أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالوهاب الحراسي - الفيلسوف بين اكتشاف الواقع وصناعة المعرفة















المزيد.....

الفيلسوف بين اكتشاف الواقع وصناعة المعرفة


عبدالوهاب الحراسي
كاتب

(Abdalohab Alhrasy)


الحوار المتمدن-العدد: 7320 - 2022 / 7 / 25 - 08:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا قبل، ثم رفض الفيلسوف يورغن هابرماس ترشيحة لجائزة الشيخ زايد العالمية؟
مادام السؤال يتعلق بموقف فيلسوف.. فسيكون الجواب، بوجه خاص عن قبوله، فلسفيا:

من "تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق" ( كانط )
يبدأ كانط نظريته الأخلاقية بفكرة الواجب كمبدأ لسلوك كل إنسان. حيث
يقرر، أولا، معرفة العقل للأخلاق المشتركة، ومبدئها.( تأتي المعرفة المشتركة من القول بالمسلمة التي أريدها أن تكون معممة على الجميع. فعندما يفكر أحد القيام بفعل ما أو أن يصدر قانونا يطبق على الجميع فإن هذا الأحد سيعرف ما إذا كان فعله أو قانونه سليما أم لا. ) إن الواجب هو _ التعبير الشعبي عن _ القانون الأخلاقي.
ثم يقرر العقل الإنساني المشترك، وأن الإنسان هو عضو في عالم معقول خالص _ كما ينتمي إلى عالم المحسوس _ بوصفه يتألف من جميع العقول.
ومادام الإنسان كذلك فلأن عليته هي الإرادة، وأن الحرية هي الخاصية التي تميزها وتجعلها قادرة على الفعل، وأنها مستقلة عن العلل الخارجية.
وأخيرا أن الصلاحية الشاملة ( العقل الخالص ) هي الغاية، والنتيجة التي يجب أن تتحقق عن كل أفعال الإرادة الانسانية الحرة، وليست المنفعة ( العقل العملي )1.

وبنظرة عامة لنظرية كانط سنجدها نظرية مفارقة للواقع ( ترنسندنتالية ) ولا تتحقق إلا مع تصور النوع الإنساني وكأنهم ملائكة.

إلى نظرية الفعل التواصلي وإيتيقا النقاش ( هابرماس )

يمثل يورغن هابرماس الامتداد المعاصر للفلسفة المثالية الألمانية، بل هو أحد الكانطيين الجدد.. وما نظريته التواصلية وشروطه الأساسية لضرورة النقاش إلا نقدا وتجديدا لميتافيزيقا أخلاق كانط.
وذلك عندما باتت القناعة عامة بأن فلسفة كانط الأخلاقية ،المحكمة، مكانها العقل، ولايمكنها الخروج منه.
ولكي تخرج إلى الواقع قدم هابرماس إسهامه الفلسفي بنظريته في الفعل التواصلي كسبيل لها.
وقد نهضت أصالة الطَّرح الذي اضطلع به هابرماس على معالجة قضايا الفلسفة العمليَّة كافة (الأخلاق، الحق، الحرية ) _ وكلها أخلاق كونية _ على مستوى اللّغة، فقد انخرط في المنعرج اللّغوي التداولي الذي عرفه التفلسف المعاصر في مطلع السبعينيات، وأنشأ تداوليَّة أطلق عليها «كونيَّة» (... ) وتدرس «الافتراضات الضمنيَّة للتواصل» أو شروط إمكان التفاهم المتبادل (النقاش) اعتماداً على ممارسة حجاجيَّة.
وضع هابرماس _ مع آبل _ مبدأين أساسيين لإيتيقا النقاش :
- مبدأ الكونيَّة: «ينبغي على كلّ معيار ذي صلاحيَّة أن يستجيب للشَّرط الذي بمقتضاه يمكن للنتائج والآثار الثانويَّة (...) أن تكون مقبولة من طرف الأشخاص المعينين كافةً» يُعدُّ هذا المبدأ قاعدة الحجاج ويتبوَّأ المنزلة نفسها التي أسندها كانط إلى الأمر القطعي القائم على فكرة الكونيَّة، ولكنَّه خلافاً لكانط يدرج هابرماس النتائج والمصالح ضمن دائرة المناقشات الأخلاقيَّة.

- مبدأ النقاش: «لا يمكن لأيّ معيار أن يدَّعي الصلاحيَّة إلّا إذا تمكَّن جميع الأشخاص المعنيين من الاتفاق حوله أو يمكنهم الوصول إليه بوصفهم مشاركين في نقاش عملي حول صلاحيَّة هذا المعيار» وفق هذا المبدأ، لا يمكن لأيّ معيار أن يدَّعي الصَّلاحيَّة الكونيَّة لنفسه إلّا إذا كان محلَّ إجماع من طرف المشاركين في النقاش، ويترتَّب على ذلك انعدام أيّ مبرر أخلاقي لقبول معيار صادر عن «عقل مونولوجي»2

ووفق تقدير هابرماس، يغدو المعيار كونيَّاً إذا خضع لمناقشة حجاجيَّة تؤول إلى الاتفاق والإجماع العقلي، وتكون هذه المناقشة مشروطة بما يلي:
- المساواة وتكافؤ الفرص بين المتحاورين.
- اتخاذهم مواقف بمعزل عن أيّ ضغط أو سلطة ما عدا سلطة «الحجَّة الأفضل».
- لا محدوديَّة النقاش؛ أي عدم وضع حدود أو قيود على موضوعات النقاش3.

مآخذ على نظرية هابرماس

تعرضت نظرية هابرماس للنقد من طرق أبرز المقربين إلى هابرماس، ولاسيما أكسل هونيث حيث رأى أنَّ إيمان هابرماس بمثل أعلى لإجماع عقلي كوني عبر تواصل لغوي قد صرف اهتمامه عن نقد الهيمنة والظلم الاجتماعي، والحال أنَّه خلف الدوافع المحرّكة للحركات الاجتماعيَّة تنكشف لنا أشكال متنوّعة من هذا الظلم، ويتعيَّن تفسيرها على أنَّها تجارب من أفكار متنوّعة من الظلم وإنكار الاعتراف والتعبير عن «ديناميكا الاحتقار الاجتماعي»4.

هذا النقد كان صادقا يفسر قبول هابرماس لترشيحه للجائزة. فهو يعني أولا استحالة أو صعوبة تحقيق شرط هابرماس، عن ضرورة المساواة بين المتحاورين، ولأن المهيمن ينتج معرفته التي لا يمكنها الالتقاء مع مفاهيم المظلوم والضحية والمحتقر. بالإضافه إلى أن كل مشارك للنقاش ماهو إلا ممثل لجماعة لها لسانها الخاص، وأخلاقها، ومصالحها، وتقاليدها، ونمط عيشها.
ولكونية خطاب هابرماس قبل بالاترشح للجائزة، التي بدورها تفترض كونيتها. والنتيجة هي التعالي أو الانفصال أوالتغافل عن الواقع، والتضحية بالمعرفة بجزئيات الواقع في العالم المعاش.

لماذ رجع ورفض الجائزة ؟
كان جوابه هو هذا: "لم يتضح لي بشكل كافٍ الصلة الوثيقة جداً بين المؤسسة، التي تمنح هذه الجوائز في أبوظبي، والنظام السياسي القائم هناك". هذه الإجابة المختزلة، تعبر عن مضض الاعتراف والعودة إلى تفاصيل القاع، وجزيئات الواقع.
الإنسان الكوني وكرة الطائرة
لنا أن نتخيل قنوات شبكية، في الهواء، تحيط بالعالم، وعلى كل ممثل لمجتمعة أن يقف على سفح ليقذف بكرة، ليلتقطها آخر في مجتمع بعيد، المسألة أشبه بلعبة كرة الطائرة..وحين تسقط الكرة على الأرض _ وكثيرا ما سيحدث ذلك في المجتمعات المتخلفة _ فإنها ستقع على وحل أو مجاري، ولأن هذا الكرة (القيمة) لا يمكن استبدالها يجب أن تعود لتداولها في تلك القنوات.. هنا ستصل ممثلي مجتمعات متقدمة وراقية وقد علقت بأيديهم آثار من (الوحل )و(القاذورات ) _ ولعل ذلك ما حدث لهابرماس _ في هذه اللحظة لنا كل الحق في طرح الأسئلة عن مواقف و ردود أفعال تلك النخب.
________
1 تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، امانويل كانط، ت. المكاوي عبدالغفار، مراجعة بدوي عبدالرحمن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980.
2 إيتيقا النقاش، هابرماس، ت. ميبل عمر، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010.
3 المصدر السابق نفسه.
4 أكسل هونيث ، الديناميات الاجتماعية للازدراء ، أين تتحدث النظرية النقدية للمجتمع؟ في هابرماس ، العقل والنقد ، باريس ، سيرف ، 1996 .



#عبدالوهاب_الحراسي (هاشتاغ)       Abdalohab_Alhrasy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية لله


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالوهاب الحراسي - الفيلسوف بين اكتشاف الواقع وصناعة المعرفة