أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لغزة من قلوبنا سلام ورجاء















المزيد.....

لغزة من قلوبنا سلام ورجاء


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 7240 - 2022 / 5 / 6 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استحوذ خطاب القيادي يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في غزة، الذي ألقاه يوم السبت الفائت ، أمام جمهرة من الشخصيات الإسلامية والوطنية وممثلي المؤسسات والأطر السياسية والاجتماعية، على انتباه معظم سياسيي الدول الذين يتابعون تداعيات الأوضاع الراهنة في فلسطين والمنطقة. لا يكثر القيادي السنوار في طلّاته الإعلامية ولا في القاء خطاباته أمام الحشود؛ وعندما يختار أن يفعل ذلك تكون الرسالة الأولى في توقيت خطبته والإشارة إلى استشعاره بأن خطبًا جللًا قد يقع في كل لحظة؛ ويبقى المخفي، كما تعرف القدس، أوجع وأعظم.
لقد تعمّد السنوار توجيه رسائله وتحذيراته، إما بشكل مباشر أو مضمر، إلى عدة عناوين محلية، وقطرية وعالمية، وبرز في مقدّمتها، بطبيعة الحال، قادة إسرائيل، من سياسيين وعسكريين، وقادة الدول العربية والإسلامية، وفي طليعتهم دولة مصر، كما وخصّ جميع الفلسطينيين، بمن فيهم نحن، المواطنين العرب في إسرائيل.
لن أتطرق، في هذه العجالة، إلى جميع محاور خطابه، رغم أهميتها، وسأكتفي بمعالجة أقربها الينا؛ فرسالة السنوار الى المواطنين العرب، وخاصة تلك التي وجّهها إلى أعضاء القائمة الإسلامية الموحّدة، وتحديدًا إلى رئيسها منصور عباس، تعدّ أكثر من عتاب معقول بين المؤمنين الأخوة؛ وتقترب إلى كونها انذارًا ساخنًا وتدخلًا لافتًا يستدعي المناقشة بهدوء وبمسؤولية؛ فهو حين يصرّح أن "شبكة الأمان التي تمنحها القائمة الموحّدة للحكومة الإسرائيلية، تشكّل جريمة لا تغفر، وأن عضوية القائمة الموحّدة في الائتلاف الحكومي تعدّ تنكّرا لدين أعضائها ولعروبتهم"، يعلن بوضوح عن طبيعة فهم حركة حماس لاشتباك علاقتها مع العرب المسلمين في إسرائيل، ويفترض ضرورة أن تتوافق هذه العلاقة بشكل جوهري مع العقيدة الدينية، كما تترجمها وتؤمن بها حركة حماس وقادتها، وأن تتكامل معها على مستوى النهج وفي جميع وسائل تمكينها النضالية. وإذا ما أضفنا لهذه الجزئية العامة نعته للدكتور منصور عباس "بابي رِغال" (وهو اسم الشخصية التي صارت رمزًا عربيًا موروثًا ينعت به مَن يخون قضية قومه من أجل مصالحه الضيّقة والشخصية، كما تعاون هذا الرجل مع أبرهة الأشرم، ملك الحبشة، في حملته على الكعبة بغرض تدميرها في السنة التي ولد فيها الرسول محمد وعرفت تاريخيًا "بعام الفيل") نتحقق من ضعضعة مكانة ما كان معروفًا بيننا مجازًا بعهدة "الستاتوس كوو"؛ وهي مجموعة قواعد سلوكية سياسية وقيم وطنية واجتماعية، درجت فئات شعبنا الفلسطيني، بينها وبين بعضها، على احترامها ومناقشتها محليًا، لا سيّما اذا تعلّق الأمر بقضايا وجودية تخص علاقتنا كمواطنين فلسطينيين مع الدولة.
وللنزاهة أقول: لم تكن حركة حماس متفرّدة في نقض تلك العهدة، أو ربما ليست هي أول من اخترقها جهارة وبشكل عملي وتنظيمي متعمّد؛ فلقد سبقتها فصائل فلسطينية أخرى وقيادات دول عربية مختلفة عملت جميعها، منذ سنوات طويلة، على استمالة معظم قيادات مجتمعنا العربي، السياسية والاجتماعية والدينية والمدنية، ونجحت باحتضان بعضها من خلال عمليات تدجين أفضت إلى خلق حالات من "الانتماءات الرخوة" وجزر بشرية مرتبطة بمن يسمّنها ويحافظ عليها ويشتري ولاءاتها بآهاتها وفق أنظمة "دكننة" متستر عليها.
لقد برّر البعض، في حينه، الشروع ببناء تلك العلاقات بالتماهي الايديولوجي، أو لاحقا، تحت ذريعة "التواصل الانساني"، وهي قضية محقّة وحارقة؛ لكنّ تجنيدها، كما حصل في تلك الأعوام، بحجة اختراق جدارات شام الأسد، كان، كما تبيّن فيما بعد، مجرّد بدعة أدّت الى زعزعة قلاع حصانتنا ثم الى تصدّعها بعد اعتماد تقليعات جديدة من التواصل، التي سرعان ما صارت تصرف على شكل مكرمات سلطانية أو أميرية أو ملكية والتهافت عليها، مرّة باسم دعم طلّابنا، ومرة إنقاذًا لمرافقنا الحيوية، ومرة لتنمية مؤسساتنا المدنية، أو باسم التصدي لزحف اليمين الاسرائيلي الفاشي؛ وهكذا حتى وصلنا عمليًا إلى ترسيخ وتمتين ظاهرة تشابك مصالح الحركات الاسلامية، على اختلاف رؤاها ومشاريعها التفصيلية، مع أخواتها العربية والاسلامية ومع الأنظمة العربية والاسلامية والغربية الراضية عنها، التي شكّلت لتلك الحركات مظلات ودفيئات في بلاط آل سعود، أو تحت أجنحة السلطان أردوغان، أو داخل قصور أمراء الخليج، أو، كما سمعنا في خطاب القيادي السنوار، في حضن الجمهورية الاسلامية الايرانية.
هنالك حاجة لدراسة هذه المسألة ولاستخلاص النتائج والعبر منها؛ فاليوم لسنا في معرض وضع الاصبع متى وكيف حصل الاختراق الأول في منظومة الكوابح التي حمتنا من هذا التشرذم أو الاحتضان وحافظت على هويتنا الواحدة الجامعة؛ ولكن قد يكون الاعتراف بالواقع أول الخطى نحو الخلاص، ومراجعة ما فعلته كل حركة أو مؤسسة وما رضي به كل حزب وحزب في هذه القضية، ستكون الشرط الذي قد يعيد لهذه الهيئات والأحزاب رشدها وشرعية حقها في مناقشة مواقف بعض الحركات الاسلامية كما عبّر عنها القيادي السنوار، بكل حزم ووضوح ومباشرة، وجميعنا يعرف أن هناك من يصغي إليه ويؤيده بيننا.
من يراجع موقف حركة حماس من "القائمة الاسلامية الموحدة" سيجد في الخطاب الأخير لهجة تصعيد بارزة تجاه قيادات الحركة الاسلامية الجنوبية وخاصة تجاه الدكتور منصور عباس. لا أعرف باليقين ما هي مسببات هذا التغيير وما جعل حماس تختار خطاب التخوين المباشر بدل المناقشة السياسية أو المحاورة الدعوية؛ خاصة إذا انتبهنا إلى أن "الخيانة"، في كثير من تجلّياتها، لم تعُد موضع إجماع بين أفراد الأمة أو بين مللها ونحلها.
ولكنني أشعر بأن حركة حماس، ونظيراتها في الحركات الاسلامية السياسية المتآخية، بدأت تشعر بخطورة نهج الحركة الاسلامية الجنوبية عليها؛ لاسيما في الظروف الخاصة التي يعيشها مجتمعنا العربي في الداخل، الذي من أجل رغده، كما تدّعي القائمة الموحدة، تصرّ على المضي مع حكومة بينيت- لبيد، وهي معززة بفتاوى مشايخها وبتبريرها الذرائعي بأنها تفعل ذلك لمصلحة المؤمنين والفقراء وأبناء الشعب. لقد ووجهت الحركة الاسلامية الجنوبية بانتقادات لاذعة أطلقها شيوخ وقادة في الحركة الاسلامية الشمالية المحظورة من قبل حكومة إسرائيل، وعلى الرغم من صراحة ما قيل وقساوته، نجحت قائمتها في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وهناك من يدّعي بأن شعبيتها تزداد برغم الهجوم عليها وتخوين طريقها بسبب مواقفها النفعية.
قد تخشى حركة حماس بأن يصيب داء الالتباس "معادلة الهدنة" بينها وبين الاحتلال الاسرائيلي، التي يتم الحديث عنها في الأخبار من حين لأخر ؛ وتخشى أن يُستغل ذلك الالتباس، بشكل مقصود، في تسويغ علاقات بعض المفاعيل والجهات السياسية العربية والفلسطينية مع اسرائيل، خاصة بعد أن نجحت الحركة الاسلامية الجنوبية، من خلال اعتمادها على نصوص ملتبسة، بتحوير وتشويه مفهوم المواطنة، و"تحريره" من ضرورة تحقيق حقوقنا الوطنية، كرديف لتحقيق حقوقنا المواطنية.
لقد وضع هذا الالتباس المواطن المسلم العادي في إسرائيل وفي غيرها من المواقع، أمام معضلة جديدة لا يبدو أن الحسم فيها سيكون قريبًا أو سهلًا حتى اذا اتهمت حماس ومن يؤيدها منصور عباس بكونه "ابو رغال" هذه المرحلة؛ فللحركة الاسلامية الجنوبية مكانة ولها امتداد شعبي محسوس وتدعمها زعامات وقيادات محلية بضمنها رؤساء مجالس وبلديات معروفين.
لغزة بحرها وسنوارها وحلمها، ولنا، نحن العرب في إسرائيل، ما لنا وما علينا؛ وكم ناقشت وناقش غيري مواقف "القائمة الموحدة الاسلامية" واعتبرناها مضرة بمصالح مجتمعنا ؛ ذلك لأنها، علاوة على ترسيخها لسابقة سياسية خطيرة، ستفضي، مع نهاية التجربة، إلى تقوية القوى اليمينية الفاشية. وعلى الرغم من انتقادنا الشديد لمواقفها لم ألجأ إلى تخوين أعضائها وقياداتها، لأننا ببساطة، كما قلت سابقًا، نعيش في زمن لم تعد فيه "الخيانة" ، للأسف، حالة معرّفة ومفضوحة ومعرّاة ولا حتى مجرد وجهة نظر، بل صارت خيارًا ورأيًا وصرعة واجتهادًا.
للخيانة مقاسات ومساطر، وجميع هذه كانت، يوم كنا نصحو على صوت الندى، واضحة وضوح الجرح في جبين الفجر؛ واليوم صار كل شيء زائغاً، حتى الربيع في شرقنا صار يخشى ضوء القمر. لقد بدأت مأساتنا حين اختلّت معاني التحرّر ومزّق الوطن، قبل وقوع منصور عباس عن حردبة الأمل. وكبر جرحنا حين رضينا بأن يبقى من سقطوا عن صهوات العزة والكرامة قادة أحزاب وطنية وأصحاب رأي وقلم، وحين صار لكل معبد دين وجيش وفقهاء ودولة وعلم. للخيانات رائحة الملح والعرق وصوت يشبه هسيس الجن لن تخطئه حين تسمعه حتى لو كنت ساكنًا في بلاد العسل. والخيانات تتكاثر بيننا كالنمش على صدور السحاب، وتختبيء كحبات الرمل تحت الأظافر، وفي عرى معاطف "الخواجات" وعميقًا في جيوب الطغاة وتحت وسائد السهر .
سيحمل منصور عباس وحركته وزر ما فعلوا، وسيحاسبهم مجتمعهم إن كانوا مخطئين أو جناة بحقه؛ وإلى أن يتم ذلك، أو عكسه، دعونا من اغواء الاستعارات ووقعها المؤذي. أولم نكن وحدنا، نحن أبناء الشمس، حين رفونا للتاريخ ملاءات من ورد حكاياتنا وسقينا الينابيع دموع الأمل ؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعة القدس الحزينة
- والقول كما قال أيمن في باب العامود ، ولكن!
- - حروب اليهود- في الكنيست-المعركة الأخيرة
- إسرائيل- من دولة عنصرية لها مؤسسات وجيش إلى كيان مارق وكتائب ...
- من برلين إلى بئر السبع، موعظة ودماء
- فيلم - صالون هدى- : ضحية للغة الغرب وحداثته الهجينة
- الثابت والمتحول هنا في فلسطين وهناك في أوكرانيا
- لا لأوكراينا ولا لحرب بوتين عليها
- الطريق إلى شانغهاي، مشاهد على متاهات العرب في إسرائيل
- بين -بيجسوس- والاسرى الفلسطينيين الاداريين تسكن الحقيقة
- مرايا العرب في إسرائيل مهشّمة
- تقرير أمنستي وإحياء فقه النكبة الفلسطينية
- أوميكرون وراءكم واللينش أمامكم
- غزوة حكومة إسرائيل على قرية - سعوة الأطرش-
- هشام أبو هواش، انتصار صغير في زمن الهزائم الكبرى
- رسالة مفتوحة لقاضي المحكمة العليا يتسحاك عميت
- من يستطيع أن يسلب فلسطين مسيحها؟
- -القائمة الاسلامية- موحدة في خدمة حكومة إسرائيل
- تضاريس التطبيع في ليالي باريس
- ماذا لو كان هشام أبو هواش حاضرًا في -معهد العالم العربي-


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لغزة من قلوبنا سلام ورجاء