أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - صورة المرأة في رواية جوهرة والبيت الكبير للكاتب الجزائري علي فضيل العربي















المزيد.....

صورة المرأة في رواية جوهرة والبيت الكبير للكاتب الجزائري علي فضيل العربي


بديعة النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


من إصدارات دار الكلمات للنشر والتوزيع/2019

قراءة بديعة النعيمي

تُعدّ المرأة عنصرا أساسيا في المجتمع منذ القدم فهي صورة ورمزا للبطولة والتضحية.
وهي في الرواية أيقونة يصعب الاستغناء عنها. وقد أصبحت محورا من المحاور التي استخدمها الأدباء في رسم صورتها للتعبير عن مختلف أفكارهم وتصوراتهم .كما أنها تمثل لهم منطلقا فكريا للبوح عن مختلف همومهم وواقعهم الاجتماعي والاقتصادي وعلى هذا فإن المرأة قد أصبحت بمثابة رمز فني، يحمل العديد من المعاني والدلالات. فحركة المرأة ترتبط بحركة المجتمع من جهة ومن جهة أخرى تمثل دلالة ورمزا ثريا موحيا عن الوطن.
وتكمن مهمة الصورة في الخصوصية التي تنفرد بها عن غيرها. وفي معالجتها لموضوع ما. وكذلك طريقة إيصال الفكرة المراد إيصالها للمتلقي.
وصورة المرأة عند علي فضيل العربي في رواية جوهرة والبيت الكبير لا تعبر عن أزمة عائلة بعينها او بيتا عاديا طارئا إنما هي أزمة وطن قد يتخطى الجزائر والمغرب العربي ليمتد إلى الوطن العربي.وهذا يظهر لنا في آخر أحداث الرواية حينما أزال الأبناء والأحفاد من آل الهواري الجدران التي قسمت البيت الكبير والأبواب التي فرقتهم. وكأن علي فضيل العربي يزيل حدود سايكس بيكو ويعيد الوطن العربي كبيرا مثلما كان لا تفصله حدود ولا جوازات أو تأشيرات مستحدثة،فرقت الأجساد والقلوب.

ففي صفحة 262 ما ورد على لسان معمر أحد اولاد جوهرة بنت حمداد بطلة الرواية( هدمنا الجدران،جدارا،جدارا). وقد كان هذا بفضل جوهرة بنت حمداد التي ما فتئت تذكر الأبناء والأحفاد بالمحافظة على إرث الأجداد والحفاظ على وحدة البيت الكبير وإزالة الجدران والأبواب. وبهذا فإن صورة المرأة عند علي فضيل تتحرك في إطار وطني يعطيها القدرة على مواصلة رحلتها وسط عائلة ادعى أفرادها المدنية،فقسموا إرث الأجداد وتفرقت القلوب وتناحر الأبناء لكنها تنجح في النهاية بحكمتها وحنكتها في إعادة البيت كما كان ولم الشمل كما سابق عهده.

والمتلقي لجوهرة والبيت الكبير يستطيع التقاط الصور المتعددة التي عالجها الكاتب من خلال تصوره وعاداته وتقاليده التي تربى عليها. فنجد صورة المرأة المناضلة التي تكافح من أجل الوطن متمثلة بجوهرة بنت حمداد وحالها بعد استشهاد زوجها خالد الهواري. ومما جاء على لسان ابنها معمر صفحة 43 ( أقسمت ألا ترفع الراية البيضاء ،فهي تعلم أن الاستسلام من طبع الضعفاء والجبناء...رغم كل المحن صمدت صمود الأبطال في معركة التحرير. مازالت قصتها مع جنود الاحتلال الفرنسي والحركي ،تثير آيات الإعجاب ...لم تكن تخشى الموت أو العذاب....كانت تطحن،تبيت الليل وهي تدير الرحى ،تخبز،تحضر الأكل للثوار،وتحمله لهم) وفي نفس الصفحة ( كانت تحمل السلاح والذخيرة للمجاهدين).
كما ظهرت صورة المرأة الواعية سياسيا من خلال شخصية جوهرة بنت حمداد في أكثر من حدث من أحداث الرواية من خلال إدراكها لأهمية القتال من أجل الحرية التي لن نحصل عليها مالم يتحرر الوطن ففي صفحة 44 على لسان معمر ( لقد كانت الثورة في حاجة ماسة لكل فلس أو درهم. وكانت أمي تردد وهي تلفنا في ذلك القماش الأصفر الرث كما روت: عندما نشرب ماء الاستقلال وننال الحرية ستلبسون الثياب الجديدة يا أبنائي).
كما تمثلت صورة الوعي السياسي من خلال ما ورد على لسان الجدة ياقوت صفحة 59( فرنسا غدارة يا أولادي. لم ترحم أسلافكم ،ملأت سفنها بهم ورمت بهم في البحر الخالي. ذنبهم الوحيد ،أنهم ثاروا ضدها وعلى ظلمها).

كما تظهر لنا صورة الأم جلية واضحة في رواية جوهرة والبيت الكبير فقد كانت هي الصورة المركزية المضيئة في أركان البيت الكبير متمثلة في جوهرة التي ظلت تمنح الطاقة للأبناء والأحفاد. فمما جاء على لسانها صفحة 53 وهي تحثهم على الاتحاد ( آه،لو تلعنون الشيطان وأراكم يدا واحدة). والأم هي العطاء ففي صفحة 9 عن جوهرة على لسان معمر( عاشت أمي جوهرة بنت حمداد لنا،نحن الأخوة الخمسة). وفي صفحة 6 على لسان معمر أيضا( كنا الأرض العطشى وكانت أمي مزنا تمطر علينا بسخاء لا مثيل له).
وفي صفحة 88 يتضح دور الأم الحازمة التي تحمي أولادها من أنفسهم.فعن جوهرة على لسان معمر( كانت امراة صموتا لا تحب لغو الكلام ،كلامها ما قل ودل وكأنه فرض كفاية.لكنها عندما تشرق في سمائها ملاحم الأجداد الكرام أو ينحرف الأبناء والأحفاد....فإن الكلام لحظتها يصبح فرض عين لديها. لا أحد يجرؤ على إخماده).
كما ظهرت صفحة 4 عن جوهرة على لسان معمر صورة الأم القوية الصلبة المربية والموجهة للأبناء والأحفاد ( كانت أمي تختم حديث الأمجاد والبطولات قائلة بحسرة : النار تلد الرماد يا أولادي ،اشربوا نبع الجدود ترتووا) وفي صفحة 5 على لسان جوهرة لأولادها( ربّوا أولادكم على الوفاء والأمانة).

كما ظهرت لنا في رواية جوهرة والبيت الكبير صورة المرأة المقهورة ويمثل هذا النمط واقع المرأة المتأزم الذي ينظر إليها نظرة مادية فقط،يفقدها حريتها الإنسانية مجرد ملكية ،قيمتها في الانصياع لرغبات الأهل ونجد هذه الصورة في شخصية فاطمة الزهراء عمة معمر حيث زوجها أبوها من ابن عمها دون علمها ففي صفحة 11 عنها ما جاء على لسان معمر( كانت عمتي فاطمة الزهراء امراة طيبة. تزوجها ابن عمها......وهي ما زالت في سن الرعي. يومها رجع جدي من سوق الاثنين وأخبر جدتي_طيب الله ثراها_ بموعد زواجها) وهنا يظهر عدم استشارة البنت بالموافقة على الزواج بل عوضا عن ذلك يزوجها الأب في السوق ويحدد مهرها وموعد زواجها. وفي صفحة 112 يذكر معمر قصة طلاق عمته فاطمة الزهراء ( هي كلمة واحدة يقولها فقط، أنت طالق بالثلاث. تضع الزوجة حايكها وعجارها وتتأبط رزمتها وتعود إلى بيت أهلها).

كما يستطيع المتلقي التقاط صورة أخرى من صور علي فضيل العربي للمرأة وهي صورة المرأة المظلومة ومنها ما جاء على لسان معمر عما جرى لجارتهم حليمة ليلة دخلتها صفحة 166( شاع سرّ عدم عذريتها بين الرجال...قتلها أخوها البكر بإيعاز من والدها...وحليمة التي لم تتجاوز مرحلة الرعي بقليل،مستسلمة لقدرها المحتوم وهي لم تعرف معنى الحرام ولم تقربه).
ونجد أيضاً صورة المرأة النرجسية تلك التي تتعالى على زوجها وتعامله كأداة لتحقيق ما تريد من مصالح وتتمثل في رواية جوهرة والبيت الكبير في شخصية زوجة محمود الهواري الذي سافر إلى فرنسا وتزوج قشتالية بعد أن أنقذها من محاولة انتحار،طلبت منه الزواج وعندما أنجبت منه البنين تخلت عنه فعاد إلى بلاده خالي الوفاض. ففي صفحة 16 ما جاء عن زوجة محمود على لسان معمر ( ولم يكن يقوى على رد الصاع ولو بمثله ،أدرك أنها امرأة عنيدة كقومها ناكرة للفضل مثلهم).

كما كانت صورة المرأة الحكيمة تتجلى كالبدر في رواية جوهرة والبيت الكبير في شخصيتي الياقوت وجوهرة وقد استاطعت كلتاهما الحفاظ على إرث الأجداد من الضياع ففي صفحة 181مما جاء عن الجدة الياقوت على لسان معمر( لم تدخل مدرسة أو جامعة. فقد أخذت دروسها وحكمتها من كلية الحياة). وعلى لسان جوهرة لولدها معمر صفحة 79( أمك يا عالم الدين علمتها مدرسة الحياة دروسا ربما ام تعلمكم أياخا مدارس الحكومة).
كما ظهرت لنا صور كثيرة للمرأة تمثلت في شخصية جوهرة كصورة ربة البيت الناجحة التي تطعم بيتها مما تربي وتزرع.
وصورة المرأة التي تقف جنبا إلى جنب مع زوجها في أعماله اليومية والكثير من الصور التي تحمل معاني حضور المرأة الإنساني وتفردها الأنثوي.وقد قامت بنية الرواية على هذا الحضور.


وقد الكاتب نجح في تناول موضوع المرأة في أبعادها المختلفة ،النفسية والاجتماعية والفكرية بطرق فنية تتباين وطبيعة الموقف.

كما تناول الكاتب الكثير من الإسقاطات المهمة التي يحتاج كل منها إلى دراسة مطولة.مثل تناوله لطقوس مهمة شملت طقوس الزواج وزيارة مقامات الصالحين ومواسم فرط الزيتون وعصره وغيرها الكثير من الطقوس الأصيلة التي تعتبر من الموروثات المهمة لدى الأمم. كما وأتى على ذكر الكثير من الأحداث التاريخية المهمة في فترات عدة من تاريخ لا يقتصر على تاريخ الجزائر فقط بل تعداه إلى عدد من البلدان العربية ما يدل على سعة ثقافة الكاتب واطلاعه وإيمانه ببلاد العرب أوطاني وإثبات عبارة كلنا في الهمّ عرب.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة الإنسانية حبال متينة تشد أركان العمل الفدائي في رواية ...
- تحليل مسرحية موتى في إجازة للكاتب حسام الرشيد
- تمزق الهوية وفقدان الذات في رواية حياة ترف_ظل بديل للكاتبة ا ...
- تشظي الذات في رواية أميرة بنت تونس للكاتب العماني عادل الحمد ...
- حضور فلسطين في المجموعة الروائية بيت رحيم للكاتب إبراهيم غبي ...
- البحث عن الذات بين رماد الذكريات في رواية عندما يهطل المطر ل ...
- العجائبي في رواية موتائيل للكاتب العماني أحمد البحراني
- ما بين الحلم والذكريات جسر هش في رواية الجائحة للكاتب السعود ...
- علاقة المكان بالشخصية في رواية حارسة للكاتب عبد الهادي المدا ...
- الأبعاد السياسية في رواية خيط العنكبوت للكاتب السوداني جعفر ...
- تجليات البعد النفسي في بكره العيد وبنعيد محموعة قصصية للكاتب ...
- الصراع الأيديولوجي في رواية أبناء غورباتشوف للكاتب الروسي أل ...
- أهمية الحوار في أجنحة المخيم للكاتب الفلسطيني محمد حسين
- الشخصية في رواية الطريق الوعر للكاتب الفلسطيني محمد حسين
- تعدد الأصوات في رواية العاشق للراحل غسان كنفاني
- زمن غسان كنفاني ثقيل الوقع متوحش الخطى في رواية رجال في الشم ...
- المسكوت عنه في رواية البكاء بين يدي عزرائيل للكاتب حسام الرش ...
- الرمز في رواية هاء وأسفار عشتار للدكتور الجزائري عز الدين جل ...
- غسان كنفاني توأم الثورة التي لن تموت.
- الأسطوري والعجائبي في رواية هاء وأسفار عشتار للدكتور الجزائر ...


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - صورة المرأة في رواية جوهرة والبيت الكبير للكاتب الجزائري علي فضيل العربي