أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الفهري - مشاكل القراءة داخل المدرسة والمجتمع















المزيد.....


مشاكل القراءة داخل المدرسة والمجتمع


محمد الفهري
أستاذ باحث


الحوار المتمدن-العدد: 7407 - 2022 / 10 / 20 - 18:23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


مشاكل القراءة داخل المدرسة والمجتمع
توطئة
مما لا شك فيه أن القراءة تعمل على تغذية الوجدان وتحرير العقل، وتطوير الحس النقدي، وهي ليست فعلا فطريا وسلوكا عفويا، بل هي فعل يأتي نتيجة تخطيط استراتيجي يضطلع به رجالات السياسة والفكر والثقافة والتربية ومؤسسات المجتمع المدني. وهي تعد من بين المرتكزات التي تقوم عليها التنمية، كما تعتبر وسيلة لدى الشعوب لقياس درجة تقدّمها أو تأخّرها، تحضّرها أو تخلفها، مدنيتها أو وحشيتها، تفتحها أو انغلاقها، فبالقراءة نحدد درجة انفتاح المجتمعات على المعارف الإنسانية، ورقيها الفكري ومدى مساهمتها في إنتاج المعرفة الإنسانية أو اقتصارها فقط على ترديد معارف الآخرين واستهلاكها.
 
                             بعض مشاكل القراءة بالمدرسة المغربية:
                             شكلت اللقاءات التي نظمتها مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية، والتي تمت بشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فرصة بالنسبة لنا للاحتكاك بخبراء وطنيين ودوليين في هذا المجال، واكتشاف آخر المستجدات في موضوع القراءة، والاستئناس بتجارب عملية ودراسات ميدانية تتصدى للضعف القرائي بالسلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي.
                      غير أنه لا بد من الإقرار منذ البداية بندرة البحوث المنجزة حول التعلم والقراءة ومحدوديتها، ولا سيما تلك التي أنجزها باحثون مغاربة، وما أتيح لنا منها لا يخص سوى عيّنات عشوائية غير تمثيلية، وإن السمة التي تطبع هذه البحوث بصفة عامة هي أنها تفتقر إلى العمق والدقة والصرامة المنهجية.
ولذلك كان لزاما علينا أن نعود إلى بعض الدراسات الدولية التي اهتمت بأوضاع القراءة في عدد من الدول، وأجرت مجموعة من التقويمات، وهو الأمر الذي أتاح للدول المشاركة - كالمغرب مثلا- فرصة مقارنة نتائج منظومتها التربوية بنتائج المنظومات التربوية للبلدان الأخرى، وقياس أثر سياستها التربوية على التحصيل الدراسي، ومستوى التقدم الذي يحرزه تلامذتها في مجال القراءة، ومن خلال المحصلة النهائية تقوم الدول المشاركة باتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة، ومؤشرات علمية حول كيفية تطوير التعليم والتعلم في مجال القراءة.
لقد صنف تقويم بيرلز PIRLS [1] « الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم»   The Progress in International Reading Literacy Study  في سنة 2006 أداء المتعلمات والمتعلمين المغاربة في مجال القراءة في الرتبة ما قبل الأخيرة بمعدل 323 نقطة، وهو دون المعدل الدولي الذي يبلغ 500 نقطة، أي بفارق 177 نقطة عن هذا المعدل. وقد تبين أن 74% من المتعلمات والمتعلمين المغاربة لا يبلغون مستوى الحد الأدنى من الأداء الذي يتطلبه التقدم في القراءة.
كما أظهرت نتائج الدراسة الدولية لتطور الكفايات القرائية عند المتعلمات والمتعلمين المغاربة (بيرلز(PIRLS  2011 أن المغرب ازداد تراجعا وحصل على رتبة متدنية مقارنة بين الرتبة الجديدة، وبين الرتبة التي حصل عليها سنة 2006،  بحيث أصبح آخر  بلد عربي، بحصول تلامذته على 310 نقطة، أي بفارق سالب قدره 190 نقطة عن المعدل الدولي وفي سنة 2016 سيتزحزح قليلا ليحتل الرتبة الثالثة ما قبل الأخيرة، وذلك بحصول تلامذته على 358 نقطة بفارق سالب قدره 48 نقطة عن المعدل العام مما جعل المغرب مصنفا في درجة أدنى من عمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات. ولا يتقدم سوى على مصر  التي حصلت على 330 نقطة وجنوب إفريقيا التي حصلت على 320 نقطة. ويجدر بنا أن نشير إلى أن تصنيف المغرب في  مجال  «الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم» ظل يشهد تراجعا متواصلا بين 2003 و2016. وتبعا لذلك قامت هذه الدراسة باستخلاص العوامل التي تختفي وراء حصول المغرب على هذا الترتيب، بحيث أشارت إلى مجموعة من المسببات منها: الفرق الحاصل بين لغة التدريس واللغة التي يتحدث بها المتعلم داخل الوسط الاجتماعي، والنقص الموجود في المعدات الديداكتيكية بالمؤسسات التعليمية، وغياب المكتبات والحواسيب بالمدارس، بالإضافة إلى ضعف المستوى التعليمي للآباء والأمهات، وعدم وجود أنشطة قرائية بالبيت[2].  
                      وتتوافق نتائج التقويمات الدولية والتقويمات الوطنية (البرنامج الوطني لتقويم التعلمات PNEA 2008 بإشراف المجلس الأعلى للتعليم  )[3] في رصد الضعف الحاصل في مستوى التعلم وفي التمكن من مهارة القراءة.  وقد شملت هذه العملية  26000 تلميذ و452 مؤسسة تعليمية مع القيام باستجواب للمدرسين والمديرين والآباء، وتم التوصل  إلى أن متوسط النقط المحصل عليها في اللغة العربية هي أقل من المعدل: (30,71% بالنسبة للمستوى الرابع ابتدائي، و37,45% بالنسبة لمستوى السادس ابتدائي).
وهو الأمر الذي  يتطلب تضافر الجهود قصد الوصول إلى حلول ناجعة لتجاوز هذه الوضعية، وتدارك الضعف الحاصل في المهارات القرائية وتحسين جودة التعلمات.
                      أما بالنسبة لبرنامج   [4]EGRA (2011 ) Early Grade Reading Assessment 
 فيسعى إلى تقويم الكفايات الأساسية في القراءة المبكرة، وقد بينت تطبيقاته من خلال العينية العشوائية التي اشتغل عليها أن ثمة مجموعة من العوائق تم تحديدها فيما يلي:
§       عدم استعمال أفراد العينة للغة العربية الفصحى في المنازل، واقتصارهم على إحدى اللهجات الموظفة في الحديث اليومي، أو الاقتصار على الأمازيغية – فقط- باعتبارها لغة التواصل .
§       استعمال ما يعادل 10% منهم  - فقط - الكتاب المدرسي داخل البيت، رغم امتلاكهم جميعا للكتب المدرسية.
§       تصريح ما يعادل 62% منهم بأن أحد أقاربه يقوم بمساعدته على إنجاز الفروض المنزلية.
§       عدم قيام ما يعادل 62%  منهم بقراءة جهرية داخل البيت.
§       ما يعادل 46% من الآباء لا يعرفون القراءة، وكذلك 73% من الأمهات.
§       تلقين ما يعادل 60%  من دروس اللغة العربية باستعمال الكتاب المدرسي.
§       عدم توفر ما يعادل 98% من قاعات الدرس على الوسائل المساعدة على القراءة ما عدا السبورة العادية.
§       التركيز على قراءة النصوص على حساب تلقين المهارات القرائية.
§       عدم تعميم مهارة القراءة على جميع التلاميذ، واهتمام بعض المدرسين بالصفوف الأمامية على حساب الصفوف الخلفية.
                      هذا وأكدت نفس الدراسة (  EGRA  سنة  2012 ) من خلال برنامج تقويم التعلم في بلدان مبادرة المسار السريع والتعليم للجميع، ومعرفة  كيفية أداء الأطفال القرائي في الصفوف الدراسية الأولى في أكثر من ستين بلدا عربيا من بينها  المغرب، أن قراءة النصوص تأخذ الحيز الأكبر من زمن التعلم بنسبة (20%)  والفهم القرائي بنسبة (47%)، وهي أنشطة يتطلبها المنهاج، بينما يخصص القليل من الوقت لمعرفة أصوات الحروف (1%) وقراءة الكلمات المنفصلة (5%)؛ ولذلك فعلى الرغم من أن فئة محدودة من التلاميذ تظهر مستوى مقبولا من الطلاقة والفهم، فإن الأغلبية لا تتمكن من القراءة بسلاسة، كما أنها تعاني من عجز في اكتساب مهارات القراءة الأساسية التي تٌدَرَّس في المستوى الأول ابتدائي.
                      لقد كانت اللقاءات السالفة الذكر فرصة علمية ممتازة لتحفيز الفاعلين على استثمار هذا الكم من التجارب والدراسات الميدانية قصد المساهمة في بلورة إصلاح ناجع لفعل القراءة بالمدرسة المغربية العمومية، وفق منظور بيداغوجي يسمح للمتعلمات والمتعلمين التمكن من التعلمات الأساسية التي تضمن لهم النجاح، وتجاوز الأعطاب.
وقد أجمعت كافة المداخلات والمقاربات والورشات التي تناولت مسألة القراءة بالمغرب، على ضعف القراءة والمقروئية لدى التلاميذ، كما  أظهرت جميع التقويمات والاختبارات القرائية ضعف المستوى القرائي لدى التلاميذ، وهذا ما حذا بالوزارة المعنية لكي تتبني برنامجا خاصا قصد تحسين أداء التلاميذ خلال السنوات الأخيرة، غير أن المشروع - للأسف- لا يزال يعرف كثيرا من التعثرات سنرى إن كنا سنستطيع مع الأيام القادمة تجاوزها.
مشاكل القراءة بالمجتمع المغربي:
إن المتتبع لمنظومة القراءة في المغرب يلحظ أنها تعاني من أزمة هيكلية وعميقة، وربما تتبدى له أنها تزداد استفحالا، فعادة القراءة لم تدخل بعد حياتنا اليومية،  ولعل غياب هذه الثقافة يعود إلى أسباب متعددة ومتداخلة منها ارتفاع نسبة الأمية التي لم تستطع للأسف السياسات المتعاقبة الحد منها، وتدهور الوضع المادي للأفراد، وتردي المستوى التعليمي بالبلاد، وعدم قيام المدرسة بالأدوار المنوطة بها مثل تربية الناشئة على القراءة، وعدم تشجيع الأسرة أبناءها على القراءة، كما أن شبكة القراءة العمومية في بلدنا محدودة جدا، رغم رفع الوزارة المكلفة بالشأن الثقافي في بلدنا بعض الشعارات مثل مكتبة لكل مائة ألف مواطن، وغير ذلك.
                      ولعل محدودية عدد الخزانات من أهم تمظهرات هذه الأزمة، إذ لا يتعدى عددها العشرة، وفي حالة وجودها، فهي لا تتوفر في أحسن الأحوال على أكثر من مليوني كتاب، علما أن اليونسكو تؤكد على أن خزانات الكتب ينبغي أن تضم ثلاثين أو أربعين مليون كتاب. وقد نجد في المغرب مدنا وحواضر بكاملها لا تتوفر على أية مكتبة.
                      وإذا ما قمنا بإجراء مقارنة بين عدد قراء الكتب في المجتمعات الغربية ومجتمعنا، فسوف نُصدَم بنتائج الإحصائيات؛ فاستنادا إلى إحصائيات منظمة اليونسكو نجد الشخص العادي في الولايات المتحدة الأمريكية يقرأ ما معدله 11 كتابا في السنة، والشخص العادي في بريطانيا يقرأ ما معدله 8 كتب في السنة، بينما نجد الشخص العادي في العالم العربي يقرأ ما معدله نصف صفحة في السنة.
وثمة دراسة أجريت على طلاب مجموعة من الدول خلصت إلى أن الطالب الأمريكي يقرأ حوالي 13 كتابا خارج المقررات الدراسية كل عام، بينما يقرأ الطالب العربي حوالي 15 صفحة خارج المقرر الدراسي في العام كله. ولقد نبّه التقرير العربي للتنمية الثقافية على ضعف المقروئية ومشاكل النشر في العالم العربي، وتبعا لذلك لا بد أن نشير إلى  أن عدد ما تطبعه دور النشر النشطة بالمغرب لا يتعدى عشرة كتب في السنة، في حين إن دور النشر في العالم المتقدم تنشر ما يقارب ستمائة كتاب، كما أن عدد ما تطبعه دور النشر من الكتاب الواحد لا يتجاوز ألف نسخة غير قابلة للتكرار إلا في حالات نادرة جدا. وقد تمتد عملية تسويق تلك الطبعة أو النشرة سنوات عدة، بينما لا تقل طباعة كتاب واحد عن مائة ألف نسخة في أوربا أو أميركا، وقد تتجاوز ذلك إلى نصف مليون نسخة أحيانا.
                      هذا ويعكس واقع نشر الكتاب العربي بعض معالم الأزمة التي تتخبط فيها بلدان العالم العربي على جميع المستويات، فهل مشكل محدودية انتشار الكتاب وعبوره الحدود العربية يعزى إلى قصور الناشر في ترويج الكتاب، أم إلى جودة الكتاب، أم إلى الإعلام الذي لا يقوم بالأدوار المنوطة به في التعريف بالإصدارات الجديدة، أم إلى المؤلف في حد ذاته، أم المشكل يعود إلى القارئ العربي الذي لم يتعوّد على فعل القراءة، أم إلى عوامل أخرى مغايرة ؟
                     
                      يمكن توصيف الأزمة التي يعاني منها الكتاب العربي من خلال عوامل متعددة ومتداخلة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية.
                      فمن الأسباب التي تحول دون انتشار الكتاب العربي على نطاق واسع مشكل التوزيع الذي يشهد فوضى عارمة، بحيث إننا نفتقر إلى توزيع عربي محكم ومنتظم، إذ يلاحظ عدم وجود آلية فاعلة للتسويق أو سياسة ناجعة للتوزيع والنشر، فالكتاب يوزع بشكل محدود في الوطن العربي، لأننا لا نتوفر على شبكات نشر وطنية تقوم برعاية الكتاب العربي. كما أن ارتفاع سعر الكتاب، وتكلفة الورق وأجور الشحن في بعض الأقطار يعيق عملية انتشار الكتاب في بعض الأسواق العربية نظرا لهشاشة الوضع الاقتصادي الذي تعيشه بلدانها، وهو الأمر الذي ينعكس على القدرة الشرائية للمواطن العربي الذي لا يستطيع مواكبة ما يجدّ في عالم الكتب في بلده، بله الواردة من الأسواق العربية.
                      إن نشر الكتاب وتوزيعه على نطاق واسع له ارتباط بالأوضاع الاجتماعية التي يعيشها المواطن، فمعظم البلدان العربية لا زال اقتصادها يعاني من الهشاشة والفقر، مما ينعكس على حياة شرائح عريضة من المواطنين الذين أصبح همّهم اليومي هو تأمين غذاء بطونهم، بينما يعتبرون الكتاب من الأمور التكميلية التي يمكن الاستغناء عنها، وإن كان يعد عند الأمم المتقدمة غذاء للنفوس والعقول، وجزءا من الشخصية، والذاكرة، والتاريخ، والمكان والزمان.
                      إن شبكة القراءة العمومية في البلاد العربية محدودة جدا، وغياب ثقافة القراءة قد يعود إلى أسباب متعددة ومتداخلة منها ارتفاع نسبة الأمية، وتدهور الوضع المادي للأفراد، وتردي المستوى التعليمي بالبلاد العربية وغياب الاستراتيجيات والسياسات الثقافية الناجحة التي تهدف إلى تفعيل المطالعة وتوزيع الكتاب ونشره.
وعليه، لا يمكن أن تتحول القراءة إلى سلوك معتاد يومي إلا من خلال تدبير يأتي نتيجة تخطيط إستراتيجي يضطلع به رجالات السياسة والفكر والثقافة والتربية والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني من أجل خلق مواطن له وعي بفعل القراءة وثقافة الكتاب.
ولعل الواقع الذي تعيشه بعض بلدان العالم العربي لا يشجّع الكتّاب على الكتابة، فبالأحرى الزيادة في كمية النشر قصد تصديرها إلى الأقطار الأخرى، وهو الأمر الذي يحدّ من انتشار الكتاب وقراءته. وإذا ألفينا بعض الكتب تنتشر دون غيرها في بلدان العالم العربي، فلكونها حظيت بالنقد من طرف النقاد، أو لقيت حظا من المتابعة من لدن وسائل الإعلام، أو وجدت استحسانا وقبولا من قبل القراء.
                      كما أن للمعارض التي تقام في أرجاء الوطن العربي دورا إيجابيا في المساهمة في التعريف بالكتاب وتسويقه، وإقامة علاقات مباشرة مع المكتبات، وفتح أفق التواصل بين الناشرين والكتاب، وعقد اتفاقيات مع شركات توزيع الكتب، والعمل على تبادل الخبرات والتجارب. وهذا من شأنه أن يساعد على انتشار الكتاب على أوسع نطاق ووصوله إلى أيدي القارئ العربي. 
                       
                      بعد هذا يصعب الجزم بأن الخلل في انتشار الكتاب يتحمل مسؤوليته الناشر فقط، أو شبكات توزيع الكتاب، أو الكاتب، وإنما تتحمل القسط الأوفر منه الأنظمة العربية التي يلزم أن تولي عناية أوسع بالكتاب صناعة وطباعة وتجارة، وأن  تقوم بدعمه، وتشجيع الكُتّاب والمؤلفين على البحث والتأليف، ونشر كتبهم على أوسع نطاق، ومنحهم مكافآت حسب الجهود التي يبذلوها في إنتاجاتهم، وبذلك يمكن أن تسهم بمواردها في اتساع ثقافة الكتاب، ووصوله إلى القارئ العربي حيثما وجد.
                      ورغم رياح العولمة التي هبّت على البلدان العربية غربا وشرقا، فيلاحظ أن بعض الأنظمة لا زالت تعمل للحيلولة دون دخول بعض الكتب إلى أقطارها، وتسعى إلى عزل مجتمعاتها عن الواقع العربي الشاسع. ولا ريب في أن هذا الحصار المضروب على الكتاب والمعرفة يعد مظهرا من مظاهر استبداد الدولة وتسلطها وهو من جملة الأسباب أيضا التي تحول دون انتقال بعض الكتب إلى مجموعة من الأسواق العربية وإلى القارئ العربي. لذا ينبغي فسح المجال لانتقال الكتاب إلى كافة أقطار العالم العربي، ورفع القيود على مختلف الكتب التي يسعى أصحابها إلى خلخلة بعض البنيات في الثقافة والعقل العربيين. ولا أدل على ذلك من الرقابة المشددة التي تضرب على بعض الكتب في العديد من المعارض العربية، فتصادر – للأسف- بعض الأعمال مما يفوّت على القارئ العربي إمكانية التواصل والتفاعل مع كتب وثقافات البلدان الأخرى.
                      بيد أن التحولات التي شهدها العصر في مجال الميديا وتقنيات النشر الإلكتروني، كان لها الأثر البالغ في تحول اهتمام الناس من الثقافة المكتوبة إلى ثقافة الصورة، بحيث أسهمت إلى حد كبير في تراجع الإقبال على الكتاب الورقي، إذ أصبح القارئ العربي لا يجد عناء في أن يحصل- بطريقة أو بأخرى- على كتاب أو إصدار حديث عبر الشبكة العنكبوتية، ولذلك لم يعد يكلف نفسه عناء البحث عن نسخة ورقية، لا سيما إذا كان المنتوج المراد مما يتعذر العثور عليه في بلده.         
                     
وفي الأخير يمكننا أن نقول إن فعل القراءة لا يمكن أن يتحول إلى سلوك يومي معتاد إلا من خلال تخطيط إستراتيجي وتدبير محكم، يضطلع به رجالات السياسة والفكر والثقافة والتربية والصحافة والإعلام، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني بهدف خلق مواطن له وعي بفعل القراءة وثقافة الكتاب.
 


[1] - عرف انطلاقته عام 2001، وهو تقييم مقارن دولي يقيس تعلم التلاميذ في القراءة وينجز كل خمس سنوات في جميع أنحاء العالم لمعرفة القراءة عند تلامذة الصف الرابع، ومعرفة كذلك الممارسات المتعلقة بالتعليم داخل المدرسة ولدى الأساتذة. ويستكمل تلامذة الصف الرابع تقويم القراءة والاستبيان الذي يتناول مواقف التلاميذ تجاه القراءة وعادات القراءة لديهم. بالإضافة إلى ذلك ، يتم تقديم استبيانات لمعلمي التلاميذ ومديري المدارس لجمع المعلومات حول تجارب تلامذة المدارس قصد تطوير فعل القراءة والكتابة.
 
[2] - (دراسة بيرلزPIRLS  سنة 2011).   
[3] - وانظر أيضا:  البرنامج الوطني لتقويم تعلمات  تلاميذ الجذع المشترك PNEA 2016
[4] - إن الهدف من هذه الدراسة هو أن يكون هناك تقييم أساسي من مهارات القراءة في الصفوف 3 و 5 سنوات من التعليم الابتدائي في جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا). وبشكل أكثر تحديدا، فإن هذه الدراسة تمنح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وحكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية (GRDC) البيانات المتعلقة بقدرة الأطفال بالصف الثالث من المرحلة الابتدائية إلى قراءة ثلاثة لغات وطنية في جمهورية الكونغو الديمقراطية (بما في ذلك اللينجالا، السواحيلية أو التشيلوبا le lingala, le kiswahili ou le tshiluba)) ومهارات الفهم الشفوي باللغة الفرنسية. تقدم هذه الدراسة أيضا بعض البيانات عن المتغيرات الرئيسية المتعلقة بالتلاميذ والمعلمين والمديرين والمدارس، ويشترط أن تكون هذه المتغيرات جيدة للتنبؤ بأداء تلامذة المدارس الابتدائية في القراءة .
 
 



#محمد_الفهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الفهري - مشاكل القراءة داخل المدرسة والمجتمع