أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يوسف حاجي - هكذا تكلم شرحبيل (البرغي الفصيح)














المزيد.....

هكذا تكلم شرحبيل (البرغي الفصيح)


يوسف حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 7207 - 2022 / 3 / 31 - 00:02
المحور: كتابات ساخرة
    


البرغي الفصيح
صاح برغي مرحض الطائرة: انتهى عصر الصمت والإملاءات، انقشعت سحابة الجهل وتبدد ظلام الليل، وإني لا أرى أن أسباب الكلام مُهيئت للخروج للعلن، وإني لا أرى أن الطريق صار مُعبد أماماً للريادة والسيادة، ومن هذه اللحظة: أنا، من سيقرر متى ستقلع الطائرة ومتى ستحط وأين ستحط ومن يحق له الصعود والنزول...، وإن لم يستجب الربان وطاقمه هويت بها إلى قعر المحيطات أوفي لأدغال الغابات أو نطحت بها رؤوس الجبال أو حولتها إلى كرة نار وساعتها لا تلموني بل لموا أنفسكم أيها البقر..
فصفق باقي البراغي بحرارة، بدأو يهتفون بالروح بالدم نفديك يا زعيم، ثم تنحنح وضرط عليهم ضرطة أكبر من الأولى فتعالت الصيحات والهتفات : أنت المُخلِص، أنت المُوحِد، أنت الزعيم المُفّدى، وأنت...وأنت..
رد أحد المقاعد من الصفوف الأولى وكله دهشة وتعجب: ويحك !أتعي ما تقول !؟، فشغلت نشوة الهتافات والتصفيق الحار البرغي الفصيح عن الإجابة وراح يتبختر في مشيته بين جموع البراغي الموهومة بالكلام الرنان،فكلما أحس بإنخفاض حرارة التصفيق والتهليل أفسى عليهم كأنما كان يصب الزيت على النار
زاد تهديده ووعيده من نوبة الضحك لدى المقاعد والنوافذ، وعمد الحكماء والمدركين للوضع والمطلعين على قواعد اللعبة في كواليسها بأن البرغي الفصيح يقودهم إلى ورطة فسارعوا إلى شجب واستنكار ما جاء على لسان البرغي الصدئ كما وصفوه وأبرقوا له في السر والعلن كلاما مفاده أنهم سيجمدون عضويته في إتحاد البراغي إن لم يتراجع عن كلامه، ولكن ما عساهم يفعلون مع من غلبت عليه شقوته وهزته عبارات التهليل والتمجيد،فرد على بيانهم المكتوب على ورق المرحاض بدم الحيض كما وصفه باتهامهم بالعمالة والخيانة والأذناب والكلاب وحرض عليهم صغار المسامير التي تثبت باب المرحاض لتنعتهم بأقذع الأوصاف.
وما هي إلا أيام حتى جاء رد الهيئة العليا للخردوات بضرورة الإطاحة بالبرغي الفصيح واستبداله ببرغي أخر، وعلتهم أن البرغي الفصيح قد أصابه الزهايمر فلم يعد يعي ما يقول وما يفعل وأن المرحاض الذي أوكل إليه تثبيته من جهته قد اشتكى من تقاعسه في أداء مهامه المنوطة به، فنزل قرار فك البرغي الفصيح من مكانه واستبداله ببرغي خدوم عليه كالصاعقة ، ساعتها أدرك حجمه الحقيقي وراح يرسل البرقيات تلوا البرقيات وفي كل الاتجاهات ويقدم القرابين لكبير المراحيض ويذكره بكفاءته في تحمل ضرطات المسافرين وكيف كان يتقبل وبكل صدر رحب زخات البول المتطاير من الركاب، وأخذ يقطع على نفسه العهود وبأيمان مغلظة بأن يكرس ما بقي من عمره في حفظ سلامة ومتانة المرحاض الذي هو برغي في أحد زواياه.
وبعد مئات من البرقيات وعشرات القرابين التي لا تقدر بثمن وأنهار من الدموع المقدمة لكبير المراحيض وهيئة الخردوات جاء القرار بنقله من مثبت إحدى زوايا المرحاض إلى فرشات تنظيف المرحاض فتسلم القرار وهو يردد بيتا من الشعر للسان الدين بن الخطيب يقصد به كبير المراحيض:
يا سيد السادات جئتك قاصداً أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
فردت عليه قعدة الحمام بقول الرصافي:
لا يخدَعنْك هِتاف القوم في العَلَن فالقوم في السر غير القوم في العَلَن
فانفجر السيفون من الضحك، وكانت قهقهته بمثابة الندهة التي أعادت للبرغي وعيه وأيقظته من غفلته وجعلته يدرك حجمه وحجم من يريد اللعب معهم.



#يوسف_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع التعليم في الجزائر
- الردة بين العقل والنقل


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يوسف حاجي - هكذا تكلم شرحبيل (البرغي الفصيح)