أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد معزز الحديثي - عالم ما بعد صدام الحضارات عندما تخدم الرياضة أهداف السياسة: قطر انموذجاً















المزيد.....

عالم ما بعد صدام الحضارات عندما تخدم الرياضة أهداف السياسة: قطر انموذجاً


محمد معزز الحديثي

الحوار المتمدن-العدد: 7438 - 2022 / 11 / 20 - 18:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن تتوجه أنظار ما يقارب خمسة مليار انسان في أنحاء العالم لانتظار اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة ولا لجلسة استثنائية لمجلس الأمن لمناقشة الملف النووي الإيراني، كما لن تنتظر المليارات الخمسة اجتماع خاص للاتحاد الأوربي او حلف الناتو لمناقشة تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، ولن ينتظر ما يزيد على نصف سكان العالم نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية، بيد أن هذه المليارات ستوجه أنظارها صوب دولة قطر في قلب العالم العربي والإسلامي، لتشهد لحظة افتتاح كأس العالم كبرى البطولات الرياضية على المستوى العالمي، حقاً لقد كان تقدم القيادة القطرية لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 مزحة لدى البعض، ومثاراً للانتقاد والاستهجان من البعض الاخر، لكنها كانت إرادة حقيقية من قيادةً مؤمنةً بحقها في استضافة الحدث العالمي الأبرز، ومنذ اعلان الفيفا عن منح دولة قطر حق استضافة كأس العالم في كانون الاول من العام 2010، باتت في مقدمة أوليات صانع القرار السياسي في دولة قطر، لأنها أدركت انها ستدخل في صراع مع قوى كبرى ومؤسسات عالمية واخرى اقليمية، بل حتى عربية وخليجية شقيقة.
ليس من قبيل المبالغة القول ان استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم 2022 هو الحدث الأبرز في تاريخ دولة قطر، وستظل 29 يوماً وهي مدة المونديال في قطر هي الأجمل والأروع الشعب القطري في تاريخه، لأنها ستكون على موعداً مع برامج وفعاليات ومسابقات ستظل تمثل لحظات مميزة في ذاكرة الأيام والأعوام بالنسبة للقطريين.
وقد أثبتت القيادة السياسة القطرية جدارتها في إدارة ملف استضافة كأس العالم على الرغم من التحديات العديدة التي واجهتها، وقد كان هذا النجاح تواصلاً مع القدرة السياسية القطرية على توظيف مقومات القوة التي تتوافر فيها لخدمة مشروعها الاستراتيجي في القرن الحادي والعشرين، فكما هو معلوم تعاني دولة قطر من عدة تحديات فهي دولة صغيرة المساحة في تصنيفات الدول في العلاقات الدولية، كما تعاني من تحدي سكاني يتمثل بانخفاض عدد سكان المواطنين القطريين، فضلا ًعن كونها دولة حديثة في تاريخها السياسي، بيد ان توافر قيادة سياسية ناجحة تمكنت من تغيير واقعها والانطلاق لبناء دولة عصرية في قلب منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من اضطرابات جيوسياسية، وتمكنت من التوجه للاستثمار في قطاعات حيوية أسهمت في تحقيق النقلة النوعية لدولة قطر، فبعد ان كان تأسيس قناة الجزيرة في العام 1995 نقطة تحول مفصلية في سياق التعامل العربي والخليجي مع وسائل الاعلام، إذ تمكنت القيادة القطرية من تقديم الجزيرة كنموذج حي للإعلام الحر في العالم العربي، حتى قيل ان قطر دخلت في كل بيت عربي بفضل قناة الجزيرة، ثم توجهت القيادة القطرية للاستثمار الرياضي فكانت نموذجاً يحتذى به في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط، فكان تأسيس قناة الجزيرة الرياضية في العام 2003 استكمالاً لمشروع الدعم الحكومي لقطاعات الرياضة والاعلام، ثم تطورت لتكون مجموعة قنوات بي ان سبورت التي باتت تهيمن على حقوق نقل البطولات الرياضية والدوريات الأوربية والعالمية الكبرى، لتكون بذلك أداة فاعلة في خدمة أهداف السياسة الخارجية القطرية على المستويين الإقليمي والدولي.
يمكننا القول ان القيادة السياسية القطرية نجحت في صناعة مقومات قوتها الناعمة في السياسة العالمية بفضل نموذجها المتميز في الإعلام والإعلام الرياضي، ثم الاستثمار الرياضي من خلال تطوير المنشآت الرياضية القطرية عبر الاستضافات المتكررة لعشرات الفعاليات والمسابقات الرياضية الخليجية والعربية الى جانب الاسيوية منها فضلاً عن العالمية، وقد بدت خطوات النجاح القطري في هذا المجال في شراء نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، والرعاية المالية مع نادي برشلونة وكبرى الأندية الرياضية الاخرى في العالم.
وفي سياق الحديث عن التجمع العالمي الأبرز المتمثل بكأس العالم في قطر فان الأهمية التي يحظى بها الحدث تتمثل في كون البطولة تحصل لأول مرة في بلد اسلامي في وسط العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، كما لن تتوزع الفرق المشاركة في المونديال على مناطق متباعدة نتيجة صغر المساحة لدولة قطر، إذ ستتمكن الجماهير من حضور جميع مباريات البطولة وهذا لم يحدث سابقاً في استضافة الولايات المتحدة او البرازيل او المانيا او روسيا، وقد واجهت الحملة القطرية لتنظيم كأس العالم تحديات عديدة تمثلت في شن حملات اعلامية ضد دولة قطر تستهدف التشكيك بقدرة قطر على استكمال متطلبات تنظيم البطولة، الى جانب حملات مظللة عن انتهاكات حقوق الانسان في قطر ضد العمالة الأجنبية، فضلاً عن ذلك فان اندلاع الأزمة الخليجية في العام 2017 قد مثل التحدي الأبرز أمام قدرة قطر في مواصلة ملف استضافة المونديال، بعد الاختلالات التي عانت منها العلاقات القطرية مع بعض الدول الخليجية والعربية، إلا ان الواقع أثبت ان النظام السياسي القطري تمكن من امتصاص زخم الأزمة الخليجية التي كانت الأعنف في تاريخ قطر، وتمكن بفضل الواقعية السياسية المستندة الى اصول الحكم الوراثي وحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي التي تنعم بها قطر، فضلاً عن المكانة الاقتصادية التي تحظى بها، من انهاء الأزمة الخليجية وإعادة تطبيع العلاقات مع الدول الخليجية والعربية.
لقد بات واضحاً العداء الغربي للعالم الإسلامي والعربي من خلال مونديال قطر، إذ لم تشهد أي حالة سابقة هذه الحرب التي تمارس ضد دولة قطر التي أبهرت العالم في استعداداتها لتنظيم البطولة، وعلى الرغم من استمرار الهجمة السياسية والاعلامية التي تتعرض لها قطر من كبريات المؤسسات الاعلامية الغربية في العالم، كما تشترك حكومات ومؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية في الحملة الممنهجة ضد قطر، بيد ان ذلك التحدي يقابله استمرار التأييد الذي تحظى به قطر من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو الجهة الفنية المشرفة على تنظيم البطولة في العالم، وقد زاد من دعم الشعوب الإسلامية والعربية لدولة قطر في استضافة البطولة هو التمسك القطري بالقيم والتعاليم الإسلامية والعربية، لا سيما بعد رفض اللجنة العليا المنظمة للبطولة رفع شعارات المثليين (الشذوذ الجنسي) أثناء مدة البطولة، وهو الامر الذي أحدث أزمة بين دولة قطر وكل من بريطانيا والمانيا وفرنسا ودول اوربية اخرى، وقد أكدت القيادة القطرية في مواقف رسمية رفضها التنازل عن قيمها الثقافية والاجتماعية والتأكيد على اهمية احترام جميع الدول المشاركة في البطولة الخصوصية الدينية والثقافية لدولة مسلمة في وسط العالم العربي، وقد تجلى هذا الموقف في رفض استقبال طائرة المنتخب الالماني في مطار حمد الدولي التي رفعت شعار لمناصرة المثليين، واجبرت على العودة الى دولة اخرى وتغيير الطائرة، الى جانب ذلك يظهر رفض بيع وتداول المشروبات الكحولية في الأماكن العامة وفي الملاعب، وتخصيص مواقع خاصة لذلك بناءً على الاتفاق المبرم مع لجنة الفيفا، تحدياً اخر نجحت القيادة القطرية في مواجهته بشكل حاسم بما يتوافق مع التزاماتها التي قطعتها مع أبناء شعبها.
ولم تتوقف الحملة المعادية لقطر عند هذا الحد بل تواصلت لتشمل الجانب الاقتصادي مؤكدةً ان قطر أنفقت اكثر من 200 مليار دولار على تنظيم البطولة وهو مستوى مرتفع لم تألفه الدول الاخرى التي نظمت بطولة كأس العالم سابقاً، بيد ان القيادة القطرية تؤكد انها أنفقت هذا المبلغ على انشاء وتطوير البنى التحتية لا سيما من المطارات والفنادق وشق الطرق الاستراتيجية الجديدة والمراكز الرياضية والصحية والمناطق السكينة وانظمة الصرف الصحي، كما يعد من أبرز انجازات البنى التحية الذي ترافق مع تنظيم كأس العالم هو افتتاح مترو الانفاق في دولة قطر الذي يعد الثالث على مستوى العالم من ناحية الكفاءة والخدمات، ودون ادنى شك ستكون هذه المرافق والمنشات في خدمة الدولة لمرحلة طوية تتجاوز منتصف القرن الحادي والعشرين.
في ضوء ما تقدم يمكننا القول ان استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 أوضحت الوجه المشرق للعالم العربي والإسلامي، وحقاً ان الحملة العدائية التي تواجهها دولة قطر من المؤسسات والمراكز الغربية تعبر عن حجم العداء الغربي للعالم العربي والإٍسلامي في ظل التسمك بمخرجات العولمة المتضمنة الإقرار الغربي بالتفوق على دول عالم الجنوب، وتأكيداً للنظريات السياسية الدولية بشأن تفوق الغرب على الشرق والشمال على الجنوب وليس أخرها اطروحة صدام الحضارات، وحقاً ان الابداع القطري في استضافة البطولة والتأييد الشعبي والجماهيري العربي والإسلامي هو التجسيد الفعلي لقدرة دول العالم العربي والإسلامي على مواجهة التحديات الكبيرة امامها، وقد أوضحت ايضاً قدرة القيادة السياسية القطرية على توظيف الحدث لخدمة أهدافها الاستراتيجية المتضمنة تطور الدور الإقليمي لقطر في منطقة الشرق الأوسط والسعي لدور عالمي في جوانب القوة الناعمة في السياسة الدولية من خلال تنظيم دولة قطر لاستضافة كأس العالم 2022.



#محمد_معزز_الحديثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ينجح ترامب في القضاء على اعظم انجازات اوباما؟
- عرض كتاب /رؤية استراتيجية :امريكا وازمة السلطة العالمية
- صدام الاعلان القومي والكويت .....المالكي الاربعاء الدامي وسو ...
- اين سيادة العراق ؟


المزيد.....




- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
- بارون ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري في فلوريدا
- عاصفة شمسية -شديدة- تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد معزز الحديثي - عالم ما بعد صدام الحضارات عندما تخدم الرياضة أهداف السياسة: قطر انموذجاً