أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - عالم كارلوس فوينتس














المزيد.....

عالم كارلوس فوينتس


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 7283 - 2022 / 6 / 18 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


يعتبر كارلوس فوينتس أحد الكتاب الرئيسيين في الأدب المكسيكي في النصف الثاني من القرن العشرين، وأحد أولئك الذين كان لهم التأثير الأكبر في قارة أمريكا اللاتينية وفي العالم. و هو أكثر إثارة للجدل – حتى من اكتافيو باث، أستاذ فن مناقشة الأفكار – ، والأكثر تعرضًا للنقد والأكثر مناقشة.

إنه أكثر من مجرد كاتب، فهو مترجم لثقافة المكسيك وواقعها التاريخي. لقد كان صريحا ومثابرًا، يتخذ موقفًا في المنتديات الدولية بشأن احترام سيادة الشعوب وحقوق المهاجرين من أمريكا اللاتينية في الولايات المتحدة. تواجده المستمر في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، وأسلوبه الشخصي، الشديد والمسرحي، يولد أحيانًا ردود فعل قوية في قطاعات معينة من الرأي العام، فتختلط بالأحكام التي تصدر عليه ككاتب. ومثل هذه العملية لا تساعد في تقييم أعماله، بل أحسبها هي التي حالت بينه و بين فوزه بنوبل للاداب. لذلك يجب أن نضع جانبًا مشاعر التعاطف والكراهية التي أثارها هذا المحرض العظيم ونحاول فهم ما تخبرنا به كتاباته، التي تشكل مادة هائلة من التعقيد النادر.
فوينتيس هو أحد الروائيين الأكثر طموحًا: طموحًا بمعنى أنه يطور عملاً بحجم يضاهي أعمال أليخو كاربنتير أو حتى غارسيا ماركيز. لقد كان يكتب بثبات لأكثر من نصف قرن مع فترات صعود وهبوط بسبب فائض الخيال وليس العكس.

قاده شغفه الحقيقي بالأدب والمكسيك إلى تقديم الواقع المركب والمعقد لبلد ذي جذور قديمة جدًا في سياق تاريخ أمريكا اللاتينية والعالم. يؤلف لوحة جدارية كبيرة، إفريز ملون للحياة العامة والخاصة في عصرنا. الصور الموجودة في هذا الإفريز متنوعة للغاية، وكان انطلاقها غنيًا وواسعًا لدرجة أنه في مرحلة ما من مراحل تطورها، قرر فوينتيس تنظيمها في شكل “برنامج” سردي أطلق عليه “عصر الزمن” مستأنفا نهج روائي مكسيكي آخر “أجوستين يانيز” (1904-1980).

ظهر اسم هذه الخطة الإبداعية الرائعة لأول مرة كنقش كتابي في روايته كريستوفر أنبورن (1987) وتم تضمينه – مع بعض الاختلافات – في العديد من الأعمال اللاحقة. يتكون الكتاب من اثني عشر جزءًا، وبعض العناوين تتطابق أحيانًا مع عنوان الكتاب. تم التخطيط لواحد وعشرين عملاً وتم نشر ثمانية عشر بالفعل وهذا العدد لا يشمل الأعمال الإضافية.

يكون عنوان هذا البرنامج صحيحا إذا فهمناه بمعنييه: فمن ناحية، هو إشارة إلى الزمن التاريخي ضمن حدود المكسيك الحديثة الواقعة في قبضة الأزمات المتعددة المفاجئة والعنيفة التي تزرع في أعقابها الموت و خيبة الأمل. ومن ناحية أخرى، إنه استحضار لعصر الأساطير البشرية العظيمة حيث يصبح التدمير مرادفا للبناء، والإعلان عن ولادة جديدة، حيث يكون كل شيء أو سيظل على قيد الحياة في فترات دورية معينة. صور خالدة مثل تلك التي تمنحها لغة الرواية والشعر. هكذا يمكن اعتبار عمله السردي، رواية الزمن ودعوة رائعة للعيش في زمن الرواية. يعتبر الوقت بالنسبة له بُعدًا مفتوحًا للتغيرات اللانهائية والرؤى والتعاويذ التي تتساءل عن هذا السؤال. ويوسع إدراكنا للواقع، كما فعل كورتازار بطريقته الخاصة.

يشبه عالم فوينتيس الفن القديم قبل الكولومبي، الاحتفالي، المشحون، المنتشر، الغامض، الغريب، المفرط. هذه الاستعادة للشخصيات القوية للثقافة المكسيكية التي وجدت قبل ألف عام، يمكن مقارنتها بما نجده في شعر أوكتافيو باث، حيث يجمع بين أساطير الماضي والحاضر. المكسيك هي مركز أبحاث كارلوس فوينتيس، والتي هي بعيدة كل البعد عن أي قومية ضيقة (وهو ربما ما يفسر اعتراضات بعض القراء الناقدين).

إن من أهم ما قام به فوينتس من وجهة نظري هو جعل الرواية المكسيكية منفتحة على الكوزموبوليتية، على العالمية التي تسمح للكاتب الأمريكي اللاتيني بالحوار مع العالم والتعرف على نفسه في هذا السياق كمحاور شرعي و مؤهل: إنه يمثل حركة من الحرية المفاهيمية والجمالية والأخلاقية.

تسكن الكون الخيالي لفوينتيس الوحوش، والسحرة، والركض، والشياطين، والكائنات الرهيبة والرائعة، وكائنات خيالية وحقيقية للغاية في نفس الوقت، مثل نقوش الأزتك الصخرية التي في تغير دائم، في حالة رائعة من التشويق اللامحدود بلا نهاية حقيقية، تمثل إلهًا وحيوانًا أو العكس.

من وجهة نظر جمالية، هذا التحول المستمر له نتيجتان: إنه عالم يمتص كل شيء ويستوعبه، ويخلق نسيجًا باروكيا مشبعًا بالإشارات إلى كل ما يمكننا تجربته ورؤيته وقراءته وأن نحلم به. ومن ناحية أخرى، يتميز أسلوب السرد بالغموض ودائرية المعنى. ما يحدث ليس ظاهرة حقيقية ولكنه احتمال بسيط مفتوح لتفسيرات مختلفة لأنه لا يحدث مرة واحدة فقط بل مرات عديدة أو بالأحرى دائمًا. لهذا السبب يمكننا القول إن بعض رواياته لا تنتهي أبدا وهي أعمال منفتحة على التعددية واللانهاية.
تجسد هذا المفهوم في روايته تيرا نوسترا(1975)، وهو تكوين سمفوني أصيل مع اختلافات، استوحاه فوينتيس من شكل قديم جدًا ظهر في ألف ليلة وليلة والذي حاول بالفعل إعادة اختراعه في مسلاخ جديد (تغيير الجلد، 1967). إنه السرد عن طريق التناوب، وهو نظام من الأصوات السردية المتعددة والمتضاربة التي تفسح المجال لبعضها البعض وتتبع بعضها البعض من أجل خلق تأثير دائري؛ كل صوت يعلن ويفتتح سردًا يؤدي إلى سرد آخر يكرر نفس النمط.
تتيح لنا هذه العملية أن نكون هنا وهناك، في الماضي والمستقبل، في كل مكان وفي أي مكان، في حضور شخصيات مثل سيرفانتس، ولا سيلستين، وفيليب الثاني، ودون جوان. نعيش جميعا سوية مع حياتهم وموتهم. نحن في مكان وزمان غير محدودين حيث نشهد موتنا وحيث نولد من جديد عدة مرات. هذا الكون الدائري الذاتي هو المفتاح لكون فوينتيس الخيالي: عالم المدينة الفاضلة.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية أكسفورد.. خافيير مارياس
- رواية حياة أرسينيف.. إيفان بونين
- العدالة ضحك على الذقون
- عودة المواطن.. توماس هاردي
- ديوان *لسنا شعراء.. إنّه الحُبّ*
- كَمَا العَنقاء
- القارئ العاديّ
- المَوهِبَة
- رُقعَةُ الشّطرَنج
- مُتَسَوِّلٌ و كِتَاب
- مَن تُجَالِس؟
- نَبشُ قَبر
- مِن فَضائِل العُبُودِيَّة
- ذَهَبٌ مُتَسَاقِط!!
- عاشوراء
- أَصغَرُ مُعجِزاتِ الفَنّ
- غَيمَةُ صَيْف
- يَعرِفُنِي قَبلَ مِيلادِي!
- يَتَسَوَّلُ اِبتِسَامَةً!
- الطُّيُورُ المُهاجِرَة


المزيد.....




- بعد تشوّهه الجسدي الكبير.. وحش -فرانكشتاين- يعود جذّابا في ا ...
- التشكيلي سلمان الأمير: كيف تتجلى العمارة في لوحات نابضة بالف ...
- سرديات العنف والذاكرة في التاريخ المفروض
- سينما الجرأة.. أفلام غيّرت التاريخ قبل أن يكتبه السياسيون
- الذائقة الفنية للجيل -زد-: الصداقة تتفوق على الرومانسية.. ور ...
- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - عالم كارلوس فوينتس