أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد الشريف - سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (3)- الحضور الثوري للذات الانثوية في أعمال السيد حافظ (رواية حتي يطمئن قلبي نموذجاً)















المزيد.....

سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (3)- الحضور الثوري للذات الانثوية في أعمال السيد حافظ (رواية حتي يطمئن قلبي نموذجاً)


أحمد محمد الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


أثارت رواية "حنى يطمئن فلبي" للكاتب / السيد حافظ, فكر العديد من الكتاب والباحثين مما دفعهم لإصدار عدد من الدراسات النقدية والرسائل الجامعية والأبحاث عنها.
وإذ نعرض لعدد منها خدمة للقارئ, نستعرض اليوم هنا دراسة بقلم:
بقلم د. سعيدة خلف
الحضور الثوري للذات الانثوية في أعمال السيد حافظ (رواية حتي يطمئن قلبي نموذجاً)
منذ بدء الخليقة والأنثى تمتلك بداخلها ثورة ذاتية قد تكون خارجية علي الوضع الراهن التي تعيش فيه إما ضياع الأحلام أو توهج العشق والشجن أو أنتشار الظلم وأغتصاب الحقوق أو غياب العدل.
وتتشكل الثورة الذاتية عند الأنثى عن طريق عدة تشابكات: سياسية وإقتصادية و إجتماعية وثقافية، فإذا نظرنا الي القصص القرآني وجدناه مكتظ الثورات الأنثوية وعلي سبيل المثال: ثورة السيدة آسيا زوجة فرعون وإصراريها وقوة عزيمتها علي الأحتفاظ بطفلٍ وهو ((موسى)) عليه السلام في آنٍ أمر فيه فرعون بقتل جميع الأطفال الذكور وإقناع فرعون بالعفوعنه قال تعالى " قرت عيني لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولد".( )
وأيضاً تتفجر ثورة امرأة نبي الله لوطًاً في خيانتها لزوجها والتي تتمثل في شذوذها وموافقتها وتشجيعها لقومها علي القيام بفاحشتهم قال تعالى "وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عابدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ".( )
وكذلك اذا نظرنا الي بعض الشخصيات النسائية التاريخية نجدها متفجرة الثورات الذاتية ومنها شجر الدر التي أخفت خبر وفاة زوجها للحفاظ علي عرش مصر والتي تطلعت الي حكم مصر .
وإذا نظرنا الي رواية (حتي ليطمئن قلبي) نجد أن الثورة الذاتية للانثى فيها و قوة تأثيرها تحتل مكاناً محورياً سواء كانت تمتد الي إقامة علاقة شرعية أو محرمة أو ثائرةعلي ضياع أحلامها أوتحقيق ذاتها.
وتمثل الثورة الذاتية للانثى رؤي عن الواقع الاجتماعي الذي نحن بصدده ومن أولى الثورات التي تقابلنا ثورة ضياع الحُلم ضياع الابنة والحبيبة والصديقة عند (فطيمة) والدة (لمار) يقول الكاتب "لمار وردة أنثي ... خدها من عشب بري أو ورد لايعرف من أي بستان؟؟؟ جنة أونار الجمال أو قصر سلطان من الجان؟؟؟.....أصبحت حلم كل الشباب المراهقين والرجال العجائز بنت نجران وجبال اليمن يغازلها النساء قبل الرجال والصقوروالعصفور وكل الطيور وكل ما هو مذكر علي الأرض"( ) ونظراً لما فيها البلاد من ظروف إجتماعية وإنتشار الظلم في آواخر أيام الدولة الفاطمية في عهدالخليفة( العاضد بالله) خيم الفقر علي البلاد.
وتكاتفت الظروف الإجتماعية مع توهج جمال (لمار) وتفجر أنوثتها لأختطافها "فقد وقعت في يد نخاس أسمه شقيان وهو زنجي له شارب طويل حملها الي سوق النخاسة مع العبيد الي مصر .. واكتشف في الطريق عطر جسدها بالصدفة وكان مدمن ضمر وغلمان وليس له في النساء إلا التجارة بهن"( )
وهنا تفجرت ثورة البكاء والألم والحسرة لفقد لمار فـ"صارت فطيمة أفقر أمرأة في مدينة نجران .. وهربت منها الجارات لأن كل حكاياتها حزينة عن المكتوب والزمن الذي يقهر الرجال والنساء وتبكي كثيراً وتتوسل الي الله،حريصة علي حضور كل الجنازات لتصرخ وتولول وتصيح وتبكي بكاءً احاراً"( ).
فظلت ثورة فطيمة علي غياب ابنتها متفجرة بالبكاء حتى أبيضت عيناها من الحزن ، يقول الكاتب: "كان هو أبو بكر والد لمار ..لقد جاء بقدمية الي أرض مصر كي يحضرها لأمها فطيمة لترتد بصيرة فقد أصبحت عمياء من كثرة البكاء"( ).
وأيضاً ثورة لمار عند اختطافها ثورة خوف وقلق من مستقبل مرير من طمع الطامعين فيها، فالنخاس "أكتشف في الطريق عطر جسدها بالصدفة وكان مدمن خمر وغُلمان وليس له في النساء إلا التجارة بهن"( ).
ولم تشعر بالأمان الإ في قصر العاضد " فحين التحقت بحريم (الخليفة العاضد بالله) شعرت بالأمان لأن كل من حولها نساء ، حيث يبلغ عدد الحريم والجواري أكثر من عشرين الف جارية كلهن جميلات من انحاء بلاد الدنيا "( ).
وكذلك ثورة (لمار) وخوفها من السارية فهي " أمرأة جميلة وقوية الشخصية وقوامها فتان تلهب خيال كل الرجال لايعرف من أي البلاد جاءت ولايستطيع أحد أن يسألها .......،والغريب أنها كانت لاتحب الرجال بل تحب النساء "( ).
ولم تكن لمار فقط هي الخائفة من السارية ولكن كان الخوف يسكن قلوب الجواري جميعهن يقول الكاتب: "دخلت السارية ؛فصعقت لمار وهوى فتظاهرتا بالنوم ،وغطت كل واحدة وجهها ،لكن المرأة أختارت واحدة منهما ، و قالت لها بصوت مرتفع
- تعالي أنتِ الخليفة يريدك..
بالطبع لم يكن الخليفة هو الذي يريدها ؛فقد أصبح ممارس الجنس الخفيف بطريقة صبيانية للغاية .. ولكن السارية أخذتها لنفسها ؛لتمضي معها الليل"( ).
وما سبق من قول الكاتب يتضح لنا ثورة السارية الجنسية المحرمة لتتمتع بفتيات وجواري القصر وفعل الرزيلة معهن .
وكذا ثورة (لمار) الذاتية لضياع الحلم بالغضب والبكاء والعويل والصريخ لمقاومة الأغتصاب والشهوات المحرمة من جانب( ضوء المكان ) يقول الكاتب: "أمسكها وجذبها من يدها وهي تقاوم دخل بها إلي خرابة بها كشك حقير به مصباح زين ضعيف ..دفع الباب وأخرج ساكنة رجل عجوز "( )
ويستطرد الكاتب قوله "أغلق ضوء المكان الباب عليها وعليه خلع قميصه وهي ترتجف وخلع ملابسه وشدها إليه وهي تصرخ :
- يا مجنون
وهي تتأوه وتصرخ ..لكنه قد هاج وماج وصعد وهبط وهي تصرخ"( )، ثورة بنت عذراء على فض بكارتها غصباً بطريقة غير شرعية من حيوان وغير آدمى "( ).
وعندما علم (ضوء المكان )بعذريتها "شعر بالحزن لأول مرة في حياته حين رأى دم بكارتها"( )، وأيضاً ثارت (لمار) عندما شعرت بعلامات الحمل من قيئ وغيره من ألم ،يقول الكاتب:" قامت لمار وذهبت الى الحمام تتقيأ
- ضربت هوى علي صدرها..
- يالهوي يالهوي
- ليلة سوداء وبكاء لمار .. أغتصبها هذا الحقير.. وهي حامل الآن"( ).
ومن أثر ثورتها "أنفجرت لمار في شلال من دموع تبكي بحرقة شديدة"( )؛ لتخلص من هذا الجنين الحرام التي لم تشعر به إلابعد أن أكتمل أربعة أشهر يسوق الكاتب علي لسان نديمة:"حرام أن ينزل الجنين دا عمره 4 شهور"( ).
وأيضاً من الثورات الذاتية في الرواية ، المتماثلة الي ثورة (لمار) (هوى) التي تكتنز طاقة ثورية من الأنفعالات الذاتية لمقاومة التحرش والأغتصاب والرزائل والمحرمات يقول الكاتب فيها:- "بنت البصرة قليلة الحظ قليلة الحيلة ألقت بها المقادير..هاهنا يستقر الامر في مصر تباع في سوق النخاسة ...وفي كل يوم تستيقظ هوى لتقاوم اغتصاب رجل لها سواء كان مسئولاً او حارساً او جندياَ او خادماً او اميراً"( ).
ظلت تعاني (هوى)من القلق وعدم الارتياح والخوف ومقاومة شهوات شاور وهروبها منه حتي انفجرت انفعالاتها وحسرتها عند أختصابها "انتقم منها شاور لهروبها الدائم منه وتبرير وتحوير الحوار فقام بتكليف مجموعة من الزعران الفرقة الخاصة في جيشه يخطفها ليلاً من القصر وتم اغتصابها من رجل مقنع وهي مقيده اليدين والقدمين ...وقال لها شاور وهي تنزف :
- الذي لا يحترم شاور يا ما يشوف "( ).
وكذا ثورتها حين تذكرت قصة اختطافها يوم مقابلة حبيبها فادي وهل كان متفق مع القراصنة لبيعها يقول الكاتب: ، "راحت لتقابل حبيبها بالقرب من نهر شط العرب ..كان أسمه فادي( )، وهنا تفجرت منها أنفعالات الشجن والعشق لمقابلة حبيبها وقد تحول هذا الي صدمة ثورة غضب وغيظ لأختطافيها"بالقرب من شط العرب كانت تقف المركب التي بها القراصنة فهجموا علي فادي وهوى وأمسكوابهما وكمموها وكتفوه وضربوه ثم جروا الي البحر حيث السفينة التي تقل الأسرى العبيد ..وقام آخر رجل يتجه للمركب بإلقاء صرة مال لفادي الذي يصرخ من الألم وهي تتجه بعيدااااً شاهدت فادي ينهض من علي الأرض وهو يمسك صرة المال ويفتحها( ).
وكذلك ثورة الجوارى بخوفهن من قدوم الفرنجة وخاصة (لمار) و(هوى) وكيف يكون مصيرهن القتل أم الاغتصاب يقول الكاتب: "هل سيقتلونهن؟ هل سيغتصبونهن ثم يُلقى بهن الي الحظ والأيام والاحزان...؟"( ).
وقد فضلا كلاً من( لمار) و(هوى) ان تلبس ملابس الخدم أفضل من بيعها أو أن يناما في بيوت الدعارة ، يسوق الكاتب على لسان لمار:
"فكرت يا (هوى) أنا وأنت نذهب الي المطبخ مع الخادمات ونرتدي ملابسهن ونقبل أيدى الست عدلات رئيسة الطباخين لو خرجنا وهربنا سنباع ونتسول دعينا نكون هنا في المطبخ مع الخدم افضل لنا"( )
وهنا توالدت فيهن ثورة الخوف والقلق من الوقوع في الرزيلة وصورة مستقبل مخيم عليه سحب الظلام ودخان التحرش والأغتصاب .
وفي نهاية المطاف عن( لمار) من واقع رؤيتي النقدية ربما كانت (لمار) رمزاً للوطن الحبيب مصر بكل ما تمتلكة من عوامل القوة والجمال والفتنة التي تجذب اليها الطامعين فهي تقع فريسة للأستعماروالأغتصاب ثم تعود لتقف مرة اخرى منتصرة علي أيدي أبنائها الذين يضحوا من أجلها، فهاهو(عثمان)زير النساء عاشق اللذات المحرمة يضحي بكل ملذاته من أجل الزواج من( لمار) علي الرغم من أدراكه أن أحشائها تحتضن جنين لم يكن من صلبه وإما عن ثورة (أسرار) الذاتية زوجة (شاور) والتي أنفجرت غضباً وغيرة باكية صارخة عندما شاهدت خيانة زوجها لها يقول الكاتب :"شاهدت( أسرار) زوجها شاور يضاجع جارية رومية في الحمام الخاص في جناحها الذي لايدخله أحد غيرها..فظلت تصرخ فهي لم تعتقد يوماً أن الجارية التي تصب له الماء علي جسده سوف يفعل فعلته الشنعاء معها"( )
فهي ثورة ضد الخيانة وغيرة للأحتفاظ بكرامتها وتتحول هذه الثورة عند (أسرار) الي ثورة جنسية لتخون زوجها( شاور) مع (عثمان) الذي دخل عليها غرفتها لعلاجها فمارست الرزيلة معه.
يقول الكاتب:" كانت أسرارزوجة شاورفي حجرتها المظلمة إلامن شمعة دخل عليها عثمان وأغلق الباب وطلب من الخدم الخروج وأمرهم لا أحد يفتح الباب مهما كان صراخ المريضة إلا في الصباح وخلع جبته وتأكد من غلق الباب وأقترب منها هامساً .
-همس في أذنها..
- عمت مساءً يا أميرة..ما أسمك ياست الستات؟
- صرخت
- أبتعدوا عني..ياخونه يامجرمين
شقت "أسرار" ملابسها وأصبحت عارية..شهق عندما شاهد جسدها العاري..حيث كانت كما ولدتها أمها..بيضاء كالثلج فاتنة..
- صاح مندهشاً
- الله اكبر ماشاء الله ماشاء الله..سبحان من خلق وخلع ملابسه كلها
سأخرجه الأن،الأنوليس غداً"( )
وعندما هرب(عثمان) من القصر أندلعت نيران العشق والرزيلة في قلب (أسرار)فظلت تبحث عنه كالمجنونة يسوق الكاتب علي لسان داغروش؟
- ما بها
- وهو يعالجها منذ شهر من العفريت الذي يركبها وكل يوم يغلق الباب عليهما من الصباح حتى المساء واليوم هرب"( ).
أما عن ثورة (العالية) فتنفجر بالعشق والشجن وهي بنت البادية الذائبة عشقاً في ابن عمها ابن مياح ويتزوجها الخليفة الآمر غصبًا
"العالية : ألف ناقة حمراء كان مهرعبلة.. أما مهري يا ابن مياح يا ابن عمي..ألف ماسة..ألف بستان..ألف بيت من الشعر يمدح جمالي وحسني وبهائي ولطفي وذكائي.
ابن المياح: ألف بيت من الشعر هذا ما أملكه يابنت العم أما الف ماسه فلا أستطيع .. لا أستطيع ؛ الماس لا يأتي إلا في أحلامنا ونحن نيام في خيامنا ندغدغ الوهم بالحقيقة يا فرستي الجامحة ..ماذا أفعل بأحلامك الطامحة ..؟ ألف قصر ..أنا لاأملك ألا خيمة حب خيمة حنان خيمة.. إخلاص ..خيمة قلبي الصغير المشاكس"( ).
وتثور (العالية) غضباً لرفض الزواج من الخليفة الآمر ،وتدفق من قلبها ينابيع الحب والعشق والهيام لابن مياح ؛ علي الرغم من أنه فقيروأعتراف لها بأنه غير قادر علي تحقيق أحلامها،يسوق الكاتب علي لسان العالية:"يتزوج فتاة من بدو الصعيد أي أمير هذا؟
- أم العالية:إنه خليفة المسلمين بنفسه ودخلت قصره
- أم العالية:غداً سنذهب الي القاهرة
- ابو العالية:لاتوجد فتاه في مصر ترفض الزواج من أي ملك أو أمير أوسلطان
- العالية:أنا يا أمي
- أبوالعالية: يا ابنتي إنه الخليفة
- العالية: أنا لا أحبه ولا أهواه"( ).
وتتوج (العالية) ثورتها بالهروب الذي يرفضه ابن مياح يسوق الكاتب علي لسان :
- العالية : " اسمع يا ابن مياح.. لن أتزوج من الخليفة وسأهرب معك
- ابن مياح : تهربين معي؟
- العالية : نعم
- ابن مياح : أنا لا أستطيع أن أهرب يا العالية"( )
وبعد زواج( العالية) من (الخليفة الآمر) تحول مسار طاقتها الثورية التي تختزلها لتوظيفها لمقاومة الغلاء وقوة تأثيرهاعلي زوجها (الخليفة الآمر) يسوق الكاتب :علي لسان العالية:
" والناس التي تشكومن الغلاء؟ هل تعلم يامولاي أن سعر القمح وصل الي ثلاثين ديناراً للأردب الواحد؟
- الآمر: أنتِ يا كائني الجميل الرقيق تشغلين نفسك بأسعار القمح؟
- العالية: ما تفعل الناس يا مولاي عندما لا تجد الطعام"( ).
وظلت مشاعرالعالية متأججة بلهيب العشق وثورة الشجن لابن مياح وكانت تراسله بأشعارها بالرغم من عشق (الخليفة الآمر) لها الذي بنى لها أكبر قصر وهو( الهودج)، يسوق الكاتب علي لسان أحمد:" إنهم سيبنون أكبر قصر في التاريخ قصر يتمايل علي الماء في جزيرة الفسطاط.. الروضة.. للعالية سيدة مصر الأولى"( ).
ومن أشعارالعشق (للعالية) في( ابن مياح) وهي زوجة (الخليفة الآمر) تقول:
"العالية: يا ابن مياح إليك المشتكىٍ
مالك في بعدكم قد ملكا
كنت في حبي مطاعاً مدركاً
قائلاً ماشئت منكم آمرا
فأنا الآن بقصر موصد
لا أرى إلا حبيباً ممسكا
كم تثنينا بأخصام اللواء
حيث لا تخشى علينا دركاً
وتلاعبنا برملات الحمى
حيثما شاء طليق سلكاً"( ).
إما عن بطلة الرواية (سهر) فتتفجر منها ثورة العشق المحرم،وإقامة علاقة غير شرعية مع (فتحي) في حين كل منهما متزوج من آخر،ذائبة عشقاً في (فتحي) كقطعة الآيس كريم الساخنة يسوق الكاتب علي لسان فتحي قائلاً:
"وبينما أوقف السيارة.. في موقف الجريدة
ظهرت سهر واقفة تنتظرني.. أي جنون هذا؟
من الممكن ان يراها زوجها..ركبت بجواري السيارة
- ما بك؟
- أحتاجك
ذهبنا الي فندق..حجزنا غرفة..كانت قطعة أيس كريم ساخنة..
دخلنا الي الحمام تحت الدش كنا سويًا ...للقبلات تحت الماء طعم آخر.."( )
وأيضاً ثورة( سهر) الغاضبة المتوهجة بالعشق والغرام عندما علمت بأن( فتحي )سيسافر الي العراق ويترك دبي .
" قال: اخبرت سهر بكت وقالت:
- جنيت تسافر فين؟ عراق إيه ؟
- لم أرد
- وأنا هل تتركني هنا؟
- لم أحدد بعد
- قالت حدد الآن هل ستسافر وتتركني هنا ؟
- قلت لن أسافر أسكتي
- قبلتني قبلة طويلة ودموعيها تبلل شفاتينا "( )
أما عن الراوية (شهرزاد) فأشتعلت ثورتها الغاضبة عندما أدركت حمل (سهر) بطلة الرواية، و ما يدور في خاطرها من صراع هذا الجنين من سيكون والده (منقذ أم فتحي)، فكانت ثائرة لرفضها لهذه العلاقة الغير شرعية بين (فتحي) و(سهر) فصفعته علي خده نتيجة لثورتها وغضبها يقول الكاتب:"جرت شهرزاد تلحق بفتحي خارج الغرفة وأغلقت الباب وجدت فتحي واقفاً في أرتباك أقتحمته شهرزاد..وهو متجهمن..وقفت تنظر له نظرة غاضبة..من أين تبدأ ثم قالت له بغضب:
- مش عارفة شو أقولك يافتحي؟
- في إيه؟
- البنت حامل
- نعم والله.مبروك
أمسكت ملابسه
- الواد دا ابنك والا ابن منقذ؟
- نعم.بتقولي إيه؟
- يا كلب
صفعته علي خده ودخلت غرفة سهروأغلقت الباب أخذ فتحي يجهش بالبكاء ويضرب الحائط بيديه "( )
وفي نهاية المطاف حول الثورة الذاتية عند الأنثى ينبغي القول أن المرأة هي حجر الأساس في الوطن،والحضن الدافئ في الأسرة،تغنى بها الشعراء؛فهي مصدر ألهامهم .
لقد حلقت الأنثى في نثريات السيد حافظ فرسمت صورة واقعية من المجتمع، و شكلت الثورة الذاتية محورالرواية وتتمثل في ثورة الأنثى سواء كانت غاضبة، عاشقة، رافضة فقد صنع السيد حافظ نوعاً من التطابق بين المرأة والواقع الإجتماعي؛فأدرك الكاتب الحس الثوري للأنثى في حضورها علي مسرح الواقع لا يمكنه الأنفلات من الواقع الأجتماعي؛فقيد جسد الأنثى بما رفضته نظم الأخلاق ومثالاً:(سارية) قصرالخليفة العاضد التي تثير شهيتها للمتعه الجسدية والجنسية مع جواري وفتيات القصر مع أختلافهم.
وتبقي دائرة ثورة الأنثى الذاتية مسيطرة علي معظم نتاج السيد حافظ والتي تنحو منحى جسدياً،سواء كانت محرمة أو رافضة،فـ (سهر)زوجة منقذ وعشقها وحبها لـ (فتحي ) لا يقف عند حدود الأحساس والمشاعر بل يمتد الي الناحية الجسدية الجنسية،فقد هدم السيد حافظ الحواجز بين المرأة والرجل من الناحية الجنسية فنراه يصف لحظة لقاء العاشقة (سهر)دون خجل وثورتها الجنسية لعشيقها(فتحي)وهي كما قال الكاتب "ذائبة كقطعة الأيس كريم الساخنة"وهذه الثورة ترفضها القيم والمبادئ الأخلاقية .
إما عن الثورات الأنثوية الرافضة للمحرمات فهي تتمثل في (لمار وهوى) والجدير بالذكر أن السيد حافظ دخل حيز الأنثى وأخرج ما تخفيه من أسرار تكمنها في جعبة حياتها،فكان الكاتب دائماً يبحث عن الإثارة والانفعال لدى الأنثى في الرواية
والواقع فقد أختزلت الثورة الأنثوية عند السيد حافظ سوء الأحوال الجارفة في الوطن لسنوات عجاف ،فربما كانت لمار رمزاً لما يدور في أيام الملك (العاضد بالله)
آخر ملوك الدولة الفاطمية ونقد البنى الأجتماعية والأيديولوجية القائمة في مصر في شكل صارم.

د. سعيدة خلف

الــــســـــــيرة الــــذاتــــيــة


 الاسم: سعيدة خلف أحمد سيد عثمان
 المؤهل: ليسانس آداب لغة عربية – جامعة الإسكندرية
 دبلومة تربوي في كلية التربية - جامعة الإسكندرية
 ماجستيرفي (شعر رفاعة الطهطاوي دراسة موضعية فنية)
 دكتوراه في (التناص في شعر جمال الدين بن نباته المصري)
 الوظيفة:مدرسة لغة عربية للمرحلة الإعدادية والثانوية – إدارة المنتزة التعليمية - الإسكندرية



#أحمد_محمد_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (2)- قراءة نقدية في ...
- سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (1) - -حتىّ يطمئن ق ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد الشريف - سلسلة دراسات نقدية عن الكاتب السيد حافظ- (3)- الحضور الثوري للذات الانثوية في أعمال السيد حافظ (رواية حتي يطمئن قلبي نموذجاً)