أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي الحسيني - الزنديق بوصفه اكثر الالفاظ إثارة في العقل الاسلامي















المزيد.....

الزنديق بوصفه اكثر الالفاظ إثارة في العقل الاسلامي


علي الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 1703 - 2006 / 10 / 14 - 05:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من هو الزنديق ؟!.
لفظة الزنديق او مفهوم الزندقة كأي مفهوم لغوي او فكري او فلسفي او ادبي او تاريخي او فقهي يحمل تفسيرات متناحرة وتأويلات متعددة متباينة إلا انها قد تتفق جميعها على معنى شمولي وكلي يتسم بالقدرة على احتواء كل التفسيرات والدلالات الجزئية الاخرى وهذا ما نجده تقريبا في لفظ (الزنديق).
هذا التباين في التفسير والتاويل جعل منه اكثر الالفاظ إثارة للجدل في التاريخ الاسلامي (تحديدا) فتحته ُظلم وُجلد وُصلب وُنفي وُقتل الكثير من العلماء والادباء والمفكرين ممن أُفتري عليهم بالظلال والمروق وبأسمه لاقى الكثير من المبدعين شتى انواع الاضطهاد الفكري والديني والاجتماعي والسياسي. كل ذلك لاسباب في معظمها شخصية عدائية ربما لا تمت بأي صلة للاديان او القيم .
التاريخ الاسلامي ممتلئ بشخصيات راحت ضحية تلك الميول وذلك النعت ظلما وجورا ( بشار بن برد ، الحسين بن منصور الحلاج ، ابو العلاء المعري، ابن المقفع ، ابن العربي ، السهروردي وو) والكثير غيرهم كانوا جميعا اذا احسنا الظن ضحية (من جهل أمراً عاداه ومن قصر عنه عابه وألحد فيه) كما يقول المثل العربي الشهير.
إتفقت اغلب المعاجم والقواميس اللغوية وبعض كتب الكلام على ان لفظ (زنديق) هو لفظ فارسي معرب . وممن قال بذلك الجوهري في صحاحه فقد جاء( الزنْدِيقُ من الثنوِيَّة وهو معرب والـجمع الزنادِقة وقد تَزنْدَقَ الاسم الزنْدَقة) و أيده الشريف الرضي في كتابه (الشافي في الامامة) ان لفظ الزنديق ( معرب زن دين أي دين المرأة ) . يعلق الصدوق (الشيخ الامامي ) على من ترجم لفظ الزنديق الى دين المرأة بقوله ( ويكون بمعنى من كان على دين المرأة كما يقال : زن صفت أي من كان على صفة المرأة ) وكذا هو معرب عند ابن منظور في لسان العرب (زندق الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر فارسي معرب وهو بالفارسية زَنْدِ كِرَايْ) وايضا الفيروز ابادي في القاموس المحيط(هو مُعَرَّبُ: زَنْ دينِ، أي: دِينِ المَرْأةِ) وتبعهم ايضا السيوطي في المزهر في علوم اللغة وعلومها (الزنديق فارسي معرب كأن أصله عنده زنده كرد (زنده) الحياة و(كرد) العمل) والتلمساني في نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب (هي فارسية معربة أصلها زن دين أي على دين المرأة) والقاضي الجرجاني وفي شرح المواقف لكنه لايترجمه الى دين المرأة وهو التفسير الذي قال به بعض من تقدم ذكره ، بل انه يرى ان الزنديق نسبة الى كتاب مجوسي يعود الى زرادشت فهو يقول( الزنديق في الاصل منسوب الى زند وهو كتاب اظهره مزدك في ايام قباد وزعم أنه تأويل كتاب مجوس الذي جاء به زرادشت وهم يزعمون انه نبيهم ) وايده في ذلك الشيخ الصدوق في كتابه التوحيد .
يشير الزنديق بعد التعريب الى مجموعة دلالات سلبية تكفيرية وإقصائية . فمن هو الزنديق ؟
البعض حصر دلالته على من لايؤمن بالاخرة ويوم الحساب وهو ما يعتقد به ابن منظور في اللسان (القائل ببقاء الدهر . الذي تنطبق عليه الاية القرانية (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ما يهلكنا إلا الدهر) . وهو ما يراه ايضا جلال الدين السيوطي في كتابه المزهر في علوم اللغة وعلومها الزنديق هو من (يقول بدوام الدهر) . والفراهيدي في كتاب العين (زندقة الزنديق:ألا يؤمن بالاخرة وبالربوبية) يذهب الشيخ الصدوق الى تأكيد هذا المعنى عبر ذكره لحديث نبوي يرويه في كتابه التوحيد (هم الدهرية الذين يقولون )لا رب ولا جنة ولا نار ، وما يهلكنا إلا الدهر). وذهب آخرون الى اعطاء الزنديق معان متعددة لا تنحصر فقط في القائل ببقاء الدهر وهؤلاء هم الاكثر من بين العلماء الذين جاؤوا في كتبهم على لفظ الزنديق . الشريف الرضي في الشافي في الامامة يرى ان الزنديق هو (من الثنوية او القائل بالنور والظلمة او من لايؤمن بالاخرة او منكر الربوبية او من يبطن الكفر ويظهر الايمان) وهو ما يقول به ايضا الفيروزابادي في القاموس (الزِنْديقُ، بالكسر: من الثَنوِيَّةِ، أو القائلُ بالنورِ والظلْمَة، أومن لا يُؤْمِن بالآخرة وبالربوبِيَّةِ، أو مَن يُبْطِنُ الكفْرَ ويُظْهِرُ الإيمانَ) وهوما يجده ايضا التلمساني في كتابه نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب فهو يقول الزنديق(إنما وهو الذي يضمر الكفر ويظهر الإيمان) .
ثمة مشكلة في تفسير لفظ (الزنديق) عند الرضي والفيروزابادي والتلمساني وهي تظهر في قولهم (او من يبطن الكفر ويظهر الايمان) السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف يتأتى معرفة ذلك الذي يبطن الكفر ويظهر الايمان؟
اذا امكننا معرفة الشخص هل سيظل ينطبق عليه وصف انه يبطن الكفر ويظهر الايمان؟ أليس من يظهر الايمان هو مسلم بنص الحديث (من قال لا اله الا الله فهو مؤمن او مسلم) ؟
كيف اذا يعد من الزنادقة ؟ هذه هي الاشكالية الكبيرة التي استثمرها المتعصبون والجاهلون في قتل ونفي أكابر علماء الامة الاسلامية والعربية. ويأتي النووي ليوسع المعنى اكثر ويزيد الاشكالية الدلالية مشكل اخر فهو يرى ان الزنديق ( هو الذي يعترف بالدين ظاهرا وباطنا(!!!) . لكنه يفسر بعض ما ثبت من الدين ضرورة بخلاف ما فسره الصحابة والتابعون واجمعت عليه الامة ) . مجرد تفسير يغاير التفسير السائد للنصوص الدينية ُيعتبر زندقة وظلالا بأعتقاد النووي . وقد كان النووي صائبا في تفسيره لان من أُعتبروا زنادقة وملاحدة الامة الاسلامية كان بسبب انهم فسروا وأولوا بعض النصوص الى تفسيرات مغايرة للسائد والشائع . وهو ما جسده الشاعر والقاضي العربي ابن الوردي ببيت من الشعر:

والناس اعداء من سارت فضائله ...... فأن تعمق قالوا عنه زنديق

ويجسد هذه الصورة الشاعر الفيلسوف العراقي المرحوم جميل صدقي الزهاوي الذي اعتبره التقليديون المتعصبون من زنادقة وملاحدة هذا العصر فهو يقول :
قلت الحقيقة طالبا ان ينظروا .......... فيها فقالوا مارق زنديق

مما تقدم يمكننا ان نجزم ان نعت أحد بالزندقة والمروق هو ناتج في الاعم الاغلب عن خروج هذا العالم او ذاك المبدع عن السائد التقليدي والشائع المتخلف مما يدل ان مفهوم الزنديق تطور كثيرا بفضل اسقاطات تاريخية وذاتية واجتماعية و مذهبية أُلحقت به تنطلق من يقينية بائسة مؤداها هرطقة جميع الصور التي لا تتوافق وعقلية الوعي الاستقصائي وركام أزماتها المترهلة .



#علي_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العراقية والدعوة الى تحررها وسفورها


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي الحسيني - الزنديق بوصفه اكثر الالفاظ إثارة في العقل الاسلامي