أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ















المزيد.....

موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1699 - 2006 / 10 / 10 - 07:59
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مؤلف هذا الكتاب هو المفكر الإنجليزي فيليب بلوم المختص بشؤون الفكر الفرنسي والفلسفة السياسية المعاصرة. وفي هذا الكتاب الجديد يقدم المؤلف عرضا وافيا لأكبر مشروع تنويري فرنسي في القرن الثامن عشر: إنه مشروع تأليف موسوعة العلوم، والفنون، والصناعات، والفلسفة الذي أنجزه ديدرو وفريق عمله على مدار ربع قرن تقريبا.
وكان إلى جانب ديدرو مفكر آخر كبير هو دالامبير. هو من أكبر علماء الرياضيات والفلاسفة في عصره. وقد تعاون معهما على كتابة مواد الموسوعة الضخمة عشرات وربما مئات الباحثين والمفكرين في شتى الاختصاصات. ففولتير كتب فيها، وكذلك جان جاك روسو، ومعظم علماء ذلك الزمان. فالموسوعة لا يكتبها شخص واحد.
ومنذ البداية يقول المؤلف ما معناه: إن هذا المشروع الفلسفي الضخم أدى ليس فقط إلى تنوير فرنسا وإنما أيضا أوروبا والعالم كله. فالثورة الفرنسية التي أصبحت منارة لكل الشعوب ما هي إلا ترجمته السياسية على أرض الواقع.
فكيف تبلور هذا المشروع يا ترى؟ على هذا السؤال يجيب المؤلف قائلا: في البداية كان ديدرو وزميله دالامبير يريدان ترجمة الموسوعة الإنجليزية لكي يطلع القارئ الفرنسي على آخر مستجدات المعرفة في عصره.
ومعلوم أن إنجلترا كانت قد سبقت فرنسا إلى النهوض العلمي والصناعي والسياسي. وكانت تمتلك موسوعة «شامبر» المشهورة التي ألفت باللغة الإنجليزية بين عامي 1728 ـ 1742. وكانت تشتمل على مختلف المعارف والعلوم.
ولكن ديدرو بعد تأملات طويلة ومناقشات عميقة استقر رأيه على كتابة موسوعة جديدة لا على ترجمة الموسوعة الإنجليزية حرفيا. وكان يهدف من ورائها إلى استعراض كل مكتسبات الروح البشرية ـ أو الفكر البشري ـ في مجال العلوم والصناعات والحرف على مدار القرون الماضية.
كان يهدف إلى تغيير العقلية الفرنسية عن طريق تشجيع الفكر الجديد ونشر الأنوار الفلسفية في مملكة الاستبداد والظلامية الأصولية. فالفرنسيون في ذلك العصر كانوا جهلة منغلقين على العلم والفلسفة ومحدودي الأفق.
ولذلك فكر هذا الفيلسوف الكبير بتنويرهم وإخراجهم من ظلام الجهل إلى نور العلم. ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق بدون أن يقدم لهم معرفة جديدة غير المعرفة الكنسية السائدة: أي المعرفة التي يتلقونها عن الرهبان والمطارنة. وهي دينية في معظمها ولا تولي أهمية تذكر للعلوم الحديثة.
ثم يردف المؤلف قائلا: وقد انخرط ديدرو مع دالامبير في هذه المغامرة الضخمة لتحقيق هدف نبيل وعظيم. ثم اقتسم العمل مع شريكه منذ البداية. فدالامبير اهتم بالإشراف على المواد الخاصة بالعلم والرياضيات. وأما هو، أي ديدرو، فقد اهتم بمراجعة المواد الخاصة بالفلسفة والدين.
ثم كلف أحد كبار العلماء في ذلك العصر ويدعى «بوفون» بالإشراف على المواد الخاصة بالعلوم الطبيعية من نباتات وحيوانات وتشريح، الخ. وكلف شخصا آخر بالإشراف على المواد الطبية التي ستصدرها الموسوعة، وكلّف آخرين بالإشراف على المواد الاقتصادية، الخ.
هكذا، نلاحظ أنه شكل فريق عمل متكاملا ومطلعا على شتى الاختصاصات لأنه لا يمكن لعالم واحد مهما علا شأنه أن يلمّ بمختلف العلوم. هذا وقد اهتم ديدرو بشرح الآلات والتقدم التكنولوجي الحاصل في عصره. فالعلم النظري لا يكفي وإنما ينبغي أن ترافقه التطبيقات العملية. والواقع أن العلم الذي لا يؤدي إلى تحسين وضع الإنسان المادي لا أهمية له.
لكن من هو جمهور الموسوعة يا ترى؟ نظريا كانت موجهة إلى الشعب. ولكن هل كان الشعب الفرنسي آنذاك يعرف القراءة والكتابة؟ النسبة كانت ضعيفة في الواقع لأن الأمية كانت طاغية وتشمل الفلاحين: أي معظم الشعب.
وبالتالي فالموسوعة كانت موجهة عمليا إلى النخبة التي تحسن القراءة والكتابة وتحب إشباع فضولها المعرفي وتملك النقود الكافية لشراء الكتب. كل هذه المعطيات ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار إذا ما أردنا أن نفهم الجو العام الذي كان سائدا آنذاك.
هذا وقد أوضح ديدرو مقاصده منذ البداية عن طريق افتتاحية العدد الأول قائلا: إن هدفنا من هذه الموسوعة هو جمع كل المعارف التي حققتها البشرية في مختلف العلوم طيلة العصور السابقة.
كما ونهدف إلى نقد التعصب الديني الأعمى وكذلك التعصب السياسي أو بالأحرى الاستبداد السياسي، هذا بالإضافة إلى مدح الروح النقدية للعقل وحرية الفكر. ففرنسا بحاجة إلى أن تتنفس بحرية، إلى أن تتقن الروح النقدية الإبداعية.
هكذا نلاحظ أن هدف المشروع هو محاربة الكنيسة المسيحية المهيمنة على العقول منذ قرون عديدة، وهذه الهيمنة هي التي تؤدي إلى انتشار التعصب والعقلية الظلامية في أوساط المجتمع وبخاصة في الأوساط الشعبية.
وكان ديدرو يهدف إلى تفحُّص كل العقائد بدون أي مجاملة أو مراعاة. فكل شيء ينبغي أن يخضع لسلاح النقد ومنظار العقل بما فيه الدين المسيحي نفسه. ولهذا السبب اصطدم الفيلسوف برجال الدين وحاولوا عرقلة مشروعه بل وأوقفوه أكثر من مرة قبل أن يعود إلى مواصلة العمل من جديد.
وبالتالي فحول الموسوعة الشهيرة دارت المعارك الفكرية والحروب بين شقي فرنسا: الشق الفلسفي العلماني الصاعد، والشق المسيحي اللاهوتي المهيمن تاريخيا. وهكذا اشتبك الأصوليون المسيحيون مع الفلاسفة العلمانيين بكل ضراوة وشراسة.ثم يردف المؤلف قائلاً: هذا وقد صدر الجزء الأول من الموسوعة عام 1751: أي في منتصف القرن الثامن عشر بالضبط.
وأرسلت نسخة إلى المشتركين الذين ينتمون إلى الطبقات العليا من المجتمع: ككبار الأرستقراطيين، وعلماء الكنيسة المستنيرين والبرلمانيين وسواهم ممن يحب المطالعة والقراءة. وكان عدد النسخ المطبوعة منه ألفين (2000).
وفي مقالة بعنوان: السلطة السياسية أو بالأحرى المشروعية السياسية، راح ديدرو يهاجم أكبر شخصية مسيحية في فرنسا: بوسويه. ومعلوم أنه عاش في القرن السابع عشر وكان مضادا للفلسفة الديكارتية وكل العلم الحديث بشكل عام. ومعلوم أيضا أنه كان مربيا لولي العهد.
لقد هاجمه ديدرو لأنه كان يمثل قلعة الفكر الرجعي الفرنسي ولأنه كان يقول بأن ملوك فرنسا يتمتعون بحق إلهي وبالتالي فمشروعيتهم ليست آتية من الشعب وإنما نازلة عليهم من السماء.
وبالطبع فإن هجوم ديدرو على هذه الشخصية الضخمة أثار حفيظة الأصوليين المسيحيين ورجال البلاط الملكي. ولكن ديدرو تلقى دعماً كبيراً من قبل شخصيات أرستقراطية مستنيرة ورفيعة «كما لزريب» وزير الثقافة في ذلك الزمان، وكمونتسكيو، وفولتير، وسواهم.
هذا وقد شهدت الموسوعة نجاحا أوروبيا وليس فقط فرنسيا. فقد تم توزيعها في سويسرا، وإيطاليا، وإنجلترا، وروسيا. ولكن صدور الجزء الثاني من الموسوعة أثار فضيحة كبيرة في أوساط الأصوليين ورجال البلاط الملكي.
فتمت مصادرته فورا وأصبح ديدرو مهددا بالخطر. فراح يتوارى عن الأنظار لكيلا يبطشوا به. وعندئذ اقترح عليه فولتير أن ينقل المشروع إلى برلين عند المستبد المستنير فريديريك الكبير. ولكنه رفض بسبب ظروفه العائلية وأشياء أخرى.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية
- هكذا تكلم الفيلسوف الماركسي هابرماس
- العالم عام 2020 ..حسب تقرير السي آي أيه
- مواطن الإرهاب الجديدة
- بغداد..الصعود والسقوط
- إستغراق في الديمقراطية
- كاثوليك ..مطلوبون للعدالة
- السيد المسيح..جمهورياً
- الأصولية
- علماء وأنبياء..
- الفكر الإغريقي والثقافة العربية
- تاريخ الاشتراكية الفرنسية
- إبن رشد والإرث الأندلسي
- الكلدوآشوريين السريان والأطباق الطائرة
- المسلمون في إسبانيا، بين عامي 1500-1614
- المسيحية الحديثة والعلمانية
- غوغان
- هيجو .. حياته..أعمالة
- وحدة الفلسفة السياسية
- تجربة مع الشعوب السوفياتية


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ