أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق مسعود - خديعة المسرح ...أبراج الزفير














المزيد.....

خديعة المسرح ...أبراج الزفير


موفق مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 05:35
المحور: الادب والفن
    


تتكئ الخشبة على إفريز الوهم العالي , ذلك الشغف المتبخر من غوايات النسيان , فراشات الكلام الناعم والخشن , حيث ..في تلك المساحة بين الخشبة والصالة , تتشكل الخديعة الفاتنة لأطيافٍ مسفوحةٍ في ضجيج الحياة وانكماش معالم الحلم ..حتى لكأننا قبل دخولنا إلى المسرح , نشبه كل شئٍ إلا أنفسنا .., مسفوحين بقسوة التشابه وحنكة البقاء .
على الخشبة ..أو أمامها ..أو خلفها , يطهّرنا من فضائلنا وحقائقنا , ذلك العرق البارد وذلك الزفير العالي للوهم .
في عتمة ذلك المكان المسمى " مسرح القباني " , ذلك القبو المؤلم والنائم تحت وطأة أحقادنا وطموحاتنا الخجولة والشرسة ..في سردابه الطويل وصالته الضيقة وكواليسه المشبعة بالأحلام الهاربة , تتفجر البراري بأزهارها وأشواكها , وتنطق خيولنا صهيلها وعدوها النهم لاقتناص الأفق الذي يولد رويداً رويداً في الجهات الضائعة , وتغزل وعورنا أسفارها ..عويل رياحها ..واستنفار ضباعها لاقتناص خديعة الظلام ....
على الدرج النازل نحو الصالة , نترجل عن أجسادنا بوقار الفرسان .., تحملنا سحب الخطر
إلى مقاعدنا , من حولنا يحضر مرتادون غرباء , سلاجقة وعرب ومماليك وبرابرة ومغول وأفارقة وإغريق ورتل طويل من الأجداد , يندسون في تفاصيل حضورنا , وفي مسام الخشب , وبين ثلوم الجدران ومنابع الإضاءة وأقمشة الكواليس , يحرسون ندمهم الأزرق الكالح , في المكان الوحيد الذي يجعل أرواحهم تطفو في رذاذ الألق.
في أول السرداب الذي يبدو كممرٍ نحو هاوية محققة , وعلى يسار الهبوط , ثمة باب صغير يومئ بإختلاس نظرة حائرة , حيث يؤدي إلى كواليس الخشبة , ومساحةٍ مربعة , يحطُّ فيها الممثلون أحمالهم وأحقادهم وأنبيائهم وساستهم وشياطينهم وأيامهم الماضية والقادمة , تأهباً للدخول إلى الخشبة كقطيع من الوعول , أو كأشواك دحرجتها الرياح أو كتفاحات سقطن من شجرة الرغبة اثر لهوٍ بهيّ ..
تنفرج أعين الممثلين ..وكأن ذلك الباب الصغير , نافذة يطلون منها على كارثة أو مرافئ غريبة , وكأننا في عبورنا نقدم لهم طقسنا المسرحي , حيث نقرأ في وجوههم ذلك الفرح الذي تسمّرت حوله طفولتنا منذ زمن بعيد , ونهجس في سرنا أننا نبدو كما ليس نحن ...
نجلس في مقاعدنا وننتظر الظلام , كي نخرج قلوبنا .
وحين ينطق الممثلون , نستطيع أن نرى ذلك الأثر الخشن لمقص الرقيب في أصواتهم وحركة أجسادهم وتنهداتهم المغلقة , ونرى فرقة راجلة من الدرك المجنحين اللذين يحرسون كلامهم ...نرى ذلك ولا نكترث, لأن النص المسرحي يهرب طازجاً من زفير خلاياهم, ويحيطُ أجسادنا بدبقٍ مشعٍ خطر حينها نرتجل هواجسنا ,ونخلع أيامنا الآتية من رقادها لنغرسها في أعالي الزفير .
حين نخرج من خديعة المسرح ..نبدو كأشباح مارقة في زحام الشوارع , ويتعين علينا أن نصطدم بشجرة على الرصيف أو إشارة مرور أو صوت مذياع ..كي نعيد قلوبنا إلى جيوبنا ونمضي في ضجيج المدينة إلى عزلة بيضاء ...بيضاء ..ككفن






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مسماري
- زمن البرد ...............قصة قصيرة
- إلى عبيد أمريكا وأحرارها
- حصتها من الحرب
- تبادل الهدايا الإحتفالي


المزيد.....




- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق مسعود - خديعة المسرح ...أبراج الزفير