|
-نهاية لوزان- مخاوف البعض وآمال بعض الأخر
سالي كمال البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 7305 - 2022 / 7 / 10 - 18:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أزمات سياسية لا تتوقف صراعات أهلية طائفية وعرقية حروب بالوكالة تهجير جماعي قسري وتشريد لأعداد تقدر بعشرات الملايين من النازحين واللاجئين بؤر أنفصالية ومناطق تمرد تمدد على مساحات ساشعة بحجم دول مثل بريطانيا كما جرى في شمال شرق سوريا وغرب العراق حافلات ودراجات مفخخة عمليات أنتحارية وقتلى بالعشرات والمئات كل أسبوع وأحياناً في كل يوم مظاهرات حاشدة وقنابل حارقة و أطارات مشتعلة تتصاعد أبخرتها السوداء لتغطي سماء بغداد وبيروت. هكذا أصبح واقع المنطقة بعد أكثر من مئة عام على حرب العالمية الاولى التي أعقبتها المفاوضات والتسويات التي أدت الى معاهدة لوزان الثانية في عام 1923 التي أسهمت هي وأتفاقية سايكس_بيكو بين فرنسا وبريطانيا العظمى في رسم حدود سياسية للشرق الاوسط الحديث الذي نعرفه اليوم. فالحديث عن معاهدة لوزان في وقتٍ كهذا وبتصاعد الشائعات في الصحف العربية وغير العربية عن مدة أنتهاء المعاهدة وماذا ينتظر تركيا بعد عام 2023 يثار لنا تساؤل الاتي: هل تركيا لها نية تتصرف كروسيا بحلول انقضاء مئة عام على معاهدة لوزان, وما صحة مسألة انتهاء صلاحية هذه المعاهدة؟ - فما تاريخ لوزان باختصار؟ "معاهدة لوزان" اتفاقية سلام دولية وقعت عام1923 في لوزان بسويسرا بين كل من تركيا وبريطانيا وفرنسا وتألفت من 143 مادة أعادت تنظيم العلاقات, وينظر إليها الاتراك بأعتبارها وثيقة تأسيس للجمهورية التركية كما وصفها بذلك مرة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. أثر أنتهاء الحرب العالمية الاولى عام 1918 أبرمت الدول المتحالفة المنتصرة فيها "معاهدة سيفر"يوم 10 اغسطس/آب1920 فتقاسمت بموجبها أراضي الدولة العثمانية وأعطت معظم الويات غير العثمانية أستقلالها ولكن الاتراك رفضوا هذه المعاهدة وخاضوا حرباً شرسة ضد الحلفاء حتى انتصروا عليهم انتصاراً كبيراً وخاصة على اليونان خلال حرب 1922_1923. وفي أعقاب ذلك عقد مؤتمر لوزان الثاني الذي أستمرت أعماله ثلالثة أشهر وتمخض عن توقيع"معاهدة لوزان" يوم 24يوليو/تموز عام 1923 في فندق"بوريفاج بلاس" بمدينة لوزان جنوبي سويسرا وكانت أطراف المعاهدة القوى الاستعمارية المنتصرة بعد حرب العالمية الاولى خاصة بريطانيا وفرنسا وايطاليا والامبراطورية العثمانية التي ترأس وفدها الى المؤتمر عصمت اينونو. وضعت هذه المعاهدة حداً لأمبراطورية الخلافة العثمانية التي كانت الدول الغربية تسميها آنذاك "الرجل المريض" واسست لقيام الدولة التركية القومية المدنية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وعاصمتها أنقرة. _لوزان ضرب من ضروب الخيال لتركيا! مبدئياً هذه المعاهدات لم توقع بين العراق وتركيا وأنما بين بقايا الدولة العثمانية المنهارة والقوى الاوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الاولى كما قلنا وحتى لو أحتوت هذه المعاهدات على أية اشارات واضحة أو ضمنية لمدة أنتهاء العمل بها فهذا الامر يكون قد أختلف بعد تأسيس العراق دولة موحدة لان تأسيس دولة يعني تمتعها بحق السيادة والسيادة هي الحق الفاصل في النظام الدولي وفق مفهوم الدولة القومية(الوطنية) وهذا يعني انه ليس من حق اي طرف التراجع عن الالتزام بالمعاهدات لان الطبيعة القانونية للمعاهدة تغيرت بعد تأسيس دولة ذات سيادة. رغم الخطاب الايديولوجي لبعض القوى السياسية في تركيا الا أن الدولة التركية من حيث كونها مؤسسات قانونية لا يمكن ان تفكر او تعمل بأي شكل على تغير جغرافية المعاهدات السابقة لان ذلك يؤدي أيضاً العودة الى قانون المنتصرين والذي يعني أعادة سيطرة دول الحلفاء على تركيا قبل اعادة التفاوض من جديد في مرحلة لاحقة... ما يحصل الان هي محاولة تركيا التمدد خارج حدودها يعود الى عوامل عديدة أي دوافع الداخلية في تركيا واهتزاز النظام الدولي والتراجع في قوة وفعالية القانون الدولي, بالنسبة للعراق لابد من الاخذ بعين الاعتبار العامل الكوردي ليس أقليم كوردستان وحده بأعتباره منظومة مؤسساتية أنما ايضاً دور الكورد في تطورات النظام الدولي وهذه حالة جديدة تختلف كلياً عن سنوات منح العراق الحق للقوات التركية بملاحقة المقاتلين الكورد في ثمانيات القرن الماضي لابد ايضاً عدم نسيان الصراع المتفاعل بقوة بين الولايات المتحدة وايران ومحاولة تركيا توظيف هذا الصراع لصالحها مشروع التمدد. وسط هذا وذاك فأن الدولة العراقية لا تتمتع كثيراً بقوة ذاتية لفرض سيادتها كما انها تفتقد الى دعم دولي للحفاظ على هذه السيادة....وهذا ما يفسح المجال امام تركيا لتوسيع مناوراتها على حساب العراق وكذلك على حساب سوريا بشكل يضمن"استرداد تركيا لموصل وكركوك وحلب"كما يصور الخطاب السياسي التركي فهذا أمر صعب. فأود أن أوضح ان اتفاقية لوزان 1923 لم تحل مشكلة الموصل , بل أن مشكلة الموصل تم حلها بإتفاقية أنقرة عام 1926 التي بموجبها تم الاتفاق بين العراق وتركيا على ضم الموصل للعراق مقابل 10 بالمئة من واردات نفط الموصل تدفع الى تركيا لمدة 25 عاماً وقد تم دفع مبلغ خمسمائة الف جنية أسترليني للتعويض عن هذه المدة. لذلك الحديث عن معاهدة لوزان والخوف من إلغائها من قبل تركيا ليس لهُ بمكان حسب اعتقادي حيث أن تركيا مرتبطة مع العراق بإتفاقية أنقرة 1926. _نظرية المؤامرة ومعاهدة لوزان في عالمنا شرق الاوسطية هناك الكثير من الكتّاب الواقعين تحت تأثير نظرية المؤامرة والبعض فيهم يقوم بترويج شائعاتها دون دراية مسبقة لما قد يؤول اليها النتائج او من منهم يعتاش عليها مقابل بضعة دنانير يقبضها من مصدر أو منشأ هذه المؤامرات. أن الحديث حول أنتهاء صلاحية معاهدة لوزان ما هو الا شائعة مغرضة الهدف منها ردم الهوة الشاسعة بين المواطنين الاتراك الغاضبين من السياسات المعروفة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من جهة ورغبات رئيسهم المعلوم بأحياء أمبراطورية العثمانية والتسلط على محيطه الاسلامي من جهة أخرى. ويرى البعض ان هنالك فكرة يتم التروبج لها من قبل النظام التركي (الاسلاميون) فهم وبتشجيع مباشر من رئيسهم أردوغان بنشر سؤال مفاده: ماذا سيحدث في عام2023 عندما تنتهي صلاحية معاهدة لوزان وتصبح حدود تركيا الحديثة بالية, ذلك تماشياً مع فقرات السرية التي وقعها دبلوماسيون أتراك وأوروبيين في منتجع على ضفاف بحيرة سويسرية منذ قرن من الزمان؟ وللاجابة على هذا السؤال الافتراضي. نشرت المؤسسات التركية الخاضعة لنفوذ اردوغان وحزبه المنتمي لعقائد الاخوان المسلمين ثلاثة أجوبة أفتراضية:أولها تخويفية مفادها بأن القوات الاوروبية ستعيد حتلال القلاع والحصون العسكرية التركية على طول مضيق البسفور وثانبها دفاعية تدعي هجوم الروم الارثوذكس لاستعادة احياء بيزنطة صغيرة داخل أسطنبول وثالثها_وهي الاخطر_هجومية حيث ستسمح لتركيا أخيراً الاستفادة من أحتياطات النفط والغاز المحظورة عليها سابقاً. بالطبع لن يحدث شيء من هذه الافتراضات على أرض الواقع لانه بكل بساطة لا يوجد في معاهدة لوزان شرط أنتهاء لا علني ولا سري,أعتقد أن اردوغان يعيش بحالة نرجسية ويصنف نفسه مع رؤوساء الدول العظمى,أما حلم أستعادة امجاد الدولة العثمانية...فهذا شيء آخر خصوصاً أن تركيا تنسى أنها بحاجة دائمة للمال القطري كي تبقى اوهامها حية ترزق! بالتالي الفانتازية المتعشعشة برأسه أعطته فرصة أستخدامه كشخص في أقحام بلده والمنطقة في أزمات لا ناقة لهم فيها ولا جمل كما كان يتصور الرئيس الاسبق صدام حسين (هو زعيم وحامي المنطقة وكان راكب راسه) "مثلما نقولها بالعراقي".
#سالي_كمال_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-نهاية لوزان- مخاوف البعض وآمال بعض الأخر
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|