أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون حيرش - انتكاسة المهمشين أو-الحقيقة العارية- للأديب المغربي محمد محضار















المزيد.....

انتكاسة المهمشين أو-الحقيقة العارية- للأديب المغربي محمد محضار


ميمون حيرش

الحوار المتمدن-العدد: 7201 - 2022 / 3 / 25 - 19:34
المحور: الادب والفن
    


كان قد اقترب من الضّفة الأخرى ، حين نظر حوله وجد أشخاصاً على الضفة المقابلة يلوحون له بأيديهم وعلى وجوههم ابتسامات شاحبة ، أدرك حينها أنه قد بدأ رحلة البحث عن الحقيققة ” – محمد محضار-

“لو كانت هناك حقيقة واحدة لما استطعنا رسم المئات من اللوحات حول موضوع واحد” – بابلو بيكاسو-

” الحقيقة العارية” هو عنوان أضمومة الكاتب المغربي محمد محضار، في جنس القصة القصيرة جداً؛ في الأول استرعاني العنوان، ولفت نظري، ورأساً فكرتُ في كتب كثيرة آثر أصحابها كلمة ” الحقيقة” لتكون أمَّ الباب، في مؤلفاتهم، كما يقول النحويون، اعتبرها بعضُهم “حقيقية” ، وآخرون “غائبة”، ومنهم من أدرك أنها “مزيفة”، أو على الأقل افتراضية …وأراها “مرة” بلا فلسفة.


في الأدب،والفلسفة، والسينما أعمالٌ كثيرة تجلتْ فيها الحقيقة ،وانكشفتْ لذي عينين ، على سبيل المثال لا الحصر أذكر رواية ” الباحث عن الحقيقة” للأديب محمد عبد الحليم عبد الله، وفيلم “الصورة العارية” لهيتشكوكAlfred Hitchcock ، و أيضاً “الحقيقة العارية “للمخرج المصري عاطف سالم،ورواية “الحقيقة المزيفة” للروائية البريطانية باربرا كارتلاندBarbaraCartland ، وكذلك “الحقيقة الغائبة” للكاتب المصري فرج فودة، ، و” مفهوم الحقيقة في الفكر الإسلامي” للناقد جميل حمداوي … وها هو المبدع المغربي محمد محضار ينضاف لهؤلاء وغيرِهم عبر كتابه الجديد في جنس القصة القصيرة جداً ، سماه “الحقيقة العارية”..

الحقيقة ما زالت “الحقيقة” تفرض نفسها على الباحثين، والأدباء، والفلاسفة، وأهل السينما، والفنانين ، نظراً لقيمتها في فعل ” الكشف” عن “الحقيقة” من أجل تحقيق مبادئ سامية ، والعمل على تكريسها كنشاط يومي لدى الإنسان متى أراد أن يحقق الفضيلة، ويحصّل السعادة.. فما أشد ارتباط الإنسان بالحقيقة مزيفة كانت أو عارية ،أوافتراضية،أوحقيقية أو صادمة ! ، لكن هل يدرك الإنسان بأنه وراء زيف هذه الحقيقة، أوحقيقتها؟.. ومع ذلك يبدو لي أن الإنسان، في سعيه لهذه الحقيقة، كما الزئبق ، إذ كلما تحققتْ له تراه يبتعد .. فأين الحقيقة هنا، أو كيف نصفها : أهي مزيفة، أم عارية، أم افتراضية،أم صادمة، أم عادية أم(…)؟ !

وكما جلجامش في الأسطورة، المسافر المتعب، الذي ضرب في الأرض غرباً وشرقاً، وغوراً ونجداً من أجل نبتة الخلود، ناضل حملةُ الأقلام من أجل نبتة من نوع آخرَ، حرصوا ألا تضيع منهم كما في الأسطورة.. تلك هي نبتة الحرية، والسلام ،والديمقراطية، وإشاعة الجمال في السلوك اليومي المعيش؛ والكتابة باستمرار إنما مقصودة من أجل تكريس هذه القيم الجميلة، والعمل على غرسها في الأرواح، نهاراً عبر فتح كوات ينفذ منها نسيم عليل في واقع ملوث، وليلاً عبر ضوء يكون كاشفاً، حتى يمنح الرؤية للبصير والأعمى معاً… هذه الرؤية، مهما خبا فتيلها، ( وما أكثر ما تخبو في الأزمنة الرديئة! (لن تتوهج إلا بفضح الواقع، وتعريته من خلال طرحٍ يروم كشف ” الحقيقة” ، وما الخبايا التي في الزوايا سوى حقائقَ يريد لها المبدع المغربي محمد محضار أن تتكشف للقارئ من خلال نصوص قصيرة جداً، ولم تكن ” الحقيقة” وحدها تكفي لهذا الغرض، بل أراد لها مبدعنا أن تكون عارية (عارية تماما)ً، وشفافة (شفافة تماماً)، حتى تكشفَ كل شيء، ولا تخفي شيئاً.. يقول في النص الأول أو في “الحقيقة الأولى” :

” احترقت باقة ورده، في يده، حين شاهد حقيقتها ” عارية” تمشي على بلاط حقيقته”(ص2).

هو عريٌ إذاً، ويقر به الأستاذ محمد محضارمن خلال ستين حقيقة أو قصة قصيرة جداً، وما دور الكاتب غير الكشف عنها عبر طرح الأشياء طرحاً صحيحاً.. وكأني بالمبدع إنما يكرس مقولة الشاعر الفرنسي بول إيلوار Paul Éluardحين سئل لماذا يكتب ، وأجاب ” لأمنح الرؤية”.. وحتى نرى جيداً، كان لابد من فضح الواقع عبر الكشف عن الحقائق “الغائبة”، و”المزيفة”، و”الافتراضية”، و”الصادمة”…

يقدم المبدع المغربي محمد محضار في أضمومته ” الحقيقة العارية” ستين وصفة ،إن صح تعبيري، لحقائقَ تتجسد في نصوص قصيرة جداً، جميلة، وبديعة ، وشائقة، تدعمه لغة كاشفة عن ارتفاع ضغط الإنسان في واقع متورم ، ومريض، وأعرجَ … ولم يكتفِ الأديب بحقيقة واحدة؛ هي كما البحر ، ذات عدة وجوه، لذلك راح يعد إلى الستين ،ولو لا هذا العدد لما استطاع محضار ، مع حقائقه الستين ، أن يرسم لنا لوحاتٍ كثيرةً حول موضوع واحد بألق لافت..

كل نص، أو “حقيقة” من حقائق محمد محضارهي أشبه برصاصة تنطلق من مسدسه لا لتثير الرعب في النفوس ، إنما لإيقاظها ؛ لأنها ليست من نار، لكن من كلمات مسيجة بــِ ” كشوفات” مُعينة على فهم “حقيقة” أن البطل في مجموعة ” الحقيقة العارية” مقهورٌ تفضحه لا عيونه، كما الصب، بل ” انتكاسة” عبّر عنها الكاتب محضار باقتدار، وفي تجليات شتى ..

يقول محمد محضار في ص (30) من حقائقه الستين:

“وفي لحظة بحثٍ عن الحقيقة توقفت عقارب الساعة” ، وهو توقف إجباري حتى يأخذ الإنسان الباحث عن الحقيقة نفسه ، فلا ينفع مع “انتكاسات” بطل محمد محضار سوى “الاقتحام”.. هو قد “يُهزم لكن لا يمكن أن يُقهر”.ورغم أن:

” التاريخ (يـ)خرج من الخيمة مائلا يترنح، (و) يتلقفه الاتجاه المعاكس ويقوده إلى زاوية الغبش والعتمة”( ص13 ) فإن النبش فيه، مع ذلك، أو نكْأ جراحه من خلال إحياء الماضي مطلوبان لمن يبحث عن الحقيقة في الضفة الأخرى من هذا التاريخ :



“كان قد اقترب من الضّفة الأخرى ، حين نظر حوله وجد أشخاصاً على الضفة المقابلة يلوحون له بأيديهم وعلى وجوههم ابتسامات شاحبة ، أدرك حينها أنه قد بدأ رحلة البحث عن الحقيقة.” ص(ص4)، افتراضية كانت، أو عارية، أو صادمة، أو حقيقية، أو مزيفة…

يعيش أبطال الكاتب محمد محضار حقيقة “مرة”( وهذا وصف آخر لهذه الحقيقة) ، وهي ” انتكاسات” مريرة في الحب، والبحث عن لقمة العيش، والحلم، والزواج، والمرض،والميز العنصري،والتصابي، والغربة، و الفقر،والكتابة المزيفة،والإرهاب،والهجرة،والموت ،والتدين، والوظيفة، والبيت،و(…) وهي تيمات/Des thèmes أو حقائق عالجها بفنية ، وكشف الغطاء عنها من خلال نصوص قصيرة جداً، استطاع أن يرسخ في الأذهان، من خلالها،أن أبطاله ، رغم هذه الأورام في الأجساد، يظلون يكابدون لقبر انتكاساتهم، مرة واحدة، وإلى الأبد( ربما هذا مجرد وهم،هذه حقيقة يرومها الكاتب أيضاً)، بالقبض على حقيقة كل السرطانات التي تنخر الأجسام .. والدواء ، في النهاية، ليس القضاء عليها نهائياً، بل على الأقل التخفيف من آلامها..والكاتب المغربي محضار، من هذه الزاوية، يعي هذا الأمر، يتألم كثيراً، ويبتهج قليلاً أمام هول هذه الأورام في جسد أبطاله، لذا هو لا يقترح الحلول ، وإنما يطرح القضايا ، ويشكف حقيقتها،وهذا حسبه..

ولا بد من التأكيد بأن الحقيقة ” الغائبة ” هنا هي أن محمد محضار قلم مغربي استطاع أن يلفت الأنظار إليه، علا كعبُه في السرد؛ وكتاباته مثل نبتة خضراء، إن غُرست في تربة خصبة ، تهب أنهار القراء ، كنوزَ الربيع …






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون حيرش - انتكاسة المهمشين أو-الحقيقة العارية- للأديب المغربي محمد محضار