أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رفيق محمد الأسير - غياب مهمة التحرير عن سياق النضال الفلسطيني















المزيد.....

غياب مهمة التحرير عن سياق النضال الفلسطيني


رفيق محمد الأسير

الحوار المتمدن-العدد: 7294 - 2022 / 6 / 29 - 01:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


إن تصنيف معظم، إن لم نقل جميع، التشكيلات السياسية القائمة في الواقع الفلسطيني الراهن، لطبيعة المرحلة، هو أنها مرحلة تحرر وطني، يضعنا أمام إشكالية الإختلاف بين منطلقات أدبيات هذه التشكيلات ومخرجات أدائها، فتصنيف كهذا يضع مهمة التحرير، أو من المفترض أن يضع، في أعلى أولويات مهام و أهداف النشاط السياسي الفلسطيني على مختلف ألوان طيفه .
فيما أن الراهن من الأداء على الأرض لا يعطي مطلقًا هذا الانطباع فمهمة التحرير وما تتطلبه من شروط في الاعداد و الممارسة الكفاحية غائبة كليًا عن برنامج بعض هذه التشكيلات أو عن أدائها وجزئيًا عن أولويات البعض الآخر، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن إنجاز هكذا مهمة يفترض تحولات على مستوى الاعداد الذهني و العملي في الوعي و الممارسة .
برز غيابها و منذ فجر العمل السياسي الفلسطيني المعاصر وكانت وراثة هذا الغياب أبرز ما تركه لنا هذا التاريخ من ارث.
فعند انطلاق بوادر العمل الثوري الفلسطيني في العقد السابع من القرن الماضي عموماً؛ و بعد هزيمة الأنظمة العربية في حزيران 67 بشكل أكثر وضوحاً و خصوصية، وبروز النزعة إلى فلسطنة مهمة تحرير الأرض العربية المحتلة بشكل شبه حصري، حيث منحت التشكيلات السياسية وشبه العسكرية القائمة آنذاك، شرعية في غياب البعد القومي عن مهمة التحرير كشرط أساسي في انجازها .
و صار حضور هذا البعد يبرز أكثر فأكثر في شكل أداء هذه التشكيلات اللاحق، و تعزيز و تكريس الظروف و التحولات داخلها لتزيد من تهميش و ضبابية حضور مهمة التحرير في سلم أولوياتها، كحساب ظهور وبروز تجليات أخرى مرتبطة عضوياً بالتحولات التي شهدتها تلك التشكيلات سواءً في مستواها القيادي وسعيه البحث وراء نزعاته المصالحية الذاتية أو على صعيد الأداء على الأرض خارج الأرض المحتلة و هو ما انعكس لاحقاً داخلها .
فمنذ استلمت هذه التشكيلات دفة القيادة في الجبهة العريضة كأداة تحريرية جامعة برز جلياً و من خلال سيطرة مفاهيم كالتقاسم و الهيمنة و المال الفاسد و شراء الذمم، ومغازلة أنظمة ومقارعة أخرى وغياب البعد الديمقراطي الذي غابت معه المساءلة و المحاسبة والشفافية و سيادة منطق الزعيم وأزلامه و محفظته في معظم الصف القيادي فيها والذي عبر عن تطلعات و مصالح شريحة طبقية لا مصلحة حقيقية لها .
فالإنحياز للجماهير و طموحاتها ... كل ذلك وأكثر جعل العين العارفة بثورات الشعوب وتاريخها تدرك جيداً بأن لا أمل مطلقاً بأن تبحر هكذا سفينة إلى بر التحرير، أو أن تقترب منه حتى، و لن تعدو كونها جسما جامعا لجملة من التشكيلات والاجسام السياسية التي انضوت تحت لواء واحد فخرج على شاكلتها، و كان لا بد والحالة هذه أن يسارع هذا الجسم الجامع و بعيد فترة وجيزة من انطلاقه إلى تبني مشاريع و مبادرات سياسية هزيلة، و مصطلحات تحرير هجينة و مفاهيم عديمة الإكتمال وغير واضحة.
هذا عدا عن ظواهر الخندقة والفندقة والبقرطة والاستعراض الفارغ في ثورة كانت حرب التحرير الشعبية و قتال الغوار هي سبيلها الوحيد لإنجاز مهامها .
و بدت كمؤسسة بعيدة عن سياق النضال المُمَأسس و منخرطة في سياق النضال الوظيفي البيروقراطي المرهون بساعات الدوام الرسمي، لذا فمن الطبيعي أن تظل تلك السفينة مع كل أشرعة شعاراتها منهكة و تتخبط في بحر النزاعات والدسائس الداخلية والمؤامرات الخارجية وتحولت، في لا مفر منه ، الى جسم عديم الشكل مسلوب الارادة ضعيف وعاجز عن المقاومة فلا عجب ان يشلها العطب وتملأها الثقوب والثغرات ويضمحل دورها وتأثيرها أكثر فأكثر الى ان غرقت تماما .
ولم يبق منها سوى سراب يتوهمه من ما زالوا يتعلقون بحطامها ويخطفهم دوار البحر واصوات قبطان الزور الذي أخد قمرته ونجا بجلده في قارب النجاة ولم يزل يذكرهم بواجب العودة الى متن السراب في هذيان انكاره الكارثة ودوره فيها ، فيما ابتلعت امواج البحر احلام وامال وطموحات وألآم ومبادئ وثوابت ودماء وتضحيات الالاف المؤلفة من جموع الكادحين المناضلة التي ظلت وستبقى وفيةً لشعارات العودة والدولة والتحرير الى ان يقضي الله امراً كان مفعولا .
انما لا بد من التأكيد ان كل من عرف تفاصيل الكارثة ان كان قد ركب البحر او راقب الماساة من بعيد ، يعي تماما ان مهمة التحرير لم تصعد الى تلك السفينة يوما وان ادعت كل الوثائق و الخطابات والشعارات غير ذلك .
وان كان ذلك حال السفينة فما بالك بحال قارب النجاة الذي لم يكن سوى مسخ لًفظته احشاؤها إثر ما شهده متنها وبحرها من خطايا الزنا والسفاح و ان تزين بالأبهة ومراسم التشريح والتكليف ونال ختم الشرعية والصلاحية في ردهات الدعر الفارهة إلا أنه وفي صميمه حمل اضافة الى قمرة الكارثة كل افات السفينة و سياقها انما باسلوب اكثر انحطاطا و سُعارا وصار هذا القارب بما حمل من ذواتٍ و أدوات شعارا للمرحلة الراهنة فلا عجب ان اللواحق للسوابق تتنتمي، ولا عجب ان تظل مهمة التحرير شعارا محشوراً تتقاتل الاجسام و التشكيلات السياسية الباقية على الساحة راهناً على من يحتكر تعليقه على جداره ولا عجب ايضا ان تظل بُناها القيادية حاسمة لقرارها بالاستمرار في ذات الخطاب وذات النهج في الاداء دون اي حس نقدي او اخلاقي تحاكم من خلاله شكل الخطاب وانعكاسه على الارض فتدرك الحاجة الى التجديد والتغيير سواء في بُنيتها ذاتها او في أدائها وستظل طالما بقي الحال كما هو في ذات الدائرة من اجترار الذات وستظل في معظمها كما قياديتها وخطابها هرمة شاخت كما شاخ منطقها وما عادت تملك مبررا للبقاء والاستمرار فإن كان الحزب الذي لا يسعى لاعتلاء سدة الحكم لا مبرر لوجوده ، فالاحرى ان تفقد مبرر وجودها الاحزاب التي لا تنهض بمهمة التحرير الوطني في مرحلته وستدرك عاجلا ام اجلا . طوعا او جبرا انها انهت دورها التاريخي بمعاكستها تيار التاريخ .
فقد انساقت وراء الزيف الرسمي تقتات من فتاته فيما يقتات هو على ما تبقى لها من إرث وشرعية .
أما عن البعد الكفاحي المنظم فقد صار ماضيا نظل نجتر امجاده حتى فقد اي طعم ومن ما زالوا يقبضون على جمره فهم محصورون سواء في الفعل او رد الفعل في مساحة جغرافية ضيقة صار اهلها ومصيرها خارج الاهتمام العام وكأنما يقع قطاعهم خارج الإقطاع الرسمي .
فيما تهمل التشكيلات المقاومة هناك تناقضها الرئيس لحساب تناقضات مضحكةٍ مبكيةَ حول تقاسم واقتسام سلطاتٍ لدويلات وهمية بابها ومحرابها تحت الاحتلال ، الامر الذي حول نضالنا الوطني الى نضال هجين و هلامي وصارت القضية الاعدل ملفا مهملا على موائد اللئام وصار الكفاح التحرري منبوذاً او محاصرا ، او ، وفي افضل الحالات، مرهوناً بالماضوية وغياب الحس العلمي وعادت آفات الذهنية القبلية والعشائرية للهيمنة في المجتمع بعد ان شغلت رويدا ًرويداً كل شاغر الذي دأب التراكم السياسي الذي أنجزه شعبنا خلال عقود على تركه فارغاً ودخلت الذهنية العامة في حالة من اليأس والاحباط، وسيطر منطق التسليم و الخنوع و سلبيات الذاتية و الفئوية والتشرذم .
كل ذلك لم يطفئ جذوة ايمان شعبنا بعدالة قضيته وصوابية التضحية في سبيلها فما زالت جماهيرنا تثبت في كل حين قدرتها على ابداع وابتكار وممارسة ما لا حصر له من اشكال الرفض والمقاومة والنضال ، وأن استعدادها للمقاومة والتضحية أعلى من استعداد اجسامها الجمعية التي عجزت اطرها الضيقة عن استيعاب واحتواء طاقة ومبادرة واسبقية الجماهير و لم تجد سبيلا سوى ركوب الموجة التي غمرتها وعجزت عن احتوائها كما عجزت عن كل ما من شأنه ان يعيد الدماء الى اوصالها سواء على صعيد فكرها او خطابها او على صعيد بُناها القيادية الصدئة واشكال ممارستها البالية والمستهلكة .
ان كل ما ذكر واكثر مما تضيق هذة المساحة عن تفصيله، يضعنا امام ضرورة البحث عن خيارات تاخد على عاتقها استبدال الجمود الراهن بحيوية فاعلة ومؤثرة تضع مهمة التحرير كأولوية ناظمة لكل فكرها و ممارستها من خلال
١ _ اعادة الاعتبار للبعد الكفاحي والخروج به من حالة الحصار والارتهان الراهنة وتوفير الظروف الملائمة لدعم خياراته وتوسيع دائرة انتشاره الجغرافية والديموغرافية ودعم مقومات صمود الجماهير وتعزيز ارادتها الكفاحية، عبر سياقات التوعية والقيادة و التنظيم ، واخراج استعدادها من حالة العفوية والموسمية وردات الفعل المؤقتة الى حالة من الديمومة وتصاعد بالكم والنوع .
٢ _ تقديم الوحدة الوطنية على رأس سلم اولويات شعبنا من خلال السعي الى صياغة تيار وطني جامع لكل الاتجاهات والتوجهات الفكرية والسياسية يعمل على استنهاض الحالة الشعبية وتقديم بدائل عملية على الارض. على قاعدة ان وحدة المجتمعات المُستَعمرة يقابلها تفكك المجتعمات المُستعمِرةَ وزيادة بروز وحدّة تناقضاتها الداخلية وضعف لحمتها و انسجامها .
٣ _ الغاء الحدود الاحتلالية عن خارطة الوطن تلك الحدود التي دأب الاحتلال على تثبيتها ذهنيا وعلى الارض .
وبالتالي التعاطي مع الوجود الفلسطيني على مساحة فلسطين التاريخية على قاعدة وحدة الوطن والشعب والهدف والمصير، والسعي إلى دمج اهلنا في الداخل المحتل في العمل لانجاز المهام التاريخية لشعبنا ضمن ما تسمح به ظروفهم الموضوعية وطاقتهم الذاتية فمشاركة اهلنا في ٤٨ في الفعل الثوري الفلسطيني هو رصيد ثوري فاعل لا بد من استثماره .
٤ _ توسيع دائرة الاستهداف ضد عدونا افرادا وجماعات ، مصالح ومؤسسات ، على قاعدة وراء العدو في كل مكان فعدونا يستهدفنا في كل مكان وزمان والاجدر بنا ان نسعى لمواجهته في ذات السبيل ودون اعتبار لحدود الزمان و المكان مهما اتسعت وشعبنا في الشتات يملك من الطاقة والقدرة ما يمكننا ان نعيد الحيوية للفعل الثوري الفلسطيني خارج الارض المحتلة ، ولروح التضامن والمساهمة الامميين .
٥ _ القطع مع الاتجاه الرسمي الذي لم ولن يعبر يوما عن مصالح وتطلعات الجماهير بالحرية والانعتاق ولم ينحز سوى لمصالح شريحة طبقية منتفعة اثرت واتخمت عبر التآمر على شعبنا من خلال الاستوكال المالي والامني والسياسي لصالح الاحتلال وادامة سيطرته على البلاد والعباد فلا وجود لهذة الشريحة بدون الاحتلال ولا دوام او استمرار لهذا الاخير بدونها .
٦ _ تحرير الذات الفلسطينية من قيود اسرها جميعا بدءا بتحرير الاسرى وتغيير معادلة التعاطي مع هذا الملف مرةً والى الابد، بحيث لا نفخر بعديد السنوات التي قضاها مناضلونا في الاسر، انما بعدد من حررناهم منه وهو ما يفرض تحررنا من مفاهيم التسليم والعجز و البدأ بالعمل الذي من خلاله، ومن خلاله فقط ، سندرك سبل العمل والياته وادواته بانجاز هذه المهمة مروراً بتحرير الذهنية العامة من قيود التحجر الفكري والذهنية الجامدة والراكدة الخائفة من التغيير او التجديد وصولاً الى انتاج ذات جديدة نصل بها الى تحرير الارض والانسان تحريرا ناجزا .
مهمة التحرير كانت وستبقى مهمة شاقة تحتاج الى مزيد من طول النفس والمثابرة والاستعداد المفتوح فلا نملك في ظل الشروط الموضوعية القائمة سوى الاستمرار في خدش الاحتلال وجرحه واستنزاف طاقته حتى تجبره آلامه وخسائره المتراكمة على الانسحاب ومع التمسك بالهدف ومع الاخلاص للجماهير والانحياز لمصالحها و ثوابتها كاسلحة استراتيجية في المواجهة فان ظلام النفق لن يطول .



#رفيق_محمد_الأسير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رفيق محمد الأسير - غياب مهمة التحرير عن سياق النضال الفلسطيني