أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داليا بدوي - عناق وطن جريح لمواطنه المقهور ظلمًا حتى يطمئن قلبي- سلسلة دراسات نقدية عن اعمال الكاتب السيد حافظ (38)















المزيد.....

عناق وطن جريح لمواطنه المقهور ظلمًا حتى يطمئن قلبي- سلسلة دراسات نقدية عن اعمال الكاتب السيد حافظ (38)


داليا بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 7367 - 2022 / 9 / 10 - 01:53
المحور: الادب والفن
    


سلسلة دراسات نقدية عن أعمال الكاتب السيد حافظ- يعدها ويقدمها : أحمد محمد الشريف

أثارت رواية حتي يطمئن قلبي للكاتب / السيد حافظ, فكر العديد من الكتاب والباحثين مما دفعهم لإصدار عدد من الدراسات النقدية والرسائل الجامعية والأبحاث عنها.
وإذ نعرض هنا عددا منها خدمة للقارئ, نستعرض اليوم هنا دراسة بقلم:
د. داليا بدوي

عناق وطن جريح لمواطنه المقهور ظلمًا
حتى يطمئن قلبي
للأديب / السيد حافظ

رواية تنطلق من الذات الخاصة للروائي لتمتد إلى ذات الواقع العربي المتهالك من الخليج إلى المحيط، لتتحدث من قلب المجتمع المعاصر لتبرز الوجه الحقيقي لمصر التي أطفأت بريقها الأحداث والانهزامات، يرسم فيها الأديب لوحته بحرفية من خلال متضادات تحملك إلى منعطفات شديدة تجرفك من الحقيقة إلى الخيال، ومن الواقع إلى التاريخ بمجموعة أبطال يديرهم في حوارات وإطلالات ومشاعر تتأرجح ما بين الانتماء وضياع الهوية تارة، وجنون الحب والرغبة تارة أخرى، ليجذبك بها إلى عالمه بوعي لا يليق إلا بأديب كبير ومسرحي متفرد.

يتفرد الكاتب بتعدد المقدمات المؤثرة

" لماذا أكتب كل هذا الكم والكيف؟

لأني كما قال المتنبي ومحمود درويش

على قلق كأن الريح تحتي

لقد تحررت من شهوة البحث عن الشهرة والجوائز الأدبية وحفلات التكريم.. ما أجمل أن تكتب وتقرأ وتتأمل بحرية متخلصًا من عبودية الشهرة والجوائز "

تجذبك الأحداث بسحرية إلى أعماق الماضي لتستمد أبهار أركانها، وتوثق التاريخ بمعلوماتية وثقافة يشهد لها القارئ الواعي كما يترك مساحة الحرية للحكم علي الأحداث دون أي لبس أو تردد، ودون أن تنفصل عن الأحداث بحرفية الأديب المعهودة في الربط والدمج بسرد مسرحي يربط الصورة بالحدث وبمفردات لغوية ساحرة، وأسلوب يتمتع بشاعرية عالية و اقتباسات أدبية ناتجة عن روائي متمكن من أدواته، عاشقاً لتراب الوطن.

التزم الأديب بعهده على نفسه في مسراويته بتوحد الجسد والوطن، الغربة وثقافتها وأوجاعها، زلزلة المشاعر والحب المحرم والأمل الضائع ما بين الرغبة والشهوة، الثقافة وعادات المجتمع المنافق، الطمع والظلم من خلال إسقاطات تاريخية يبرع فيها الأديب، إلى جانب النزعة الدينية والتناص مع آيات القرآن والرقائق والسيرة.

تمتلىء الرواية بحقائق رائعة موثقة بإحتراف لتصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة وبشكل لا يدع أي مجال للشك وكأن الأديب يرسخ في عقل القاريء لاسيما الشباب منهم لإعادة أكتشاف وترميم التاريخ دون تحريف أو تزوير.

استخدم الروائي العتبات لفصوله و التي شكلت نصوص موازية غير سردية ، لكنها موظفة بشكل قوي كأسلوب للنقد أو السخرية أو كشهادة للتأريخ، وهي مقصودة من قبل الأديب لإبراز بعض المواقف لتتناص مع التاريخ أو تكسر وتيرة السرد وفي بعض الأحيان لإستحضار بعض القضايا السياسية أو الاجتماعية أو الفكرية ،وفي أحيان لإبراز المعاناة و الإنكسار و الضياع لأبطاله من زاوية يريد من القارىء أن يراها بذكاء الأديب ووعي القارىء، أو ليربط الواقع بالماضي ويعري الحقائق بدهاء ووعي أديب متعمق في عشق الوطن حتي النخاع.

من أول سطور الرواية يحرص الأديب من خلال أبطاله دائمًا على ذلك الإنسان العربي المسكوت على حقه والمسلوب حقه، الذي يعيش في واقع و يدرس التاريخ كالقرآن في مصداقيته رغم تحريفه، و يحيا رغباته ونزواته في سرية تحت قناع يواري سوئته عن ذلك المجتمع مدعي الثالية في الظاهر و ممارس الفواحش في عزلته، مدعي التدين في ظاهره وممارس الإرهاب في باطنه، ذلك القاتل والمقتول، الظالم والمظلوم.

لا يخفي علي مريدي أديبنا الكبير أننا بصدد مسراوية تقع أحداثها ضمن سبعة أجزاء تروى من خلال مجموعة أرواح "لسهر" بطلة الأحداث التي تمثلت عبر عدة عصور في شخصيات متعددة:

الحكاية الأولى: لنفر في عهد اخناتون

الحكاية الثانية: نور وحبها لمحب في عهد موسى عليه السلام

الحكاية الثالثة: شمس والحاكم بأمر الله

الحكاية الرابعة: وجـد مع نيروزي وعرض الشدة المستنصرية

الحكاية الخامسة) التي نحن بصددها " لامـــــار" :

لامــار في قصر أخر الخلفاء الدولة الفاطمية وبداية حكم صلاح الدين الأيوبي ووزيره قراقوش.

تروي لنا التاريخ من عدة زوايا وتعد هذه الروح الخامسة "لسهر" وهي "لامار" وجودها يفتح أبواب التاريخ بأبنة السابعة عشر .. كلما سارت في الشوارع بعثت بنورها وهجًا في قلوب الرجال.

كانت ابنة لأبيها تاجر بسيط من أهل اليمن ، في زمن الفقر والجوع كانت تنهب الأموال و تسبى النساء والأطفال ليباعوا عبيدًا في الأسواق و هذا ما حدث لروح بطلت مسراويتنا "لامار" حيث باعها الخناس بسوق العبيد بمصر وفي الطريق أكتشف عطر جسدها.. لكنه كان معاقرًا للخمر والغلمان ..لتصبح من بعدها جارية في قصر الخليفة لتتعرف إلى صديقتها هوى التي أخبرتها بأسرار البنات .

تفاصيل القصر مبهرة ولاسيما حينما زادها الأديب بحقيقة الخليفة العاضد وكونه لا يستطيع مضاجعة النساء على الرغم من وجود أكثر من عشرين ألف جارية جميلة لخدمته والتسرية عنه!

ليظل منغمس في ملذاته في حين الغلاء يتوحش والقمح شحيح ، والقاهرة تحترق ، وعكا تسقط وطرابلس تضيع.

يخرج بنا الأديب خارخ القصر لنرى الواقع الأكثر قبحًا، نجد الوزير "شارو" ذلك الوزير الأحمق الذي حرق القاهرة لمجرد سماعه صوت يهتف ضده؟! لتشتعل النيران أربعة عشر ليلة، ليستعين بنور الدين محمود زنكي حاكم الشام، فيرسل له جيش بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

وتعد الحكاية الخامسة من أكثر الأجزاء أدهاشًا و إبهارًا في رأيي المتواضع على المستوى التاريخي والحبكة وربط السرد والمشهدية العالية، فالأديب بدأ فصوله بتوصيف الزمان والمكان وحتى درجة الحرارة ليدمج بذلك العالم الواقعي ما بين "سهر" و "فتحي" وروح "سهر" مع العالم التاريخي لـ "لمار" في أحداث متداخلة بإحترافية الأديب المعهودة من خلال الحكاية داخل الحكاية، حتى أن القارىء يجد نفسه في وقت من الأوقات داخل ثلاث حكايات في آن واحد.

الحكاية الأولى: "سهر" – "شهرازاد"

الحكاية الثانية: "شهرازاد" تحكي حكاية "لامار" – "هوى"

الحكاية الثالثة: "هوى" تحكي حكاية "العالية"- "الآمر بحكم الله"

وكل واحدة من الحكايات داخل الأخرى دون أن تتسبب في دخول القاريء في تيه أو تشويش.

الفواصل مابين السرد كسرت الملل الذي قد يتسرب لنفس القارىء من غزارة الأحداث وعمق تاريخيتها لتأتى كنصوص موازية تعتمد في الغالب على اللغة الشعرية لتعرض المشهد ما بين صوت الآذان دالًا على صفاء النفس وراحتها وصلاة لتكتمل اندماج الراوى والقاريء في حالة صوفية مريحة للروح

ثم يقدم للسرد شعرعالمي وبرامج إذاعة.

صوت الآذان

بأصوات المشايخ محمد رفعت وعبد الباسط والحصري والنقشبندي

ركعات الخشوع

على روح الشخصية التي يعظمها و كأنما يحث القاريء ويطلب منه مشاركته احترامها وتوقيرها

حكايات المذياع

والأساطير الفكاهية عن الوزير قراقوش الذي حكم مصر في عهد صلاح الدين، تلك الشخصية المثيرة للجدل في تاريخنا المصري، ليدق ناقوسالخطر على تفشي الظلم في الأوطان من قبل الحاكم.

أبيات الشعر لكبار الشعراء " نزار قباني – محمود درويش – اخناتون – جلال الدين الرومي " والتى تنسجم بشكل رائع مع نسيج الحكي.

قد بدأ الأديب بحكاية العشق ما بين "فتحي رضوان" و"سهر" في دبي حيث كل منهما متزوج من آخر، و كيف أنهما انجرفا إلى ممارسة الحب المحرم، لتتشابك الأحداث بظهور كاظم حبها الأول قادمًا من لبنان ليستقر وزوجته في دبي، لتزداد الأمور توتر وتعقيد!

الخيانات الزوجية في مسراوية "حتى يطمئن قلبي" بالغة الوضوح عرضها الأديب في أكتشاف زوجة الوزير " شارو" لخيانته لها مع جارية رومية، في الحمام الخاص بجناحها، ظلت تصرخ وساءت حالتها مما دفع الوزير للإستعانة بالشيخ عثمان الذي دخل حجرتها فشقت ملابسها وتهاوى الشيخ أمام الجسد الفاتن، ظل شهورًا في حجرتها فأدمنته ولاسيما أن زوجها دائم الإنشغال عنها.

وفي نقلة محورية تحولنا من الماضي إلى الحاضر لنلتقي "منقذ" يكتشف خيانة زوجته "سهر" له وعلاقتها مع "فتحي رضوان" واحتمالية حملها منه، فلا يكون منه إلا البكاء والأدهى يطلب منها عدم اجهاض جنينها، على نفس الخط الموازي يفتح الأديب صفحة التاريخ على إكتشاف "الآمر بأحكام الله" خيانة زوجته "العالية" وخنوعه أمام عشقه لها فلا يكون منه إلا أن يأمرها بعدم مراسلة عشيقها والبقاء معه!

" أقسمي لي إنك لن تكتبي له شعرًا أو تراسيلينه بعد ذلك."

قرر الأديب أن يفتح حكاية صلاح الدين محرر القدس في عقول العرب وصاحب الآيادي البيضاء في التاريخ ليحطم هذه الصورة، ويضع رؤية جديدة لهذا البطل والقائد يعرى الحقائق ليكشف جانب الإنسان الذي يخطيء ويقتل ويتآمر!

لينعطف بالقاريء في منحني حاد ينتبه به إلى حقائق جديدة تثير التفكير وتحث على البحث.

ليفتح باباً على تفاصيل الواقع السياسي والإقتصادي في مصر والكويت ودبي والعراق.

وختامًا

الكتابة في مسراوية الأديب " السيد حافظ " هي ابداع احترافي يكشف أماكن النزف في قلب الأوطان، وفضح المستور بجراءة تحكمها قدراته اللغوية وقبضه على أدواته وسعة ثقافته وصوفيته .

نحن أمام ملحمة روائية تاريخية ثقافية تدعونا إلى التأني والتفكير في قضايا فارقة :

{ الإنتماء – حب الوطن – الغربة – الخيانة – التدين – صراع السلطة }



بقلم د. داليا بدوي



#داليا_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية في كل من عليها خان للأديب / السيد حافظ- سلسلة دراسات نق ...
- عناق وطن جريح لمواطنه المقهور ظلمًا- سلسلة دراسات نقدية عن ا ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داليا بدوي - عناق وطن جريح لمواطنه المقهور ظلمًا حتى يطمئن قلبي- سلسلة دراسات نقدية عن اعمال الكاتب السيد حافظ (38)