أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوفل ادروز - أمريكا تقف عاجزة أمام قوة -لوبي الأسلحة-.. ما السر في ذلك؟















المزيد.....

أمريكا تقف عاجزة أمام قوة -لوبي الأسلحة-.. ما السر في ذلك؟


نوفل ادروز

الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 07:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهدت مدينة أوفالدي بولاية تكساس قبل أيام عملية إطلاق رصاص جماعية في مدرسة ابتدائية خلفت 21 ضحية منهم 19 طفلا، لتنضاف إلى قائمة من عمليات القتل الجماعي التي تشهدها مختلف الولايات بين الفينة والأخرى، وبمناسبة هذا الحدث المأساوي دعا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "جو بايدن" بنبرة حادة للوقوف في وجه لوبي السلاح وتساءل: متى سنقف بحق الله في وجه لوبي السلاح؟
تبعه "باراك أوباما" رئيس الولايات المتحدة السابق معلقا أن أمريكا تقف "مشلولة، ليس بسبب الخوف ولكن بسبب لوبي السلاح وحزب سياسي – يقصد الحزب الجمهوري- لم يظهر أي استعداد للتصرف بأية طريقة قد تساعد في منع هذه المآسي".
أوباما الذي خاض نفس التجربة المأساوية في فترة ولايته الرئاسية بعد المجزرة التي عاشتها ولاية كونتيكيت عام 2012 حينما قتل شاب مدجج بالسلاح 27 شخصا داخل مدرسة ابتدائية، 20 منهم من الأطفال.
في حين صرح "دونالد ترامب" الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة بعد ثلاث أيام من وقوع هذه الجريمة الشنعاء، بمدينة هيوستن بولاية تكساس بمناسبة استدعائه في مؤتمر نظمه الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة إن: "وجود الشر في عالمنا ليس سببا لنزع سلاح المواطنين الملتزمين بالقانون وهاجم من يقترحون ضبط اقتناء الأسلحة".
وقد سبق لترامب أن صرح عام 2018 أمام نفس المنظمة أي "الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة"، -مؤيدا فكرة حمل الأسلحة- عدم تشديد قوانين الأسلحة في البلاد، عقب حادث إطلاق الرصاص في مدرسة بفلوريدا. وطالب بدل ذلك المواطنين باقتناء الأسلحة للدفاع عن أنفسهم في حال تعرضوا لأي هجوم ناري، بما في ذلك تسليح المعلمين في المدارس، وهو الأمر الذي أثار ضجة واسعة.

عادة تتكتل اللوبيات /جماعات الضغط تحت لواء هيئة قانونية منظمة تدافع عن قضايا أو مصالح معينة، وتختلف في طريقة اشتغالها عن المجتمع المدني والأحزاب وقيادته تكون عبر وسائل مختلفة، على رأسها إنشاء شبكة من العلاقات مع الحكوميين والبرلمانيين ورجال الدين والقانون والقضاء والباحثين والمحققين الاستراتيجيين والأكاديميين والسياسيين والإعلاميين والفنانين، هؤلاء الذين يمتلكون مواقع قد تكون لها أبعاد معنوية أو مادية يؤثرون من خلالها على الدولة من جهة وفي الرأي العام من جهة أخرى. وتعود عملية استقطاب تأييد الممثلين إلى سبعينيات القرن التاسع عشر في بريطانيا، فقد كان الناخبون أصحاب المطالب ينتظرون في الردهة خارج قاعات " قصر وستمنستر" (Palace of Westminster) وهو القصر الذي يجتمع فيه أعضاء البرلمان البريطاني ليطالبوا ممثليهم الذين انتخبوهم بالاهتمام الجدي بمطالبهم.
وبحسب معجم "أوكسفورد" تعني مفردة اللوبي "Lobby" باللغة الإنجليزية تلك الردهة الأمامية للفندق، وأطلقت هذه الكلمة على الردهة الكبرى في مجلس العموم البريطاني، وعلى الردهة الكبرى في مجلس الشيوخ الأمريكي فيها يتم تبادل الآراء والمصالح المشتركة، وعقد الصفقات، وإدارة المناورات والمشاورات.

واللوبينغ في الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر حق دستوري اعتمادا على التعديل الأول من الدستور الأميركي الذي تم تبنيه ضمن التعديلات العشرة الأولى. ويحمي التعديل الأول خمس حقوق رئيسية، وخامس هذه الحقوق ذلك المتعلق بحق الشعب في تقديم التماس إلى حكومته من أجل تصحيح المظالم. ومن الناحية القانونية، يتم تسجيل اللوبينغ أو جماعات الضغط كمنظمات غير حكومية طبقا للقانون رقم (4)( c(501 الخاص بالمنظمات الرعاية الاجتماعية.
يعد " الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة" National Rifle Association of America من أكبر اللوبيات في العالم، ويقدر عدد أعضاءها بنحو 5 مليون وتصنف كأقوى منظمة غير حكومية بالولايات المتحدة الأمريكية، يعود تأسيسها إلى سنة 1871 ويقع مقرها الرئيسي بولاية فيرجينيا. هدفها الدفاع بشكل مستميت عن حق المواطن الأمريكي في حمل السلاح تحت ذرائع متعددة كحق ممارسته في هواية الصيد في الأرياف أو حق الدفاع الشخصي.. كما لا يمكن أن نغفل الدور الأساسي لشركات تصنيع الأسلحة وتواطؤها مع "لوبي الأسلحة" لمنع كل محاولة تشريعية تيعى إلى تقييد نشاط التجارة في الأسلحة، وكل ذلك من أجل دوافع خفية اقتصادية بالأساس – رأسمالية-.

في الولايات المتحدة هناك أكثر من 393 قطعة سلاح، وفي سنة 2020 فقط قدر عدد البنادق المتداولة على التراب الأمريكي ما يزيد عن 120 مليون بندقية لكل 100 مليون مواطن أمريكي حسب مشروع مسح الأسلحة الصغيرة Small Arms Survey قام به المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف بسويسرا.

وعلى المستوى الإجرائي تمتاز الولايات المتحدة بشروط بسيطة/لينة لاقتناء الأسلحة –مقارنة بأوروبا- الشيء الذي يساهم في ارتفاع وتيرة جرائم القتل بالسلاح، خصوصا أمام تصاعد الفكر اليميني المتطرف ذو النزعة الإثنية/العرقية في الولايات المتحدة والتقارير تشير إلى ذلك حيث أن عدد الهجمات التي نفذها اليمين المتطرف بين الأعوام 2015 و2020 على المستوى العالمي قد تضاعف بأكثر من ثلاث مرات. في حين ورد في التقرير الصادر عن أرشيف العنف المسلح Gun Violence Archive " وهي منظمة مستقلة لجمع البيانات حدوث 212 عملية إطلاق نار لهذه السنة، ووفق نفس المنظمة أن قتل ما يقرب من 20 ألف أمريكي بسبب حوادث العنف المسلح في 2020، ليصبح بذلك العام الأكثر دموية في الولايات المتحدة منذ عقدين. شهدت الولايات المتحدة 19384 جريمة قتل بسلاح ناري في عام 2020، ذلك وفق أحدث بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).

على ضوء ما سبق، نستنتج أن العنف المسلح بالولايات المتحدة الأمريكية نزيف دماغي يصعب إيقافه، مادام أن حمل السلاح والاحتفاظ به مكفول دستوريا لكل مواطن أمريكي، تحميه جهات سياسية –الحزب الجمهوري- و لوبيات تؤثر في عمل السلطة التشريعية واجهتها الأبرز الاتحاد الأمريكي القومي للأسلحة. من هنا يمكن القول إن هذه الظاهرة مركبة /معقدة يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعلى أساس ذلك يمكن تفكيك خيوطها وفق التقسيم الآتي:

1) اقتصاديا وسياسيا، تكمن قوة أكبر لوبي للأسلحة المتمثل في " الاتحاد الأمريكي القومي للأسلحة" في التبرعات المالية الضخمة التي تأتي من منخرطيه ومؤيديه، خاصة مصنعي الأسلحة مما يسهل عليها إمكانية التأثير في الممارسة السياسية والتشريعية، حيث ينفقون الملايين من الدولارات على أعضاء الكونجرس الأمريكي المحسوبين على اليمين السياسي (الحزب الجمهوري) لضمان دعمهم لحقوق امتلاك السلاح في الولايات المتحدة، ومواجهة كل مشاريع القوانين التي يمكن أن تفرض قيودا على هذه الحقوق. ويصل هذا الإنفاق إلى قرابة 3 ملايين دولار سنويا للتأثير على سياسة حق حيازة الأسلحة، في حين يتم إنفاق ما يقرب من 250 مليون دولار سنويا عن طريق لجان العمل السياسي والمساهمات المستقلة والإعلانات السياسية. بل إن هذه المنظمة لها تأثير حتى في فترة الانتخابات الرئاسية حيث أسهمت بمبلغ 31 مليون دولار حملة دونالد ترامب الرئاسية عام 2016.
وحسب ما رصدته ورقة بحثية صادرة عن Center For Representative Politics المختص في تتبع مصادر الأموال المؤثرة على النخبة السياسية، تخصص شركات الأسلحة الأميركية الملايين من ميزانياتها للضغط على السياسيين عبر التبرع لحملاتهم الانتخابية، إذ صرفت شركات الأسلحة عن طريق شبكات واسعة من جماعات الضغط ما قيمته 2.5 مليار دولار خلال العقدين الماضيين للتأثير على سياسة الدفاع في الولايات المتحدة الأميركية. وفي عام 2016، أعلن الاتحاد دعمه للجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، في وجه هيلاري كلينتون، انتقاما من الرئيس السابق باراك أوباما الديمقراطي، الذي شن حملة ضدها في فترته الرئاسية، ودفع لتشديد قوانين حيازة السلاح. وبحسب مركز "ريسبونسيف بوليتكس"، فقد أنفق الاتحاد الأمريكي للأسلحة 30.3 مليون دولار لتأييد حملة ترامب.
2) دستوريا، حمل السلاح والاحتفاظ به حق مكفول في الدستور الأمريكي وتحميه المحكمة الدستورية العليا، إذ ينص التعديل الثاني منه منذ 1791: "إن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها". إن من يؤيدون فكرة الحق في حمل السلاح يعتبرون أن النص الدستوري مقدس ولا يمكن المساس به، والسبب المباشر هو محاولة الآباء المؤسسين حماية المواطنين الأميركيين في ذلك الوقت من استبداد الحكومة الاتحادية، خصوصا بعد الحرب الأهلية، واعتبار حمل السلاح الشخصي، الحق الأهم لحماية الحقوق الأخرى التي تم اعتمادها في وثيقة الحقوق العشرة، ومن يرى عكس ذلك فهو خرق للدستور.

3) ثقافيا، يرى المواطن الأمريكي أن حمل السلاح واستعماله جزء لا يتجزأ من حريته الشخصية، حتى أصبحت عقيدة توارثتها الأجيال المتعاقبة، وهذا ما أكدته دراسة قام بها مركز بيو للدراسات / Pew Research Center أن ثقافة حمل السلاح “متجذرة في المجتمع الأمريكي”، مضيفا أن 48 بالمئة من مجموع الراشدين في البلاد نشؤوا في منزل توجد به أسلحة نارية، وأن سبعة من عشرة أمريكيين سبق لهم أن قاموا بإطلاق النار في مرحلة ما من حياتهم.



#نوفل_ادروز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة تاريخية في قضية محمد العطاوي سنة 1998
- الجهوية المتقدمة في ضوء النموذج التنموي الجديد


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوفل ادروز - أمريكا تقف عاجزة أمام قوة -لوبي الأسلحة-.. ما السر في ذلك؟