهارة وما يدل على وجود “وعي” طبقي؛ مع ذلك، لم يبدِ أي تشكيك في قدرته على رسم المسار الصحيح لأشعار ونصوص العمال. (50) أعطى بلاتون كيرجينتسيف إرشادات توضيحية حول كيف على العمال تنظيم حلقاتهم الإبداعية للتأكيد على الجماعية البروليتارية. (51) في عمله في اللجنة المركزية للبروليتكولت انتقد بوغدانوف قسماً للتعليم البروليتاري كان قد بدأه النقابيون في بروليتكولت بتروغراد. حاجج أن هذا القسم، الذي رعى دورات في الميكانيك واللغات الأجنبية، لم يكن يتبع الثقافة البروليتارية على الإطلاق. (52) من خلال مكاتبهم في البروليتكولت، تمكن المثقفون من التعبير عن رؤاهم الخاصة بالثقافة البروليتارية، على الرغم من أن ذلك عنى في بعض الأوقات إخبار العمال بما هو أفضل بالنسبة لهم.

وانضم إلى هؤلاء القادة المؤثرين عدد غير قليل من الخبراء الذين عملوا كمستشارين ومعلمين في الأقسام الثقافية واستديوهات الفنون. على الرغم من أن قواعد البروليتكولت تسمح لغير العمال في شغل مثل هذه الوظائف، ولكن كان من المفترض أن تكون محصورة بالمساعدة التقنية وأن تكون تحت الرقابة الصارمة للمجموعات البروليتارية. تولى الموظفون مروحة واسعة من المهام، من المحاضرات إلى إدارة ورش العمل الثقافية.

على الرغم من خطابها المعادي للنخبوية، كانت البروليتكولت في موقع قوي لجذب موظفين تقنيين مدربين بشكل جيد. وقد انجذب البعض إلى أيديولوجية التنظيم الطبقية ورأوا مشاركتهم فيها وسيلة لإثبات ولائهم للطبقة العاملة المنتصرة. ونظر آخرون إلى البروليتكولت كمؤسسة تعليمية شبيهة بالمدارس الشعبية التي كانت سائدة قبل الثورة حيث كان بإمكانهم وضع خبراتهم في خدمة الشعب. وأخيراً، انضم العديدون إلى المنظمة فقط للعثور على عمل. كان العمل في البروليتكولت مأجوراً ويتضمن حصصاً غذائياً، وكان ذلك لوحده دافعاً مقنعاً للغاية خلال سنوات الحرب الأهلية الصعبة.

“من لم يعلّم في البروليتكولت” أعلن الممثل ماكسيم شتراوخ. جعلته السنوات التي قضاها كطالب مسرح في بروليتكولت موسكو على صلة بستانيسلافسكي، وسيرغي إيزينستين، وسيرغي تريتياكوف، والعديد من الشخصيات المسرحية اللامعة الأخرى. (53) أعطى أشهر الكتاب الروس دورات في الأدب، مثل: أندريه بيلي، وفاليري بريوسوف، ونيكولاي شوجاك، ونيكولاي غوميليف، وفلاديسلاف خوداسيفيتش. (54) في الموسيقى، قدم العديدون خدماتهم مثل ألكسندر كاستالسكي، ورينولد غلير، وأرسيني أفراموف. (55) وأعطى طليعيون دروساً في الفنون مثل ليوبوف بوبوفا وأولغا روزانوفا وشخصيات أكثر تقليدية مثل الأكاديمي تموفي كاتوركين. (56)

كان العديد من هؤلاء الفنانين والمدرسين الموهوبين المؤيدين بحماسة للبروليتكولت وجاؤوا بهدف صريح هو خدمة الطبقة العاملة والثورة. وكما فسر مدرس الموسيقى في كولوغريف، أعطت البروليتكولت المثقفين فرصة لسداد ديونهم عمرها قرون للشعب من خلال فتح أبواب الفنون أمامهم. (57) كذلك نجد نفس النغمة في مذكرات ألكسندر مغيبروف، الذي ترأس مسرح البروليتكولت في بتروغراد مع زوجته، فيكتوريا تشيكان. بالنسبة لمغيبروف، أدت المشاركة في البروليتكولت إلى إنهاء “المحن الطويلة والانفصال غير المرضي عن الجماهير”. وبحماس رومانسي يتذكر: “من جديد، كما حصل عام 1905، حين وقفت مع العمال على المتاريس، وجدت نفسي إلى جانب الطبقة العاملة في نضالها الهائل من أجل المستقبل”.(58) أعطت البروليتكولت فرصة مزدوجة للمثقفين المتعاطفين مثل مغيبروف. سمحت لهم بتسوية الحسابات القديمة وجعلتهم يشعرون كما لو كانوا يساعدون على بناء المستقبل.

بالطبع لم يكن الجميع بهذا الحماس. الأمير سيرغي فولكونسكي، محاضر في البروليتكولت بموسكو، لم يحاول إخفاء شكوكه حول المبادئ النظرية للمنظمة. كان فولكونسكي مدير المسرح الامبراطوري قبل الثورة، وفقد مركزه وكل أملاكه عقب الثورة. ومحاضراته في البروليتكولت كانت واحدة من الوظائف الصغيرة التي عمل فيها لتأمين معيشته. في مذكراته، التي كتبها بعد هجرته إلى الغرب، أقرّ فولكونسكي بأنه كان معجباً جداً بالاهتمام الكبير لطلاب الطبقة العاملة، لكنه لم يعتقد بأنه يمكن أن يكون هناك أي شيء يشبه الفن البروليتاري الفريد. (59) بحسب الممثل إيغور إيلينسكي، الذي شارك لفترة وجيزة في منظمة موسكو “ذهبت مجموعة صغيرة جداً من العاملين في المسرح إلى نواديهم غير المريحة والفقيرة بدافع الالتزام الواعي… ذهبت الأغلبية إلى هناك فقط للحصول على حصص تكمل أجورهم القليلة المتقلصة بسبب التضخم”.(60)

عندما ينقل المثقفون تحفظاتهم على الثقافة البروليتارية، قد يواجهون تدقيقاً من الطلاب والمنظمين. اشتكى فولكونسكي وخوداسيفيتش، اللذان شككا علناً بمهمة البروليتكولت، من المضايقات والتدخلات في فصولهم الدراسية كنتيجة لذلك. (61) مع ذلك، من قدم دعمه غير المشروط استطاع شق طريقه في البيروقراطية التنظيمية بكل سهولة، واستطاع تولي المسؤولية في الاستديوهات الثقافية وفي مناصب قيادية. لم يكن مغيبروف رئيساً لقسم المسرح في بتروغراد فقط، إنما كذلك عضواً مؤثراً في اللجنة المركزية المحلية. (62)

وسواء تسلموا مناصب قيادية رسمية أو لا، إن خبرة المثقفين أعطتهم سلطة ثقافية. بالنسبة للمشاركين الذين جاؤوا لتعلم مهارة محددة مثل الرسم أو الغناء، كان لمدربي الاستوديو تأثيراً أكبر على عملهم مقارنة من تأثير القيادة المحلية. على الرغم من القيود المفترضة المفروضة عليهم من التجمعات الحاكمة، كان للمدربين والقادة الورش حرية كبيرة في تشكيل دروسهم بحسب فهمهم الخاص لماهية الثقافة البروليتارية.

وكنتيجة لذلك، اختلفت البرامج الفنية والتعليمية بشكل جذري من منظمة إلى أخرى، وحتى من ورشة عمل إلى أخرى. في موسكو، كان قسم الموسيقى تحت سيطرة ألكسندر كاستالسكي وغريغوري ليوبيموف، اللذين كان لهما تاريخ طويل في البرامج الفنية للعمال. آمن الاثنان بأن الموسيقى الشعبية كانت أفضل طريقة لجذب اهتمام الجماهير خلال التدريب الموسيقي. (63) في بتروغراد، على العكس من ذلك، كان قسم الموسيقى بيد الملحن الشاب، إيانيس أوزولين، الذي رأى أنه يجب على المنظمة خلق أغنيات ثورية. كان هو ومؤيدوه ينظرون نظرة قاتمة إلى برامج موسكو، حيث وجدوا أنها كانت شديدة المحافظة. (64) في كولوغريف، ترأست استديو الموسيقى، خريجة معهد بتروغراد، ماريا شيبوفا، كان برنامجها تقليدياً جداً، فعلمت طلابها البيانو والكمان وأغاني الملحنين الكلاسيكيين الروس. (65)

هذه المروحة المختلفة من العروض لم تكن فريدة في الموسيقى. فقد تأثرت البروليتكولت في بتروغراد بشدة بتدريب مغيبروف في المسرح الرمزي لفيرا كوميسارجيفسكايا. كانت الشخصيات الأساسية لمغيبروف استعارية مثل تلك الموجودة في مسرحية أسطورة الكومونيين، حيث حمل الأبطال أسماء مثل “الحكمة” و”الحقيقة”. (66) على العكس من ذلك، كان مسرح البروليتكولت في موسكو بقيادة فالنتين سميشليايف، الذي أتى من مسرح موسكو للفنون. حملت أعماله الطابع الواضح لستانيسلافسكي في التمثيل. (67) في ساراتوف، كانت دروس الرسم بقيادة فنانين طليعيين الذين دافعوا عن الفن التجريدي. (68) أما في موسكو فقد انقسمت ورش العمل بشكل حاد بين المدربين الذين درّسوا فن رسم البورتريه واعتبروا أنه ما زال حياً، والمدافعين عن فن الانتاج، الذين اعتقدوا أنه يجب التخلص من الأشكال التقليدية لصالح تقنيات أكثر ارتباطاً بالانتاج الصناعي. (69)

قدمت المشاركة المتكاملة للمثقفين في عمل البروليتكولت الكثير من المزايا للمنظمة، من بينها فريق من الموظفين ذوي الخبرة مروحة واسعة من الفنانين المؤثرين. كما أوحت مذكرات المشاركين في البروليتكولت، فقد أعرب المشاركون عن تقديرهم الصادق للتدريب الذي تلقوه. (70) ولكن هذه المهارات القيمة نفسها قد ثبت أنها مقيدة عندما حدد مفهوم المثقفين القدامى للثقافة البروليتارية- سواء كان واقعياً أو طليعياً أو رمزياً- مضمون العمل المحلي.

السلطة العمالية؟

خلال السنوات الحرب الأهلية خاب أمل العديد من الثوريين الساعين إلى إقامة قيادة بروليتارية في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية. احتاجت الحكومة إلى خدمات المثقفين والخبراء بهدف البقاء وكذلك كانت على استعداد لتعويضهم بسخاء على مساعدتهم. في نهاية الحرب اشتكى العديد من العمال من هيمنة الاختصاصيين والبيروقراطيين في المصانع، والنقابات والبيروقراطية الحكومية ومن الحزب الشيوعي. واحتجوا على أن التأثير الواسع الانتشار لغير العمال يجسد خيانة للثورة البروليتارية.

جرى تفحص فشل السلطة العمالية بتمعن على مستوى المصانع. (71) بدأ العمال في الاستيلاء على المصانع كإجراء دفاعي لتأمين وظائفهم عندما بدأ الاقتصاد الروسي في الانهيار السريع إثر ثورة شباط/فبراير. منذ البداية كان هناك العديد من التعريفات المتنافسة حول الإدارة العمالية. بعض المصانع أرادت تصفية كل المشرفين غير البروليتاريين، في بعضها الآخر أرادوا فقط إيجاد آليات للإشراف على الإدارة. وفي حين تطورت الثورة والحرب الأهلية، ازدادت المطالب لتحقيق الانضباط العمالي وزيادة انتاجيتهم من قبل الجيش، والحزب الشيوعي والأجهزة الاقتصادية الحكومية، والنقابات، وقد أدى ذلك إلى تضييق سلطة البروليتاريا، بحيث فرضت إدارة فوقية وبنية صناعية لا تسمح سوى بمساحة قليلة للإدارة الذاتية [العمالية].

رغم ذلك، إن انهيار هذه الحركة لم يكن فقط نتيجة مركزية الدولة على حساب الإدارة الذاتية البروليتارية. فشلت التجارب في الإدارة العمالية فشلاً ذريعاً في الكثير من المصانع، خاصة المصانع التي يعمل فيها عدد كبير من العمالة غير الماهرة. واكتشفت لجان الرقابة أنها تفتقر إلى الخبرات لتولي المهام الرقابية. (72) وصدرت الدعوات [تعبر عن الحاجة] إلى خبراء ماهرين، والمزيد من الانضباط العمالي، وتحسين إدارة مركزية للاقتصاد، من قبل العمال أنفسهم وكذلك من الدولة والمنظمات الحزبية. (73) حالة الطبقة العاملة، التي ضعفت خلال الثورة والحرب، إلى جانب حالة الاقتصاد الكارثية، ساهمت في فشل السلطة العمالية.

كانت محاولة البروليتكولت لتعزيز القيادة البروليتارية خطوة على نطاق متواضع أكثر. كان هدفها الأساسي هو تعزيز استقلالية العمال ضمن حلقاتها واستديواتها. ولكن حتى هذه التجربة المحدودة جاءت مع نتائج مشكوك بها، كما ظهر بشكل واضح مع حضور المثقفين في كل مستويات المنظمة. كما في حالة مجالس المصانع، يمكن عزو هذا السبب إلى الاضطرابات الاقتصادية والسياسية الشديدة الوطأة خلال السنوات السوفياتية الأولى. أضعفت الحرب الأهلية طليعة البروليتاريا الثقافية، أي الفئة التي كانت تستهدفها المنظمة. لكن العوامل الخارجية ليست وحدها التي تلام. فأعضاء البروليتكولت اختاروا بأنفسهم قيادة ماهرة وخبيرة، على حساب النقاء الطبقي.

الدور الظاهر للمثقفين في البروليتكولت كان مصدراً للنزاع في العديد من المنظمات المحلية. وبحسب إحدى التقارير المنشورة في الثقافة البروليتارية اشتكى النقابيون في المناطق بشكل دائم من المثقفين الذين استحوذوا على الكثير من السلطة. انتشرت الخلافات حول إذا كانت الثقافة الجديدة تصنع “من فوق” على يد المثقفين أو “من تحت” على يد العمال أنفسهم. (74) وكما احتج أحد المتكلمين في مؤتمر موسكو، يبدو أن المنظمة كانت بقيادة ممثلين عن البرجوازية، أشخاص لا فهم لهم للوسط البروليتاري أو الخلق البروليتاري. في المقاطعات كانت تسمى البروليتكولت “انتلجينتكولت”.(75)

قد تؤدي هذه التوترات إلى صراعات شرسة على السلطة. أقفل قسم الحزب الشيوعي في أورشا، مقاطعة موغيليف، البروليتكولت المحلي لأنه علم بعدم وجود عمال فيه. في بلدة براسوفو، مقاطعة أوريل، هدد المشاركون بطرد كل المثقفين لأنهم أرادوا المزيد من السلطة. وقد أطيح بنائب رئيس البروليتكولت في كولوغريف عندما فضحه المرشح المنافس على أنه مثقف انتهازي شق طريقه عبر المنظمات البروليتارية تحت ذرائع زائفة. (76)

كما قاوم المثقفون محاولات البروليتكولت الاستفادة من مواهبهم. اشتكت العديد من المنظمات المحلية من صعوبة جذب والحفاظ على موظفين مدربين. وعندما أعيدت هيكلة منظمة إيجيفسك تحت قيادة عمالية، استمرت الرئاسة بطلب مساعدة من المثقفين المحليين، ولكن كان صعباً الحصول عليها. كما اشتكى البروليتكولتيون هناك أن الموظفين التقنيين قد قوضوا العلاقات الرفاقية من خلال مطالبتهم بأجور مرتفعة. (77) وأفادت منظمة في قرية تومنا أنها تجد صعوبات بالغة في العثور على مدرسين. فقد دعت المثقفين المحليين إلى المشاركة، ولكن لم يرد أي أحد. (78)

رغم ذلك، إن بعض الصراعات التي ظهرت أنها تركز على السلطة العمالية كانت في الحقيقة نزاعات بين مجموعات مختلفة من المثقفين الذي ادعوا أنهم يمثلون المصالح العمالية. في بروليتكولت بتروغراد، مثلا، تطور نزاع بين تكتلين يدافعان عن برامج مسرحية مختلفة. فقد دعا المخرج الشاب ديمتري شيغلوف، من دعاة الواقعية، إلى الابتعاد عن الاتجاه الرمزي في استديوات بتروغراد الأخرى. وبحسب مذكرات شيغلوف، فإن ساموبيتنيك-ماشيروف، القائد البروليتاري لمنظمة بتروغراد، انتقده بسبب إدارته المستقلة لصفوفه ثم وبخ نفسه لمنحه المثقف دوراً كبيراً في السلطة. يتذكر شيغلوف أنه لم يرد بأي كلمة على ذلك. “لماذا؟ لأنني لم أعمل مطلقاً في مصنع ولم أمتلك المزايا التي تميز بها رفاقي في البروليتكولت”. (79)

مع ذلك، كان غاضباً عندما زار ليبيديف-بوليانسكي منظمة بتروغراد ووبخ أعضاءها لإعطائهم المثقفين تأثيراً لا حاجة له. ووجه الرئيس المركزي نقده لشيغلوف وقال له إنه يجب عليه اعتماد الأساليب البروليتارية التي يعتمدها مدير المسرح المركزي، مغيبروف. لاحظ شيغلوف بتهكم أن كلاً من ممثلي المصالح العمالية، أي ليبيديف-بوليانسكي ومغيبروف، كانا في الحقيقة من المثقفين. (80) كان هذا النزاع حول الجماليات ولكنه صيغ بلغة السلطة العمالية.

يكشف هذا النزاع من جديد مدى مرونة لغة البروليتكولت القائمة على الطبقة. عندما عارض شيغلوف الاتجاه الجمالي لمنظمة بتروغراد، جرى اتهامه بأنه مثقف مشتبه به. ولكن الأصول الاجتماعية لأصدقاء المثقف مرت دون أن يلاحظها أحد. كما غيّر أحد المشاركين تعريف “العامل” ليتناسب مع عضوية المنظمة غير المتجانسة، فقد جرى توسيع معاني “المثقف” و”الاختصاصي” لتتناسب مع احتياجاتهم. حتى أنهم خلقوا تصنيفات جديدة لأولئك الذين كسبوا ثقتهم وتعاطفهم.

يمكن للمرء رؤية ذلك بوضوح في الإجابات على الاستبيان المركزي عام 1921 حين سئل القادة المركزيون تحديد ما إذا كان “الاختصاصيون” أو “البروليتكولتيون” يتولون المسؤولية في الاستديوات الفنية. هذا الاستبيان كان طريقة سهلة للتمييز بين المثقفين والقادة العماليين، ولكن ليس هكذا طبق المشاركون التصنيفات. بدلاً من ذلك، كانوا على استعداد تام إعطاء المثقفين لقب البروليتكولتيين. منظمة بيليف، على سبيل المثال، أفادت أن الاستديو الفني بقيادة بروليتكولتيّ عندما كان المثقف تيموفي كاتوركين في القيادة. (81) هذا الاستعمال المرن للتصنيف الاجتماعي كان حلاً خلاقاً لمشكلة صعبة: كانت الطريقة السهلة للمشاركين للاعتراف بمشاركات المثقفين دون التخلي عن السلطة العمالية عبر إعادة تسمية أعضاء من غير العمال كجزء من المنظمة.

لم تكن البروليتكولت منظمة حيث يقود المثقفون العمال. بدلاً من ذلك، كانت نظاماً متبلوراً للإدارة المختلطة. أشار مناصروها إلى النجاحات الحقيقية، وإلى القادة المركزيين الذين جاؤوا من البروليتاريا، وإلى قوة الحضور العمالي في مجالس المنظمات المحلية. جادلت البروليتكولت المركزي لصالح إبقاء رقابة لصيقة على الخبراء أكثر من أي مؤسسة سوفياتية أخرى. (82) ولكن النقاد وجدوا أدلة تفيد العكس. التناقض الواضح بين ادعاءات البروليتكولت بوجود هيمنة بروليتارية وإنجازاتها المتواضعة جعلها تتعرض لاتهامات بالنفاق. كما توضح كم كان صعباً تعزيز الإبداع الثقافي من دون منح قوة ملحوظة للخبراء الثقافيين.

كان تحديد العلاقات المتكافئة بين العمال والمثقفين من أقدم مشاكل الحركة الاشتراكية الروسية وأكثرها إلحاحاً، وهي مشكلة بدأت مع بداية الاشتراكية واستمرت حتى الحقبة السوفياتية. كان البروليتكولتيون يعرفون تماماً هذه التوترات وخلقوا عدداً من القواعد والنظم للتقليل منها. رغم ذلك، كانت حلولهم غير كافية. وبقيت العقبات التي واجهتها الأجيال السابقة كما هي. كان لا بد من تعليم الطبقات الدنيا لتولي مناصب في السلطة، ولكن من الذي يحدّ من تأثير المدرّسين؟

الأكيد، أن البروليتكولت لم تتخلَ أبداً عن التزامها بالسلطة العمالية. فالحصرية الطبقية ميزت المنظمة وبررت وجودها في الدولة السوفياتية. مع ذلك، في الوقت عينه، جرى تعليق هذه المبادئ ببراعة لدمج المثقفين المؤيدين لأهداف المنظمة. كان هناك مزايا محددة لهذا الترتيب، اكتسب المشاركون مهارات لم يكن باستطاعتهم تحقيقها من دون مساعدة العمال الثقافيين المهرة.

رغم ذلك، أثار ادماج قدامى المثقفين مشاكل جدية ومتعبة للمنظمة. فقد قوضت مطالبة البروليتكولت بتحقيق الاستقلالية المؤسساتية، لأن مبرر الأخيرة كان حماية هويتها الطبقية. كما طرحت أسئلة أساسية حول الثقافة البروليتارية هل يجب أو يمكن أن تكون شيئاً يعطى للعمال من فوق أو يصنعه العمال من تحت. على الأقل، كفلت المشاركة الواسعة للفنانين والمثقفين أن تحمل ثقافة المستقبل سمات أولئك الذين تدربوا في الماضي قبل الثورة.

الهوامش:

[1] Vladimir Kirillov, “My,” in Stikhotvoreniia i poemy , by Vladimir Kirillov (Moscow, 1970), p. 36.

[2] See, for example, Kendall E. Bailes, Technology and Society under Lenin and Stalin: Origins of the Soviet Technical Intelligentsia (Princeton, 1978), p. 59; and S. A. Fediukin, The Great October Revolution and the Intelligentsia , trans. Sinclair Lourit (Moscow, 1975), p. 47.

[3] “Plan organizatsii Proletkul’ta,” Proletarskaia kurl’tura , no. 6 (1919), pp. 27–28.

[4] “Ot literaturnoi sektsii Kolpinskogo Proletkul’ta,” Mir i chelovek , no. 1 (1919), p. 10.

[5] Both the Izhevsk and Pudemskii factory Proletkults began without conferences. The Archangel organization reported only one conference between its founding in early 1920 and late 1921. See local questionnaires in Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv Literatury i Iskusstva [henceforth cited as TsGALI] f. 1230, op. 1, d. 117, ll. 10, 54 ob.; d. 118, l. 39.

[6] Zenovia A. Sochor, Revolution and Culture (Ithaca, 1988), pp. 137–38.

[7] A. A. Bogdanov, “Novyi tip rabotnika,” in Sbornik pamiati F. I. Kalinina (Rostov on Don, 1920), pp. 33–38.

[8] See the denunciation of any kind of intelligentsia in R., “Sushchnost’ intelligentsii,” Griadushchaia kul’tura , no. 1 (1918), p. 20.

[9] A. Mashirov, “Zadachi proletarskoi kul’tury,” Griadushchee , no. 2 (1918), p. 10.

[10] Fedor Kalinin, “Proletariat i iskusstvo,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 13. See also I. Sadof’ev, “Na solnechnyi put’,” Griadushchee , no. 10 (1918), pp. 15–16 and S. Kluben’, “S burzhuaznogo Parnasa—v Proletkul’t: O ‘proletarizatsii pisatelei,’ ” Griadushchaia kul’tura , no. 3 (1919), pp. 17–18.

[11] “Revoliutsiia i kul’turnye zadachi proletariata,” Protokoly pervoi Vserossiiskoi konferentsii proletarskikh kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii, 15–20 sentiabria, 1918 g. , ed. P. I. Lebedev-Polianskii (Moscow, 1918), p. 20.

[12] Ibid., p. 29.

[13] “Plan organizatsii Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), p. 27.

[14] Protokoly pervoi konferentsii , p. 7.

[15] For a summary of Kalinin’s life and accomplishments see Sbornik pamiati F. I. Kalinina . His most important works are reprinted in P. Bessal’ko and F. Kalinin, Problemy proletarskoi kul’tury (Petrograd, 1919).

[16] Vladimir Timofeevich Kirillov, “Avtobiografiia,” TsGALI f. 1372, op. 1, d. 1, ll. 1–5; and Z. S. Papernyi and R. A. Shatseva, eds., Proletarskie poety pervykh let sovetskoi epokhi (Leningrad, 1959), pp. 515–17.

[17] F. Levin, “Mikhail Gerasimov,” in Stikhotvoreniia , by Mikhail Gerasimov (Moscow, 1959), pp. 7–11.

[18] Papernyi and Shatseva, Proletarskie poety , pp. 528–29; and Kratkaia literaturnaia entsiklopediia (Moscow, 1962–1978).

[19] A. V. Lunacharskii, Vospominaniia i vpechatleniia (Moscow, 1968), pp. 164–66. Gastev was never elected to a position in the national organization and by 1919 had distanced himself from the Proletkult. See Protokoly pervoi konferentsii , p. 103; and Kendall E. Bailes, “Alexei Gastev and the Controversy over Taylorism, 1918–1924,” Soviet Studies , vol. 29, no. 3 (1977), pp. 373–94.

[20] “Soveshchanie o proletarskoi kul’ture,” Griadushchaia kul’tura , no. 3 (1919), p. 25.

[21] See the local questionnaire in TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, l. 6; and Zarevo zavodov , no. 1 (1919), pp. 8–10.

[22] “Vypiska iz protokola Tul’skogo komiteta RKP,” August 1, 1918, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1538, l. 8; and I. S. Smirnov, comp., “Tsennoe priznanie: Pis’ma proletkul’tovtsa V. V. Ignatova K. S. Stanislavskomu, S. M. Eizenshteinu, V. E. Meierkhol’du,” Teatr , no. 12 (1976), p. 49.

[23] F. Kalinin, “O professionalizme rabochikh v iskusstve,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), p. 30.

[24] On Kossior’s background see an account of his brother Stanislav’s career in Georges Haupt and Jean-Jacques Marie, Makers of the Russian Revolution: Biographies of Bolshevik Leaders , trans. C. I. P. Ferdinand and D. M. Bellos (Ithaca, 1974), pp. 149–51.

[25] See Chapter 5 on this split.

[26] For a list of central Proletkult officers elected at the 1920 congress see Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), pp. 78–79.

[27] V. F. Pletnev [V. Valerianov, pseud.], “K voprosu o proletarskoi kul’ture,” Nasha zaria , no. 10/11 (1913), pp. 35–41; and idem, “Pervyi shag,” Bor’ba , no. 7/8 (1914), pp. 44–46.

[28] Teatral’naia entsiklopediia (Moscow, 1961–1967); Sheila Fitzpatrick, The Commissariat of Enlightenment (Cambridge, Eng., 1970), p. 315; and the delegate list for the 1921 Proletkult congress, TsGALI f. 1230, op. 1,d. 144, l. 115.

[29] A. A. Mgebrov, Zhizn’ v teatre (Moscow and Leningrad, 1933), vol. 2, p. 319; and G.I. Kopanev, ed., Geroi Oktiabria: Biografii aktivnykh uchastnikov podgotovki i provedeniia Oktiabr’skogo vooruzhennogo vosstaniia v Petrograde (Leningrad, 1967), vol. 1, pp. 107–8.

[30] Mgebrov, Zhizn’ v teatre , vol. 2, p. 304; the meeting of the Tula Proletkult presidium, January 9, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1537, l. 3; the local questionnaire from the Tula organization, d. 117, l. 105; and “Lichnaia anketa,” d. 118, ll. 27 ob.–28.

[31] “Doklad o deiatel’nosti Izhevskogo Proletkul’ta,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1221, l. 1.

[32] “Lichnaia anketa,” 1922, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 118, l. 43 ob.

[33] From the delegate list for the 1921 Proletkult congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144. For general statistics, not broken down according to occupational standing, see Biulleten’ vtorogo s”ezda Proletkul’tov , no. 1 (1921), pp. 92–93.

[34] From the delegate list to the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, ll. 115, 124.

[35] Protokoly pervoi konferentsii , p. 22.

[36] A. P., “Kholmskii s”ezd rabotnikov po vneshkol’nomu obrazovaniiu,”

Vneshkol’noe obrazovanie (Petrograd), no. 2/3 (1919), p. 96.

[37] See, for example, I. Fuks, “Intelligentsiia i kollektivnoe tvorchestvo,” Griadushchaia kul’tura , no. 4/5 (1919), p. 20; S. Krivtsov, “Konferentsiia Proletkul’tov,” Rabochii mir , no. 14 (1919), p. 32; and Knizhnik, Karl Ozol’— Prednek, and A.M., “God bor’by za proletarskuiu kul’turu,” Griadushchee , no. 8 (1918), p. 18.

[38] P. I. Lebedev-Polianskii, “Revoliutsiia i kul’turnye zadachi proletariata,” Protokoly pervoi konferentsii , p. 26. See also his speech at the first meeting of the Proletarian Writers’ Union in 1920, “Privetstyle Vserossiiskomu s”ezdu proletarskikh pisatelei ot mezhdunarodnogo biuro Proletkul’tov,” in V. Volkova, comp., “Materialy Proletkul’ta v TsGALI,” Voprosy literatury , no. 1 (1958), p. 183.

[39] See, for example, A. A. Bogdanov, “Proletarskii universitet,” Proletarskaia kul’tura , no. 5 (1918), pp. 9–13.

[40] See “Neobkhodimoe ob”iasenie,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 51, l. 6.

[41] Fitzpatrick, Commissariat , pp. 306–7; B. Iakovlev, Kritikboets: O P. I. Lebedeve-Polianskom (Moscow, 1960); and Literaturnaia entsiklopediia (Moscow, 1929–1936).

[42] See Dietrich Grille, Lenins Rivale (Cologne, 1966), pp. 69–72; and S. Krivtsov, “Pamiati A. A. Bogdanova,” Pod znamenem marksizma , no. 4 (1928), p. 185.

[43] See the delegate list for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, l. 115; V. I. Lenin o literature i iskusstve , 7th ed., ed. N. Krutikov (Moscow, 1986), p. 709; and I. I. Mints, Istoriia Velikogo Oktiabria (Moscow, 1973), vol. 3, p. 70.

[44] See the delegate list for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, l. 116; and Mints, Istoriia , vol. 3, p. 45.

[45] “Vospominaniia P. N. Zubovoi,” TsGALI f. 1230, op. 2, d. 14, 1. 6; and the delegate list for the 1921 national congress, d. 144, l. 123.

[46] Fitzpatrick, Commissariat , p. 304; P. M. Kerzhentsev, Revoliutsiia i teatr (Moscow, 1918), p. 12; and Literaturnaia entsiklopediia .

[47] On Trainin’s background see “Vpered,” in Bol’shaia sovetskaia entsiklopediia (Moscow, 1926–1947); and protocols of the national Proletkult soviet, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 138, ll. 20–21.

[48] Delegate list for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, l. 128.

[49] “Lichnaia anketa,” 1922, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 118, ll. 5–6.

[50] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Motivy rabochei poezii,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), pp. 1–12; and idem, “Poeziia sovetskoi provintsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), pp. 43–57.

[51] See P. M. Kerzhentsev [V. Kerzhentsev, pseud.], “‘Proletkul’t’— organizatsiia proletarskoi samodeiatel’nosti,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), pp. 7–8; and idem, “Organizatsiia literaturnogo tvorchestva,” Proletarskaia kul’tura , no. 5 (1918), pp. 23–26.

[52] August 12, 1919, Proletkult central committee meeting, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, l. 69.

[53] M. Shtraukh, “Dva Sergeia Mikhailovicha,” Teatr , no. 12 (1966), pp. 69–72, quotation p. 69.

[54] On Andrei Belyi see “Literaturnaia studiia,” Gudki , no. 2 (1919), p. 30; on Valeryi Briusov see the protocols of national Proletkult presidium meetings, December 5 and 31, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, ll. 92, 95; on Nikolai Chuzhak see V. G. Puzyrev,” ‘Proletkul’t’ na Dal’nem Vostoke,” in Iz istorii russkoi i zarubezhnoi literatury , ed. V. N. Kasatkin, T. T. Napolona, and P. A. Shchekotov (Saratoy, 1968), vol. 2, pp. 93–96; on Nikolai Gumilev see Griadushchee , no. 7/8 (1919), p. 30; and on Vladislav Khodasevich see V. Khodaserich, Literaturnye stat’i i vospominaniia (New York, 1954), pp. 325–31.

[55] Muzykal’naia entsiklopediia (Moscow, 1973–1981).

[56] On Popova and Rozanova see Christina Lodder, Russian Constructivism (New Haven, 1983), pp. 255, 259; on Katurkin see N. A. Milonov, “O deiatel’nosti Tul’skogo Proletkul’ta,” in Aktual’nye voprosy istorii literatury , ed. Z. I. Levinson, N. A. Milonov, and A. F. Sergeicheva (Tula, 1969), p. 158.

[57] From a Kologriv Proletkult report, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, l. 13.

[58] Mgebrov, Zhizn’ v teatre , vol. 2, p. 301. On how Mgebrov and Chekan got involved in the Proletkult see Viktoriia Chekan, “O rabochem teatre,” Griadushchee , no. 7/8 (1918), pp. 102–3.

[59] Serge Wolkonsky, My Reminiscences , trans. A. E. Chamot (London, 1924), vol. 2, pp. 220–23, 227.

[60] Igor’ Il’inskii, Sam o sebe (Moscow, 1961), pp. 96–97.

[61] Wolkonsky, My Reminiscences , vol. 2, pp. 221–22; and Khodasevich,

Literaturnye stat’i , pp. 326–29.

[62] Griadushchee , no. 4 (1919), p. 13.

[63] G. Liubimov, “Narodnye orkestry i ikh znachenie v muzy kal’nom prosveshchenii mass,” Gorn , no. 2/3 (1919), pp. 99–105; A. D. Kastal’skii, “K voprosu ob organizatsii muzykal’nykh zaniatii v tsentral’noi studii Moskovskogo Proletkul’ta,” in Muzykal’naia zhizn’ Moskvy v pervye gody posle Oktiabria , ed. S. R. Stepanova (Moscow, 1972), pp. 283–84.

[64] See for example Vladimir Kirillov’s critique of Moscow’s approach in Protokoly pervoi konferentsii , pp. 127–28.

[65] Report on Kologriv music studios, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, ll. 13, 22 ob.

[66] On Mgebrov’s background see V. E. Rafilovich, ed., Istoriia sovetskogo teatra (Leningrad, 1933), vol. 1, p. 238. For a description of this play see James R. von Geldern, Festivals of the Revolution, 1917–1920: Art and Theater in the Formation of Soviet Culture (forthcoming), chapter 4.

[67] See V. Smyshliaev, “O rabote teatral’nogo otdela Moskovskogo Proletkul’ta,” Gorn , no. 1 (1918), p. 54; and idem, “Opyt instsenirovki stikhotvoreniia Verkharna ‘Vostanie, ” Gorn , no. 2 (1919), pp. 82–90.

[68] Vzmakhi , no. 2 (1920), p. 81.

[69] See the lively discussion of artistic programs at the central Proletkult meeting, July 5, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, ll. 52–53 ob. On production art in the Proletkult see Chapter 5.

[70] See Shtraukh, “Dva Sergeia Mikhailovicha,” pp. 69–72; “Vospominaniia P. N. Zubovoi,” TsGALI f. 1230, op. 2, d. 14; and L. Granat and N. Varzin, Aktery-agitatory, boitsy (Moscow, 1970), pp. 112–76.

[71] See Paul H. Avrich, “The Bolshevik Revolution and Workers’ Control in Russian Industry,” Slavic Review , vol. 22, no. 1 (1963); William Husband, Workers’ Control and Centralization in the Russian Revolution: The Textile Industry of the Central Industrial Region , 1917–1920 , The Carl Beck Papers in Russian and East European Studies, no. 403 (Pittsburgh, 1985); David Mandel, The Petrograd Workers and the Fall of the Old Regime (New York, 1983); idem, The Petrograd Workers and the Soviet Seizure of Power (New York, 1984); Thomas Remington, Building Socialism in Bolshevik Russia: Ideology and Industrial Organization, 1917–1921 (Pittsburgh, 1984), pp. 23–47; William G. Rosenberg, “Workers and Workers’ Control in the Russian Revolution,” History Workshop , no. 5 (1978); idem, “Russian Labor and Bolshevik Power after October,” Slavic Review , vol. 44, no. 2 (1985), pp. 213–38; Carmen Sirianni, Workers’ Control and Socialist Democracy: The Soviet Experience (London, 1982); and S. A. Smith, Red Petrograd (Cambridge, Eng., 1983).

[72] This point is particularly emphasized in Husband, Workers’ Control , pp. 34–43.

[73] See Smith, Red Petrograd , pp. 246–52.

[74] “Khronika Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), p. 30.

[75] V. A. Razumov, “Rol’ rabochego klassa v stroitel’stve sotsialisticheskoi kul’tury v nachale revoliutsii i v gody grazhdanskoi voiny, 1917–1920,” in Rol’ rabochego klassa v razvitii sotsialisticheskoi kul’tury , ed. M. P. Kim and V. P. Naumov (Moscow, 1967), pp. 18–19. The speaker is identified as a student named Efremenkov.

[76] “Khronika Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), p. 30; “Rost Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 9/10 (1919), p. 31; and the correspondence from the Kologriv organization to the center, November 5, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, ll. 43–44.

[77] Report on the Izhevsk Proletkult for 1919–1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1221, ll. 1–1 oh., 11 ob.–12; and Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 89.

[78] Questionnaire from the Tomna Proletkult, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, 1.34.

[79] D. Shcheglov, “U istokov,” in U istokov: Sbornik , ed. I. P. Skachkov (Moscow, 1960), p. 70.

[80] Ibid., p. 75.

[81] Local questionnaire, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 118, l. 7 ob.; and a local report on studio work, d. 1581, ll. 28–28 ob., cited in V. V. Gorbunov, “Oktiabr’ i nachalo kul’turnoi revoliutsii na mestakh,” in Velikii Oktiabr ‘, ed. Iu. A. Poliakov (Moscow, 1978), pp. 71–72.

[82] “Neobkhodimoe ob “iasnenie,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 51, l. 6.



#لين_مالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الثالث- العضوية في البروليتكولت: مشكلة الطبقة في منظمة ...
- الفصل الثاني- بناء المؤسسة: مكانة البروليتكولت في الثقافة ال ...
- مقدمة كتاب ثقافة المستقبل- حركة البروليتكولت في روسيا الثوري ...


المزيد.....




- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لين مالي - الفصل الرابع: قيادة البروليتكولت: بين الأنتلجنسيا القديمة والجديدة