أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية - الجزء الرابع والأخير















المزيد.....

إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية - الجزء الرابع والأخير


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 11:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



حين تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة في عام 40 هـ (661م) اتخذ دمشق عاصمة للخلافة، وانحصرت الخلافة في الأسرة الأموية، وأصبح الخليفة يختار ولي عهده، ثم يدعوا الناس في الشام والوفود في البلاد الأخرى لبيعة من يختاره. وظل الخلفاء الأمويون يقيمون في الشام. وندر من زار منهم الأقاليم الأخرى. وإنما أداروا الدولة عن طريق الولاة الذين يختارونهم، ولكل من هؤلاء الولاة، كونهم ممثلين للخلفاء، سلطات واسعة في إدارة ولايتهم ولكنهم كانوا خاضعين للخليفة الذي له حق توليتهم وعزلهم ومراقبة أعمالهم، وإصدار الأوامر والتوجيهات أليهم(1 ).
وقد بدأ بالظهور في هذا العصر، ما يمكن تسميته بـ (دولة الملك السياسي) التي أعاد معاوية تأسيسها تأسيساً جديداً بعد حروب الردة أولاً، ثم حروب الفتوحات الكبرى ثانياً. وقد تبلورت بأثر ذلك ظاهرة التنوع والتعدد في المجتمع للعربي الإسلامي مع ما رافقتها من بدء الخلافات الفقهية، وبدأ (التأويل). كما تبلور الحقل السياسي، أو المجال السياسي بوجه عام.
يقول الجابري بهذا الصدد: إذا نحن نظرنا إلى الدولة بوصفها ظاهرة سياسية أولاً وقبل كل شيء، فأننا سنجد أن (مُلك) معاوية كان فعلاً (دولة السياسة) في الإسلام، الدولة التي ستكون النموذج الذي بقي سائداً إلى اليوم. ونحن عندما نصف (ملك) معاوية بأنه (دولة السياسة) فأننا لا نقصد بذلك تلك المظاهر التي عرف بها سلوك معاوية، من الدهاء والقدرة على المفاوضة، وما يعرف بـ (شعرة معاوية) فان هذه المظاهر، على أهميتها وإيجابيتها من الناحية السياسية، تبقى مما ينتمي إلى السلوك الشخصي، وليس إلى بنية الدولة.
أننا نقصد بذلك أن معاوية قد أوجد بالفعل من خلال سلوكه الشخصي كسياسي محنك، وبفعل التطورات الاجتماعية التي حصلت في عهده ما يعبر عنه علماء الاجتماع والسياسة اليوم بـِ (المجال السياسي) أو المؤسسة السياسية( 2)، والذي يشمل الدولة باعتبارها تعبيراً سياسياً وحقوقياً عن علاقات الإنتاج، ويشمل السلطة والمعارضة في آن معاً، ويشمل كذلك سائر التيارات السياسية والاتجاهات الفكرية التي تغذيها. هذا التبلور مؤشر على تبلور حقول أو مجالات المجتمع المدني الأخرى القاعدية إذا أصح التعبير، مثل المجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي، أو لنقل المجال (الاقتصادي / الاجتماعي)، والمجال الثقافي، والمجال الأيديولوجي، وان كنا نسقط هذا المفهوم على الحياة الفكرية في ذلك الزمان، وأخيراً المجال السياسي( 3).
أن طابع الدولة وطابع نظام الحكم يتحدد بالعلاقة بين السلطة والمعارضة، تلك العلاقة التي يمكن أن تجعل من الدولة أما دولة استبدادية تقوم على إقصاء المعارضة ونفيها، أو دولة تعددية يجري في مؤسساتها صراع اجتماعي - سياسي مفتوح يسمح بتداول السلطة سلمياً. وهو ما لم يكن معروفاً في التاريخ السياسي العربي، لاسيما منذ تولي معاوية السلطة، وتحويله الخلافة إلى (ملك عضوض).
هكذا انقلبت الخلافة مُلكاً لما انغمس العرب في النعيم بكثرة الغنائم والفتوح، أصبحت طبيعة الظروف الجديدة تفرض الانفراد بالمجد واستئثار السلطة وكان ذلك على عهد معاوية. ولذلك فان ما حدث في عهد معاوية من مظاهر المُلك هو أمر طبيعي ساقته العصبية بطبيعتها، فلم يكن بإمكانه أن يدفع ذلك عن نفسه وقومه، ولو أنه حملهم على غير تلك الطريقة وخالفهم في الانفراد بالأمر لوقع في افتراق الكلمة التي كان جمعها وتأليفها أهم عليه من أمر ليس وراءه كبير مخالفه( 4).
إن المضمون الواقعي والتاريخي لدولة معاوية بوصفها دولة كلية، يتمثل في اتخاذها عصبية قبلية بني أمية بخاصة، واتخاذ القبيلة بوجه عام إطاراً لتوليد وتبلور الطبقة الأرستقراطية الجديدة وإعادة إنتاج البنية القبلية، كبنية اجتماعية وسياسية، حيث دخلت العلاقات القبلية في السياسة، على أنه لا يمكن الزعم بان معاوية باعتباره رمزاً للسلطة الأموية قد استبعد المعارضة كلياً من مجال العمل السياسي، ومجال السلطة، بل أنه وضع نفسه في مركز السلطة، وفي موقع السيطرة على التراتبات الاجتماعية من جهة، وعلى التعارضات القبلية والأقوامية والطبقية في تجلياته السياسية من جهة أخرى. وهو معروف بـ (العقد السياسي) الذي اقترحه على خصومه السياسيين بعد أن انتصر عليهم بالقوة، فضلاً عن عدم قطعه قنوات التواصل مع الآخرين (شعرة معاوية)، وعدم استبعاده المعارضة السياسية، إلا تلك التي كانت لا تقبل بأقل من إقصائه عن الحكم (كالشيعة أو الخوارج أو غيرهم من الفرق الذين قمعوا بشدة ونكل بهم بسبب أو بغيره، بل إن (التقية)(5) كمفهوم ديني شيعي ظهر في زمن الأمويين.
بعد انتصار العباسيين وتداعي الحكم الأموي، كيف نفسر استئثار العباسيين بالحكم والدولة والطريقة التي تم بها هذا الاستئثار: اسْتُبْعِدَ الشيعة من السلطة ونكِّل بهم ونُكِبَ بالبرامكة، واستبعدت العناصر الفارسية سياسياً في حين لم يستبعد بقية العناصر الأجنبية من مؤسسات السلطة، ولاسيما في الجانب الإداري والثقافي. فعلى الرغم من الحلف الذي كان قائماً بين العباسيين والعلويين والاتفاق الذي تم بينهما على مبايعة (محمد النفس الزكية) بحضور (السفاح) و(المنصور) وغيرهما من (آل العباس) وموافقتهم - وكان محمد هذا، ابن عبد الله المحض، علوياً من سادات بني هاشم نبلاً وديناً وشجاعة وفصاحة. وكان الناس شديدي الميل إليه، وقد قدمهّ أشراف بني هاشم على أنفسهم، ورشحوه وعاضدوه، إلا أن تقاسم السلطة بين العباسيين والعلويين، والذي يعكس ميزان القوى الاجتماعي والسياسي، قد حسم لمصلحة الأوائل. فاستأثر العباسيون بالحكم دون العلويين في تناقض كلي مع الاتفاق الذي كان معقوداً بينهما، والذي يكون أمر الخلافة شورى بينهما، بعد أن كانت الخلافة في نظر بني هاشم الذين ينتمي إليهما البيتان (العباسي والعلوي) مغتصبة(6 ).
هكذا ما أن انتصرت الثورة العباسية، حتى تغلب منطق الدولة على منطق الثورة، أصبح (العلويون) - من منظور العباسيين- عقبة سياسية يجب التخلص منهم نهائياً، كما يتطلبه ذلك شروط وأشكال انتقال السلطة، فالثورة تعني التغيير النوعي العميق، والطبقي الناجز والاجتماعي الجذري، في حين أن السلطة العباسية كانت تاريخياً، استمراراً صاعداً ومتطوراً كمّاً وكيفاً ضمن ظروف موضوعية أرقى وأرحب، لمؤسسة الخلافة الإسلامية. التي أوجدها المسلمون، ولم ينصّ عليها صراحة، دستور المسلمين (القرآن) ولا السنة النبوية الكريمة، كما سبقت الإشارة، وإنما استحدثتها القائمون على الأمر في بلاد المسلمين بأعقاب وفاة النبي (ص)، وقاموا بتطويرها، كنتاج اجتماعي، مع توالي عهود التنظيم السياسي.

ـــــــــــــــــــــ
(1) توفيق المديني: المصدر السابق، ص 135
(2) ملاحظة للباحث
(3) محمد عابد الجابري: المصدر السابق، ص 234
(4) محمد عابد الجابري: المصدر السابق، ص 225
(5) وهو تجنب إظهار العقيدة خوفاً من الأذى (ملاحظة للباحث).
(6) محمد عابد الجابري: المصدر السابق، ص 211



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 3
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 1
- إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية 2
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 4
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 3
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 2
- في المُدرَكْ السوسيولوجي لجغرافيا العراق 1
- المقامة الديمقراطية
- تنوير أهل العراق... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الحادي ع ...
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء التاسع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء العاشر
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السابع
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثامن
- تنوير أهل العراق ... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الخامس
- تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السادس
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثان ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الراب ...
- تنوير أهل العراق ..... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الثال ...
- تنوير أهل العراق... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء الأول
- في المضمون الاجتماعي للفن....قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - إشكالية الدولة في المجتمعات الإسلامية - الجزء الرابع والأخير