الكونفوشيوسية

أحمد مجباس

الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 16:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المقدمة
للكونفوشيوسية أهمية كبيرة أسهمت في تكوين الفكر السياسي الصيني، وان البحث في الفكر السياسي الصيني لا يمكن بدون البحث في الكونفوشيوسية، لما لها دور في الصين مع ما امتازت بها من مبادئ وتحددت مشكلة البحث في ما مفهوم الكونفوشيوسية في الفكر السياسي الصيني ومن هو (كنج فو تزو) وماهي مبادئ وافكار الكونفوشيوسية وتمثل الكونفوشيوسية البعد الثقافي للصين طول تاريخها الطويل، ولايزال لها تأثير واضح في توجهات الصين المعاصرة.
- تعريف الكونفوشيوسية (Confucianism)
تباينت التعريفات والآراء في دراسة الكونفوشيوسية وسعيا منا لتفكيك الكونفوشيوسية سنتطرق للتعريفات الاتية:
أصل اسم كونفوشيوس لاتيني مأخوذ من اللفظ (كون فو تزو) ويعني الأستاذ او المعلم وكنيته (تشونج نى) ومن هذا اللفظ الصيني كون فو تزو اشتق في اللاتينية كونفوشيوس وقيل ان الاسم المشهور في الصين كونغ فوتس ومعنى فوتس الحكيم.(1)
الكونفوشيوسية هي فلسفة إنسانية وتستند الى تعاليم الفيلسوف الحكيم كونفوشيوس، حيث ابتكر نوعا من الفلسفة لسن معيار للسلوك الإنساني يستند الى نظام طقسي ومذهب أخلاقي واجتماعي.(2)
الكونفوشيوسية هي مجموعة أفكار ومبادئ متغلغلة بعمق في الثقافة الصينية مع التركيز بشكل خاص على الاخلاق في إدارة العمل السياسي ويمكن اعتبارها هي المدرسة الاولى التي تبنت حقوق الانسان.(3)
جملة من الانساق الأخلاقية ذات ابعاد فلسفية اجتماعية وسياسية تكونت من أفكار كونفوشيوس الحكيم بغية بناء مجتمع قائم على العقلانية والمبادئ السامية ذات أثر عملي في قيام امة مزدهرة في بلده، ويمكن القول انها فكر موسوعي تتضمن فكر ديني ودنيوي مختلفة عن سائر الأفكار الأخرى بحيث جاءت بما يتلاءم مع تطلعات الانسان تبعا للظروف التي كانت سائدة في الصين.(4)
- اسمه ومولده
هو كونغ فو تسو فيلسوف صيني الأصل من أبرز فلاسفة الصين القدماء وأبرزهم ولد في مقاطعة "لو" 551 ق.م من اسره فقيرة مما انعكس على تعليمة البسيط التي افرزت أفكاره النابغة التي مكنته من الالتحاق بولاة وحكام مملكة الصين سعيا لنشر أفكاره الإصلاحية في خدمة مجتمعة خلال فتره حياته.(5)
- اعماله ونشأته
عمل في وظائف حكومية مرموقة كوزير الاعمال ومن ثم وزير الجرائم وأخيرا دبلوماسيا، حيث أصبح ذو مركز هام وبات الحكام يطلبون نصحه بعد ان اظهر براعته في مختلف الشؤون السياسية عاش كونفوشيوس مجتمع يسوده الاقطاع والفوضى تمزقه الحروب مما ادرك انه بحاجة الى تعلم الحكمة بعد ما شاهده من تفشي وتدهور الاخلاق في مجتمعة ولما بلغ الثانية والخمسين من عمره عين قاضيا فعدل حتى اطلق على مدينة "شانج" المدينة الفاضلة لعدلة في تسيسها وحكمته حتى بلغت حكمته السياسية وشهرته مداها ولقبه الصينيون "بالمعلم الداهية" حتى راح امراء الصين يستشيرونه في كيفية تدبير شئون حكمهم .(6)
- مؤلفاته
الكتب الرئيسية الأربعة التي مثلت فلسفة كونفوشيوس هي:
كتاب الاخلاق والسياسية
كتاب الانسجام المركزي
كتاب المنتخبات (انجيل كونفوشيوس)
كتاب منسيوس من سيع كتب.(7)
- وفاته
توفي في مدينته "لو" عن عمر72 في 479 ق.م حتى أصبح قبره معبد تقام علية الطقوس وقد عظمة تلاميذه واتباعه حتى رفعوه الى مصاف الآلة.(8)
- المبادئ الرئيسية للكونفوشيوسية
الاخلاق والآداب والدعوة الى الخير واحترام الكبير والاسرة.
الدعوة الى عقل الانسان ليس الروحانية.
تنفي الميتافيزيقيا (ما وراء الطبيعة) كلها لذلك سمى كونفوشيوس " السقراط الصيني"
الاهتمام بالعلم وعمل الخير في مخالطة الناس وعدم العزلة.
أساسها قيامة العدل والايمان بالإله السماء الأعظم واروح الأجداد.(9)
- الفكر السياسي للكونفوشيوس (كونغ فو تسو)
دعا كونفوشيوس الى تأسيس مذهب سياسي قائم على الاخلاق وان السياسة والأخلاق مقترنتان ولا يمكن الفصل بينهما فهو يرى ان السياسة الحكيمة هي التي تقوم على الاخلاق القويمة لذا وضع جملة من المبادئ للحاكم الصالح هي:
الحاكم هو مقدس يستمد سلطته من الالة.
وفي حال قصر الحاكم في واجبة أصبح من حق الرعية ان تنحية من عملة.
الإخلاص في الحكم ويرى ان الملوك والقادة عليهم ان يلتزموا بالأخلاق أكثر من القوانين فهو يرى ان الحاكم الملتزم بالآداب الفاضلة لا يجرؤ أحد من رعيته على اهانته وتحلى الحاكم بالأخلاق هو أساس اصلاح العامة.
اختيار الصالحين لشغل المناصب العامة فاختيار الصالح في المناصب ونبذ المعوجين ستصلح المعوج وتجعله صالحا وان لم يكن كذلك.
ثقة الناس بالحكام واعتبرها من اهم الشروط الواجب توفرها لبقاء الدولة حتى انه سئل ما هي الأمور الواجب توفرها الدولة؟ أجاب قائلا: ثلاثة أمور العتاد الحربي، والطعام، وثقة الناس بحكامهم.(10)
الحاكم يجب ان يكون المثل الأعلى في السلوك الحسن حتى يحدوا الناس حدوه فالعامة يسيرون على اخلاق حكامهم فأن صلحوا صلح العامة وان فسدوا فسد العامة.
السعادة عنده هي الامل المرتجى ولهذا يعرف الحكومة الصالحة بنها تكفل السعادة للشعب.(11)
الحاكم هو ابن السماء فاذا ظلم وابتعد عن العدل فان السماء تسلط علية من رعيته من يخلعه ليحل محلة حاكم اخر يكون عادل
الإخلاص للحاكم والأمة هو الطريق السوي الذي يؤدي الى قيام المملكة الفاضلة وتتحقق الساعدة. (12)
- الاستنتاجات
لم يتطرق كونفوشيوس الى فلسفة عميقة او الاهتمام في المصطلحات الرنانة او خلق القصص العميقة بقدر ما كان تركيزه على تحسين حياة الانسان.
الاهتمام بالأسرة واعتبرها هي أساس الفضيلة وتكوين نظام متماسك لان الأسرة لو تربت تربية جيدة سيخلق جيل يتمكن من خلق حكومات لا ظلم فيها.
صلاح النفس أولا قبل اصلاح الناس "ان الرجل الأعلى يبحث عما في نفسه، والرجل المنحط يبحث عما في الاخرين" (كونفوشيوس).
اهتم بالتعليم وركز على اعداد جيل متعلم يساعد في بناء دولة قوية.
الانسان بفطرته هو خير.
- الخاتمة
من خلال البحث، كان للكونفوشيوسية تأثير كبير على الثقافة الصينية وما زالت مستخدمة في الصين حتى اليوم ، من خلال ما عرفنا ذلك ان الكونفوشيوسية تختلف عن كل المدارس الفلسفية كونها محافظة على أثرها وتدرس الى الان مع تركزيها على سلوك الحاكم واساس الحاكم في إدارة الحكم هي الفضيلة التي تأتي من الاسرة، وكل ما نتج عن الكونفوشيوسية من أفكار ما هي الا من البيئة التي عاش فيها الحكيم كونفوشيوس التي هي سبب في بقائها ونجاحها الى الان.
- المصادر
ناصر بن فلاح الشهراني، "الكونفوشيوسية دراسة تحليلية نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية" رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة ام القرى، المملكة العربية السعودية، 2006، ص112.
هدى بوفضة، "مبادئ الفلسفة لكونفوشيوسية" مجلة القرطاس للدراسات التاريخية والحضارية والفكرية، العدد12، (الجزائر: جامعة سكيكدة،2019)، ص129.
شاهر إسماعيل الشاهر، "قراءة في مرتكزات الفكر السياسي الصيني من الكونفوشيوسية الى الماركسية الصينية"، المجلة الافريقية للعلوم السياسية، العدد2، (الجزائر: جامعة احمد دريا بأدرار،2018)، ص80.
فرح احمد عبد الكريم، "الفكر السياسي الصيني المعاصر دراسة في أبرز الاتجاهات الفكرية"، رسالة ماجستير غير منشوره، جامعة بغداد، بغداد، العراق، 2021، ص19.
فاتن دراج، من هو كونفوشيوس، موقع مفكرون في3 نوفمبر 2021
المصدر نفسة
مي بنت الحسن المدهون، " اديان الصين واليابان الطاوية – الكونفوشيوسية – البوذية"، مجلة فكر وابداع، العدد65، (السعودية: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2021)، ص212.
عالية صالح القرني، "الكونفوشيوسية في الصين دراسة تحليلية نقدية"، مجلة كلية دار العلوم، العدد60، (جامعة القاهرة: كلية دار العلوم،2011)، ص293-297.
مي بنت الحسن المدهون، مصدر سبق ذكره ، ص 215.
عبد سامي عبد وحامد حسن علي، "المعتقدات والأفكار في الديانة الكونفوشيوسية" مجلة العلوم الإسلامية، العدد19، (الجامعة العراقية: كلية العلوم الإسلامية،2018)، ص21.
رياض خوضر، " الفكر السياسي عند كونفوشيوس"، مجلة الحكمة للدراسات الفلسفية، العدد20، (الجزائر: جامعة محمد بوضياف،2021)، ص4-10.
مي بنت الحسن المدهون، مصدر سبق ذكره، ص209

#أحمد_مجباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات