أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - معركة الدستور تتواصل ضد كل شقوق الثورة المضادة.















المزيد.....

معركة الدستور تتواصل ضد كل شقوق الثورة المضادة.


علي الجلولي

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 01:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش تونس منذ 25 جويلية 2021 على وقع تصاعد كبير للأزمة السياسية العامة بدخول عنصر الانقلاب الذي تمكن من خلاله شق من المنظومة السائدة وهو شق رئيس الدولة من حسم صراعه مع الشق الحكومي /البرلماني الذي تقوده حركة النهضة، وهو صراع عاشت على وقعه البلاد قبل ذلك لكنه استفحل منذ انتخابات 2019 التي أوصلت قيس سعيد لقصر قرطاج. لقد اندلع صراع ضار حول الصلاحيات إذ لم يقبل سعيد بما قبل به الباجي قايد السبسي أي بصلاحيات تهم أساسا الدفاع والعلاقات الخارجية فيما تحتكر الحكومة النابعة من الأغلبية البرلمانية بقية الصلاحيات التي تهم السياسة الداخلية صياغة وتنفيذا كما جاء في دستور 2014. ومع رئيس ذي نزعة رئاسوية وبرلمان ذي أغلبية رجعية وفاسدة من ظلاميين وأنصار للمخلوع ومافيا المال والتهريب والتهرب، عاشت البلاد على وقع أزمة مؤسساتية غير مسبوقة متزامنة مع أزمة اقتصادية واجتماعية حادة زادتها الكرونا عمقا، وكان كل طرف من طرفي النزاع يترصد الفرصة لقلب الوضع لصالحه وكان السبّاق في ذلك هو سعيد الذي اعتمد الأجهزة الصلبة مستغلا تنامي الاستياء والاحتقان والغضب وأصدر مساء 25 جويلية (ذكرى إعلان الجمهورية) البيان رقم واحد محاطا بالبزات العسكرية والأمنية رافعا شعارات شن الحرب على الفساد والمفسدين و الانتصار للشعب المغبون. لكن شيئا من ذلك لم يقع فمؤشرات الفساد تتنامى وملفاته لا زالت تراوح مكانها، بل أن سعيد جمد هيئة مكافحة الفساد عوض تنشيطها بعد إقالة رئيسها. وعوض الاكتفاء بما تعهد به وهو الاحتكام للإجراءات الاستثنائية طيلة شهر وأمام ضعف معارضته مقابل ارتباك كبير في الوسط السياسي اتجه أغلبه إلى مساندة سعيد في حربه مع النهضة وحلفائها غاضين الطرف عن طبيعته وطبيعة توجهاته وخياراته، ليستغل هذا الوضع ويتحول إلى الحاكم الفرد الذي يقود البلاد بالمراسيم غير القابلة للطعن بعد حلّ هيئة مراقبة دستورية القوانين ثم المجلس الأعلى للقضاء ثم أعلن خارطة طريق تبدأ باستشارة الكترونية ثم تتجه إلى الاستفتاء على دستور جديد وانتخابات برلمانية مبكرة. ورغم الإقبال المجهري على الاستشارة رغم امتدادها طيلة شهرين ونصف (7°/° من الجسم الانتخابي)، ورغم تنامي الشكوك والمعارضة لسعيد التي لم تكن فقط من قبل الكتل البرلمانية الرجعية المطاح بها (النهضة وحلفائها والحزب الدستوري سليل التجمع حزب الدكتاتور بن علي)، بل استقطبت عديد القوى التقدمية الحزبية والمدنية والنقابية إذ أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن رفضه للانخراط في حوار صوري لتمرير دستور للحكم الفردي، كما نظم الإضراب العام في القطاع العمومي يوم 16 جوان الجاري ضد تجميد التفاوض معه والخضوع الكلي لاملاءات صندوق النقد الدولي التي تستهدف ما بقي من مكاسب محدودة للشغالين، ولم يبقى فعليا مساندا لسعيد إلا بعض القوى ذات المصلحة في عودة الاستبداد، ولما نشر سعيد دستوره يوم 30 جوان عرفت الساحة السياسية والاجتماعية في تونس مخاضا آخر أفرز استقطابا جديدا عزز معسكر الرافضين للدستور الجديد ذي المضمون الاستبدادي الظلامي.
*دستور استبدادي،محافظ وظلامي.
لقد طلب سعيد من اللجنة التي شكلها صياغة دستور في أجل 3 أسابيع وهو ما رفضته عديد الجهات المدعوة لذلك مثل عمداء كليات الحقوق، فيما سارع بعض الكمبارس لمواكبة 3 اجتماعات فقط، ورغم ذلك قام رئيس اللجنة ومساعده بتقديم مشروع دستور تم نشره مباشرة بعد نشر مشروع الرئيس الذي صاغه بمفرده وبلغته وبقرائته الخاصة للتاريخ وللحاضر ومتضمنة لبرنامجه ورؤيته، ويمكن حوصلة أهم سمات هذا الدستور كما يلي:
-رفض الإقرار بمدنية الدولة ومحاصرة الحقوق والحريات بالصيغة التقليدية للاستبداد (القوانين) والتراجع عن الإقرار بالمساواة بين الجنسين.
-التنصيص على أن تونس جزء من "الأمة الإسلامية" وأن الدولة تحتكر تكريس مقاصد الشريعة مما يفتح الباب مشرّعا أمام الدولة التيوقراطية الظلامية.
-عدم الإقرار بفصل السلط واعتبارها مجرد وظائف وإسناد كل الصلاحيات لرئيس الدولة دون مراقبة أو مساءلة أو محاسبة أثناء الحكم وبعده.
-عدم التنصيص على الانتخاب العام لغرفتي الوظيفة التشريعية (مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم) بما يعني اعتماد طريقة البناء القاعدي الفوضوية الشعبوية التي يتبناها سعيد .
-تفتيت القضاء بإلغاء مجلسه وبعث مجالس قطاعية لكل فرع منه (القضاء العدلي والإداري والمالي)، ووضع اليد على المحكمة الدستورية التي يعينها سيادته بطريقة غير مباشرة من خلال حصرها في 9 وظائف قضائية معينة.
-إلغاء الهيئات التعديلية بما يمكنه من وضع اليد على كل القطاعات الحساسة (الإعلام خاصة) وعدم ضبط كيفية تشكيل هيئة الانتخابات.
في كلمة إن دستور قيس سعيد هو دستور الاستبداد الظلامي، وهو دستور استوحى أهم بنوده من دستور 1959 الذي اعتمده بورقيبة لإقامة حكم فردي مطلق، وهو استعادة لمشروع 1 جوان 2013 لحركة النهضة من خلال الجوانب الظلامية التي يحتويها والتي جاءت معه أكثر وضوحا. إن جزء مهما من الحركة الديمقراطية أصبح مقتنعا أن دستور سعيد هو دون دستور 2014 بكثير، وهو أيضا دون دستور لجنة بلعيد/محفوظ المكلفة والذي حافظ على الحد الأدنى الديمقراطي رغم اتجاهه لنظام رئاسوي.
*الثورة المضادة تضغط وتهجم.
لقد دشن الشعب التونسي السيرورة الثورية لبداية القرن 21، وكانت ثورته نهاية 2010 ثورة اجتماعية/سياسية بمضامين ديمقراطية تقدمية رغم غياب القيادة الثورية المركزية وهو ما أثر على بقية المسار الذي التفت عليه القوى الأكثر انتظاما من داخل دولة رأس المال التابع ومن خارجه. وقد خاض الشعب وقواه التقدمية معارك ضارية ضد الرجعية بمختلف فصائلها التي تدخلت بقوه لإفساد وإلغاء السيرورة الثورية التي انتهت في ليبيا وسوريا واليمن إلى حروب أهلية طاحنة ورجعية، فيما دمرها الإخوان والعسكر في مصر، وبقي من بلدان الموجة الأولى النموذج التونسي الذي حقق بعض المكاسب السياسية في اتجاه الدولة المدنية الديمقراطية، لكن عوامل عديدة منها ضعف الحركة الثورية وتشتتها وعدم صرامتها، وتذيل القوى الليبرالية والإصلاحية للحركة الظلامية ومشاركتها الحكم، مقابل تواصل نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللاوطنية واللاشعبية مما أصاب جزء هاما من الجماهير الشعبية بالإحباط واليأس والنزوع نحو الكفر بالحريات بما وفر الأرضية الملائمة لصعود الشعبوية اليمينية والتي مثلها سعيد في انتخابات 2019 والذي عزز تموقعه الطبقي والسياسي كتعبيرة فاقعة للثورة المضادة في نسختها الجديدة التي تريد حل أزمة المنظومة السائدة بحلول مختلفة عن خيارات الحركة الظلامية والتجمعية (نسبة لحزب المخلوع بن علي). إن دولة البرجوازية العميلة تجد حلها اليوم مع سعيد الذي يتجه نحو تنفيذ ما عجزت عنه مجمل الرجعيات التي حكمت تونس منذ 2011 وهو غلق باب المنجز الأساسي للثورة التونسية وهو الحريات كسلاح ناجع وهام استطاع من خلاله الشعب الدفاع عن جلده كلما اشتد عليه هجوم الحكام. إن سعيد يضع شعب تونس اليوم في كماشة، إما الحرية والظلامية والفساد وإما الاستبداد والقوة والاستقرار، وهي معادلة الاستبداد طوال التاريخ. وهو يضع تونس ذات التقاليد المدنية التقدمية في وضعية ما قبل الحداثة بدستور دكتاتوري يستمد الأحكام من الشريعة.لكن شعب تونس وقواه التقدمية لن يرضوا بهذه الانتكاسة، فمسار الصراع مع الثورة المضادة وخياراتها الطبقية والسياسية متواصل ويتعزز بقوى حزبية ومدنية واجتماعية جديدة، وستلعب النساء كما كنّ دوما دورا بارزا بل رياديا، فهن اللاتي أسقطن دستور 1 جوان 2013 لصاحبته حركة النهضة وهن اللاتي سيسقطن دستور 30 جوان 2022 لصاحبه قيس سعيد ليغلقن الباب أما دستور 1959 لصاحبه الحزب الدستوري الفاشستي، بما يفتح الباب واسعا أمام دستور الجمهورية المدنية الديمقراطية الاجتماعية.
7 جويلية 2022



#علي_الجلولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور 30جوان: كسوة جاهزة على قياس سيدنا الرئيس
- الشعبوية وضياع بوصلة بعض النخب
- سعيّد يدفع البلاد دفعا نحو الأسوأ
- أفكار حول ظاهرة العنف صلب المؤسسة التربوية وضدها.
- الثورة والثورة المضادة في السودان وتونس: نقاط التقاطع، نقاط ...
- المؤتمر الاستثنائي استحقاق للتّموقع والفساد
- صراع أجنحة المنظومة: ماذا عن قيس سعيّد؟
- الصّراع السياسي في تونس: الأقنعة الزائفة
- المهمّشون يدافعون عن أنفسهم والخدم يدافعون عن السّلطان
- بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام: لماذا نناهض عقو ...
- من أجل تثبيت يوم 8 ماي يوما وطنيّا لمناهضة التّعذيب
- “أزمة الكورونا” وبشاعة الرأسمالية
- هل نحن متساوون أمام الكرونا؟
- أفكار حول التطبيع، والتطبيع الرياضي مع العدو الصهيوني
- الجزائر:الشعب يصرّ على التّغيير
- ملاحظات حول الحركة الاجتماعية الاحتجاجية في تونس


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - معركة الدستور تتواصل ضد كل شقوق الثورة المضادة.