أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد العارف - وادي اللبن














المزيد.....

وادي اللبن


خالد العارف

الحوار المتمدن-العدد: 7280 - 2022 / 6 / 15 - 16:45
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عند فراغي من قراءة رواية وادي اللبن لعبد اللطيف محفوظ الصادرة عن دار فاصلة (2021)، تساءلت كما هي عادتي بعد إنهاء قراءة أي كتاب: ماذا استفدت؟ يمكن أن أجيب عن هذا السؤال بأشكال متعددة، منها أن أبسُط جانباً من الحكاية بكلماتي، تحفيزاً لقراء محتملين على قراءة الرواية؛ أو أن أتحدث عن شخوصها، الأكثر حضوراً (كمال، عبد الدايم، أغراب، الفراط، كريم) أو الأقل حضورا (امحمد، حميد، عمولة، عمر، الشريفة إلخ)؛ أو أن أعرض انطباعاتي عن تشابك الأمكنة والأزمنة من جهة وانعجانها مع الحنين والألفة والسفر والاقتلاع من جهة ثانية؛ أو عن الأسطرة في متن الرواية، أو عن كل ذلك ضربة واحدة، لكنني لن أفعل أياً من ذلك ربما وسأستعيض بكلام خفيف عن ابتسامات ثلاث ارتسمت على وجهي وأنا أقرأ الرواية:
ابتسمت وأنا أقرأ الألقاب القدحية التي ذكرها السارد في الصفحة 22 (قُرعيْش، زيْبَط، الزاحوط إلخ)؛ ثم ابتسمت مرة ثانية وأنا أقرأ ما قاله الأخ البكر لأخيه كمال في أحد المكاتب في مخفر الشرطة بعد أن أحضر له الأكل: "جَغْدد." (ص. 41) وهذه المرة استحالت الابتسامة إلى ضحكة مجلجلة حتى خفت أن يظن من هم حولي أنني فقدت عقلي، إلخ، لأن للكلمة قوة رمزية بها ألفة حبيبة وأنا لم أسمعها منذ زمن بعيد (فكيف أجدها محدقة فيَّ على صفحة رواية؟). أما الابتسامة الثالثة، فقد شعرت بها ترتسم على وجهي بعد أن قرأت العنوان الفرعي: "بعرة الشريف" (ص. 49).
ابتساماتي الثلاث ناتجة دون شك عن وميض مفارقة، لا عن مفارقة تامة سافرة، فباستثناء المفارقة الكامنة في "بعرة الشريف" لست متأكداً من أن عموم القراء، أي أغلبهم سيقبض على معنى كلمة "جغدد" تحديداً. لقد استمتعت حقيقة بقراءة هذه الرواية ليس لاعتبارات فنية رغم ما فيها من شغف بالعلاقة بين التاريخ والتأريخ من جهة والأسطورة والخطاب الشفوي عن الأصول والسيرورة الاجتماعية والسياسية والثقافية (بالمعنى الأنثربولوجي للكلمة) من جهة ثانية. ما راقني هو أن الرواية سفر في كتب الأخباريين والرواة والمؤرخين، سفر يتواشج مع السفر الفعلي للسارد ويتوازى معه، ففي أغلب الأحيان ينتقل السارد من سفره عبر السيارة إلى السفر الرمزي، وهو ما قد يحيل من طرف خفي على ما أتوقع أن يكون السيرة الفعلية للكاتب/السارد المطبوعة بالحنين إلى تيسة، ودليلي في ذلك عنوان الرواية الذي يحيل على وادٍ (وقرية كذلك) يمتد بمحاذاة الطريق المؤدية إلى تيسة وإلى تاونات. وإن شئنا التدقيق أكثر، قلنا إن التاريخ (بمعناه العام) في هذه الرواية هو صور تعقب الواحدة منها سابقتها في تتابع مذهل سريع، تماماً مثل المناظر الطبيعية التي تمرق بسرعة عندما يكون المرء راكباً سيارة أو قطاراً على سبيل المثال؛ لا استقرار هناك، بل لا يوجد أي شيء خارج الحركة الدائمة على مستوى الحكاية والأمكنة والأزمنة وكذلك في نفسية الشخوص. لا أصول يمكن اقتفاؤها، بل لا يمكن اقتفاء سوى الأثر لأن التفكير في الأصول له مزالقه ذوات الطابع الميتافيزيقي لذلك ربما استعاض السارد عن الأصول بالبدايات التي تعيد تشكيل ذاتها في كل لحظة وحين فجاءت الرواية كحزمة رائقة من البدايات المتوثبة حيناً الناكصة والمداورة حيناً آخر، في لفّ ودوران (في المعنى الجميل للتعبير، لأن السرد الجيد هو في آخر المطاف لفّ ودوران تم إفراغه في قالب ممتع)، تأكيد ونفي، تصحيح وتعقيب، تعقّب وارتداد بحثاً عن البدايات؛ كأني بالسارد قد نسج عن منوال إدوار سعيد الذي استهجن فكرة الأصول وعوضها بفكرة البدايات، لينتهي السارد إلى هذه النتيجة: "بدا لي كل شيء في الحكاية يتهاوى، واقعها ومتخيلها على حد سواء. ثم أخذ في التضاؤل حتى صار أقل من ذرة في غبار هذه المقبرة التي نسميها، هنا، المدينة." (ص. 188)

أتمنى لكم قراءة ممتعة.



#خالد_العارف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتنبي في رباط المتنبي
- نقد المفاهيم
- الآن
- الموت الآتي من هناك
- الكائن المعطوب: ملاحظات أولية بخصوص رواية المغاربة
- دبدو: بين أنوار منير وهزيمته


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد العارف - وادي اللبن