نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (2_5)

وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7407 - 2022 / 10 / 20 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الدولة الملكية

وهكذا بعد فشل دولة اهل الحل والعقد كما اسلفنا تحولت المجتمعات في العالم العربي الاسلامي الى الدول ذات الاشكال الملكية التي يقف على رأسها عائلة او قبيلة ، حيث دائما ما تكون البدايات في الاتصال الاجتماعي داخل البيت الواحد او العائلة الواحدة او القبيلة الواحدة ، ومع قوة شوكة او ارادة هذه القبيلة بدفاعها عن نفسها او بعدوانها على القبائل الاخرى او مهاجمتها للمدن ، وصولا تمتعها بقدر عال من السلطة والهيمنة بالشكل الذي يمكنها من السيطرة على مناطق معينة تتسع شيئا فشيئا فتصل الى المدن ومن ثم بناء دويلة او امارة صغيرة حتى تكون دولة اكبر وتسمى باسمها مع مرور الوقت ، والتاريخ يحدثنا عن العثمانيون عن سبيل المثال انهم عائلة صعد نفوذها من خلال حروبها مع السلاجقة ضد المغول فضلاً عن الانتصارات التي حققها الاب ارطغرل على الروم حيث كافئه السلطان علاء الدين السلجوقي ليكون حاكما على عدد من المدن ، وبعد وفاة الاب ارطغرل اصبح عثمان ابنه حاكما بدلا عنه ، وهكذا تتسع العثمنة لتصل بعد مقتل السلطان السلجوقي الى مقاطعات ومدن كثيرة وصولا الى سلطتها المعروفة على اجزاء كبيرة من العالم العربي الاسلامي (13)

ولا تكفي قوة العائلة وعصبيتها في ثبات الحكم فهناك ايضا الرضا العالمي المحيط بها ، فالرجل المريض ظل مريضا دون صحوة او شفاء، طيلة قرون ، خاصة بعد ان فقد هيبته وقوته السابقة الامر الذي جعل دول مثل روسيا وانكلترا وفرنسا تقسم اراضيه وفقا لحاجتها وفي اي وقت تشاء في منتصف القرن الثامن عشر حتى نهايته بعد اصلاحات وثورات داخلية انتهت بسقوط الامبراطورية ةلعثمانية لتتأسس الجمهورية التركية الحديثة .

ولا تختلف الملكيات العربية الإقطاعية من حيث التأسيس الأولي العائلي عن هذه التشكيلة او الطبيعة العائلية في التكوين بسبب قوة شوكة القبيلة وعصبيتها فضلاً عن العامل الاهم وهو الدعم البريطاني لها وهنا نتحدث عن تكوينات ملكية إقطاعية في الخليج مثل السعودية والكويت والامارات والبحرين وقطر .. الخ

والدولة في العالم العربي تعتمد على الاقتصاد الريعي حيث تركيز الاموال ليس بيد طبقة برجوازية رأسمالية بل بيد طبقة عائلية مالكة ، وهذه العوائل المالكة هي من تتحكم في حركة الاقتصاد وتمنع اي نشوء اقتصادي حر خارج اطار السيطرة الملكية بل خارج اطار التأثير الرأسمالي العالمي وهنا ندخل في ما يسميه سمير امين ب " مدرسة التبعية " ونظرية " المراكز والاطراف " تلك التي تقول " ان النظام الرأسمالي العالمي يقوم على التبادل الاحتكاري الذي يؤمن نقل الفائض الاقتصادي من المناطق الخاضعة " الافلاك " الى المراكز الإمبريالية " المتروبول " (14)

الامر الذي يغدو من الصعب جدا ان تقوم او تتأسس اي عملية تحديثية حقيقية في ظل هيمنة المراكز على الاطراف حيث الاولى مسؤولة عن صنع السلطة السياسية فضلاً عن تحكمها في بقاء الابنية العتيقة مهيمنة على اوضاع بلدان الافلاك ، فغياب الديمقراطية والتعددية الحزبية والحريات المتعلقة بالفكر والرأي وحقوق الانسان والمرأة تكاد تكون معدومة في بلدان الريع الاقتصادي ، وبالتالي لا يوجد سوى بعض المساومات الاعلامية هنا وهناك حول قضايا التحديث وحقوق الانسان " قضية جمال خاشقچي " نموذجا ، ولا توجد سوى تحديثات اعلامية ديكورية لا تمس جوهر السلطة وطبيعة ثباتها السياسي والاقتصادي والاجتماعي فضلاً عن هيمنة الدين بالتعاون مع السياسي بالطبع على المجتمع .

المصادر والهوامش : _

13_ الصدفي ، روق الله منقريوس ، تاريخ دول الاسلام ، الجزء الثالث / مصر ، طبعة الهلال ، 1908 ، ص 96 _ 97
14_ الخفاجي ، عصام / ملخص لدراسة سمير امين في نقد حلم انكسر / مجلة عمران / العدد 27 شتاء 2019 ص 13
15 _ لا توجد اي تعددية حزبية في دول الخليج وان وجدت الانتخابات فهي شكلية فالمجلس الوطني الاتحادي في الامارات مهمته استشارية فقط ومجلس الشورى القطري ينتخب على اساس قبلي ولا توجد تعددية حزبية ، وفي السعودية ايضا يتحكم الملك في مجلس الشورى وامكانه اقالة اعضائه ولا توجد اي تعددية حزبية ، كذلك الحال مع مجلس الامة الكويتي وتحكم الامير في حله واجراء انتخابات جديدة .

#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات