أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - إفرايم دافيدي - سبعون عامًا للجيوش الدولية التي حاربت ضد الفاشية في اسبانيا















المزيد.....

سبعون عامًا للجيوش الدولية التي حاربت ضد الفاشية في اسبانيا


إفرايم دافيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 11:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


بعد عدة اسابيع سنحتفل بالذكرى السبعين، لاقامة الفرق العسكرية الدولية في اسبانيا، والتي تجند فيها متطوعون من عشرات الدول ومن كل القارات من اجل النضال ضد الفاشية، والاستعدادات لاقامة الجيوش بدأت بعد الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال الفاشي فرنسيسكو فرانكو في (7/1936) انقلاب عسكري جاء في اعقاب انتصار الجبهة الشعبية في الانتخابات العامة التي جرت في السنة ذاتها، وعملت في الجبهة الشعبية مجموعة احزاب يسارية ومن المركز، كان القاسم المشترك بينها دعم وتأييد الجمهورية الشابة وهي: الاشتراكية والشيوعية والجمهورية واليسار الكاثوليكي والقومجيين والباسكيين وقوى سياسية اصغر. والفوضويون الذين كانوا قوة سياسية هامة في اسبانيا في تلك الايام، هم ايضا دعوا الى التصويت للجبهة الشعبية، وهذا خلافا لمواقفهم الايديولوجية التقليدية التي كانت من اجل مقاطعة وتحريم الانتخابات.
وكما هو معروف فازت الجبهة الشعبية في الانتخابات العامة التي جرت في (1936)، ورفض اليمين الاعتراف بهزيمته، واستصعبها، وفي اعقاب هذا الانتصار بدأت القيادة العليا وبدعم من الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان، العمل سرا لاسقاط الحكومة الجمهورية، ومن بين القادة كان الجنرال الشاب فرانكو الذي وصف من اصحابه القادة الكبار بأنه: "بطل اسطورياس"، وذلك تقديرا له على القمع الدموي لاضراب عمال الافران والعمال في اقليم "اسطورياس"، في عام (1934)، وللجنرال فرانكو سجل حافل وماضيه غني في قمع تمردات سكان المواقع الاسبانية في شمال افريقيا، الذين شنوا حرب عصابات من اجل نيل الاستقلال، وكذلك القطاعات الفاشية المدنية لم تسلّم بفشلها الذريع في الانتخابات العامة وبدأت في نشاطات كل هدفها زعزعة النظام السياسي وزعزعة اسس النظام الدمقراطي، وقد تدربت تلك المجموعات عسكريا في ايطاليا الفاشية واستعملت اسلحة زودتها بها المانيا النازية سرا. وهناك عدد من القادة، الذين كان عليهم مستقبلا قيادة التمرد العسكري، التقوا مع قادة نازيين في عدة مناسبات وكذلك التقوا قادة النظام الفاشي الايطالي، وحدث التمرد في النهاية في الفترة الواقعة بين (17 و19/7/1936) في المناطق الاسبانية في شمال افريقيا.
وكانت للجنرال الفاشي فرانكو برامج واضحة وحسب لائحة الزمن كان عليه الدخول في بوابة مدريد العاصمة بعد (20) يوما على رأس القوى القومجية، وهكذا ليكون التسلط على المناطق الاسبانية المرحلة الاولى، ولكن الحسم العسكري كان يجب ان يتم في اسبانيا نفسها، وهكذا قطع فرانكو وجنوده البحر المتوسط، والذين بغالبيتهم كانوا من المرتزقة من اصل مغربي خدموا في تلك المناطق، وبمساعدة طائرات النقل الالمانية. والمساعدة النازية للاسبانيين لم تكن لمرة واحدة، ومن دون الحصول على المساعدة الكبيرة والمكثفة من القوى العظمى الفاشية في حينه، لم يكن بامكان فرانكو الانتصار في الحرب الأهلية ودعم المانيا النازية وايطاليا الفاشية والبرتغال بقيادة الطاغية سلازار، ساهم كثيرا في نجاح الضباط المتمردين في اسبانيا لتحقيق هدفهم.



* تجنيد متطوعين وأموال ضد الفاشية
إن تقدم الفاشية في اوروبا وانكشاف اعمال المانيا النازية وايطاليا الفاشية في اسبانيا، أدّيا الى اثارة الكثيرين في اوروبا وقارات اخرى، وقد دعم وايد نشيطون ورفاق الاحزاب العمالية بشكل مباشر، الجمهورية. وكان جمع الاموال في حملات مالية كثيرة وشراء اجهزة طبية وسيارات اسعاف، بمثابة اعمال عادية للنقابات المهنية في دول عديدة، خلال كل سنوات الحرب الأهلية المدنيين، كذلك الهستدروت في تلك الايام، "الهستدروت العامة للعمال في ارض اسرائيل"، قامت بحملة مالية متواضعة وبعدة نشاطات واعمال علنية لجمع الاموال دعما لقوى الجمهورية. وتجدر الاشارة الى ان دولتين فقط دعمتا بشكل فعال ونشيط نضال الجمهورية الاسبانية ضد الفاشية وهما: الاتحاد السوفييتي والمكسيك.
ولكن الدعم الكبير والاكثر قوة للمعركة ضد الفاشية لم يكن ماديا، ففي (11/1936) فان متطوعي الجيوش الدولية ساروا لاول مرة في شوارع اسبانيا، وعلى الرغم من ان متطوعين كثيرين انضموا الى الجيوش وبينهم خلافات آراء عميقة، لكن الذين برزوا بينهم كانوا من المتطوعين الشيوعيين، وتبوأوا مناصب قيادية وتفوقوا في نضالاتهم وقد لعبت منظمة "اللوفترن"، الاممية الشيوعية، دورا بارزا في اقامتها، وبرز هنا دور الشيوعيين الفرنسيين والاسبان.
وكان مهاجرون من المانيين ونمساويين وبينهم يهود، من الذين عاشوا في اسبانيا خلال تمرد الضباط، كانوا من بين المتطوعين الاوائل الذين انضموا الى الميليشيات الشعبية التي اقيمت من اجل المحاربة الى جانب قوات الجيش المخلصة للجمهورية. وهؤلاء كانوا من الاوائل من بين 40 الف متطوع وصلوا من 55 دولة وبطرق صعبة الى اسبانيا، وانضموا الى فيالق وفرق عسكرية مختلفة اقيمت على اساس اللغات في الجيوش، بما في ذلك كتيبة عسكرية يتحدث افرادها لغة الايدش على اسم نفتالي بوطفين، وهو عامل شيوعي شاب أعدم في بولونيا. وكان هناك من خدم في فرق اخرى مختلفة منهم على سبيل المثال من مواليد البلاد من متكلمي الانجليزية خدموا في كتيبة على اسم لينكولن وهي من متطوعي الولايات المتحدة الامريكية.
وتشير التقديرات الى ان 300 متطوع وصلوا الى فلسطين من اجل الانضمام الى صفوف الجيوش وغالبيتهم من اليهود وغالبية غالبيتهم من رفاق او انصار الحزب الشيوعي الذي يعمل بشكل سري ومن بين المتطوعين كان حشد من الفلسطينيين وأرمن من القدس وهناك من وصلوا الى اسبانيا مباشرة من سجون الامبراطورية البريطانية في عكا وبيت لحم وهناك من طُردوا من البلاد، ومنذ اقامة الحزب الشيوعي وحتى طرد البريطانيين في عام 1948 فان 2000 من نشيطي ومؤيدي الحزب الشيوعي طردوا من البلاد من قبل الامبريالية البريطانية بمساعدة من المؤسسة الصهيونية.
ان القول: "حسب التقديرات ان 300 متطوع وصلوا الى اسبانيا"، ليس صدفة لأنه لا توجد تسجيلات دقيقة عن اسماء المتطوعين وعددهم، ولم يكتب بعد بحث تاريخي شامل حول الموضوع وفي كتاب ألفته روت ليفين: "المستقيمون كانوا معها"، في اسبانيا في الفترة بين 1936 و 1939، والذي صدر في عام 1987، نشرت قائمة باسماء متطوعين ولكنها ليست كاملة وظهرت فيها اخطاء وتشويشات في الاسماء والقائمة لا تلائم اسماء من سقطوا في المعركة ضد الفاشية، كما نشرت في الاسبوعية الشيوعية السرية "كول هعام" خلال ايام الحرب في اسبانيا.
ان المتطوعين من البلاد شاركوا بشكل فعال في معارك كثيرة صعبة ودموية، دارت على ارض اسبانيا وقد سقط اكثر من 150 منهم خلال الحرب على الارض الاسبانية وبعد ذلك في الحرب ضد النازية. وكان كثيرون منهم ضباط ومنهم على سبيل المثال مردخاي ميلمن، الذي سقط في معركة غندوزه في 8/1938. وهناك من واصلوا الحرب ضد الفاشية بعد سقوط الجمهورية وكانوا ضباط فرق في المجموعات السرية التي حاربت ضد الفاشية والنازية ومنهم على سبيل المثال، مرسل – مندل – لنفر، وكان قائد الثوار الوطنيين "اعضاء رزيستانس" وهم من المعارضة المسلحة ضد الاحتلال النازي ومساعديه في منطقة طولوز في فرنسا، وقد اعدمت قوات الغستابو لنفر في 1943، واعترفت به الحكومة الفرنسية كبطل قومي. وهناك من تجندوا للجيش الاحمر وهناك من حاربوا في جيوش الحلفاء ومنهم على سبيل المثال، زلمان زتسلمن، ورأوا سقوط النظام النازي عندما حاربوا في شوارع برلين في 5/1945، وتجدر الاشارة الى وجود الذين تطوعوا الى اسبانيا لكنهم لم يحاربوا في الجبهات لكن اعمالهم كانت هامة جدا للجمهورية ومن تلك الاعمال على سبيل المثال، عمل الممرضات في مستشفى الجيش الجمهوري، ومن هؤلاء الذين لم يحاربوا من خلال الجيوش ولكنهم ساهموا مساهمات هامة وقوية في دحر النازية كان نجاتي صدقي – 1905 – 1975 وهو من القادة الشيوعيين الاوائل الذين ترعرعوا داخل الجماهير العربية في البلاد وارسل من قبل الحزب الشيوعي للتعلم في الاتحاد السوفييتي في سنوات العشرين من القرن الماضي، وقد ادار صدقي الدعاية للجمهورية باللغة العربية في جبهات مختلفة وقد عمل كذلك من اجل ان مئات المحاربين من شمال افريقيا كانوا تحت قيادة الجنرال فرانكو، ينتقلون الى جانب الجمهوريين.



* حبل الصمت حول المحاربين في اسبانيا
لم يجر بعد بحث تاريخي وأساسي عن مئات المتطوعين الذين ذهبوا من البلاد للمشاركة في الحرب ضد الفاشية في اسبانيا، وذلك على الرغم من الحقيقة ان مئات المتطوعين الذين تركوا البلاد وذهبوا لمحاربة الفاشية في اسبانيا وعلى الرغم من ان مئات المتطوعين يشكلون عددا كبيرا من السكان مقارنة مع عدد السكان المحليين في تلك الفترة، وحبل الصمت حول المحاربين الاسبان لم يبدأ في السنوات الاخيرة، وانما بدأ خلال الحرب في اسبانيا.
في القرى اليهودية كانت قوى يمينية دعمت الفاشية في اسبانيا. وقد دعا قائد "بيتار" زئيف جابوتنسكي علانية وبصراحة ومن على صفحات جريدة "هيردن" الى دعم فرانكو، ومما كتب في "هيردن" "انه على الصهيوني المستقيم، ان يتمنى للمتمردين الانتصار الكبير"، ومن خلال الاطلاع على الصحف باللغة العبرية في تلك السنوات وتعاملها مع الحرب الأهلية في اسبانيا، والذي قام به د. يوسيف الغازي، ونشره في مجلة يحررها رعنان راين، تحت عنوان: "الفاشية لن تمر" – ان من الحرب الأهلية في اسبانيا، في (1936 – 1939) والذي صدر في عام (2000)، يتضح ان غالبية القوى السياسية ايّدت الجمهورية وهناك من هاجموا الحكومة الجمهورية لأنها لم تكن ثورية بالشكل الكافي ومنهم "هشومير هتسعير" أي "مبام".
ولكن حول المتطوعين الذين كانوا بغالبيتهم من الشيوعيين، ساد الصمت العميق وفقط صحف اليمين تطرقت الى المتطوعين، ولكن من اجل ادانتهم، وفي الصحيفة الصباحية اليمينية "هبوكر" نشر في اوائل (1937)، عنوان رئيسي وجاء فيه: "الجيش الدولي"، كما الاجنبي، يأخذ من المتطوعين جوازات السفر وهم كأسرى في ايدي القادة الروس – قتلنا نساء وذبحنا الاولاد، واطلقنا الرصاص على فلاحين لأنهم احتفظوا ببعض الخضار ومن هو ليس شيوعيا ينقل الى صفوف المشبوهين". وفي صحيفة "هبوكر" ادين التطوع الى اسبانيا ومما كتب: "كيف نحن؟ الفقراء جدا في الدولة وحصرونا فيها وطوقونا من كل الجهات وفي بحر هائج، ونسمح لأنفسنا بالفقر وان نكون الأكثر فقرا، ونحن 16 شخصا ولنا اقدمية 12 سنة في الدولة". ولكن ليس اليمين فقط عارض التطوع، وكذلك اليسار الصهيوني عارض ذلك، وقد كتب في حينه قائد "هشومير هتسعير" يعقوب حزان، الشعار: "حنيتا قبل اسبانيا"، وهذا هو ايضا اسم الفيلم الجديد من اخراج عيران طوربينتر الذي يستعرض تاريخ المتطوعين في اسبانيا، بناء على قرار قيادة "هشومير هتسعير"، فقد طرد دافيد غورن، من كيبوتس كفار مناحيم، لأنه تطوع للحرب ضد الفاشية، وان المعارضة الشاملة لكل المعسكر الصهيوني لرجالات الجيوش الذين خرجوا من البلاد، هي قاعدة تاريخية لحبل الصمت حول قصة مئات المحاربين، وفقط الحزب الشيوعي السري، وفيه جرى نقاش سري داخلي حول فيما اذا كان يمكن ارسال عدد كبير جدا من النشيطين دون المس بعمل الحزب هنا وان عددا من قادته من السجن، وقد أيدوا المتطوعين ونشروا في الصحف السرية للحزب باللغتين العربية والعبرية رسائل ومقالات من متطوعين وباسماء مستعارة في غالبية الاوقات ونشرت مراث للذين سقطوا في المعارك.



* الفاشية لن تمر
كان هدف القوات الفاشية على مر السنين من الحرب، العاصمة مدريد، وحاولت القوات برئاسة فرانكو على مدى ثلاث سنوات التسلط على مدريد، لكنها فشلت، وأراد فرانكو من احتلال مدريد الحصول ثانية على الشرعية الدولية التي سلبت منه، والدفاع عن مدريد وتحويلها الى مقبرة للفاشية، كما صرح في حينه قادة الجمهورية كان الهدف الاستراتيجي للقوات الدمقراطية، وشعار: "هم لن يمروا"، و "الفاشيون لن يحتلوا مدريد"، تحولا الى رمز للنضال ضد الفاشية في اسبانيا وفي العالم كله وقالت القائدة الشيوعية دولوريس ايبروري، جسدت بهذا الشعار روح الشعب المدنية الثائرة في مدريد والتي سقط الكثير من سكانها دفاعا عنها.
وقال احد المتطوعين من البلاد الذي حارب في صفوف الجيوش الدولية: "لقد ارتفعت الشمس بكل قوتها واخترقت اشعّتها الشبابيك، ونهض سكان مدريد يعانون من الارهاق والتعب وفتحت الابواب والشبابيك واخترقتها رياح الخريف القوية، وقد صدحت اغاني فيلقنا في شوارع واجواء المدينة الجريحة، ومقابلنا كان مبنى، اصابته قذيفة من الطابق الخامس وما تحت، وحولنا كانت قطع الاثاث المتناثرة وكذلك الجثث المبعثرة وامهات يصرخن بقوة واولاد يبكون على آبائهم وامهاتهم"، وهذا كتبه يسرائيل تسينطر تحت عنوان: "من مدريد لبرلين" في عام 1966 ص 60.
مدريد لم تُحتل من قبل الفاشيين بسبب تأكيدات الجنرالات القريبين من فرانكو" انه في القريب ستكون مدريد العاصمة المسيحية لاسبانيا"، وعلى الرغم من التفوق العسكري للمتمردين وتأكيد فرانكو لاحتلال مدريد، "خلال عدة اسابيع"، فلم يتحقق ذلك وقررت القيادة العليا للمتمردين مهاجمة اهداف يسهل انجازها والوصول اليها، ففي النصف الاول من عام 1937، سقط الشمال الصناعي والذي ضم اقليم الباسك وكذلك "اسطورياس الحمراء"، بايدي فرانكو وجنوده، وشارك في حصار الشمال جنود من ايطاليا وبكثرة بمساعدة جوية مكثفة في محاصرة "لوفطفافة".
وبعد ان استكمل فرانكو احتلال الشمال تفرغ ليجري مجددا احتلال مدريد، واحتل جنوده مدينة جيحون في 10/1937، وهذه كانت بداية الهجوم على مدريد الذي خطط له بالتفصيل تحت مراقبة المستشارين الالمان، وفي نهاية صيف 1937 رئيت الحرب بأنها مفقودة في نظر الكثيرين ولكن الجيش الشعبي الذي اقيم، سوية مع متطوعين كثيرين، فقد نجحت الجيوش في صد الهجوم الالماني ولكن من خلال خسائر كثيرة خاصة من سكان القرى والمدن.
ان الهجوم الاخير على الجمهورية جرى على ضفاف "ايبرو" وهو الأهم من أنهر اسبانيا، وعلى مدى عام 1938 شارك مئات آلاف الجنود وعلى مدى اربعة اشهر في المعركة على النهر وقال دافيد كرون في افادته: "ان المعركة المستمرة على معابر النهر هي بمثابة الكابوس الاكثر رعبا في حياتي" واضاف قائلا: "الطعام لم يصل الينا، ولكن الصحف تلقيناها يوميا، وفجأة توقفوا عن ارسالها لنا لثلاثة ايام، وقد كان ذلك غريب في نظري، واتضح ان ذلك باوامر من فوق بادعاء عدم المس بنا وفي الصحف اعلنوا يومها عن اتفاق لجنة المراقبة الدولية لاخراج المتطوعين من محاربي الجانبين من اسبانيا، عيتون 77 عدد 78/79 – 7 و 9/1986.
في 15/11/1938 خرج للمرة الاخيرة آلاف المتطوعين من الجيوش في شارع برشلونة وفي شارع "فاسيونريه"، وانفصلوا عنهم باسم الحكومة الاسبانية والشعب وهناك من عادوا الى دولهم وهناك من هاجر لدول اخرى. وكثيرون لم يتمكنوا من الرجوع الى بيوتهم وخاصة من المتطوعين الذين ذهبوا من هنا وتحولوا الى لاجئين بدون وطن وبدون بطاقات وبدون اماكن عمل.



* المعركة الاولى في الحرب العالمية الثانية
بعد سقوط الجمهوريين على ضفاف نهر ايبرو وتفريق الجيوش الدولية، بدأ الهجوم النهائي لفرانكو وجيوشه. وفي نهاية 1938، سقطت كتلونيا وبرشلونة وفي شهر آذار انفجرت معارك داخل مدريد، مدريد التي لم يحلم الفاشيون باحتلالها خلال كل سنوات الحرب سقطت كثمرة في ايدي فرانكو، وانتشرت في اوساط معينة من الحكم الجمهوري في حينه اوهام انه بعد سنوات من الحرب، فان الجنرالات المتمردين سيكونون على استعداد للتوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار من اجل اعمار وترميم اسبانيا، وقد اضعفت الخلافات الداخلية المدافعين عن مدريد وهكذا عندما دخل في 28/3/1938، جنود ايطاليا قبل غيرهم الى شوارعها لم يواجهوا تقريبا أي مقاومة ولقد انتهت الحرب لكن بدأت مأساة انسانية تجسدت في ان ملايين الاسبان هربوا من بلادهم واعدم عدد كبير من محاربي الجمهورية الذين ظلوا في وطنهم. ولقد تسبب التمرد الفاشي بمئات آلاف القتلى والجرحى، وتشريد مليونين وهدم الاقتصاد الاسباني وبعد انتهاء الحرب الأهلية وعلى مدى سنوات طويلة عانى الشعب الاسباني من الجوع والقمع السياسي الظالم، ورغم ذلك فان العمل السري لم ينقطع للحظة على الرغم من الاحكام بالقتل والاعدام خاصة ضد الشيوعيين، وهناك من واصلوا على مدى 15 سنة الحرب على شكل افراد ومجموعات متفرقة في الجبال حتى بداية الخمسينيات. وهكذا وصلت الى نهايتها المعركة الاولى في الحرب العالمية الثانية واعلن فرانكو الشهير في 1/4/1939 "اليوم احتل الجيش القومي المواقع الاخيرة للعدو وهزم الجيش الاحمر، وانتهت الحرب"، وفي 11/1939، وبعد نصف سنة من اعلان فرانكو بان الحرب انتهت، دخلت قوات هفورماخت الالمانية بمئات الآلاف الى بولونيا.


* يستند النص إلى مداخلة ألقاها الكاتب في منتدى "الضفة اليسارية" في تل ابيب مؤخرًا، على شرف سبعين عامًا لاقامة الجيوش الدولية للحرب في اسبانيا.



#إفرايم_دافيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جديد: قدامى الموساد و-الشاباك- لخدمة المُشغلين
- عن رفع راتب الحد الأدنى للأجور


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - إفرايم دافيدي - سبعون عامًا للجيوش الدولية التي حاربت ضد الفاشية في اسبانيا