أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الاتجاه الشيوعي الأممي - تروتسكي و جذور التروتسكية الجزء الأول















المزيد.....


تروتسكي و جذور التروتسكية الجزء الأول


الاتجاه الشيوعي الأممي

الحوار المتمدن-العدد: 7233 - 2022 / 4 / 29 - 16:24
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


سنبدأ بالبحث في أصل الأساطير التي صنعتها الحركة التروتسكية و مؤيديها . مزاعمها الوردية التي ترجع إلى الشهرة التي نعم بها تروتسكي كرئيس لسوفييت سانت بطرسبيرغ عام 1905 و كقائد للجيش الأحمر و كشهيد اغتالته الستالينية عام 1940 . ليس للنقد الوجيه للتروتسكية أي شيء يجمعه بالطريقة الستالينية في التركيز على ماضيه المنشفي قبل عام 1917 و لا تعني إنكار المساهمة التي قدمها ، سواءً في النظرية أو التطبيق ، و في الثورة الروسية نفسها . بالفعل لقد سمح تحليل تروتسكي لثورة 1905 و ظهور السوفييتات بأن يتنبأ باحتمالات الثورة البروليتارية بوضوح على نفس درجة الوضوح التي بلغها لينين أثناء عام 1917 . لكن التروتسكية كحركة سياسية و على الرغم من أن أصولها تصادف أنها تزامنت مع قيام الثورة ، لكنها بالضرورة نتاجًا لمرحلة تالية ، متأخرة : مرحلة الثورة المضادة التي أصبحت هي نفسها جزءً لا يتجزأ منها . الحركة التي ارتبطت بتروتسكي داخل روسيا ظهرت و صعدت بينما كانت الثورة في أوروبا تسير نحو الهزيمة . اندلع الارهاب الأبيض في المجر ، و كان الفاشيون على الطريق للاستيلاء على السلطة في إيطاليا بينما كانت آخر المحاولات المستقلة لجزء من الطبقة العاملة الألمانية للإطاحة بالبورجوازية تهزم هي الأخرى في مارس آذار 1921 . و على الرغم من عدة انفجارات تالية مؤقتة لمقاومة الطبقة العاملة بعد ذلك ( كما في ألمانيا في عام 1923 ، بريطانيا في 1926 و في الصين عام 1927 ) ، لكنها كانت معزولة و مشرذمة . داخل روسيا نفسها أدت أربع سنوات من العزلة و الحرب الأهلية إلى القضاء الفعلي على الطبقة العاملة القديمة الثورية . بدء تطبيق السياسة الاقتصادية الجديدة النيب و تبني الأممية الشيوعية لتكتيك "الجبهة المتحدة" مع الاشتراكية الديمقراطية بالإضافة إلى جملة من التحالفات السياسية - العسكرية مع الدول الرأسمالية ( مثل معاهدة رابالو عام 1922 مع ألمانيا ) أظهرت كيف أن فشل الثورة الأوروبية قد قاد إلى الثورة المضادة في روسيا تمامًا كما يتبع الليل النهار . قد يكون تروتسكي معذورا في ألا ينتبه إلى حالة الانحطاط هذه لكنه كان في الواقع أحد صناعها و أحد المسؤولين عنها . كان هو الذي بعد أن تمكن من تحقيق انتصار الجيش الأحمر عام 1920 ، آمن بعدها أن "عسكرة العمل" يجب أن تشمل أيضًا كل الطبقة العاملة لتحقيق الانضباط فيها في سبيل إعادة إعمار روسيا . كان هو الذي قاد الصراع ضد المعارضة العمالية في المؤتمر العاشر للحزب ( مارس آذار 1921 ) الذي انتهى إلى حظر كل "الكتل" داخل الحزب . و كان هو الذي أسس و هندس التحالف العسكري السري مع الإمبريالية الألمانية عام 1922 . لو أن التطور اللاحق لنظرية تروتسكي و ممارسته لم يشهدا هذا الانقطاع و الانفصال عن ماضيه السابق في النضال من أجل الشيوعية لربما كان قد اتخذ مسارًا مختلفًا . في الواقع بدءًا بعام 1923 و ما تلاه ، لم يعجز تروتسكي فقط عن إدراك هذه الأخطاء بل إنه قد حولها إلى جزء من أفكاره التالية كما يظهر تحليل "معارضته" للستالينية ذلك .

المعارضة اليسارية و المعارضة المتحدة
المعارضة اليسارية التي ظهرت في أواخر عام 1923 كانت مرتبطة بتروتسكي فقط بشكل غير مباشر ، الذي لم يكن يعرف بها أو حتى كجزء منها في ذلك الوقت ، رغم أن المعارضون قد رحبوا بالتوجه الجديد لتروتسكي الذي كان قد بدأ للتو . و أيضًا و على عكس الأساطير الرائجة فإن هذه المعارضة لم ترتبط بمعارضة "بناء الاشتراكية في بلد واحد" , لسبب بسيط جدًا هو أنها قد انتهت قبل أن تكون تلك الفكرة قد طرحت أصلًا . ظهرت المعارضة اليسارية أثناء "أزمة المقصات" عام 1923 عندما أدى ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية و انخفاض أسعار المزروعات إلى تعطيل عجلة الاقتصاد . رأت المعارضة أن إدارة البيروقراطية للحزب ( التي تشكلت في ذلك الوقت من زينوفييف ، كامينييف ، ستالين و بوخارين ) كانت عاجزة عن حل تلك الأزمة - الأمر الذي قامت به وقتها على الفور ! بحسب المعارضين ، كان لا بد من إضافة بعض التخطيط إلى اقتصاد السوق في السياسة الاقتصادية الجديدة ، النيب ، بما يسمح بالبدء بعملية تصنيع بطيئة بواسطة فرض الضرائب على الفلاحين . بالنسبة لتروتسكي كان هذا يعني الحاجة إلى "تطوير صناعة الدولة كحجر أساس لديكتاتورية البروليتاريا و قاعدة لبناء الاشتراكية" ( المسار الجديد ، ص 120 ) . بشكل طبيعي و لأنها لا تسيطر على الجهاز ( البيروقراطي أو الحزبي ) ، فقد دعت المعارضة إلى "الديمقراطية" داخل الحزب لكن ما عدا موضوع التصنيع لم تقدم أي هدف يمكن استخدام هذه الديمقراطية لتحقيقه . لم تكن المعارضة مهتمة بالمسائل الخارجية و لم تنتقد أيًا من هذه السياسات الخارجية منذ عام 1921 ( تكتيكات الجبهات المتحدة أو التقارب مع الدول الرأسمالية ) . كان تروتسكي قد كتب عن هذه المواضيع لكن فقط كمؤيد لسياسة الجبهة المتحدة و للبلشفية الوطنية في ألمانيا ، اعتبر في هذه المسائل على يمين الحزب . بينما كان "الجناح اليساري" في الحزب ( الشيوعي ) الألماني ( ماسلو ، فيشر و تاليمان ) يعتبرون زينوفييف و ستالين حلفاء لهم ! مواقف تروتسكي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية مثل مقاله "دروس أكتوبر" 1924 , كانت تتركز على إظهار كيف أن زينوفييف و كامينييف ، كما عجزا في 1917 عن إدراك معنى تلك اللحظة ، فإنهما أيضًا عجزا عن الإمساك بالفرصة الثورية في ألمانيا عام 1923 . مع استبعاده تدريجيًا خارج السلطة ، استخدم تروتسكي عجز حكومة الجبهة المتحدة في ساكسونيا و ثورينغا عن القيام بالثورة ، كعصا يلوح بها في وجه زينوفييف . في ذلك الوقت كان تروتسكي يرى زينوفييف كعدوه الرئيسي لا ستالين . لكن تروتسكي كان قد وافق على تلك المناورة السياسية ( الجبهة المتحدة ) التي أدت إلى إنشاء تلك الحكومات لذلك فإن انتقاده هذا كانت تعوزه القوة و الحماسة . في وقت مبكر في ذلك الصيف ، عندما كان هناك صعود في الصراع الطبقي في ألمانيا بعد انهيار العملة هناك ، وقف تروتسكي ضد أية محاولة لإسقاط الحكومة ، "إننا لا نعتبر الغزو الفرنسي لمنطقة الرور كمحفز على الثورة … ليس في مصلحتنا أبدًا أن تقوم الثورة في أوروبا التي استنزفت … ( إننا ) مهتمون بالحفاظ على السلام" . لماذا كان ذلك ؟ لأن تروتسكي كان يومها الوسيط الرئيسي في التحالف بين روسيا و ألمانيا ضد الحلفاء ( فرنسا و بريطانيا ) . مثل هذه السياسة كانت تعني التحالف مع التيار اليميني في ألمانيا و مع قوى الفاشية و القوى القومية ضد الاحتلال الفرنسي لمنطقة الرور . أطلق على تلك السياسة "البلشفية الوطنية" و هي من بنات أفكار راديك ، أحد قادة المعارضة اليسارية . كان سقوطه التدريجي من السلطة و قيام نظام مؤيد للحلفاء في ألمانيا هما اللذان دفعاه للتحول إلى "ثوري" . على التوازي مع فقرها هذا و عدم وجود برنامج حقيقي ، كانت المعارضة اليسارية تفتقر أيضًا إلى دعم الطبقة العاملة . صحيح أن هذا بحد ذاته لم يكن العامل الحاسم ( في سقوطها ) ، في لحظات معينة قد تجد المنظمات البروليتارية الحقيقية نفسها دون دعم حقيقي أو مؤثر من الطبقة العاملة ، لكن معظم هذه المعارضة كانت معروفة بمواقفها المعادية للطبقة العاملة في مسألة "انضباط العمال" و كانت قد أدانت موجة الإضرابات التي ظهرت عام 1923 على خلفية استمرار تدهور الظروف المعيشية . توجهت المعارضة إلى بيروقراطيي الحزب و المدراء الصناعيين و ليس إلى الطبقة العاملة : "الجزء من الكادر الحزبي الذي ما تزال المعارضة في هذا الوقت فاشلة في اجتذابه إلى قضيتها ينتمي إلى الطبقة العاملة الصناعية . لا يوجد شيء لا في برنامجها الاقتصادي أو السياسي تمكن من شد انتباه العمال" ( 3 ) . قدمت البيروقراطية عدة تنازلات محدودة للمعارضة اليسارية لكنها تعرضت للإدانة في المؤتمر الثالث عشر و اختفت في أوائل 1924 . هذه المعارضة بالكاد تستحق لقب "يسارية" تمامًا كما لا تستحق حتى لقب "معارضة" . لكن دعونا نترك الكلمة الأخيرة لما قاله العامل الروسي عن الصراع بين البيروقراطية و المعارضة عام 1923 : "عندما يسألني العمال ما هي الاختلافات الأساسية بينكم و بينهم ، فإنني بكل صراحة لا أدري بماذا أجيب" . ( 4 ) . هذه العبارة البروليتارية الوحيدة تختصر حقيقة تلك المعارضة اليسارية . بعد ذلك ، تأخذ المناورات داخل الحزب ( على ضوء الأحداث التالية ) مسارات غريبة بعض الشيء ، . يتحالف ستالين مع زينوفييف ضد تروتسكي في عام 1923 و فيما بعد ، عندما سيتحرك ستالين و بوخارين معًا ضد زينوفييف ، سيدخل تروتسكي في تحالف ضمني غير معلن معهما ضد زينوفييف الذي كان ما يزال عدوه رقم واحد . لكن فيما بعد في عام 1925 عندما استبعد المكتب السياسي تروتسكي من منصبه كقوميسار للحرب ( وزير للحرب أو الدفاع ) رد ستالين المعروف لتروتسكي بأن وقف ضد اقتراح زينوفييف بطرد تروتسكي من الحزب نهائيًا . كان ذلك هو الوقت الذي طرح فيه ستالين نظرية "بناء الاشتراكية في بلد واحد" . هكذا كان نضال تروتسكي ضدها في ذلك الوقت . حتى عام 1925 لم يكن نزاعهما الشهير قد بدأ بالفعل لأنه حتى ذلك الحين كان العدو الأول لتروتسكي هو زينوفييف و ليس ستالين ، زينوفييف قائد الانحطاط البيروقراطي . تدريجيًا عندما أصبح واضحًا أن جماعة ستالين - بوخارين هي التي ستنتصر في الصراع على السلطة ، انتقل زينوفييف و كامينييف ليشكلوا المعارضة اللينينغرادية . في البداية بقي تروتسكي متحفظًا لكنه سرعان ما سيتحالف مع مجموعة زينوفييف . في يوليو تموز 1926 انضم إلى كامينييف و زينوفييف و كروبسكايا في التوقيع على "بيان ال 13" ( 13 عضوًا من اعضاء اللجنة المركزية ) . كانت تلك البداية العلنية لتشكيل المعارضة المتحدة و التي استمرت بالنشاط حتى ديسمبر كانون الأول 1927 . تبنت المعارضة المتحدة الدعوة إلى تطبيق التخطيط و التصنيع و إلى محاربة "صغار التجار و الغولاغ" . كما دعت لاستعادة الديمقراطية داخل الحزب ، تلك التي لعبوا الدور الرئيسي في قمعها منذ المؤتمر العاشر للحزب عام 1921 . إذا كان الزعم بأن المعارضة المتحدة كانت تعكس المصالح الحقيقية للطبقة العاملة ، فإن هذا القول يصح أيضًا على سياسات ستالين بين عامي 1929 و 1934 ، التي طبقت معظم اقتراحات المعارضة . و هذا الحكم ليس متسرعًا ، لأن غالبية تلك المعارضة قد تراجعت طواعية عن معارضتها لستالين بعد عام 1929 حتى بريوبراجينسكي قال يومها أن استمرار معارضة تروتسكي ليس لها ما يبررها . مرةً أخرى فشلت المعارضة في جذب الطبقة العاملة وراءها . مرةً أخرى كان دعمها الرئيسي يأتي من البيروقراطية التي كانت تنتقدها لكن دون أن تتحدى أو تعارض حكمها . جاءت الضربة القاضية من تروتسكي نفسه . "انعطافة ستالين نحو اليسار" دفعته إلى الصدام مع بوخارين اليميني الذي انضم عندها إلى جوقة المنادين بإعادة الديمقراطية إلى الحزب مقترحًا على تروتسكي التحالف في عام 1928 على هذا الأساس . تروتسكي الذي كان على الأغلب "يدعم بشكل نقدي" مواقف ستالين الوسطية ضد بوخارين اليميني صدم أنصاره بقبول هذا العرض الانتهازي . لكن من المستحيل معرفة تأثير ذلك القرار على المعارضة لأن تروتسكي كان قد نفي من قبل ستالين في يناير كانون الثاني 1929 و معها بدأت فترة بناء أسطورة تروتسكي نفسه .

بناء الاشتراكية في بلد واحد
سيقر الكثيرون من أنصار تروتسكي أن معارضته كانت معارضة "موالية" ، من داخل البيروقراطية التي جاء منها ، لكن ما يحفظ ماء وجهه هو معارضته لأطروحة "بناء الاشتراكية في بلد واحد" ( التي اقترحها ستالين لأول مرة في ديسمبر كانون الأول 1924 ) و التي تعني التخلي عن الأممية كما تعنيه هذه الأطروحة . لا توجد فكرة أو قضية أنتجت مثل هذا الكم من الأساطير و التوهيمات و التشوش كهذه القضية . قبل عام 1917 لم يكن مطروحًا من الأساس إمكانية أن تنتقل دولة ( قومية ) واحدة إلى الاشتراكية منفردة ، لم يكن التاريخ قد فرض مثل هذا الاحتمال بعد . لذلك ليس مستغربًا أن تكون ملاحظات ماركس حول المسألة مبهمة . كان الرأي السائد في الأممية الثانية التي أسست عام 1889 أنه سيجري في داخل كل دولة برجوازية قومية انتقال سلمي باتجاه الاشتراكية و أن هذه الدول الاشتراكية الناشئة سوف تتوحد مع بعضها البعض في كومونويلث اشتراكي . رغم أن التيار اليساري في الأممية قد رفض فكرة الانتقال السلمي إلى الاشتراكية لكنه لم يرفض قط فكرة أن مثل هذا الانتقال ، في البلدان المتقدمة على الأقل ، ممكن الحدوث داخل حدود بلدان أو أوطان بعينها . في هذه الحالات اشترطوا توفر الشروط المادية الضرورية لمثل هذا الانتقال . كتب لينين في ذروة الحرب الإمبريالية : "{ إن شعار الولايات المتحدة الأوروبية } قد يفسر بأنه يعني أن انتصار الاشتراكية في بلد واحد غير ممكن … أن التطور السياسي و الاقتصادي غير المتساوي هو قانون مطلق للرأسمالية ، هكذا يكون انتصار الاشتراكية ممكنًا ، أولا في عدة بلدان رأسمالية أو في إحداها فقط . أن بروليتاريا ذلك البلد بعد أن تنزع ملكية برجوازيتها ستقف في مواجهة بقية العالم" . كانت نقطة الخلاف الرئيسية هي روسيا نفسها ، و هنا تركز النقاش على مسألة تأخر روسيا . شعر لينين و معه معظم البلاشفة و حتى وقت متأخر أن الثورة البرجوازية ما تزال مطروحة على الأجندة في روسيا حتى لو كانت مهمة إنجازها تقع على عاتق البروليتاريا . تروتسكي بنظريته عن الثورة المستمرة من جهة أخرى قال أنه إذا حدثت الثورة في روسيا بالتزامن مع ثورة أوروبا الغربية يمكن تجاوز هذا التخلف و يمكن للثورة أن تنتقل فورًا إلى مرحلتها الاشتراكية . و توصل لينين إلى استنتاجات مشابهة بشكل مستقل في موضوعات نيسان 1917 . منذ ذلك الوقت أبدى البلاشفة فقط بعض التحفظات ، كانوا قد عزموا على بناء الاشتراكية في روسيا ( "دعونا نبدأ ببناء النظام الاشتراكي" ، لينين 7 نوفمبر تشرين الثاني 1917 ) و دفع الثورة العالمية في نفس الوقت . لم يفترضوا بالطبع أن الدولة الاشتراكية ستتخلى عن دعم الثورة العالمية . في الواقع أعتبر أن بناء الاشتراكية في الوطن و دعم الثورة في الخارج أمران مترادفان ، سيسيران جنبًا إلى جنب . عندما أصبح واضحًا أن روسيا عند تطبيق النيب أو السياسة الاقتصادية الجديدة كانت معزولة بالفعل ، التحفظات التي أبداها بعض قادة الحزب ليس لأنه سيكون من غير الممكن بناء الاشتراكية في بلد واحد . ما شعروا به و عبروا عنه هو أن الدولة الاشتراكية قد لا تتمكن من البقاء في عالم رأسمالي معادي بسبب الهجمات العسكرية المحتملة من قبل الرأسماليين . كان تدخل هؤلاء في سياق الحرب الأهلية هو أكبر مثال على هذا الخطر الدائم و كان قادة الحزب الشيوعي السوفياتي في العشرينيات و أولهم تروتسكي تلاحقهم المخاوف من قيام جبهة رأسمالية موحدة قد تقوم بغزو روسيا لإعادة فرض النظام البورجوازي فيها . ما أن أظهرت الدولة السوفياتية قدرتها على البقاء في عالم رأسمالي بالكامل ( عبر الخضوع التدريجي لإملاءاته ) ، حتى بدأت نظرية وجود نظام اشتراكي معزول في روسيا بالظهور في شكل أطروحة ستالين عن "بناء الاشتراكية في بلد واحد" . ستالين ، الذي كان على يمين الحزب إلى جانب بوخارين و آخرين ، قد رأوا في النيب تنازلًا على المدى البعيد لصالح الفلاحين . في تلك اللحظة كان ستالين يقر بالطبيعة البورجوازية للاقتصاد الروسي . رفض ستالين في كراسه أسس اللينينية عام 1924 إمكانية بناء الاشتراكية في روسيا رغم أن تقريره عن نشاط اللجنة المركزية إلى المؤتمر الرابع عشر للحزب الشيوعي السوفياتي كان قريبًا جدًا من موقف تروتسكي : "لكن يمكن للمرء أن يقول أن نظامنا ليس رأسماليا و لا اشتراكيًا . إنه يمثل الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية … إذا أخذنا بالاعتبار بقاء البيروقراطية على رأس مؤسساتنا ، لن يمكننا القول بأننا قد وصلنا إلى الاشتراكية . هذا صحيح لكنه لا يتناقض مع حقيقة أن صناعة الدولة هي شكل من أشكال الإنتاج الاشتراكي" . شعر لذلك ستالين بأنه طالما أمكن الحفاظ على التحالف بين العمال و الفلاحين كان من الممكن بناء الاشتراكية في روسيا . في ذلك الوقت لم يكن تروتسكي مهتمًا بابتكارات ستالين . بالفعل كانت كتاباته في تلك المرحلة تقبل ببناء الاشتراكية في بلد واحد حتى لو كان متخلفًا : "من الواضح أنه في ظل ظروف إعادة إحياء الرأسمالية في أوروبا و العالم ككل ، الذي سيستمر لسنوات عدة قادمة ، فإن الاشتراكية في بلد متخلف ستجد نفسها في مواجهة مخاطر هائلة" . في الواقع كانت معارضة لينينغراد المؤلفة من زينوفييف و كامينييف أول من عارض بناء الاشتراكية في بلد واحد و ذلك في المؤتمر الرابع عشر للحزب . تروتسكي الذي كان يرى ستالين على أنه أقل خطرًا و تهديدا له بقي صامتًا حول القضية . كان تحالفه التالي مع معارضة لينينغراد في المعارضة المتحدة نتيجة لتغيير زينوفييف و كامينييف موقفهما من الدعوة إلى تصنيع روسيا كأفضل طريق إلى الاشتراكية . في مجمل النقاش حول بناء الاشتراكية في بلد واحد كان هناك اختلاف واحد جدي . بينما اعتقد ستالين و معه بوخارين أنه في ظل السياسة الاقتصادية الجديدة ، النيب ، أن روسيا كانت "تتقدم ببطء نحو الاشتراكية على ظهور الفلاحين" ، شدد تروتسكي على الحاجة إلى تصنيع أكثر دينامية ، لا أن كل القصة ( الانتقال إلى الاشتراكية ) غير ممكنة في ظل عزلة الدولة السوفياتية . كما قال في "نحو الرأسمالية أو الاشتراكية" : ما لم تنمو قوى الإنتاج لن تكون هناك مسألة ( الانتقال إلى ) الاشتراكية" . هكذا كان هجوم تروتسكي على "بناء الاشتراكية في بلد واحد" عام 1926 أبعد ما يكون عن تبني موقف أممي من القضية ، بل مجرد عقلنة لموقف ستالين و بقي كذلك حتى النهاية . في الشؤون الدولية دعا تروتسكي إلى علاقات تجارية خارجية متعددة للاستفادة من السوق العالمية على الضد من إيمان ستالين بالاوتوقراطية و تحقيق التراكم الرأسمالي في ظل العزلة ( الدولية ) . في رسالة من منفاه إلى من بقي من المعارضة في روسيا يوصي تروتسكي باستخدام ارتفاع معدلات البطالة خاصة في بريطانيا و ألمانيا لشراء الآلات الزراعية و غيرها منها في مقابل منتجات العمل الجماعي في روسيا . استمر ستالين بتجاهل التجارة الخارجية كوسيلة للبدء بالتصنيع خاصة بعد أن انقلبت شروط هذه التجارة بحدة لتصبح غير مواتية للاتحاد السوفياتي بعد عام 1929 . تروتسكي من جهته دعا موسكو إلى تعزيز موقفها التجاري بمخاطبة ملايين العمال العاطلين عن العمل في الغرب لزيادة الطلب على التجارة مع روسيا ، لمساعدتها في الحصول على قروض و ائتمانات اعلى و غير ذلك ، و في نفس الوقت تخفيف آثار البطالة المرتفعة . لم تكن "أممية" تروتسكي شيئًا مجردًا . موقف تروتسكي هذا كدعوة لاستقرار الرأسمالية كانت تتشابه مع الدعوات الرائجة إلى التجارة الحرة في القرن التاسع عشر . بالفعل ، لقد أنجز تروتسكي تحالفه مع زينوفييف و كامينييف في المعارضة المتحدة فقط من خلال الاتفاق على التخلص من فكرته عن "الثورة المستمرة" و ما قد تعنيه من الوقوف إلى جانب الثورة العالمية . في الواقع كانت كتلة ستالين التي كانت خاصة قبل 1934 تطلق دعوات مسرحية إلى قيام ثورة عالمية خاصة بعد "الانعطافة إلى اليسار" في مرحلته الثالثة هي التي سرقت من المعارضة برنامجها . كما أوضح ذلك أحد انصار تروتسكي ، فكتور سيرج : "إبتداءً من عامي 1928 - 1929 بدأ المكتب السياسي يستخدم برنامج المعارضة التي كان قد طردها للتو ( ما عدا طبعًا ديمقراطية الطبقة العاملة ) و يطبقه بعنف و بلا رحمة . كنا قد اقترحنا ضرائب على الفلاحين الأغنياء - بينما قاموا هم بتصفيتهم و القضاء عليهم ! اقترحنا إصلاح النيب و الحد منها - قاموا هم بإلغائها ! اقترحنا البدء بالتصنيع - فطبقوه على نطاق هائل ، لم نكن نحن ، "أشد المطالبين بالتصنيع" لنحلم به" . بأن أصبح هو نفسه من أشد المطالبين بالتصنيع ، لم يسرق ستالين فقط برنامج المعارضة ، بل دمر كل أرضية لنقدها الموجه ضده ، حيث كانت كل كتل المعارضة داخل الحزب الشيوعي ترى أن البيروقراطية لا يمكنها أبدا أن تلبي مطالبها . لأن جذورها تعود إلى نفس البيروقراطية لم يكن من الممكن لهم أن يتحدوا قاعدتهم الاجتماعية ، حتى لو أن تروتسكي كما سنرى قد ألمح إلى أن البيروقراطية هي طبقة جديدة في سياق التشكل .

الأصل الانكليزي
http://www.leftcom.org/en/articles/2000-10-01/trotsky-and-the-origins-of-trotskyism



#الاتجاه_الشيوعي_الأممي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الاتجاه الشيوعي الأممي - تروتسكي و جذور التروتسكية الجزء الأول