أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن محمد وسيم محمد - المسرح وصناعة البشر














المزيد.....

المسرح وصناعة البشر


محسن محمد وسيم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7203 - 2022 / 3 / 27 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


يبدو المسرح اليوم غزالا هاربا من براثن القسوة التي تفرضها أصابع قناصي الرأسمالية، تماما كما حصل للشعر، يفر المسرح اليوم مطاردا وطريدا من هذا العالم التعيس، بعد أن حبسه سجانوه في إطارات من التفاهة المفضية إلى اللاشيء..وفي ساعات بث إلكترونية
تحشى بها القنوات لسد رتق الخوف واحتلال الفراغ السقيم.
أقول إن المسرح الذي خذله صناعه قبل جمهوره من الممالئين والموالسين لحكومات الجور والقهر في شتى بلدان العالم، صار اليوم طريدا من مساحته التي كان يحتلها طوال عهود وأزمان مضت، كان فيها دائما مساحة لغرس بذور الحرية في تربة الوقت وفي نفوس الناس جمهورا وصناعا، ونشاطا من أعظم ابتكارات البشر لصناعة الإنسان وترقية روحه من سفوح الهمجية، وتمديد رقعة إنسانيته طوال لحظات انشغاله بهذا الفن إبداعا ومشاهدة، هذا الفن الذي حاوله ويحاوله البشر أينما حلوا وسكنوا فوق هذي الأرض، فما إن تظهر بقعة ضوء و ينتصب تحتها جسم ممثل حر صادق، يجسد دورا ليلهم جمهورا، إلا وترفرف راية الإنسانية خفاقة عالية.

لكن تقديس الخوف وممارسة الذلة والخضوع لقضبان الكذب والتزييف والظلم الذي تتقنه ماكينات الحاضر المعاصر، أفقدت صناع المسرح قدرتهم على ممارسة الصدق وإنتاج المعنى وتجميل القيم. وهو ما أدى لتراجع الفن المسرحي اليوم عن القيام بدوره المنوط به، في صناعة إنسانية البشر وإرساء دعائم الجمال في العالم.

فمابين حفنة أدعياء مأجورين أشباه لا هم لهم غير البحث عن الظهور وجمع المال والاختباء وراء إكليشيهات البور والإفقار التقليدية المتعلقة بالرواج والإنتشار والإبهار، ومابين نظم إنتاج بالية مترهلة لا تصلح إلا لتسليع الرؤوس والأجساد في العلب كما تسلع لحوم البهائم في الأسواق حية ومجمدة، يجد صناع المسرح الأحرار الصادقين المؤمنين بقضايا الحب والخير والجمال، أنفسهم أسرى وراء ظنون وخيالات ما عاد لها مكان في أرض الواقع الراهن، ويسقط كثير من مريديه وطلابه في بئر سحيقة من الانهزام والتبلد
واللامبالاةوربما الكفر تماما باللعبة.. ولهؤلاء أقول:

إن من أهم أسباب تعطل المسرح المصري وتوقفه عن التطور، أن كثيرا من المحسوبين على صناعة العمل المسرحي يبحثون عن أشياء لم يعد المسرح يمنحها كما كان يفعل قديما، فلا الشهرة أوالنجومية أوالثروة أوالانتشار باتت من نتائج ممارسة المسرح، وأنا هنا أتكلم عن المسرح الجاد، المسرح الذي يحقق معادلة الجوهر/الأصل الفني في اللعبة، إن محاولة الإمساك باللحظة وإعادة تجسيدها أمام آخرين لخلق جسر من التواصل بين طرفين(الممثل/المتفرج) لإيصال رسالة مفادها" أنا هنا فهل أنت موجود أيضا؟" هي الجوهر الأصل،وهي معادلة إنسانية تحقق من النتائج غير ماسبق ذكره من رغبة في تحقيق انتشار ونجومية أوثرواتوشهرة جماهيرية، هذه الأمور صارت تنجزها اليوم ممارسات أخرى وتحققها بصورة أفضل وأسرع من المسرح مثل كرة القدم، العمل بالسياسة، والمواقع الإليكترونية مثل تيك توك وإنستاجرام...أوحتى المتاجرة في الم€درات أو ال#لاح..إلخ.
أما االمسرح فلم يعد قادرا على تفعيل تلك الطموحات في ظل التطور التكنولوجي الرهيب الذي يشهده العالم
بعد ظهور منصات التواصل الإليكترونية.

إننا نلعب المسرح لكي نقنع الناس أن الجمال أبقى من القبح، وأن الحب أسمى من الكراهية، وأن الإنسانية تستمر بالصداقة والمشاركة والعمل الجماعي، وأننا لسنا أحطابا جافة أو وقودا لخرائب النفس، إنما نحن بذورا لأشجار عالية، وحواضن لأفكار وأحاسيس وانفعالات ومشاعر، لا يمكن نسيانها أو إغفالها، ولا بترها من الحياة، مهما كانت هذه الحياة قاسية وجامدة وتعيسة، في المسرح نعلم أنفسنا أن لحظات الوجود الإنساني، هي لحظات الخلود القادرة على الصمود في وجه الفناء والموت.
لذا لاينبغي على المسرحيين أن ينجرفوا وراء نزواتهم في لعب المؤامرات والدسائس الهزيلة، بل ينبغي عليهم الانغماس في إتقان لعبتهم، رغبة في الوصول إلى حالة من النضج والبلوغ الفني الذي يسمح للمشاهدين أيضا، بإتقان لعبة الغوص في أعماق المسرح والحياة عن طريق المعاينة والمشاهدة.

المسرح هذا الغزال الجميل الراضخ الآن بين نابي الخوف من السلطان ونكوص المحبين عنه..عليه أن يقاوم.. نذر الموت الراهن..وأن يمضي وهو يحدق في وجه ملك الموت القبيح، لكي تبقى نظرته الصامدة تلك دليلا على وجود يقين وإيمان في قلوب المحبين، حتى وإن كان آخر ما يمكن أن يقدموه.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن محمد وسيم محمد - المسرح وصناعة البشر