أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - كريم الزغير - الشهداءُ كنسقٍ استهلاكيٍّ














المزيد.....

الشهداءُ كنسقٍ استهلاكيٍّ


كريم الزغير

الحوار المتمدن-العدد: 7439 - 2022 / 11 / 21 - 21:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا تكادُ الشمسُ تنسِجُ خيوطَها الذهبيّةَ حتّى يُعلنَ عن استشهادِ شابٍ أو طفلٍ أو رجلٍ أو امرأةٍ في فلسطين، وهو إعلانٌ يتبعهُ طقوسٌ جنائزيّةٌ واحتفائيّةٌ بهذا الشهيد، وعند إتمامِ حفرِ قبرِ الشهيد؛ يكونُ أحدُهم يُعرِّفُ نفسه على أنّه شاعر؛ قد طوّحَ القلمَ عن يدهِ، معلنًا كتابةَ كلماتٍ لأهزوجةِ الشهيد لمُغنٍّ يُعيدُ استخدامهِ مع بعثرةٍ ضروريّةٍ للكلماتِ؛ عبرَ إعادةِ تركيبها حتّى لا تنزلقُ إلى مُنزلقِ الرتابةِ والابتذال، حينذاك؛ تنتهي وسائلُ الإعلامِ والصُّحف مِنْ حياكةِ روايةٍ متناهيةِ الدّقةِ تُجيبُ عن أسئلةِ العامّة:"كيف.. ولماذا؟". وهي أسئلةٌ يتلاشى وميضها بُعيدَ انتهاءِ الجنازة، لكنَّ هذه الطقوسَ لا ينبغي أَنْ تتداعى زمنيًا إلا بعدَ (سريلتها: سيرياليّة)؛ أيّ أنْ تتصيّرَ حدثًا خارقًا للمعنى الزمنيّ التقليديّ؛ فتستنطقُ والدةُ الشّهيد وشقيقته مع الحرصِ على انتخابِ المواقفِ الميلودراميّة (ولا نقصدُ هنا أنّ ذوي الشهيد يبالغون؛ إنّما نقصدُ أنّ وسائلَ الإعلامِ تَحرِصُ على اختيارِ هذه المواقفِ لإعادةِ إنتاجها ضمنَ سياقها الاستهلاكيّ- الماديّ)، وتسعى آلةُ تزويقِ الموتِ إلى استخلاقِ معانٍ مغايرةٍ؛ أيّ أنّ الشهيدَ يتحوَّلُ من ضحيّةٍ إلى بطلٍ خارقٍ نفّذَ عمليّةً فدائيّةٍ أو خاضَ اشتباكًا في تناقضٍ مع مضامينَ الخطاب الموّجه؛ فهذه الآلاتُ التزويقيّةُ تريدُ ضحيّةً تُجيّرها في الأنساقِ الماديّة- الاستهلاكيّة، وفي المضمارِ ذاته؛ ترومُ هذه الآلاتُ إجراءَ (هندسةٍ عكسيّةٍ) للضحيّة كي يكونُ قابلًا للاستخدامِ المزدوج في اِضطرابٍ للخطابِ الوطنيّ الفلسطينيّ ذي المجريين، فالمجرى الأوّل لهذا الخطاب موّجه إلى الآخرين، مفادها؛ نحنُ ضحايا لاحتلالٍ يَلغُ في دمائنا، ونحنُ نمارسُ الحقَّ الطبيعيّ في مقارعته ومقاومته، والمجرى الثاني لهذا الخطاب موجّه إلينا نحن، مفادها؛ الشهيد لم يَمتْ في موقعِ الضحيّة بل ضمنَ فعلٍ قَصديٍّ.

"عندما يذهبُ الشهداءُ إلى النوم؛ أصحو، وأَحرُسهم من هواةِ الرثاء". حذّر الشاعرُ (محمود درويش) مُبكّرًا من هواةِ الرثاء؛ إلّا أنّ هواةَ الرثاء الذينَ حذّرَ منهم (درويش) تطوّروا كمًّا ونوعًا؛ عبرَ (أدوتة) الرثاء، وابتداعِ أشكالٍ تسويقيّة- تجاريّة له، فهنالكَ مغنٍّ ينتظرُ شهيدًا لكي يُحيي حفلَ تأبينه، وهناكَ شاعرٌ ينتظرُ مشهدًا تراجيديًا لخاتمةِ الشهيد، وبينَ الأوّل والثاني؛ تنتظرُ المطابعُ صورةً للشهيدِ مع بندقيّته لطباعتهِا ووضعها على الجدرانِ باسمِ حزبٍ أو فصيلٍ لم يقرأ هذا الشهيد برنامجَها السياسيّ أو مبادئهِ الداخليّة، اللهم، أنّه مرَّ بمحاذاةِ مهرجانٍ له؛ فغدا بعدَ استشهادهِ أحدَ أبرزَ قادتهِ، وهكذا دواليك.



#كريم_الزغير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ترامب يلمح إلى أنه سيغير اسم -البنتاغون- إلى وزارة -الحرب-
- دمار وحرائق.. حصيلة الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية ...
- -سياساته تعرض إسرائيل للخطر-.. وزير خارجية هولندا المستقيل ي ...
- وسط تشدد إسرائيلي.. مصادر تكشف: قطر قدمت مقترحات جديدة لـ -ص ...
- مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة حرب غزة
- إسرائيل تواصل قتل شهود جرائمها بغزة لطمس الحقيقة
- الحرب على غزة مباشر.. تفاقم مأساة التجويع بالقطاع وأغلبية ال ...
- سلطان سوكوتو: العدالة في نيجيريا غدت سلعة قابلة للشراء
- الجفاف يدفع بنحو مليون شخص للنزوح في ملاوي
- جنوب أفريقيا تتولى دعم برنامج الإيدز بعد وقف التمويل الأميرك ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - كريم الزغير - الشهداءُ كنسقٍ استهلاكيٍّ