أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي وتوت - (1-2) الفن في المجتمعات البشرية الأولى... البدايات














المزيد.....

(1-2) الفن في المجتمعات البشرية الأولى... البدايات


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1701 - 2006 / 10 / 12 - 10:14
المحور: الادب والفن
    



عاش الإنسان على هذه الأرض منذ أقدم العصور، وقد ظلت البقايا والأدوات واللقُّى الأثرية هي الشاهد الوحيد على مفردات حياة الإنسان في تلك الأزمان البعيدة (ذلك أن التدوين الذي صار يخبرنا عن كل تلك الأشياء أي عن حياة الإنسان وتاريخه وأدواته ومجمل نشاطه وثقافته و... ما إلى ذلك، كان اختراعاً متأخراً بالنسبة إلى تاريخ البشرية). وقد وصل إلينا من تلك الشواهد التاريخية والأثرية الشيء الكثير، ولكن أقدم ما وصلنا هو الأدوات التي استعملها إنسان العصر الحجري القديم في الصيد لتحصيل غذائه، والتي لم تتعد نماذجها الأولى أحجاراً ذات حواف حادة أو مسنّنة أو جارحة(2 ).
وفي مقابل ذلك، اكتشف العلماء قبل أكثر من قرن بقليل (لقد اكتشفت الرسومات الكهفية لأول مرة في أسبانيا عام (1880) والتي تعود في تقدير الباحثين إلى (العصر الحجري القديم Yaleotithic period) (وهو الأعلى) ويمتد من نحو (200000الى 20000) سنة قبل الميلاد. ثم اكتشفت نماذج مشابهة وذلك في كهوف منطقة (نيو Niaux) ضمن جبال (البرنس) في فرنسا في المرة الثانية وذلك عامي (1895) و(1897)(2)، وذلك لأول مرة، رسوماً على جدران كهوف (التاميرا Altamira) يعود تاريخها (حسب تقديراتهم) إلى نحو (20000) سنة خلت(3). وقد كان رسم كف الإنسان هو من أقدم الموضوعات التي تناولها الإنسان القديم في رسومه(4)، أما باقي رسوماته فكانت في مجملها تصور الحيوانات التي تم اصطيادها كالثيران والغزلان(5 ).
لكن سؤالاً شديد الأهمية يطرح نفسه هنا: ترى لِمَ رسم الإنسان البدائي القديم تلك الرسوم؟ أي لماذا ظهر الفن في شكله الأول ذاك؟ على اعتبار أن هدف إنتاجه لأدواته الحجرية الحادة والمسننة واضحاً، وهو استخدامها في الصيد وتقطيع اللحوم، أما هدف رسوماته على الصخور وجدران الكهوف فيبدو غامضاً إلى حدٍّ ما !
إن آراء وتنظيرات معظم الباحثين في الأنثروبولوجيا ـ الثقافية منها بالتحديد ـ تؤكد على أن هذه الرسوم ترتبط بشده بالهّم الأول للإنسان البدائي وهو بقاءه على قيد الحياة. فقد أكد (سابير Sapier) على أن التطور العقلي لإنسان ذلك العصر كان قاصراً عن إنتاج الحاجات الكمالية أو الفائضة عن حاجته، إن أيَّ منتجٍ بدءاً من الأدوات البسيطة وصولاً إلى المجتمع بتنظيمه العلائقي المعقد ينشأ من حاجات الكائن البشري(6). فهي كمنتج لإنسان ذلك العصر كانت تسهِم في تلبية حاجاته الأساسية، وإلا فان مصيرها النبذ(7). وهو ما أيده هاوزر بافتراضه أن تلك الرسومات لم تكن وسيلة للهو أو مخدراً أو ترفاً، بل كانت أداةً وسلاحاً في الصراع من اجل البقاء(8). ذلك أنها كانت فنـّاً لصيادين بدائيين يعيشون في مستوى اقتصادي طفيلي.
لقد كان من الجلي أن كل شيء في عصر الحياة العملية هذه لا يزال يدور حول كسب العيش وحده(9). فتلك الرسومات لم يكن هدفها إلا الحصول على الغذاء، ذلك أنها ارتبطت بشكل أو بآخر بأغراض نفعية ـ سحرية ودينية ـ تستهدف الطعام أولاً وأخيراً. إذ إنها ـ وقد صورت في معظمها الحيوانات التي كان يصطادها إنسان ذلك العصرـ عبرت بالضرورة عن وعيه الذي تمحور حول الغذاء باعتباره همّاً أساسياً. أي إن المضمون الاجتماعي للفن في العصور البدائية الأولى كان في عدهِّ وسيلةً من وسائل بقاء الإنسان وفق شروط الحياة القاسية جداً آنذاك. فالإنسان البدائي الذي كان يواجه بواسطة الفن والسحر، دنيا غامضة ومخيفة، قبل أن يبدأ مواجهتها بالفلسفة والعلم فيما بعد.
الهوامش
(1) عبد الكريم عبد الله: فنون الإنسان القديم: أساليبها ودوافعها. بغداد، مطبعة المعارف، 1973، ص33
(2) نفسه، ص33
(3) قيس النوري: مقدمة في علم الإنسان، وزارة التعليم العالي، مطبعة جامعة الموصل، 1989، ص305
(4) عبد الكريم عبد الله: المصدر السابق، ص42
(5) هربرت ريد: الفن والمجتمع، ترجمة: فارس متري ظاهر، بيروت، دار القلم، ب. ت.، ص19
(6) رالف لنتون: الأنثروبولوجيا وأزمة العالم الحديث، ترجمة: عبد الملك الناشف، بيروت، المكتبة العصرية، 1967، ص40
(7) نفسه، ص41
(8) أرنولد هاوزر: الفن والمجتمع عبر التاريخ، ترجمة: فؤاد زكريا، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1981، ط2، ص17
(9) نفسه، ص17



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (2-2)الفن في المجتمعات البشرية الأولى ... البدايات
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية - الجزء الرابع والأخير
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 3
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 1
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 2
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 4
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 3
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 2
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 1
- المقامة الديمقراطية
- تنوير أهل العراق... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الحادي ع ...
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء التاسع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء العاشر
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السابع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثامن
- تنوير أهل العراق ... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الخامس
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السادس
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثان ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الراب ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثال ...


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي وتوت - (1-2) الفن في المجتمعات البشرية الأولى... البدايات