أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أوري أفنيري - الضحية رقم 155















المزيد.....

الضحية رقم 155


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1655 - 2006 / 8 / 27 - 14:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ببضع كلمات قضى أمس الأول ضابط لبناني على الوهم، وكأن إسرائيل قد أحرزت شيئا ما في هذه الحرب.

في إطار استعراض أجراه الجيش اللبناني، وقد تم تصويره في التلفزيون وبُث في إسرائيل أيضا، قرأ ضابط كبير عن الورق خطابه أمام الجنود اللذين من المتوقع انتشارهم على الحدود اللبنانية.

فيما يلي نص خطابه: "اليوم، باسم الإرادة الوطنية الشاملة، أنتم تستعدون للانتشار على أرض الجنوب الجريح، إلى جانب قوى مقاومتكم ومقاومة شعبكم، التي فاجئت العالم بقدرتها على الصمود وحطمت سمعة الجيش الذي قيل عنه أنه لا يُهزم ".

وبلغة بسيطة: "باسم الإرادة الوطنية الشاملة" – بموافقة من كافة قطاعات الشعب اللبناني، ومن ضمنها الطائفة الشيعية. "إلى جانب قوى المقاومة" - إلى جانب حزب الله. "التي فاجئت العالم بقدرتها على الصمود" – قدرة مقاتلي حزب الله على الصمود. "وحطمت سمعة الجيش الذي قيل عنه أنه لا يُهزم" - حطمت سمعة الجيش الإسرائيلي.

هذا ما صرح به قائد في الجيش اللبناني الذي احتفلت حكومة أولمرط – بيرتس بانشاره على امتداد الحدود كنصر كبير، لأن الجيش اللبناني سيدخل في مواجهة، كما هو مزمع، مع حزب الله وينزع سلاحه عنه. المحللون الإسرائيليون عززوا هذا الوهم وكأن هذا الجيش يخضع لإمرة أصدقاء الولايات المتحدة وإسرائيل في بيروت، مثل فؤاد السنيورة، سعد الحريري ووليد جمبلاط.

ليست مجرد صدفة أن يغرق هذا النبأ في وابل الثرثرة التلفزيونية، كحجر سقط في بئر. بعد بث المقطع ذاته، لم يعد يذكره حتى محلل واحد، ولم يُجرى أي نقاش حول مغزاه. لقد شطب من الإدراك.

غير أن بالون الجيش اللبناني لم يكن المنقذ الوحيد الذي تفرقع. لقد حدث الأمر ذاته للبالون الملون الآخر، الذي كان من المزمع أن يكون إحرازا إسرائيليا: انتشار القوة الدولية، التي ستحمي إسرائيل في وجه حزب الله وستمنع تسلحه من جديد. مع مرور الأيام، اتضح أن هذه القوة ستكون، في أحسن الأحوال، خليط من وحدات وطنية صغيرة، تفتقر إلى صلاحية واضحة ومعدومة القدرات.

عملية الكوماندو التي تم إنجازها اليوم، من خلال خرق سافر لوقف إطلاق النار، لن تستقطب بالتأكيد متطوعين دوليين إلى هذه القوة.

إذن ما الذي بقي من "إنجازات" الحرب؟ هذا سؤال جيد.



بعد كل حرب فاشلة، تبدأ لدينا المطالبة بإقامة لجنة تحقيق. هناك "صدمة"، هناك مرارة، هناك إحساس بالهزيمة والإخفاق، ومن هنا تأتي المطالبة بإقامة لجنة تحقيق تقطع رؤوس المسئولين.

هذا ما حدث بعد حرب لبنان الأولى، التي وصلت إلى ذروتها في مجزرة صبرا وشاتيلا. لقد رفضت الحكومة أي تحقيق جدّي. اجتمعت الحشود في مكان يُدعى اليوم "ميدان رابين" (400 ألف الأسطوريين) وطالبوا بإجراء تحقيق رسمي. وصل الضغط الجماهيري إلى درجة الغليان، وفي نهاية الأمر ذعن رئيس الحكومة، مناحيم بيغن. لقد ألقت "لجنة كهان" التي حققت في الحادث مسؤولية غير "مباشرة" على مجموعة من السياسيين والضباط، رغم أن استنتاجاتها ذاتها كانت تستوجب نتائج أكثر حدة. لكن أريئيل شارون قد تم إقصاؤه عن وزارة الدفاع على الأقل.

قبل ذلك، وبعد صدمة حرب تشرين، رفضت الحكومة تعيين لجنة تحقيق رسمية، ولكن الضغط الجماهيري قد تغلب عليها. لقد كان مصير "لجنة أغرنات" التي ضمت رئيس أركان سابق وضابطين كبيرين آخرين، مصير غريب: لقد أجرت تحقيقا جديا، وألقت كامل المسؤولية على عاتق المستوى العسكري، فأقصت رئيس الأركان دافيد (دادو) إلعاز وبرأت ساحة المستوى السياسي من أي تهمة. هذا أدى إلى هبّة لا إرادية من قبل الجمهور، وفي أعقابها اضطرت غولدا مئير وموشيه ديان (اللذان سبقا أولمرط وبيرتس في منصبي رئيس الحكومة ووزير الدفاع) إلى الاستقالة.

في هذه المرة أيضاـ تعترض القيادة السياسية والعسكرية على إجراء أي تحقيق جدي. عمير بيرتس عين لجنة-تمويه، برئاسة من يبحثون عن رضاه. ولكن الضغط الجماهيري يتزايد، وآمل أنه في نهاية الأمر لن يكون هناك مناص من إقامة لجنة تحقيق رسمية.

من يؤلف لجنة التحقيق ويحدد مجال تحقيقها يقرر، عمليا، ماذا ستكون استنتاجاتها مسبقا. بموجب القانون، الحكومة هي التي تتخذ قرار تعيين لجنة تحقيق وكذلك مجال عملها. (بصفتي عضو كنيست، صوّت ضد هذه البنود). إلا أن تركيبة اللجنة يقررها رئيس المحكمة العليا. إذا تمت إقامة لجنة تحقيق، أعتقد أن أهارون باراك سيولي نفسه رئيسا لها.



إذا تمت إقامة لجنة كهذه بالفعل، ففيما ستحقق؟

سيحاول السياسيون والجنرالات تقليص نشاطها إلى المجالات التقنية لإدارة القتال.

- لماذا لم يكن الجيش مستعدا لقتال محاربي عصابات؟

- لماذا لم يتم إدخال قوات برية إلى المنطقة في أول أسبوعين من الحرب؟

- هل ساد لدى الجيش الاعتقاد بأنه من الممكن الانتصار بواسطة عمليات جوية فقط؟

- ماذا كانت جودة الاستخبارات؟

- لماذا لم يتم العمل على تجهيز حماية الجبهة الداخلية، التي كانت معرضة للصواريخ، بينما كان وجود هذه الصواريخ معروفا؟

- لماذ تم التخلي عن السكان الضعفاء في الشمال، بعد أن هرب الأغنياء؟

- لماذا لم تكن وحدات الاحتياط مستعدة للحرب؟

- لماذا كانت مستودعات الطوارئ فارغة؟

- لماذا لم تعمل الإمدادات بشكل جيد؟

- لماذا قرر رئيس الأركان، في خضم الحرب، أن ينحّي عمليا، قائد لواء الشمال؟

- لماذا اتخذ القرار بشأن العملية الأخيرة التي سقط فيها 33 جنديا، دون أي هدف معقول؟



سترغب الحكومة بالتأكيد في توسيع التحقيق وإلقاء جزء من المسؤولية على سابقاتها:

- لماذا وقفت حكومتا إيهود باراك وأريئيل شارون مكتوفتي الأيدي عندما تعززت مكانة حزب الله؟

- لماذ لم يتم اتخاذ أي إجراء عندما كدست المنظمة كميات هائلة من الصواريخ؟



كل هذه الأسئلة هي أسئلة لها وزنها، ومن المهم بالتأكيد التحقيق فيها. ولكن من المهم أكثر التحقيق في جذور الحرب:

- كيف قرر الثلاثي – أولمرط، بيرتس وحالوتس شنّ الحرب، بعد ساعات قليلة فقط من حادث اختطاف الجنديين؟

- هل تم الاتفاق مع الأمريكيين مسبقا على شن الحرب في اللحظة التي ستتوفر فيها ذريعة ملائمة لذلك؟

- هل دفع الأمريكيون إسرائيل إلى الحرب، ثم طالبوها بمواصلتها قدر الإمكان؟

- هل كوندوليسا رايس هي التي حددت، عمليا، وقت البداية ووقت النهاية؟

- هل أرادت الولايات المتحدة توريطنا في حرب مع سوريا؟

- هل استخدمتنا الولايات المتحدة في معركتها ضد إيران؟



لكن هذا لا يكفي، فهناك أسئلة أعمق وأهم بكثير.



لهذه الحرب لا يوجد اسم. حتى بعد 33 يوما من القتال وستة أيام من وقف إطلاق النار لم يتم العثور على اسم طبيعي لها. تستخدم وسائل الإعلام اسما زمنيا: "حرب لنبان الثانية".

بهذا الشكل يتم الفصل بين الحرب في لبنان والحرب في قطاع غزة، التي دارت رحاها في نفس وقت حرب لبنان وهي متواصلة بكل قوتها حتى بعد وقف إطلاق النار في الشمال. هل هناك قاسم مشترك بين هاتين الحربين؟ أليس من الممكن أن تكونا حربا واحدة؟

الإجابة هي: قطعا نعم، والاسم الذي يناسبها هو: حرب المستوطنات.

تدور رحى الحرب ضد الشعب الفلسطيني بهدف الحفاظ على "الكتل الاستيطانية" وضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية. أما رحى الحرب في الشمال فقد دارت، عمليا، للحفاظ على المستوطنات في هضبة الجولان.



لقد نشأ حزب الله ونما بدعم من سوريا، التي كانت تسيطر على لبنان. لقد رأى حافظ الأسد في استرجاع هضبة الجولان هدفه الأسمى - فهو قد فقدها في حرب حزيران، ولم ينجح في استرجاعها في حرب تشرين. لم يرغب في التورط في حرب على الحدود الإسرائيلية السورية، القريبة جدا من دمشق. لذلك اعتنى بحزب الله وزوده بالسلاح لكي يثبت الأخير لإسرائيل أنها لن تحظى بالسكينة حتى تعيد هضبة الجولان. الأسد الابن يحذو حذو أبيه.

بدون التعاون السوري، لا توجد لدى إيران أية إمكانية لتزويد حزب الله بالسلاح.

الحل موجود على راحة اليد: ما يجب فعله هو إخلاء المستوطنين من هناك، وكذلك مصنعي "مي عيدن" و"ياين غولان"، وإرجاع هضبة الجولان إلى أصحابها الأصليين. كان إيهود باراك على وشك القيام بذلك، ولكنه هرب في اللحظة الأخيرة، كعادته.

يجب أن نقول ذلك بصراحة: كل قتيل من بين 154 القتلى الإسرائيليين في "حرب لبنان الثانية" قد مات من أجل المستوطنات في هضبة الجولان.



الضحية الإسرائيلية رقم 155 لهذه الحرب هي "خطة الانطواء – خطة الاتسحاب أحادية الجانب من أجزاء من الضفة الغربية.

لقد تم انتخاب إيهود أولمرط قبل أربعة أشهر (هذا الأمر لا يُصدق! قبل أربعة أشهر فقط) على أساس برنامج الانطواء، كما تم انتخاب عمير بيرتس على أساس برنامج تقليص الجيش وإنجاز إصلاحات اجتماعية.

خلال الحرب، وجد أولمرط الوقت ليعلن بأنه على وشك تنفيذ خطة "الانطواء". بالأمس أعلن أن علينا أن ننسى هذا الموضوع.

كان من شأن خطة الانطواء أن تنقل 60 ألف مستوطن من أماكنهم، ولكنها تبقي حوالي 400 ألف مستوطن في الضفة الغربية (بما في ذلك منطقة القدس الشرقية). ها هي الآن تُدفن هذه الخطة أيضا.

ماذا تبقى؟ سلام - لا، محادثات - لا، برامج أخرى لحل النزاع التاريخي - لا. لم يبق أي شيء. ما بقي هو جمود فقط، سيستمر لسنوات طويلة، حتى نتخلص من الثنائي أولمرط وبيرتس على الأقل.

لقد بدأ الجميع يتحدثون في الشمال عن "الجولة القادمة"، الحرب التي سنقضي فيها أخيرأ أخيرا أخيرا على حزب الله ونعاقبه على النيل من كرامتنا. وكأن هذا الأمر قد تحول إلى أمر متفق عليه ومفهوم ضمنا. حتى "هآرتس" تتطرق إليه بهذا الشكل في مقالها الافتتاحي.

لا يتحدثون في الجنوب عن "الجولة التالية"، وذلك لأن الجولة الحالية ستستمر إلى ما لا نهاية.

ستكون للتحقيق في الحرب قيمة إذا كشف النقاب فقط عن جذور الحرب الحقيقية وطرح أمام الجمهور الخيار التاريخي، الذي انكشف في هذه الحرب أيضا: استيطان وحرب إلى ما لا نهاية - أو إرجاع كافة المناطق المحتلة وإحلال السلام.

إذا لم يتم ذلك، فإن التحقيق يدفع شراع اليمين إلى الأمام، أي: إذا كشفنا الأخطاء التي تم ارتكابها وقمنا بتصحيحها، سيكون بإمكاننا شن الحرب القادمة والانتصار فيها.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الهوس إلى الهلوسة
- ماذا حدث للجيش الإسرائيلي؟
- مساطيل
- طعنة من الخلف
- في المرصاد: سوريا! أو: حرب صغيرة وجميلة
- حرب أحادية الجانب
- أغاتا في أمطار الصيف
- كرة بدل عيارات
- حتى حجارة الجدران تستغيث
- يا لها من خطة رائعة!
- إهدار الفرص
- من هو المذنب؟ الضحية طبعا
- أصوات من السجن
- الفخ
- من الكلب؟ ومن الذيل؟
- ذات مرة ذهبت الأشجار
- الغمزة الكبيرة
- تبا، ماذا حدث؟
- لمن نصوّت إذن؟
- اللعبة القذرة


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أوري أفنيري - الضحية رقم 155