أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محموديعقوب - قصة كفاحي














المزيد.....

قصة كفاحي


محموديعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1682 - 2006 / 9 / 23 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


(لست وحدك من يكتب قصة كفاحة ايها السيد ادولف هتلر)

في قلب المحافظة القريبة من مدينتي الصغيرة, ثمة امور غير مألوفة طرأت في العقود الاخيرة ,كان لها وقع عجيب في حياتي.فأزاء التبدلات الحضرية التي شهدتهاهذة المدينة,وما رافقها من وعي اقتصادي بعض الشي ,جذبني اليها,لاعثر فيها على الدواءالناجع لجراحاتي و المسكن السحري لشرود روحي وعذابات طفولتي. ففي التاريخ المعاصر لهذه المدينة توجهت بعض الاستثمارات الماليةالى ميدان خدمي كان ممغمور جدا,ميدان رحب ومضمون و سهل غاية السهولة ,تمثل في تشييد دورات المياه الصحية في الاماكن العامة – قرب الاسواق المكتظة, او بين عيادات الاطباء ,او الى جنب مكانات التسلية والترفيه-كانت وما زالت تدر ريعا وفيراٍٍٍِِ,بعيدا عن فضول الاخرين ونظرات الحسدالتي يتطاير منها سكان المدينة..
وقد ساقتني الاقدار الى واحدة من هذه المرافق الصحية ,صبيا في الثانية عشر من عمري ,مفرط النباهة والحساسية,كان صاحبها مقاولا متشعب الاعمال بشكل لا يوصف, وشغوفا بالعمل على الدوام, سرعان ما ترسخت قناعته بمؤهلاتي وذكائي على القيادة في مبناه هذا حتى ترك تصريف العمل طوع يدي ..
وهكذا وجت نفسي جالسا بثبات على كنز لا يفنى!..و قعدت سنينا لم اتزعزع خلالها وساعيا بضراوة لبناء مجد تليد, وجنيت ثروة لابأس بها.. وفي اليوم الذي قرر ذلك المقاول التخلص منها وجدني افضل من تقدم لشرائها..
وعلى حين غرة,اصبحت في مطلع شبابي مالكا لدورة مياه في اكثر الاماكن ازدحاما في وسط المدينة,في ذلك الوقت الذي بلغ الاهتمام بتشييد مثل هذه الغرف الخدمية ذروته وصار اصحابها يطلون واجهاتها بالدهان الملون و يلصقون عليها لافتات مميزة كما هو الامر بالنسبة للمحلات التجارية الاخرى .
وعبر وقت ليس بالطويل,تبدل حالي من طفل يتضور جوعا الى شاب يجلس خلف الموائد العامرة,ويعرف ادابها جيدا,بل وصار له طبقه المفضل في المطاعم المعروفة.ويوم بعد اخر.. اتاحت لي مواردي التوسع في المشاريع الخدمية هذه والتي باتت تتكاثر لتضم الكثير من الصبية و الشبان الذين يعملون عندي و اللذين راح اغلبهم يقتفون خطواتي في سلم المجد بتعثر و بطئ واضحين.
لقد جائني الثراء بأقدامه الراسخة,ليقف جنبي ويصوب سهام شهرتي في كبد المال والاعمال. ولم يتوقف كفاحي عند هذه الحدود الضيقة,فسرعان ما انعطفت وبنجاح باهر بأعمالي منعطفا جديدا يختلف كل الاختلاف عما سبقه..فقمت بتصفية املاكي,ولم يعد لدي حتى دورة مياه واحدة!.. وكانت لي اسبابي المقنعة في هذا الانعطاف, فقد كان الجميع يطعنون في ثرائي كما لو انني كنت رجلأ مختلسا او تاجر مخدرات,ولاكثر خذلانا من ذلك بات الكثير منهم لايذكر اسمي الا مقرونا بوضعات دورات المياه تلك!..
وقد نغص ذلك علي راحتي واقض كابوسه المزعج مضجعي..غير انني لم استسلم ولم افقد اثر طريقي, فقذفت بكل ممتلكاتي و ثروتي في ميادين المقاولات لاصبح بعد حين من اشهر اعلامهم واوسعهم بابا و اسطعهم ضياءا..وفي ذلك الوقت الذي حزمت فيه امري لبقاء نجم سعودي شاهقا,كنت قد سعيت بجراة لبناء مجد اجتماعي يكفل لي محو تلك المسحة الوضيعة من تاريخ اسمي الملطخ.وهكذا وجدت نفسي في خضم كفاح من نوع اخر .رحت اغدق الاموال للناس بمناسبة او اخرى, واشاركهم كل همومهم ,وكتبت في تاريخهم مواقف مضيئة.. وكان اخر عمل كبير انجزته وعلى نفقتي الخاصة هو تشييد منتدى اجتماعي فخم ولم انس على سبيل التذكير ان ابني الى جنبه دورة مياه مريحة ومجانيةلا تحمل اي تسمية!..وهكذا سار كفاحي الذي توجته بزواج ناجح من ذلك الزواج الذي يوصف بأنه زواج مصالح. وصار عندي فصيلا من البنين والبنات .. واغرقت نفسي في اتون الحياة الاجتماعية رغم ضيق وقتي ونفوري منها.
السيد(ادولف هتلر)
قد تبدو قصة كفاحي الى هذا الحد سمجة,تراهات لا معنى لها, بل قد تبدو لك و للكثير من الناس محض هراء.. حكاية عادية جدا خالية من عناصر المغامرة والتشويق .. فانا لم اعبر الراين ولم اكسر طوق الحلفاء او ما شابه ذلك في كفاحكم الشائك الطويل ,واعتقد بكل يقين بان ذلك شيء وذاك شيء اخر قطعا.. شيء لا يشبه شيئا..غير انك في نهاية النفق المظلم و برصاصة واحدة في الرأس وضعت خاتمة مثيرة لقصة كفاحك المرير, وانا وضعت اكواما من العتاد الحي لقتل ذلك الشبح الذي يغرس مخالبه في لحمي وتاريخي ولم افلح حتى ظل نسلي و نسل نسلي يعيش طول المدى قصة كفاح لاتنتهي..



#محموديعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنه ألعراق..وأنه
- قصه قصيره كرابيت


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محموديعقوب - قصة كفاحي