النوم على ارض اسمنتية

الاء سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 7283 - 2022 / 6 / 18 - 16:02
المحور: الادب والفن
    

نفط .. نفط .. تناهى لنا هذا الصوت يوميا ونحن نتناول الفطور الصباحي .. وظهر ان صاحب هذا الصوت جارنا الذي يبدأ عمله في بيع النفط بعربة صغيرة يدفعها ويخرجها من بيته . وكان هذا الجار الجديد يسكن مقابل بيتنا في بيت غير كامل البنيان اكتفى بالسقف والارض الاسمنتية ، ولاحظنا ان هناك عائلة لا نعرف عدد افرادها تسكنه وهي عائلة بائع النفط . وتبين بعد سنين عديدة وجود عائلة اخرى تسكن في نفس البيت حيث تعرف ابناءنا على ابنائهم في المدرسة الابتدائية ومن خلالهم وردتنا اخبار هذه العائلة المنعزلة عن الجيران ، حيث تساكنهم اخت رب العائلة التي عرفنا انها قد طلقت وسكنت مع اخيها ولها ولد وبنت .
كانت عائلة متعففة اكتفت بمورد الاب الشحيح ، وبالرغم من حالة العوز الشديدة لم يظهر منها خارج البيت شيئا ، فملابس الاطفال جميلة ونظيفة وتنم عن ذوق جمالي بديع ساعدهم في ذلك جمال البنت وضفائرها الشقراء الطويلة التي كانت مورد حسد الطلاب الذي يظهر من خلال مناداتها ببنت بائع النفط .
كانت اخت رب العائلة ذات شخصية فذة استطاعت تلافي كل المشاكل التي تحدث بين الاطفال في الشارع ، وانعكس ذلك على حصول ذات الضفائر والاشرطة البيضاء والصدرية النيلي والقميص الابيض على اعلى المعدلات الدراسية بالرغم من عدم حصولها على دروس خصوصية .
كان البيت الواقع في حي عرف سكانه بالوظائف العالية متناقضا مع بيت بائع النفط الذي اكتفى ببساط على الارض وخلو البيت من اثاث ، ومن خط مولدة كهربائية ، ومن خلاله استطاعوا النجاح بالحياة الدراسية فكانت حقا منافسة بين الواقع والطموح . فقد استطاعت ام الضفائر الدخول الى كلية الطب والتخرج منها طبيبة بدرجات تجذب الفخر .
وفي صبيحة احد الايام طرقت بابنا والدة ام الضفائر للتوسط في الحصول على عمل ، وتبين من خلال عملها وجديتها فيه انها قد نقلت اصرارها في مصارعة المصاعب الى ابنها وبنتها ، وبالرغم من ان عملها كان خدميا حيث كانت مهنتها تنظيف المكان لكن همتها وفرحها العالي بما توصلت اليه ابنتها جعلها فخورة امام العاملات وتشعر رغم العوز الذي مرت به انها حصلت على نتيجة عملها الدؤوب ، وظهر ان التربية الجيدة للام رغم ضنك العيش والفقر وفقدان الاب اعطت ثمارها كانت تنام على ارض اسمنتية .

#الاء_سميسم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات