أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد عيسى شدود - الزومبي .. جثث متحركة في بلدي














المزيد.....

الزومبي .. جثث متحركة في بلدي


وليد عيسى شدود

الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 10 - 03:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في ذات يوم بينما كان اهلي يرقصون ويغنون ويفرحون, وإذا بجماعة منهم خرجت فصاحت معلنة انتهاء الفرح, فبدأت تخيفهم وترعبهم لينتهي الفرح, وراحت هذه الجماعة تُعمِل فيهم شتّى أساليب الفتك والكره والخراب والتقتيل التي لم يسبق لها مثيل, فانتفض آخرون يدافعون ويدفعون عن أنفسهم بلاءً ما عهدوه, فخسروا الحال والمال والولد, والمعترضين خسروا أيضاً.
وبدأت الرحى تدور وتدور, سنيناً وسنين, فطحنت الاثنين معاً, وكل جماعة راحت تعتدُّ بأعداء جماعة, ولم يَعُد لأحد مصلحةٌ في إنهاء هذا الخلاف, حتى ضرب الموتُ مَن بينهما, وتحولوا جميعاً الى زومبي, جثثاً متحركة تتفرج فقط لا حول لها, ولا تملك من أمر وجودها إلا انتظار الفناء.
لقد اصبح أهلي قطيعاً من الزومبي, قطيعاً من الجثث المتحركة تسير هائمة على وجهها بطريقةٍ مترنحةٍ لا ثبات فيها, فوجوههم شاحبة ونظراتهم حائرة عارية من أية مشاعر, لدرجة أنك تستطيع أن ترى ابتسامةً جامدة لا حياة فيها, والأسى والهمّ والغمّ والشحوب والذبول والنحول يعتري أجسامهم.
لقد مات أهلي، وجيراني، وأصدقائي, ماتوا جميعاً, ماتوا رغم أنهم أحياء, كان موتاً جماعياً, إنها مجزرة بلا دماء, ماتت نفوسهم, ولكن أيُمكنك أن تتصوّر موت أُمّة كاملة؟, ـ حقيقةً ـ كيف يمكن لجماعات أن تموت نفسياً؟, كيف يمكن أن تفقد الشعور بلذة الحياة وشغف البقاء؟.
قال لنا سعد الله ونوس يوماً: " أننا محكومون بالأمل", وهذا يوم امتحان مقولته, فإن كانت حقيقةً فسوف نحيا, ولكن يا أسفي " إنّ الأمل مسروق ".
يبدو أن قطعان الزومبي هذه بدأت تعتاد عملَ أيّ شيء يمكن أن يبقيها حية لأطول مدة ممكنة مع أن البرد ينهش عظامها والجوع يأكل احشاءها والمرض دبّ في جسدها, لا هي تدفأ ولا هي تشبع ولا قدرة لها على مداواة نفسها. فهل الأمل هو ما يجعلها حية؟, وهل يكفي الأمل لاستمرار بقاء أُمّةٍ, تنتظر النهاية فقط وهي تتابع كيف يتساقط أفراد الزومبي الآخرين في هاوية الفناء واحداً تلو الآخر؟.
لقد أكلوا كل ما ادخر لهم اسلافهم, وما ادخروا لأولادهم, والآن يأكلون اجسادهم كي لا يموتوا.
كان لكل زومبي منهم حكاية ولك أن تتخيل عدد الحكايات, ولكلّ منهم قصة فتخيّل عدد القصص, ولكنّ المثير أكثر أنه كان للقطيع كلّه حكاية واحدة, وهي أن بيوتهم باردة وبطونهم جائعة, مكلومون بأولادهم, محاربون بأرزاقهم, منسيّةً أوجاعهم, متروكون لأقدارهم.
لقد كان كبار السنّ والشيوخ والعجائز من هؤلاء الزومبي يشعرون بالقهر بسبب رؤيتهم لإنجازاتهم تتهاوى أمام أعينهم, وكان الشباب منهم يشعرون باليأس والضعف بسبب أحلامهم وطموحاتهم التي تنهار ايضاً, وكان الأطفال يشعرون بالحيرة والضياع لعدم قدرتهم على استشراق مستقبلهم بوضوح.
مع كل ما ذكرته لك سابقاً أستطيع أن أضيف لك حقيقةً جليّة عن قطعان الزومبي في بلدي وهي أنهم ما زالوا مسالمين, محبين, طيبين, لطيفين, تكتَنِفهم فطرة الحب والبساطة.
فهم في جيناتهم أشرافاً, لم ولن يعرفوا العبوديّة أبداً, وهذا يثير في نفسي تفاؤلاً قوياً في أنهم لن يبقوا زومبي, وسيعودون ثم ينهضون من تحت الرماد كما مَثّلَتْهم أسطورة طائر الفينيق التي طالما آمن بها أجدادهم, فكل ما يكابدونه الآن ليس سوى درساً آخر ضمن مسيرة صيرورتهم وقتالهم لأجل البقاء والريادة, فسلاماً عليكم أشراف بلادي.
(شدّود في ديسمبر 2021)



#وليد_عيسى_شدود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوة العقل وعنصرية الانسان ضد الموجودات
- فِطرةُ الشرّ عند الإنسان وجهادُ نفسِه لأجل الخير
- عبثية الوجود لاتؤدي الى الله ولا ترفضه


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - وليد عيسى شدود - الزومبي .. جثث متحركة في بلدي