أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل حمد - الخصائص الفنية للموسيقى الشعر عند جماعة أبولو















المزيد.....



الخصائص الفنية للموسيقى الشعر عند جماعة أبولو


خليل حمد

الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


الخصائص الفنية لموسيقى الشعر عند جماعة أبولّو
التعريف بالجماعة:
تُعدّ جماعة أبولّو أحد أبرز المدارس الأدبية المهمة في الأدب العربي الحديث، و قد أنشئت بالقاهرة على يد الشعر أحمد زكي أبو شادي (1892-1955م ) ، الذي لم تصرفه اهتماماتُه العلمية عن الأدب والتفكير في إنشاء مدرسة تحتضنه وتهتم به(خليل،(2008)،14).
و كلمة" أبولّو" Appolo مأخوذة من اللفظة الإغريقية ( أبو لّلون Appolon) إله النور والفنون والجمال عند اليونان ، وتسمية هذه المدرسة بهذا الاسم يدل على التأثر بالثقافة الأجنبية والانفتاح على الآداب الإنسانية.(العزب،1980م:144) .
يقول الشاعر الناقد ميخائيل نعيمة المهجريّ متحدثا عن فترة ولادة أبولّو: وفي هذا الوقت ظهرت جماعة أبولّو فوجدتْ طريقا مُمهدا إلى حدّ كبير؛ حيث يُعدّ أحمد زكي أبو شادي مؤسس الجماعة، ولم يلتزم بمذهب شعري معين، بل اتّخذ من كل الاتجاهات الفنية الأوروبية مثالا له في نظمه مع من اتبعه من جماعته (أبو شادي،1926م:40) . وهكذا نشأت هذه الجماعة، في ظروفٍ تكاد تكون واحدة من النواحي السياسية والاجتماعية والتربوية والفكرية، وكان في نفوس شبابها رغبة التحرر من قيود القديم، لمواكبة الحديث ومن أجل التقدم، وهذا ليس مستغرباً، وعبر مؤسس الجماعة ورائدها أحمد زكي أبو شادي عن ذلك التحرر بقوله، -وهنا أقتبس-:
”إني أوقن أن الكون في تحوّلٍ مستمرٍ، وأن الفكرَ الإنساني في تبدلٍ وتطورٍ، وأن ما نراه حسناً الآن قد لا يرضى عنه جيلٌ مقبلٌ، كما أننا لم نرضَ عن كثيرٍ مما استحسنهُ أسلافنا، ولكن، كل هذا لا يعني أن جهدنا عديم الجدوى، ولن يطالبنا العقل أكثر من الوفاء لعصرنا، الحاضر خاصةً، ولجوهر الفكر الإنساني عامةً (العشماوي،1980م:95-96) .
إن هذا القول – من كلام أحمد زكي أبو شادي - يجعلنا نُدرك أن الصراعَ المستمرَ بين الجديد والقديم، والانتقال من القديم إلى الجديد، حتميةٌ اجتماعيةٌ؛ لأن هذا الانتقال غالباَ ما يكون مرتبطاً بحياة الأمة الاجتماعية وبالرغبة في تحوّل التيار القديم إلى تيارات أخرى جديدة أقربُ إلى إحساسهم وأكثر تماشياً مع مُلابساتِ حياتهم (بطرس،2005م:314) .

وقد أتت الجماعة بعد مدرسة الديوان التي أنشأها العقاد والمازني وشكري بأكثر من عشر سنوات. و ضمت رموزا و طلائع من شعراء الوجدان الرومانسيين في مصر والعالم العربي، ومن روادها: إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، وعلي العناني، وكامل كيلاني، ومحمود عماد، وجميلة العلائلي.
و كانت الجماعة تهدف إلى الارتقاء بمستوى الأدب العربي، ولا سيما الشعر، وتخليصه من قيود الصنعة والتقليد والمحاكاة التي ارتكس فيها طوال القرون الوسطى، وتوجيهه للتعبير عن مشاهد الطبيعة، وصور الحياة، والعواطف الإنسانية في لغة جميلة، وتعبير حي مؤثر، يزخر بالخيال البديع والصور الأدبية المبتكرة.

الخصائص الفنية لموسيقى الشعر عند جماعة أبولّو
من خصائص العربية أنها – كما يقول العقاد-:“لغة شاعرة”، لأن التركيب الموسيقي أصل من أصولها “لا ينفصل عن تقسيم مخارجها، ولا عن تقسيم أبواب الكلمات فيها، ولا عن دلالة الحركات على معانيها ومبانيها بالإعراب أو بالاشتقاق.”(العقاد،بدون:38) .
ويذهب العقاد إلى أن اللغة العربية لغة شاعرة قد انتظمت مفرداتها وتراكيبها، ومخارج حروفها على الأوزان والحركات(2)، وهذا الانتظام بنية صوتية موسيقية لها دور عميق في تجسيد التجربة والدلالة. (3). “فالفرق بين: ينظر، وناظر، ومنظور، ونظير، ونظارة، ومناظرة، ومنظار، ومنظر، ومنتظر، وما يتفرع عليها هو فرق بين أفعال، وأسماء، وصفات، وأفراد، وجموع، وهو كله قائم على الفرق بين وزن ووزن، أو قياس صوتي وقياس مثله، يتوقف على اختلاف الحركات والنبرات، أي على اختلاف النغمة الموسيقية في الأداء.”(العقاد،بدون:17) .
فالوزن إذاً أصيل في تركيب اللغة: “فالمصادر فيها أوزان، والمشتقات أوزان، وأبواب الفعل أوزان، وقوام الاختلاف بين المعنى والمعنى حركة على حرف من حروف الكلمة، تتبدل بها دلالة الفعل، بل يتبدل بها الفعل، فيحسب من الأسماء، أو يحتفظ بدلالته على الحدث حسب الوزن الذي ينتقل إليه.
“هذه أصالة لا يستغرب معها أن يكون للوزن شأنه في شعر هذه اللغة، وأن يكون شأنها في نظم أشعارها على خلاف المعهود في منظومات الأمم الأخرى"، وانظر أيضا للمؤلف نفسه: “بحوث في اللغة والأدب" (العقاد،بدون:71، 81، 85، 161) .
وقد ذهب الدكتور نجيب محمد البهبيتي إلى شيء قريب من هذا حين أكد “الارتباط الوثيق بين اللفظ ومدلوله[في اللغة العربية]، أي بين الجرس الصائت والمعنى المجرد أو المحسوس، ومدى تعبير هذا عن ذاك. وهي عملية موسيقية لا تتم إلا لمزاج حساس، دقيق الحس بالموسيقى.”(قبش،بدون:93) .
وهذا، عنده “في اللغة العربية أثر من آثار الشعر، وأنه تطور تَمَّ وقبلته النفس العربية، لأنه يتصل بمركب نفسي فيها، وأنه تمَّ في أجيال طويلة متلاحقة، وأنه لكي يتم اقتضى ذلك عصورا طوالا جدّا.”(قبش،بدون:93) .
“فإذا كان الشعر روحا يكمن في سليقة الشاعر، حتى يتجلى قصيدا قائم البناء، فهذه الروح في الشعر العربي يبدأ عمله الأصيل مع لبنات البناء، قبل أن ينتظم منها أركان القصيد.”(قبش،بدون:15) .
ومن النقاد الذين تحدثوا عن الوزن اللذيذ أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي، في “شرح ديوان الحماسة”، وذلك حين ذكر أن ما كان الشعراء يحاولونه “ التحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن؛ لأنه يَطرب الطبع لإيقاعه، ويمازجه بصفائه، كما يَطرب الفهم لصواب تركيبه، واعتدال نظمه" (1/9-10).
و"الصناعة الشعرية هي رئيسة الهيئة الموسيقية..." (الفارابي،بدون:3/1093) .
إن ظاهرة الوزن التي انتظمت اللغة داخلها على وقف سياق موسيقي، ممتزجة بالمعنى، ودلالاته الصوتية لا تخرج عن كونها نسيجاً تآلف مع وحدات كلامية راقية تسمو على النثر الاعتيادي، وتفوقه مكانةً وانفعالاً واستجابة، لما للنفس البشرية من ميل شديد إلى الشعر الفني لتوافر عناصر مختلفة فيه تستقطب الاهتمام من نفحة شعرية، وروعة فنية، فضلاً عن الموسيقى، والخيال، والعاطفة، والفكرة.
وللموسيقى أهمية كبيرة إذ إنها تؤثّر في تكوين الصورة السمعية التي ندركها من خلال النطق بها مُنَغّمة.

المطلب الأول:تعريف موسيقى الشعر
تمثّل الأصوات جنسا خاصّا، بخصائصها، وأنواعها، وأوصافها، وتعدد صور تأليفها وأشكال أدائها، هي جنس يشمل، فيما يشمل من الأنواع، فنَّـيْ الشعر والموسيقى. وفي بعض المصادر ترد الإشارة إلى فن الموسيقى بعبارة "علم الألحان" و"صناعة الألحان" (ابن عبد ربّه،1404ه:7/3) ، وعبارة "صناعة الإيقاع" (السيوطي،1998م:2/470) ، وعبارة "تأليف اللحون"(الجاحظ،بدون:1/208) .
وقد عرّفوا الموسيقى بأنها "صناعة في تأليف النغم والأصوات ومناسباتها وإيقاعاتها وما يدخل منها في الجنس الموزون والمؤتلف بالكمية والكيفية."(الفارابي،بدون:1/15) .
وعرّفوا الإيقاع بأنه "هو نظم أزمنة الانتقال على النغم في أجناس وطرائق موزونة تربط أجزاء اللحن، ويتعين بها مواضع الضغط واللين في مقاطع الأصوات."(الفارابي،بدون:2/436).
وقد وضح أبو نصر الفارابي الفيلسوف "أن الموسيقى والشعر يرجعان إلى جنس واحد هو التأليف والوزن والمناسبة بين الحركة والسكون. فكلاهما صناعة تنطق بالأجناس الموزونة. والفرق بينهما واضح في أن الشعر يختص بترتيب الكلام في معانيها على نظم موزون، مع مراعاة قواعد النحو واللغة. وأما الموسيقى فهي تختص بمزاحفة أجزاء الكلام الموزون، وإرساله أصواتا على نسب مؤتلفة بالكمية والكيفية في طرائق تتحكم في أسلوبها بالتلحين" (الفارابي،بدون:1/16-17) .
وارتباط الشعر بالموسيقى، وبالغناء تحديدا، قديم في التاريخ. وقد استنتج الدكتور البهبيتي، في دراسته لتاريخ الشعر العربي، أن عهد اقتران الشعر بالغناء، عند العرب، هو عهد قديم "لا يمكن أن يقع في حدود المائتي سنة السابقة للإسلام، وهي الفترة التي يقع فيها شعر شعراء الجاهلية المعروفين لنا جميعا." (قبش،بدون:92) .
وفي الموشح، للمرزباني، عن عبد الله بن يحيى، قال: "كانت العرب تغنّي النَّصْبَ، وتمد أصواتها بالنشيد، وتزن الشعر بالغناء؛ فقال حسان بن ثابت:
تغنّ بالشعر إمّا كنت قائلـــه *** إن الغناء لهذا الشعر مضمــار." (الموشح، ص52-53)
قال ابن رشيق: "فأما النّصْبُ فغناء الركبان والفتيان، قال أبو إسحاق بن إبراهيم الموصلي: وهو الذي يقال له المرائي، وهو الغناء الجنابي، اشتقه رجل من كلب يقال له جناب بن عبد الله بن هبل، فنسب إليه، ومنه كان أصل الحُداء كله، وكله يخرج من أصل الطويل في العروض." (العمدة: 2/313).
وذهب ابن رشيق إلى أن "غناء العرب قديما على ثلاثة أوجه: النّصب، والسّناد، والهزج.
"فأما النصب فغناء الركبان والفتيان، وأما السناد فالثقيل ذو الترجيع، الكثير النغمات والنبرات ،وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه، ويمشي بالدفّ والمزمار، فيطرب، ويستخف الحليم.
"قال إسحاق: هذا كان غناء العرب حتى جاء الله بالإسلام." (العمدة: 2/313-314).
و في العصر الحديث شاع استخدام عبارة "موسيقى الشعر" على عناوين بعض الكتب، ككتاب " موسيقى الشعر عند جماعة أبولو" للدكتور سيد بحراوي، و"موسيقى الشعر"، للدكتور إبراهيم أنيس، وكتاب "موسيقى الشعر العربي" للدكتور شكري عيّاد.
ولعل مخترع هذه العبارة كان موفقا، إلى حدّ كبير، في إضافة الموسيقى إلى الشعر؛ لأنها إضافة تربط بين فنين اثنين، المضاف والمضاف إليه، كلاهما ينتمي انتماء طبيعيا-أقول طبيعيا، وليس فلسفيا أو أكاديميا على سبيل الدراسة الفكرية- لجنس أوسع وأشمل هو جنس تركيب الأصوات وتأليف الألحان.
المطلب الثاني:نشأة موسيقى الشعر وأنواعها
قد اقترن الشعر العربي على امتداد تاريخه بالوزن، إذ إنه واحد من دعائمه الأساس، والوزن هو انتظام الألفاظ في إيقاع موسيقي خارجي، حيث يتميز الوزن الشعري عن غيره بأنه وزن عددي، بتعاقب الحركات والسكنات التي تشكل الأسباب والأوتاد والفواصل وتكرارها على نحو منتظم، بحيث يتساوى عدد حروف هذه المقاطع من أزمنة النطق بها في كل فاصلة من فواصل الإيقاع"(فنّ الشعر من كتاب الشفاء: 161، تلخيص الخطابة:590-591، الفارابي،بدون:1058، والشعر عند الفلاسفة المسلمين:248) .
ومن هنا فإن التلاحم قوي بين الشعر الموزون والصوت، فالنسيج التركيبي الإيقاعي للوزن يتصل بالنسيج التركيبي للأصوات بدلالة الألفاظ، مفردة ومركبة، هذا التلاحم القوي المنتظم في إيقاع متناسق يشكّل البحر الشعري الذي له خصائصه الوزنية والنفسية، تتشكل داخله الأصوات اللغوية بتفرعاتها كلها (الصريحة منها والإيحائية، التآلف والتنافر)، فضلاً عن المعنى، ذلك كله يصل إلينا عبر الأذن، حيث تتكون الصورة السمعية بخاصة، والصورة المطلقة بعامة لاعتمادها النطق والسماع.
وكانوا يتغنون بالأهازيج و يطلق الهَزَجُ، في اللغة، على الرّنة، وعلى الصوت المطرب، والصوت الذي فيه بَحَح، والصوت الدقيق مع ارتفاع. ويطلق، أيضا، على كل كلام متقارب متدارك، كما يطلق على الخفة وسرعة وقع القوائم ووضعها. وقيل: التهزّج صوت مطوّل غير رفيع (ابن منظور،بدون:هزج). وهذه المعاني كلها تدل على أن هناك نوعا من الإيقاع الموسيقي.
والهزج، في الاصطلاح العروضي، هو الذي يجيء وزنه على "مفاعيلن" أربع مرات، وهو في الدائرة الثالثة مع الرجز والرّمل (عبد الله الطيب،بدون:1/104، والتبريزي،بدون:73) .
ومن أنواع الغناء التي عرفتها الحياة البدوية العربية، والتي لم تكن تنفك، في أدائها، عن شكل من أشكال الإيقاع الموسيقي، الحُداءُ والتّغْبير.
أما الحداء فهو سوق الإبل بالغناء لها. وقد كان الإيقاع الموسيقي حاضرا في أصل نشأة الحداء. فمن الروايات التي رويت في هذا الصدد، أن مضر بن نزار "سقط عن جمل فانكسرت يده، فحملوه وهو يقول: وايداه، وايداه، وكان أحسن خلق الله جرما وصوتا، فأصغت الإبل إليه وجدّت في السير، فجعلت العرب مثالا لقوله: "هايداه هايداه" يحدون به الإبل." (ابن رشيق،بدون:2/315) . "وأما التغبير فهو تهليل أو تردد صوت، بقراءة أو غيرها، حكى ذلك ابن دريد."(ابن رشيق،بدون:2/315) .
"وحكى أبو إسحاق الزجاجي قال: سألني بعض الرؤساء: لم سُمّي التغبير تغبيرا؟ قلت: لأنه وضع على أنه يُرغّب في الغابر، أي الباقي، أي يرغب في نعيم الجنة وفيما يعمل للآخرة."( ابن رشيق،بدون:2/315) .
وقال الأزهري: "وقد سمّوا ما يطرّبون فيه من الشعر في ذكر الله تغبيرا، كأنهم إذا تناشدوها بالألحان طرّبوا فرقصوا وأرهجوا [أثاروا الرَّهَج أي الغبار]، فسُمُّوا مُغَبَّرة، "لسان العرب: مادة (غبر)، ومعنى التغبير، في اللغة، إثارة الغبار.
وقد أكد الجاحظ رجوع هذه الأنواع الغنائية، في أصلها، إلى صناعة الألحان، حيث ذكر أن الرجل قد "تكون له طبيعة في الحُداء أو في التغبير، أو في القراءة بالألحان، وليست له طبيعة في الغناء، وإن كانت هذه الأنواع كلها ترجع إلى تأليف اللحون." (الجاحظ،بدون:1/208) .
وقد أورد صاحب "العقد الفريد"، في "كتاب الياقوتة الثانية في علم الألحان واختلاف الناس فيه"، أخبارا وحكايات تفيد كلها شدة هذا الارتباط والتلازم الذي كان بين الشعر والغناء في الحياة العربية.
وفي حديث من هذه الأحاديث أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال للنابغة الجعدي الشاعر: "أسمعني بعض ما عفا الله عنك من غنائك. فأسمعه كلمة له.
قال [أي: عمر]: وإنك لقائله؟ قال: نعم. قال: لطالما غنّيْت بها خلف جمال الخطّاب." (ابن عبد ربّه،1404ه:7/9-10) .
وفي هذا الغرض قال ابن عبد ربه: "وإنما جعلت العرب الشعر موزونا لمدّ الصوت فيه والدّندنة، ولولا ذلك لكان الشعر المنظوم كالخبر المنثور" (ابن عبد ربّه،1404ه:2/8) .
"ويقولون: فلان يتغنّى بفلان أو بفلانة، إذا صنع فيه شعرا. قال ذو الرّمة:
أحبّ المكان القفر من أجل أننـي *** به أتغنّى باسمها غير مُعْجِــــمِ.
"وكذلك يقولون: حدا به إذا عمل فيه شعرا. قال المرار الأسدي:
ولو أنّي حدوْتُ به ارفأنّت *** نعامته وأبصر ما يقــول." (ابن رشيق،بدون:2/313) .
وقد كان الشعراء يستطيعون معرفة عيوب شعرهم بالغناء، كما في خبر النابغة الذبياني حين دخل إلى المدينة، "فقالوا له: قد أَقْـوَيْت في شعرك، وأفهموه فلم يفهم، حتى جاؤوه بقينة فجعلت تغنّيه: "أمن آل ميّة"، وتبيّنُ الياء في "مزودِ" و"مغتدِي".
"ثم غنت البيت الآخر فبينت الضمة في قوله: "الأسودُ" بعد الدال. ففطن لذلك، فغيّره، وقال: "وبذاك تنعابُ الغراب الأسودِ" (الموشح، ص52) . والإقواء في الشعر هو رفع بيت وجر آخر، ومثال ذلك قول النابغة من قصيدته المخفوضة التي مطلعها:
أمن آل ميّة رائح أو مغتــــدي *** عجلان ذا زادٍ وغير مُــــــزوّدِ
زعم البوارحُ أن رحلتنا غــــدا *** وبـذاك خبّرنا الغرابُ الأســــودُ. (الموشح، ص51) .
والبوارح: ما يتشاءم به من طير أو وحش.
وقد ورد في أشعار المتقدّمين ما يفيد أن تعاطي الغناء بالأشعار كان معروفا عندهم منذ القديم، كقول أبي النجم يصف قينة:
تغنّيْ فإن اليوم يومٌ من الصّبــــا *** ببعض الذي غنّى امرؤُ القيس أو عمرو
فظلت تغنّي بالغبيط وميلـــــه *** وترفع صوتا في أواخره كســـــــرُ.(ابن قتيبة،1423ه:54) .
وقول عبدة بن الطبيب، من قصيدته التي مطلعها:
هل حبل خولةَ بعد الهجر موصولُ *** أم أنت عنها بعيد الدار مشغـولُ
ثم اصطحبتُ كُميتا قَرْقَفاً أُنُفـا *** من طيّب الراح، واللذات تعليـلُ
صرفاً مزاجا، وأحيانا يعلّلُنــا *** شعرٌ كمُذهبة السمَّان محمــولُ
تُذْري حواشِيَهُ جيداءُ آنســـةٌ *** في صوتها لسَمَاع الشَّرْب ترتيـلُ.(المفضّل،بدون:145) .
القرقف: التي تصيب شاربَها رعدة. السمان: الأصباغ التي تزوق بها السقوف. تذريه: ترفعه.
وقول طرفة من معلقته المشهورة:
ندامايَ بيضٌ كالنجوم وقينـــــةٌ *** تروح علينا بين بُردٍ ومُجْســــــد
رحيبٌ قطاب الجيْب منها رفيقـــةٌ *** بجَسِّ النّدامى، بضَّةُ المتجــــــرَّد
إذا نحن قلنا أَسمعينا انبرتْ لنــــا *** على رسلها مطروفةً لم تَشـــــَدّد
إذا رجّعت في صوتها خلت صوتهـا *** تجاوبَ أظآرٍ على رُبَـــــعٍ رَدِيْ. (الأيوبي،وزميله،بدون:100-102) .
المُجسد: الثوب الذي يلي الجسد. المتجرَّد: الجسد العاري من الثياب. مطروفة: فاترة الطرف. رُبَعٍ رَدِي: الهالك من ولد الإبل.
وقول مزرّد بن ضرار الذبياني، من قصيدته التي مطلعها:
صحا القلب عن سلمى وملَّ العواذلُ *** وما كاد لَأْيًا حبُّ سلمى يزايــــلُ.
فقد علموا في سالف الدّهر أننــي *** معنٌّ إذا جدَّ الجِراءُ ونابــــــلُ
زعيمٌ لمن قاذفته بأوابـــــدٍ *** يغنّي بها الساري وتُحدى الرّواحــلُ (المفضّل،بدون:100) .
المِعَنُّ: المعترض. الجِراءُ: الجري. النابِل: الحاذقُ. الأوابد: أراد بها ما يهجوهم به من الشعر.
كما ورد في أشعارهم ما يفيد أنهم كانوا يستعينون، في الغناء ببعض الآلات الموسيقية، كالصَّنْج في قول الأعشى(ميمون بن قيس):
ومستجيب لصوت الصنج يسمعه *** إذا تُرجّع فيه القينةُ الفُضُـــلُ (ابن قتيبة،1423ه:154) .
والصنج هو نوع من الآلات الوترية تشبه العود، يعزف عليها. وقيل هو الدّف ونحوه، وهو معرّب.
والمِزْهَر في قول علقمة بن عبدة الفحل، من قصيدته التي مطلعها:
هل ما علمت وما استودعت مكتــومُ *** أم حبلها إذ نأتك اليوم مصــــــروم
قد أشهد الشَّرْب فيهم مِزهر رنِـــمٌ *** والقوم تصرعهم صهباءُ خُرطُـــــوم (المفضّل،بدون:402) .
المزهر: آلة العود. الرّنم: المترنّم. الخُرطوم: أول ما ينزل من عصير العنب خمرا صافية.
موسيقى الشعر صفة لاصقة به، فلا شعر بغير موسيقى، فبها يتميز الشعر عن النثر، وهذه الموسيقى لا يمكن أن يخلو منها أي شعر، سواء الشعر العمودي الملتزم ببحور الشعر الستة عشر أم الشعر القائم على إيقاع التفعيلة.
ولهذه الخاصية بالذات كان الشعر في نشأته أسبق من النثر، فالشعر يقبل بطبيعته المشافهة ، وتجرى به الألسنة الذاكرة، أما النثر الفني فلابد له من كتابة وتدوين، بينما الكتابة قد تأخرت عن المشافهة في تواريخ الأمم.
يمكنك أن تلحظ ذلك في المعلقات التي شاعت في العربية قبل وقت طويل من تدوينها ثم تدوين النثر بعمومه، والنثر الفني والعلمي على وجه الخصوص، وترى هذه الخاصية واضحة في قصائد هوميروس التي شاعت وتناقلها الناس قبل أن تذيع الكتابة، كذلك رواة الشعر القديم في الجاهلية العربية. والشعر بطبيعته يعبر دائمًا عن أحاسيس قوية، لذلك كانت ألفاظه منتقاه، وترتيبها في القصيد ترتيبًا موسيقيًا، وهو ما عُرف بالوزن (رجائي عطية،بدون:28) .

المطلب الثالث:أنواع موسيقى الشعر:
هناك نوعان من الموسيقى في أيّ قصيدة:
النوع الأول: موسيقى خارجية: تعتمدُ على القالب أو البحر الشّعري المُستخدم، وهو ما يمسّ النّاحيّة الشّكليّة من الشّعر.
و هي المتولدة من الأوزان و القوافي و التي تدرس في ظل معرفتنا لعلم العروض و هو خاص بالشعر و تشمل الدراسة العروضية:
تسمية بحر القصيدة و تسجيل تفعيلاته.
الإشارة إلى تنوع القوافي (إن وُجد)
قد يميل الشاعر إلى بحر الطويل أو البسيط إذا كان غرض القصيدة جادا يحتاج إلى اتّساع تعبيري. وقد يميل إلى المتقارب أو الخفيف في الشعر الثوري؛ والكامل والوافر يناسبان شعر الغزل، و صار الكامل خاصة يلائم معظم الأغراض.
النوع الثاني: موسيقى داخلية: تتولَّد بفضل انسجام الحروف والكلمات والجُمل والعبارات، وهو ما يمسّ جوهره ومضمونه.
وتتجلَّى الموسيقى الداخلية عن طريق عدَّة وسائل تُكوّن الإيقاع الدَّاخلي وتُساعد على إبرازِ النَّغم الموسيقيّ، منها: الجناس والسجع والطباق والمقابلة والتصريع والتكرار.
تتفاعل الموسيقى الداخلية مع الموسيقى الخارجية لإحداث النّغم الموسيقي وإيجاد البنية الإيقاعيَّة للقصيدة. هي أصعبُ من الموسيقى الخارجية، ففي الخارجيّة هناك بحرٌ يحكمك بتفعيلاته ووزنه، أي يكفي أن تكتب على هذه التّفعيلات لتُحقِّق الموسيقى الخارجية فحسب، أمَّا الموسيقى الداخلية فتتّسع لتشمل اختيار الشَّاعر لحروفه وألفاظه وإبداع صوره وأخيلته لإيجاد التَّناغم بين أجزاء الجُملة الشِّعريَّة وتحقيق الثّراء الموسيقي. وفي موضوع تقنيات الشّعر، ويمكن التفصيل في بيان هذه التّقنيّات الفنية فيما يأتي من الموضوعات ذات الصلة.

المطلب الرابع:الخصائص الفنية لبناء الموسيقى في شعر جماعة أبولّو
لبناء الموسيقى كان شعر جماعة أبولّو يتميّز بخصائص فنية، منها:
(1) الاعتماد على الجانب المقطعي: فيجعلون القصيدة على شكل مقطعات، حيث يعطون كل مجموعة من الأبيات قافية مختلفة عن الأخرى، مع تماثلها في الوزن وعدد الأبيات في كل قطعة منها. والمقطوعة الواحدة تكون متماثلة في القافية.
(2) الاعتماد على البحور الموسيقية المتدفقة، لا القوية الصاخبة، حيث يميلون إلى الخفيف والرمل والهزج والبحور ذات التفعيلة الواحدة، وكذلك البحور المجزوءة والمنهوكة.
(3) استخدام تفعيلة واحدة في الشطر الواحد وإن كانت القصيدة من بحر واحد.
(4) قصر بعض الأوزان في القصيدة الواحدة وربما تأتي أبيات يختم بها هذه المقطوعات تكون قصيرة كشطر من بيت أو تفعيلة واحدة.
(5) أكثروا من الشعر المرسل.
(6) استعمال أكثر من بحر في القصيدة الواحدة مع التنويع في الشطرات طولاً وعرضاً. ولكن حكم على ذلك بالفشل.
ومن خصائص موسيقى الشعر عند أبولو، الاعتماد على البحور ذات الموسيقى الجياشة المتدفقة، دون رنين عال أو نبرة خطابية (0000).
و بالنظر إلى الكثير من النماذج الشعرية التي تكشف عن أنماط أشكال الإنتاج الفني لشعراء أبولو يتضح أنهم قد آثروا الشكل المقطعي مزدوجاً ومربعاً ومخمساً بديلاً من الشكل القديم الذي يحصر القصيدة بوزن واحد وقافية واحدة (العزب،1980م:148) . ان الموسيقى في الشعر عنصر مهم، لكنها ليست بالعنصر الاساس في الشعر كما يراها (ابو شادي)، لأن جوهر الشعر عنده هو التعبير عن إيقاع الحياة المتناوب والمتغير، ويشبه (ابو شادي) الدارسين والشعراء الذين يجعلون الموسيقى اهم عنصر من عناصر بُنية القصيدة بالبدائيّين (ينظر: قطرة من يراع في الأدب والاجتماع:2/7، ومندور،بدون:387) ؛ لأن الأذهان المثقفة يمكن أن تأسرها الصورة في القصيدة، من دون الحاجة الى عنصر الموسيقى.
ولمّا كانت رغبة (أبي شادي) في خلق موسيقى وايقاع جديدين، يسمحان بحرية التعبير، طرح الشكل القديم، واستخدم عوضاً عنه شكلاً جديداً يحتوي موسيقى جديدة (الشعر العربي،1970م:234) . ليتمكن من أن يستمد موسيقاه من تجاوب روحه بين الفن والحياة أذ ان "الحياة في ذاتها إيقاع" (الينبوع:ل) ، فليس هناك داعٍ من استخدام موسيقى الشعر القديم.
وبذلك ندرك أن الأوزان والقوافي أصبحت عبئاً ثقيل ومفروضاً على الشعر الحديث عند (أبي شادي)، وهذا صحيح فهو يقول: "ولكن ما نعيبه هو عبودية الشعر للموسيقى حيثما ينبغي ان تكون للشعر سيادته فبدل استهواء المشاعر بالأوزان وبالقوافي الرتيبة وحدها، نرى أن الشعر جدير بأن تكون له ذاتيته المستقلة الجميلة المؤثرة، وان يكون الاستهواء والتأثير الوجداني منه ذاتياً، أي من ايحاء المعاني ومن روعة الخيال، لا من الموسيقى اللفظية اولاً وأخيراً" (أنداء الفجر:120) . ومن هنا كان (أبو شادي) ينطلق احياناً من قيد القافية، ليكون مثلاً للشعراء الشباب وبخاصة شعراء أبولّو (نظرية الشعر عند الشعراء النقاد:409) .
بالإضافة إلى هذا، فإنه لم يكتفِ بإطلاق القافية وحدها وانما يجيز ايضاً طريقة مزج البحور في القصيدة، وذلك بحسب مناسبات التأثير (أبو شادي،1962م:535) ، وهذا يصب في معنى واحد هو النية في التحرر من عبودية الوزن والقافية التقليديين.
وجد أبو شادي طريقة اكثر حداثة وابداعاً وتحرراً من القيود النظمية، وهي كتابة الشعر بطريقة الشعر المرسل والحر (بمفهومه هو) (فوق العباب:و) . وبدأ يروج لهما في كتاباته، وخصص بعد ذلك بحثاً مستقلاً سماه (النقد والشاعر) بثّ فيه آراءه لتحرر الشاعر والشعر من القيود الشكلية كالوزن والقافية (أبو شادي،1962م:124) . ولم يكتف بذلك اذ نظم قصائد على غرار الشعر المرسل.
ومن قصائده (صرار الليل) و (تلبية) و (مملكة إبليس) و (ممنون الفيلسوف) و (الصرصور) و نظّم بهذه الطريقة في ديوانه (الشعلة) أيضاً (أبو شادي،1926م:721،و803،و1023،و625،و1100) ،


ومن قصائده في هذا الديوان قصيدة (الفضيحة)، التي يقول فيها (الشعلة،بدون:73) :
سمعتُ قوماً تنادوا "يا هول هذي الفضيحة"
وهم بصفو ورقص منوع وشماته
بهم فريق تبدى كأنه ذو ذيول
وآخرون اطيلت آذانهم في حبور
وغيرهم في ضجيج يعتز من تعداده
ومن غلو برأي لحزبه وبلاده
تراشقوا باتهام و أسرفوا في عداء...الخ
إن أبا شادي لم يطلق دعوته للشعر المرسل نظرياً فقط، وانما ذهب الى تطبيقه. ويرى ان كتابه هذا النوع من الشعر لم يكن عجزاً منه ومن الشاعر الحديث من اتباع الطريقة الخليلية في النظم (من السماء،بدون:11) ، وانما الشكل القديم اصبح بالياً، وان هذا الاطار الجديد يظهر فيه اصالة الشاعر، على حين يخنق الشكل القديم كل اصالة بالزام الشاعر ترديد أصداء فحول الشعراء القدامى وتقليدهم (قاسم،بدون:173) .
ومن هنا وجد أبو شادي أن هذا الضرب – الشعر المرسل – من الشعر ضروري للشعر العربي الحديث، لأنه يثريه في الاغراض والاشكال، كما يمكنه من منافسة الآداب الأوروبية، ويساعده على ارضاخ النظم للشعر، بدل ارضاخ الشعر للنظم. ويحقق للشاعر هدفه من وصف وشرح وتحليل، ويدعو القارئ الى تركيز كل افكاره حول المعنى والمغزى بدلاً من وقوعه تحت تأثير رنين الاصوات من الكلمات المخدرة (أبو شادي،1962م:625) .
وعليه فقد استطاع أبو شادي أن يخطوَ بوساطة الشعر المرسل نحو تمثيل الجوانب الحية في العصر والمجتمع بصورة منفتحة يقظة ثرية.
والطريقة الثانية التي نادى اليها أبو شادي في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، هي طريقة الشعر الحرّ، التي تجيّز الجمع بين البحور في القصيدة الواحدة، وتجيز أيضاً التنويع في عدد التفعيلات في كل بيت وإن كان قد غلب على هذا العنصر الأخير من عناصر دعوة أبي شادي إلى التجديد نوع من الثبات المرحليّ (قاسم،بدون:173) .
وجدَ أبو شادي أن الشعر الحر (Free verse) هي الضرب المناسب لصياغة الملاحم والدراما والشعر القصصي، وهو ليس مطلقاً من القافية، بل هو أكثر مرونة، والشاعر فيه يمكنه تنويع قوافيه تبعاً للفكرة والعاطفة، فضلاً على أنه الضرب المناسب لكتابة المسرحية؛ لأن "روح الشعر الحر إنما هو التعبير الطليق الفطري، كأنما النظم غير النظم؛ لأنه يساوق الطبيعة الكلامية التي لا تدعو إلى التقيد بمقاييس معينة من الكلام.
والشعر الحر يجمع أوزاناً وقوافي مختلفة حسب طبيعة الموقف ومناسباته، فتجيء طبيعية لا أثر للتكلف فيها؛ فالشعر الحرّ مناسب جداً للمسرح خلافاً لمن يدعون إلى التقيد ببحر معيّن وقافية معيّنة على لسان كلّ متكلم" (أبو شادي،1962م:535) ، ودافع بعد ذلك عن الشعر الحر إذ قال: "إني إذا عذرت من لا يقدرون قيمة الشعر المرسل والشعر الحر وتنويع الأوزان والابتداع فيها وأثر كل ذلك في تحرير التعابير الشعرية من القيود الثقيلة ودفعها حرة لتكون للأدب العربي شعراً درامياً قوياً بعد أن حرم ذلك طويلاً في ماضيه –إذا عذرت هؤلاء فاني لا أعذر من يجازفون بأحكامهم تبعاً للمحبة والكراهية لذات الشاعر" (أبو شادي،1962م:124) .
وقدّم تعريفا للشعر المرسل والشعر الحرّ قبل أن يكتب قصيدته المشهورة (الفنّان) فقال مفرقاً: "يُعد من الشعر المرسل نسبياً ما تجرّد من التزام القافية الواحدة وأن يكون ذا قافية مزدوجة أو متقابلة ولكن الحقيقة أنّ الشعر المرسل Blank verse لا يوجد فيه أي التزام للرويّ.
وفي القصيدة التالية مثل لهذا الشعر المرسل مقترناً بنوع آخر يسمى (بالشعر الحر) Free verse حيث لا يكتفي الشاعر بإطلاق القافية بل يجيز أيضاً مزج البحور حسب مناسبات التأثير" (أبو شادي،1962م:535) ، ويكتب بعد هذا التعريف قصيدته التي قال فيها (أبو شادي،1962م:535-536) :
تفتّش في لُبّ الوجود معبّراً عن الفكرة العظمى به لألباء
تترجم اسمى معاني البقاء
وتثبت بالفن سر الحياة
وكل معنى يرف لديك في الفن حي
إذا تأملت شيئاً قبست فيه الجمال
وصنته كحبيس في فنك المتلالى
تبثّ فينا العبادة
تبثّ فينا جلالا لا انقضاء له
أنت المعزى لنا في رزء دنيانا
فانت أنت الأمين على الجمال العزيز
وأنت أنت الأمين على نعيم الوجود
وكلّ ما أنت تحكيه وترسمه هو المسيطر في الدنيا وأخرانا
وما تركت قشوراً نثيرها في الهواء ... الخ
و الشعر الحر في عُرف أبي شادي لا علاقة له بالآراء المتداولة عن الشعر الحرّ الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، الذي ازدهر على يد شعراء الشباب في العراق (الجيوسي،بدون:393) .
الهوامش:



#خليل_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة تحليليلية حول صورة أفريقيا في الوعي اللغوي الروسي


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل حمد - الخصائص الفنية للموسيقى الشعر عند جماعة أبولو