ما بين روسيا القومية .. وروسيا الشيوعية

منذر ابو حلتم
قاص وشاعر ، عضو رابطة الكتاب الاردنيين
()

الحوار المتمدن-العدد: 7383 - 2022 / 9 / 26 - 17:55
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

موسكو .. بكل رمزيتها .. الجيش الأحمر .. الكرملين ..
هذه الاسماء لا يمكن ان تفقد بريقها لدى كل اليساريين والشيوعيين ولكن ! هل موسكو الآن هي ذاتها موسكو السوفييتية ؟ هل روسيا هي روسيا ؟
نعلم جميعا ما حدث في الثمانينات انتهاء بعهد ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفييتي .. ومشروعه المسمى بالبريستروكيا والغلاسنوست .. اي اعادة الهيكلة والشفافية .. والتي وضعت عمليا نهاية الاتحاد السوفييتي السابقة .. قبل ان يأتي عصر الاتحاد الروسي برئاسة بوريس يلتسين ... ليبدأ عمليا عصر روسيا كدولة قومية ..
ومعروف ان القومية والشيوعية هما طرفي نقيض .. فكريا وسياسيا ..
روسيا الحالية هي ببساطة دولة قومية رأسمالية لها مصالحها وتحالفاتها وقوتها التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي السابق ..
عاطفيا لا يزال معظم اليساريين ينظرون لروسيا وكأنها الاتحاد السوفييتي السابق .. وريما كان هذا بسبب الحاجة لقوة ما .. لحليف ما .. لسند ما ..
وربما ينعكس هذا على الموقف من الحرب الروسية الاوكرانية .. والوقوف العاطفي غير المشروط مع روسيا في هذه الحرب التي قد نجد الكثير من المبررات لدى رئيسها فلاديمير بوتين .. ومخاوفه من التمدد الغربي الاطلسي بالقرب من حدود بلاده .. خاصة وان الغرب لا يخفي عداءه لروسيا بل ويقف بكل قوته العسكرية والاقتصادية والاعلامية مع اوكرانيا .. وهذا طبعا ليس حبا لعيون ( كييف ) .. فالغرب لا ينسى ان كييف كانت التوأم الفعلي لموسكو .. وان اوكرانيا كانت لا تقل عن روسيا اهمية في زمن الاتحاد السوفييتي .. وبالتأكيد ليس دفاعا عن حرية الشعوب ورفضا للاحتلال .. فنحن نشاهد ما فعله ويفعله الغرب في العراق وفي سوريا .. ونرى وقوف الغرب بقيادة واشنطن مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين .. والدعم اللامحدود لهذا الاحتلال .
اذن .. لا بد من الوعي بأن روسيا اليوم ليست روسيا الأمس .. روسيا القومية ليست روسيا الشيوعية .. ولكن هل يعني هذا ان يقف اليسار ضد روسيا متأثرا بماكينة الاعلام الغربي ؟ عمليا روسيا تخوض اليوم حربا فعلية ليس ضد اوكرانيا وانما ضد الناتو وضد الولايات المتحدة .. وضد كل من يريد عالما احادي القطب تقوده الولايات المتحدة .. وهي حرب ليست سهلة بل واصبح التهديد باستخدام السلاح النووي امرا فعليا وواقعيا ..
الصين الشيوعية ( وهنا نضع عدة خطوط امام تعريفنا للشيوعية الصينية الحديثة ) .. حين تقترب في مواقفها من مواقف روسيا تعي تماما ما يحدث .. وتعي خطورة ما يحدث .. وان عملية اعادة رسم خريطة العالم الجديد قد بدأت .. وان كل القوى المناهضة للوحشية الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة مجبرة على التوحد وعلى الوقوف صفا واحدا قبل ان يصبح الكوكب مجرد مستعمرة يقودها السيد الغربي.
اذن .. نعلم ونعي تماما ان روسيا اليوم ليست روسيا الأمس .. لكننا نعي ايضا ان الوقوف في وجه المد الاطلسي الغربي للسيطرة على العالم .. تصبح هي الخيار الوحيد .. لكل القوى المناهضة للتمدد الغربي .. مما يجعل من هوية روسا الحالية امرا ثانويا امام التساؤل الأكبر .. هل نحن مع عالم احادي القطب تقوده امريكا ... ام مع عالم متعدد الاقطاب يحد من تغول السياسات اليمينية الغربية التي تزداد توحشا كل يوم

#منذر_ابو_حلتم (هاشتاغ)       #          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل