أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - النحل على جيفة الأسد















المزيد.....

النحل على جيفة الأسد


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1668 - 2006 / 9 / 9 - 10:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إيهود أولمرت قد وجد إثباتا مقنعا لانتصاره الكبير على حسن نصر الله: "أنا أتجول في البلاد بحرية، وأما هو فيختبئ في خندقه المحصّن!"

يقولون أن "الأسلوب هو الرجل"، وهذه الكلمات تبيّن مستوى - أو على الأصح، ضآلة الرجل أولمرت، فالعشرات من الطائرات والمروحيات الإسرائيلية على أهبة الاستعداد، في أي لحظة، لقتل نصر الله، إذا تم العثور عليه فقط. لا توجد لدى نصر الله أي طائرة واحدة يمكنه بها قتل أولمرت. التفوق الكبير الذي يتمتع به الجيش الإسرائيلي أمام قوة منظمة عصابات ليس إنجازا لصالح أولمرت، ولكن قدرة حزب الله على الصمود أمام الهجوم المكثف الذي شنه الجيش الإسرائيلي هو إنجاز لصالح نصر الله.

ولكن، ما الذي يدعو نصر الله لقتل أولمرت؟ فهو معني أن يترأس دولة إسرائيل سياسي فاشل، قد ثبتت عدم أهليته لهذا المنصب، ومعظم الإسرائيليين يقولون في استطلاعات الرأي أن عليه الانصراف.



سيقول المتفذلك: نصر الله يعتقد أنه من الأجدى له أن يبقى أولمرت، ولذلك هُرع لمساعدته وقت الضيق. في حين ادعى الجميع أن أولمرت قد مني بهزيمة نكراء، قال نصر الله في مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع: "لو كنت أعلم أن إسرائيل سترد بحرب كهذه، لما اختطفت الجنديين".

وكما كان متوقع، انقض رجالات أولمرت على هذا التصريح كمن يجد كنزا ثمينا. ها هو نصر الله يعتذر! هذا يثبت هزيمته. إذن لقد أحرز أولمرت انتصارا باهرا.



ولكن أغلبية الإسرائيليين لا تنطلي عليهم هذه الحكاية. يبدو لهم بالذات أننا لم ننتصر في هذه الحرب وأن قدرة الردع لدى الجيش الإسرائيلي قد تضررت، وأن حزب الله ما زال مسلحا، وأن الجيش اللبناني والقوات الدولية لن ينفذّوا من أجلنا العمل الذي فشل الجيش الإسرائيلي في تنفيذه.

إذن ما العمل، في الوقت الذي يعتقد الجمهور الإسرائيلي فيه أن من يترأسه هي مجموعة من السياسيين والعسكريين الفاشلين؟

هذا هو السؤال الكبير الذي يشغل بال الدولة كلها. بضع عشرات من جنود الاحتياط والمواطنين يتظاهرون أمام مكتب رئيس الحكومة، وآخرون يجلسون في البيت يتذمرون. إنهم يعرفون أنه يجب إقصاء أولمرت، بيرتس وحالوتس. ولكن كيف يتم ذلك؟

إن ما هو مطلوب هو الخروج إلى الشارع والتظاهر. إذا ملأ مئات الآلاف الساحات، لربما سيستقيل أولمرت، كما فعلت غولدا مئير في حينه. ولكن أولمرت ليس غولدا، وغولدا قد استقالت بعد نصف سنة فقط من فشلها في حرب تشرين. والأهم من ذلك، أين هم مئات الآلاف هؤلاء؟

هناك إمكانية أخرى وهي إقامة لجنة تحقيق رسمية، وأن تقرر الأخيرة إقصاء الثلاثي. هذا أمر جيد، بل جيد جدا، ولكنه أمر معقد. يقضي القانون بأن الحكومة فقط هي المخولة بتقرير إقامة لجنة تحقيق كهذه، والحكومة فقط هي المخولة بتحديد مجالات التحقيق. بعد اتخاذ مثل هذا القرار فقط، يتم تحويل الموضوع إلى رئيس المحكمة العليا ليقرر تشكيلة اللجنة ذاتها.

مثل هذا التحقيق يتطلب، بطبيعة الحال، الوقت. قبل توجيه اتهامها للأشخاص بالفشل، يجدر بلجنة التحقيق تحذيرهم وتمكينهم من طلب استشارة محام، والتحقيق مع الشهود وإبراز المستندات، وهذه حكاية طويلة. في هذه الأثناء سيواصل هؤلاء المزدريين التحكم بالدولة ولربما سيشنون حربا جديدة لكي تُنسى السابقة. وحتى إن نشرت اللجنة استنتاجاتها المرحلية، فسيستغرق هذا الأمر نصف سنة على الأقل.

ولكن أولمرت وشركاه غير مستعدين للمخاطرة بذلك أيضا، ولذلك أقاموا هذا الأسبوع لجنتي تحقيق غير رسميتين، الأمر الذي مكنهم من تركيب اللجنتين بأنفسهم. وكما هو معلوم، لن تطالب أية لجنة بإقالة من قام بتعيينها.



بأي طريقة أخرى يجب إقالة هذه المجموعة؟

أبسط الأمور هو إجراء انتخابات جديدة. ولكن هذا الأمر ليس بهذه البساطة. الكنيست هي الوحيدة التي يمكنها تقرير ذلك. أي أن على أعضاء الكنيست أن يقيلوا أنفسهم، بما معناه، قطع الغصن الذي يجلسون عليه بأمان.

إضافة إلى ذلك، وكما تبدو الأمور في هذه اللحظة، إذا أجريت الانتخابات الجديدة في الوضع الحالي، فإن اليمين سيحقق فوزا باهرا. لقد تم إسكات صوت معسكر السلام تماما في الحرب، وليس له موطئ قدم الآن أيضا في وسائل الإعلام. نتيجة لذلك، تأتي انتقادات الحرب كلها تقريبا من اليمين. لا يسأل الجمهور: لماذا خرجنا إلى هذه الحرب؟ إنه يسأل: لماذا لم ننتصر؟ وهو يجيب: السياسيون المفسدون لم يدعو الجيش ينتصر. الجيش لم يكن مستعدا. هناك حاجة إلى حكومة جديدة، يمينية وطنية، بهدف إعادة تأهيل الجيش والخروج إلى حرب جديدة، لإكمال العمال.

كما أن إقامة حكومة جديدة بدون انتخابات، في الكنيست الحالية، ستؤدي إلى النتيجة ذاتها، لأن البديل الوحيد للائتلاف الحالي هو ائتلاف يضم الليكود وواحد من الحزبين الفاشيين على الأقل. هذا غير جيد.

هناك إمكانية أخرى: إبقاء الائتلاف الحالي على ما هو عليه، ولكن في الوقت ذاته تبديل أولمرت وبيرتس. كيف يتم ذلك؟ بواسطة تمرد في حزب كديما يؤدي إلى تبديل أولمرت، وتمرد في حزب العمل يؤدي إلى تبديل بيرتس. هناك إمكانية فعلية كهذه في حزب العمل. ولكن من الذي سيتمرد على أولمرت في كتلة كديما، وهو حزب وهمي لا توجد لديه أية مؤسسات؟

نلخص فنقول: هناك أمكانيات أخرى لأول وهلة وكلها سيئة. هذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تجزءة "معسكر الاحتجاج". هناك متظاهرون يطالبون بلجنة تحقيق رسمية، بأي ثمن. هناك متظاهرون آخرون يطالبون باستقالة أولمرت وبيرتس وحالوتس الفورية، دون أي تحقيق. الأمر الذي يوحدهم هو أن الفصيلتين مدعومتين من قبل اليمين المتطرف، وخاصة المستوطنين، الذين يدعون حسب تقاليد مخترعي أسطورة "الطعنة من الخلف" في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى: "السياسيون الخونة قد طعنوا الجيش الألماني المنتصر من الخلف!"

وبالأساس: عدد المتظاهرين كلهم اقل بكثير من الآلاف الذين جندهم معسكر السلام في خضم الحرب للاحتجاج عليها.



إذن ما الذي سيحدث؟ يمكننا الرد بواسطة قول مأثور فقط: "من الصعب التنبؤ، وخاصة بالنسبة للمستقبل".

لا يمكننا أن نعرف في هذه اللحظة ماذا سيحدث في المستقبل القريب. ولكن من المجدي أن نفكر بتأثير الحرب على الرأي العام على المستوى الأبعد.

لقد رأى شمشون الجبار سرب من النحل يصنع العسل على جيفة أسد فقال"من الجافي خرجت حلاوة". (هذا هو شمشون ذاته الذي اختطفه الفلسطينيون وتحول إلى أول انتحاري في تاريخ البلاد). هل يمكن لهذه الآية أن تكون صحيحة الآن أيضا؟ هل يمكن أن يخرج من هذه الحرب القاسية شيء جيد؟

من الممكن أن يكون ذلك صحيح، في هذه الأثناء، تولّد الحرب لدى الجمهور الإسرائيلي أحاسيس الغضب، الإحباط، التحقير والإهانة فقط: لم ننجح في التغلب على "منظمة إرهابية" صغيرة. لقد تبين أن زعماءنا السياسيين مجانين، وأن الزعماء العسكريين غير ناجحين. يجب إجراء ترتيبات.

ولكنني أعتقد أنه سيتبلور تدريجيا استنتاج شعبي آخر: أن الحرب قد أثبتت أن أيام الحرب التي كنا ننتصر فيها بسهولة قد ولّت بلا رجعة. أنه من الآن فصاعدا، في أي حرب جديدة، ستكون الجبهة الداخلية مكشوفة. أن الجيش الإسرائيلي ليس قادرا على كل شيء، كما اعتقدنا. وبالأساس: أن الحرب لم تجد حلا لأي شيء، ولربما لا يوجد بالفعل حل عسكري، وأنه يجب البحث عن حل سياسي.

صحيح أنه ليس من السهل التوصل إلى هذا الاستنتاج، الذي يتطلب انقلابا شعوريا وفكريا. هذا الأمر يتطلب وقتا، ولكن ليس من الضروري أن يكون المرء بروفيسورا في الجامعة لكي يتوصل إلى مثل هذا الاستنتاج. يكفيه الحس السليم، ويكفيه بالأساس التجربة الكبيرة التي تراكمت لدينا خلال عشرات السنين الأخيرة. ومن هذا وذاك يوجد، والحمد لله، لدى الكثيرين من الناس، حتى أولئك الذين يُعتبرون "مواطنين عاديين".

لكل هؤلاء الذين يأسفون لكون "حرب لبنان الثانية" قد أوقفت قبل انتهائها، نذكرهم بأن شوبرت أيضا لم ينه السيمفونية الناقصة.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثلما انتصر نابليون في معركة ووترلو
- كلب الروطوايلر الأمريكي
- الضحية رقم 155
- من الهوس إلى الهلوسة
- ماذا حدث للجيش الإسرائيلي؟
- مساطيل
- طعنة من الخلف
- في المرصاد: سوريا! أو: حرب صغيرة وجميلة
- حرب أحادية الجانب
- أغاتا في أمطار الصيف
- كرة بدل عيارات
- حتى حجارة الجدران تستغيث
- يا لها من خطة رائعة!
- إهدار الفرص
- من هو المذنب؟ الضحية طبعا
- أصوات من السجن
- الفخ
- من الكلب؟ ومن الذيل؟
- ذات مرة ذهبت الأشجار
- الغمزة الكبيرة


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - النحل على جيفة الأسد