أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - عندما هتفت الجماهير تسقط الديمقراطية















المزيد.....

عندما هتفت الجماهير تسقط الديمقراطية


فهمي عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 7460 - 2022 / 12 / 12 - 20:37
المحور: الادب والفن
    


عندما هتف المتظاهرون "بسقوط الديمقراطية."..مذكرات أحمد طعيمة
في عام 1954 مرت مصر بأزمة كبيرة، وكانت في مفترق طرق، فبعد أقل من عامين من عمر الثورة، انتصرت ثورة يوليو على كل خصومها، فقد تم القضاء على الحكم الملكي وأعلنت الجمهورية وصادرت أموال الأسرة العلوية وأملاكها، وضربت الإقطاع ضربة قاضية بقوانين الإصلاح الزراعي، وأحهزت على الحياة السياسية الملكية وأحزابها التاريخية من خلال مرحلتين، الاولى حينما طالبت الأحزاب ب" تطهير نفسها " وانتهز بعض رجال الأحزاب تلك الفرصة لتصفية حسابات قادتها مع بعضهم البعض، غير منتبهين لخطورة اللعبة، والمثل المعروف حينما قال الثور لنفسه: لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض" وبعد ذلك التفسخ والانهيار أطلق مجلس قيادة الثورة رصاصة الرحمة على تلك الأحزاب وقد تمثلت الرصاصة في قرار المجلس بحل تلك الأحزاب ومصادرة أموالها وممتلكاتها، لتنتهى الحياة السياسية في مصر.
أما الجانب المظلم للصورة، فقد تمثلت في الخلافات الشديدة والانقسامات الحادة بين اعضاء مجلس قيادة الثورة، ولأن الصراع هو أصل الحياة وجوهرها، نشأ الصراع بين أعضاء المجلس فيما بينهم، وهذا التناقض توارى خلف تناقض رئيسي بدا لهم خطرا داهما يهددهم جميعا، أما التناقض الرئيسي فقد نشأ بين اللواء محمد نجيب قائد المجلس والذي حظى بشعبية جارفة لمظهره الطيب وتاريخه المشرف، وقد ضمه ناصر قبيل قيام الثورة بفترة قصيرة ليكون واجهة مقبولة للحركة أمام الشعب، وبعد فترة قصيرة، أدرك ثوار يوليو أن اللواء نجيب لم يعد يكتفي بدور الواجهة، وأن شهوة السلطة والحكم استبدت به، الامر الذي أحنق مجلس قيادة الثورة كلهم وخصوصا قائدها ومدبرها الفعلي جمال عبد الناصر. ومن يقرأ الكتب التي تناولت شهادات ومذكرات تلك الفترة سيرصدون أن الخلافات السياسية بين نجيب وناصر أخذت بعدا أكبر من البعد الشخصي في صراعهما على السلطة، لكن الخلاف كان في الرؤية السياسية لمستقبل البلاد.
واحتشدت كل القوى السياسية القديمة ولأحزاب وعدد لابأس به من الكتاب والصحفيين خلف محمد نجيب الذي نجح في أن يضم إليه خالد محيى الدين من مجلس قيادة الثورة، ووقع عددا من اساتذة الجامعة بيانا يطالبون بعودة الحياة النيابية، وانضم يوسف صديق وهو ضابط يساري وشاعر من سلاح الفرسان إلى محور اللواء نجيب وخالد محيى الدين، وكان مطلب هذا الجناح هو عودة الجيش إلى ثكناته، وحل مجلس قيادة الثورة، وعودة الحياة النيابية. أما الجناح المضاد فكان على رأسه جمال عبد الناصر المؤسس الحقيقي لحركة الضباط الأحرار ومعه بقية مجلس قيادة الثورة. وحدث صدام بين مجلس قيادة الثورة وبين جماعة الاخوان المسلمين، الذين بانتهازيتهم المعروفة حاولوا فرض ارادتهم على المجلس وطلبوا أن يبتوا أولا في قرارات المجلس قبل اعلانها، ورآى المجلس أن الإخوان يريدون فرض وصايتهم على الثورة، المهم أن شهر العسل القصير بين مجلس قيادة الثورة وبين الإخوان المسلمين انتهى بسرعة، فأعلن مجلس قيادة الثورة حل جماعة الإخوان المسلمين. وهنا أعلن اللواء نجيب استقالته لتبدو أنها احتجاج منه على قرار الحل ، ويظهر للرأي العام أنه رجل الديمقراطية.
قامت المظاهرات الحاشدة في أواخر شهر مارس، تستنكر استقالة اللواء نجيب، وأيدت الصحف عودة الجيش إلى ثكناته، الأهم والاخطر من تلك القوى المدنية المحتجة على مجلس قيادة الثورة وقراره بقبول استقالة نجيب، كان اعتصام أكثر من مائة ضابط من سلاح الفرسان في ميس السلاح، وكان خالد محيى الدين قد نجح في توعيتهم بخطر الديكتاتورية العسكرية، فأعلن الضباط الاعتصام وأرسلوا الاحتجاجات إلى مجلس قيادة الثورة، وكان مقره في الجزيرة بالقرب من شيراتون الجزيرة الآن، وقرر عبد الناصر أن يذهب إليهم بنفسه ليوضح لهم خلفيات قبول استقالة اللواء نجيب، فاستقبل ضباط الفرسان جمال عبد الناصر بهجوم عنيف عليه وعلى المجلس، وأعلنوا معرفتهم بسلوكيات عدد من اعضاء مجلس قيادة الثورة تلك السلوكيات التي تنأى عن الاستقامة الثورية المطلوبة، وانصرف ناصر وعاد إلى الجزيرة لينقل الصورة السوداوية إلى زملائه، وفي نفس اليوم عاد صلاح سالم إلي المجلس، وقد مر من ميدان عابدين، وقد تعرف عليه البعض من المتظاهرين فهاجموا السيارة مما اضطره للنزول في دواسة السيارة.
لم يكن أمام ناصر ورفاقه سوى الإذعان والرضوخ وإعلان أخطر قرارات المجلس، بحل مجلس قيادة الثورة، ورئاسة اللواء نجيب للجمهورية، وتكليف خالد محيى الدين بتشكيل الوزارة، وامهلوا البلاد بضعة أيام لتسوية بعض الاوضاع، وستمر البلاد بفترة انتقالية مدتها ثلاث شهور تمهيدا لعودة الأحزاب وكتابة الدستور واجراء الانتخابات البرلمانية.
هنا يظهر رجل الأقدار متمثلا في شخص" احمد طعيمة " وهو أحد الضباط الاحرار من الصف الثاني، وقد ضمه ناصر إلى تنظيم الضباط الاحرار وشارك فيها ونجحت الثورة، وكانت أول المهام التي كلف بها احمد طعيمة هى رئاسته لما عرف باسم" هيئة التحرير" وهى هيئة أنشأتها الثورة لتكون الظهير الشعبي لرجال الثورة، فقد قامت بضباط الجيش الغير معروفين للشعب، فكانت هيئة التحرير بمثابة حزب الثورة بين الجماهير، واستأذن أحمد طعيمه جمال عبد الناصر في ضم توأم روح طعيمة وهو ضابط جيش لم ينضم للضباط الاحرار ونشأت بين الطحاوي وطعيمة رفقة روحية عندما تزاملا في كلية أركان الحرب العسكرية ووافق جمال ، ويكتب طعيمة ان التنظيم الوليد حظى بقبول الفئات الشعبية والنقابات العمالية والعائلات في الأرياف وكلها كانت تؤيد الثورة وخطواتها المنحازة للشعب، وهيئة التحرير كانت التنظيم الاول للثورة، ويقول طعيمة في كتابه أن ميليشيات هيئة التحرير المتتشرة في طول البلاد وعرضها كانت تبعث له بدبة النملة من الإسكندرية إلى أسوان وقد استطاع بجهوده وبشخصيته أن يحظى بثقة قطاعات كبيرة من المصريين.
وسوف انتقل إلى مذكرات أحمد طعيمه التي صدرت عام 1999، وعنوانها" صوت الحق- صراع السلطة نجيب ناصر عامر السادات"
إبان أزمة مارس الشهيرة، قام يوسف صديق أحد الضباط الاحرار، وأحد اركان محور نجيب خالد محيى الدين، بزيارة لنقيب عمال النقل واسمه أحمد الصاوي، ويشاركه في العمل النقابي والعمالي المحمدي عبد القادر، وحضر اللواء نجيب اللقاء في منزل يوسف صديق، وعرض يوسف صديق على الصاوي والمحمدي مبلغ عشرة آلاف جنيها لتمويل قيام اضرابات واعتصامات ومظاهرات تطالب بعودة الحياة النيابية وبعودة الجيش إلى ثكناته، وخرج الصاوي والمحمدي من بيت يوسف صديق دون رفض الطلب ودون قبوله، وتوجها إلى مقر هيئة التحرير، ، فالتقيا بطعيمة والطحاوي، وأخبراهما بتفاصيل لقائهما مع يوسف صديق واللواء نجيب، فطلب طعيمة أن يمهلاه وسوف يرد عليهما في الغد، وتوجه طعيمة والطحاوي إلى منزل ناصر فوجداه في أتعس حال من الحزن والمرض، ولما قال له طعيمة عن عرض يوسف صديق واللواء نجيب، قال ناصر أنه مستعد لدفع 50 ألف جنيه لتدبير وحشد مظاهرات تطالب ببقاء مجلس قيادة الثورةـ فقال له طعيمة أن المبلغ كبير جدا، و لايلزمه سوى خمسة آلاف جنيها لاغير، لدفع ثمن اللافتات والشعارات ونقل المتظاهرين إلى ميدان عابدين، ألفان للقاهرة ومثلهما للإسكندرية وسيتسلمها شقيق ناصر، والألف الخامسة ستبقى مع طعيمة للطوارئ، وفي الصباح بر طعيمة والطحاوي بوعدهما لناصر، فقد نفذ الصاوي ومحمدي الإضارب المطلوب، وأضرب عمال النقل وعمال السكك الحديدية والباصات وكافة وسائل النقل عن العمل ونقل الركاب وأصيبت القاهرة بالشلل التام، واعتصم العمال المضربين في الشوارع وهم يرددون " تحيا الثورة و تسقط الديمقراطية" .
ويكمل أحمد طعيمه في مذكراته، ان حسين عرفه قائد الشرطة العسكرية وأحد الضباط الاحرار ومساعده احمد انور اوحيا للمتظاهرين أن مجلس الدولة مجتمع الآن ليكتب فتوى دستورية تلزم الجيش بالعودة إلى ثكناته، فتوجهت حشود المتظاهرين الغاضبة إلى مجلس الدولة ، واقتحموه فوجدوا الفقيه الدستوري العتيد عبد الرازق السنهوري موجودا هناك، فاعتدوا عليه بالضرب وهم يهتفون بسقوط الحرية وبسقوط الديمقراطية. واستمر الاضراب أيام 25 و26 و27 و28، وأعلن مجلس قيادة الثورة رضوخه للإرادة الشعبية، وتراجعه عن قراراته السابقة، وتم القبض على محمد نجيب وتحديد اقامته في المرج، ونفى خالد محيى الدين إلى سويسرا، واعتقال يوسف صديق والإفراج عنه والاكتفاء بتحديد اقامته.
هذه هى قصة أزمة مارس وتأرجح البلاد بين الشرعية الثورية وبين الحياة النيابية تكلفت أربعة آلاف جنيه، وكان بطلها ومحركها احد رجال الصف الثاني من الضباط الاحرار، وأيد عبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين في مذكراتهما( الآن أتكلم- خالد محب الدين ومذكرات البغدادي) فصة الأربعة آلاف جنيها كما كتبها احمد طعيمة.



#فهمي_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حجرة الفئران-...
- فصل من رواية - دولاب مريم -
- شاعر البؤس.... عبد الحميد الديب
- قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشك ...
- قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشك ...
- -حجرة الفئران-... قصة قصيرة
- في.... الجاكس...قصة قصيرة
- قراءة في - مرايا - نجيب محفوظ


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - عندما هتفت الجماهير تسقط الديمقراطية