أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - ما بين الحلم والذكريات جسر هش في رواية الجائحة للكاتب السعودي علي القحيص















المزيد.....

ما بين الحلم والذكريات جسر هش في رواية الجائحة للكاتب السعودي علي القحيص


بديعة النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7394 - 2022 / 10 / 7 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


ما بين الحلم والذكريات جسر هش في رواية الجائحة للكاتب علي القحيص

من إصدارات الآن ناشرون وموزعون

قراءة بديعة النعيمي

لم تستطع فكرة جائحة كورونا أن تفرض نفسها بشدة على الروائيين لكنها استطاعت أن تخرج بعدد من الروايات الخاصة بها وعلى قلتها فقد كان لها أهميتها ودلالاتها. ومن بين هذه الأعمال كانت رواية الجائحة للكاتب السعودي علي القحيص حيث كانت روايته هي الأولى التي رصدت الجائحة.
تأتي قيمة أية رواية لا بتتبع ما بها من تشويق فحسب بل إلى جانب ذلك يجب أن توازي الواقع الذي تعايشه وتتولى تعريته وكشف مثالبه وقبحه ومساوئه ،والهدف من ذلك هو دفع المتلقي إلى مزيد من الوعي والتمرد على كل ما يندرج تحت مسمى فساد سواء كان سياسيا ،اجتماعيا،واقتصاديا وهذا ما سعى الكاتب لتحقيقه من خلال نصه الإبداعي.

تتوزع أحداث الرواية التي كانت أقرب إلى يوميات لبطل الرواية االرئيسي( صابر ) إلى واحد وعشرين فصلاً على لسان السارد ناقدا المجتمعات الإنسانية بشكل عام وتغير النفوس البشرية. كما سلط القحيص الضوء على ما فرضته الجائحة على الشعوب فطرح التساؤلات عن طريق بطل عمله عما سيكون عليه العالم بعد كورونا وآثارها التي ستبقى تحلق كغمامة رمادية فوق الرؤوس حتى بعد انتهائها. كما حاول فك شيفرة سرّ كورونا من خلال توقعاته الشخصية كونه صحفيا وكاتبا له نظرة مغايرة.

وقد لاحظنا حضورا مكثفا للذكريات والحلم في أغلب فصول الرواية وهما تقنيتان كان البطل صابر يهرب إليهما من التشوهات النفسية التي أفرزتها إحالته على التقاعد من عمله الذي عشق وكان يسميه طيلة الرواية صاحبة الجلالة ويعني فيها الصحافة بالإضافة إلى الجائحتين ،جائحة كورونا التي فرضت نفسها على العالم أجمع وزوجته التي كان يسميها مرة بالجائحة الثانية وأخرى بالأفعى السامة والتي ما فتئ يذكرها وكانت السبب في قرار إبعاده خارج البلد عن أولاده. ففي ص27 ما جاء على لسان صابر لزوجته حينما طالبته بالخروج من المنزل ( كفي أيتها الجائحة الثانية بل الأكثر شرا وضررا وفتكا، أيتها الملعونة كفي عني أذاك ).
ويقدم لنا الكاتب من خلال تكراره عبارات تذكرنا بالمكيدة التي دُبرت له طيلة فصول الرواية وتسببت له بالألم والمرارة ففي ص130( رغم مرارة المشاعر التي يحس بها بسبب تلك المكيدة التي دُبرت له) وفي ص123( رغم إفلاته من تلك المكيدة التي دُبرت له ). وفي ص81( بسبب تلك المكيدة التي أحاطت به ظلما) ومواقع كثيرة ذكر فيها تلك المكيدة التي كانت سببا في دمار حياته وفقده لكل شيء بناه طيلة سنوات.

ويؤكد الكاتب على الفساد المجتمعي وخراب الضمير وتغير الأحوال الإجتماعية إلى الأسوأ أثناء جائحة كورونا فقد كشفت من وجهة نظره الكثير وأماطت اللثام عن الجوهر الحقيقي للبشر. ويصل إلى توسيع القاعدة حتى يربط التغير بسلوك الدول العظمى والمافيات المنتشرة على مستوى العالم وتحكمهم به أثناء الجائحة ففي ص19 عن صابر على لسان السارد ( وأن مافيات المال في العالم تمكنت من شراء كل شيء حتى عقول العلماء). فهذه الأزمات اجتمعت على صابر حتى أجبرته على اللجوء إلى الذكريات والحلم دائما بمستقبل أجمل.

الذكريات.....
تعدّ تقنية التذكر إحدى تقنيات السرد الحديث وهي العودة إلى الماضي والعمل على إضاءة الجميل منه من خلال الكشف عن أشياء تخص الشخصية والهروب من الواقع وتمني العودة إلى هناك ،حيث لاحظنا حضورا خصبا للذكريات من خلال استرجاع صابر لحظات طفولته الأولى،شغفه الأول، حتى حبه الأول،ففي ص113 نجده يستحضر وجه المرأة الأولى في حياته وقد جاء على لسان السارد ( راح صابر يستعيد في ذاكرته المتعبة ذلك الوجه النسائي الخجول..).
وفيما بعد عندما اضطرته الظروف للخروج من البلد الذي عاش على أرضه سنوات والعودة إلى بلده راح يستذكر أولاده الذين خلفهم وراءه ص124 على لسان السارد ( ووقف في المكان نفسه وهو يتذكر وجوههم واحدا واحدا ،فمنهم من كان يمسك بطرف ثوبه ،في هذا المكان صرخ صابر بألم..من هنا غادر أطفالي).
والذكريات في رواية الجائحة كانت مصدر سعادة بالنسبة لصابر ففي ص42 عن صابر على لسان السارد ( حتى إنه بات كثيرا ما يغمض عينيه ليسبح في ذاكرته مع ألوانه وريشة الرسم التي عشقها منذ طفولته فيعبر على خيوط الذاكرة إلى عوالم جديدة ويحلق في فضاءات بعيده تعيده إلى تلك الأيام الجميلة).
كما أننا نجد صابر يستذكر تجاربه الذاتية في الماضي وهو يشاهد أشياء من الحاضر وهي القطة التي التقاها على باب ماكينة الصراف في العمارة التي يسكنها ففي ص134 على لسان السارد ( هنا تذكر صابر كيف يرعى القطة التي ولدت ستة صغار بجوار بيته سابقا وقام بعلاجها ،هنا ايضا وجد قطة أخرى ولدت ستة صغار بجانب العمارة التي يسكن فوقه)

لقد شغلت الذكريات جزءا واسعا من النص ،حضر بقوة وكثافة ملفتتين وهنا لا نستطيع أن ننكر بان تقنية الذاكرة هي من الركائز المهمة التي تستند إليها الرواية.الحلم.....
يعتبر الحلم هروب من الواقع وهو تقنية فنية نفسية سبب شيوعها في الرواية العربية أزمة الإنسان العربي الحديث في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحديدا زمن كورونا في رواية الجائحة. فكلما زاد الثقل على كاهل الإنسان زاد إحساسه بالضغط كلما حاول في المقابل التخفيف عن نفسه ونفض هذا الثقل عن طريق الهروب إلى الحلم بالرغم من سلبية هذا الفعل وعدم جدواه.
والحلم في رواية الجائحة كان يعطي صابر مساحة من الحرية المطلقة وملاذا آمنا يلجأ إليه كلما قست عليه الحياة ففي ص30 عن صابر ( كان يرسم لنفسه أحلاما وردية ويحلم بالتفرغ للكتابة والتأليف..كانت أحلامه أشبه بلوحات زاهية الألوان لا شائبة فيها).
وفي ص49 لا زال صابر يحلم بالأجمل ( رغم طموحاته التي لا سقف لها ،إلا أن صابر يبدو بعد كل هذه السنين بحارا في لجة البحر، يحلم بالميناء الذي يستريح فيه).
وفي ص81 ( إلا أنه ظل محافظا على ألق أحلامه التي لا تنتهي)
ومثلما لجأ الكاتب إلى استخدام تقنية التذكر بكثافة فعل أيضا مع تقنية الحلم فظهرت هي الأخرى في مواقع كثيرة من فصول الرواية.وبالرغم من أن الكاتب نجح في أيصال المعنى الأعمق للرواية وهو صراع الإنسان مع غربته ومع نفسه وأنه إنما ينتصر بالكتابة التي تحفظ الذاكرة لذلك بدأ بطل روايته صابر بكتابة رواية إلا أنه يفاجئنا بالنهاية السوداوية التي جاءت على لسان صابر حين يردد بصوت حزين ص139( لقد حان الرحيل..حان الرحيل..وداعا.. وداعا أيها الزمن الجميل!).للرحيل أنواع وفلسفات فالرحيل مفارقة الحبيب ،والرحيل مفارقة الوطن وأيضا الموت رحيل..فأيها قصد البطل عندما أعلن الرحيل؟ فصابر في وطنه الأصلي لكنه غريب عنه وأولاده ودعهم هناك في ذلك البلد الذي بات بعيدا عنه ،إذن هل لمح الكاتب إلى نية انتحار بطل روايته؟؟؟ فنحن إذن أمام بطل مأزوم نفسيا بعد أن عاد خالي الوفاض في فترة خريف العمر الذي ينتظره أي إنسان لينعم بالراحة فكيف له أن يبدأ من جديد؟

هل أراد الكاتب لنهاية روايته أن تكون بمثابة صرخة أطلقها لكي تتلائم مع واقعنا العربي الضبابي المؤلم مجهول المستقبل؟؟



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة المكان بالشخصية في رواية حارسة للكاتب عبد الهادي المدا ...
- الأبعاد السياسية في رواية خيط العنكبوت للكاتب السوداني جعفر ...
- تجليات البعد النفسي في بكره العيد وبنعيد محموعة قصصية للكاتب ...
- الصراع الأيديولوجي في رواية أبناء غورباتشوف للكاتب الروسي أل ...
- أهمية الحوار في أجنحة المخيم للكاتب الفلسطيني محمد حسين
- الشخصية في رواية الطريق الوعر للكاتب الفلسطيني محمد حسين
- تعدد الأصوات في رواية العاشق للراحل غسان كنفاني
- زمن غسان كنفاني ثقيل الوقع متوحش الخطى في رواية رجال في الشم ...
- المسكوت عنه في رواية البكاء بين يدي عزرائيل للكاتب حسام الرش ...
- الرمز في رواية هاء وأسفار عشتار للدكتور الجزائري عز الدين جل ...
- غسان كنفاني توأم الثورة التي لن تموت.
- الأسطوري والعجائبي في رواية هاء وأسفار عشتار للدكتور الجزائر ...
- أنسنة الوطن في رواية البحر والسراب للكاتب علي فضيل العربي
- قرى لن تمحى من الذاكرة (قرية عين حوض)
- النكبة الدليل الذي لم يسقط أمام محكمة العالم والشاهد الصادق ...
- لن ننساك دير ياسين
- زيتون فلسطين يتحدى الاحتلال
- قراءة على مزامير كنعانية محمد سرسك
- إشكالية الرواية بين الماضي والحاضر
- افتحوا لنا الطريق إلى صفد


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - ما بين الحلم والذكريات جسر هش في رواية الجائحة للكاتب السعودي علي القحيص