أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي فاضل ابراهيم - الطعن بالمرسوم الجمهوري بين النص القانوني واجتهاد القضاء















المزيد.....

الطعن بالمرسوم الجمهوري بين النص القانوني واجتهاد القضاء


علي فاضل ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7196 - 2022 / 3 / 20 - 19:21
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


باحث دكتوراه في القانون العام
جامعة بابل – كلية القانون



أقر دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النظام البرلماني حيث نسجت المادة الاولى منه بأن نظام الحكم في الدولة العراقية الاتحادية هو جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، بشكل يعزز مرونة الفصل بين السلطات، من جانبه عقد الدستور النافذ أدوار مهمة لرئيس الجمهورية كونه رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن حسبما صرحت به احكام المادة (67) من الدستور، كما يتمتع باختصاصات واسعة تتمحور على الجوانب التشريعية والتنفيذية والقضائية، إذ يعد عاملاً أساسياً في مجال التشريع، فهو كعضو تشريعي يتمتع بحق الاقتراح والاعتراض أو التصديق وحق الاصدار، وعلى الساحة التنفيذية يستطيع أن يقدم طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، وأن يقوم مقام رئيس مجلس الوزراء، عند خلو المنصب لأي سببٍ كان، وأن يوافق على حل مجلس النواب، وأن يشترك في اقتراح تعديل الدستور ويقترح مشروعات القوانين وأن يصدر الأنظمة، كما يشكل محوراً كبيراً على الجانب القضائي فيستطيع ممارسة حقه الدستوري في اصدار العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء بشكل منظم، علاوةً على المصادقة على احكام الاعدام التي تصدرها المحاكم المختصة، وفي ظل هذه المهام الكثيرة والجسيمة فانه يؤديها عبر المراسيم الجمهورية التي يصدرها، حيث إن الفقه الدستوري يرى بان رئيس الجمهورية عندما يمارس مهامه في إطارها الدستوري فانه يمارسها عبر إصدار المراسيم التي سماها الدستور العراقي بالمراسيم الجمهورية وعلى وفق ما جاء في المادة (73/سابعاً) من الدستور حيث أن من صلاحياته الدستورية إصدار المراسيم الجمهورية، واعتبر ذلك الاختصاص حصري لرئيس الجمهورية لا يمكن أن يزاوله أي شخص آخر في أي منصب في منظومة الحكم في العراق في ظل أحكام الدستور النافذ، وللوقوف على اختصاصه الحصري هذا، يطرح التساؤل المهم ماذا يقصد بالمرسوم الجمهوري؟
في البدء نشير الى إن دستور جمهورية العراق لم يعرّف المرسوم الجمهوري، انما تركه للفقه وهذا موقفاً محموداً، إذ ليس من المرغوب ان يتناول المشرع الدستوري ايراد التعريفات خشيةً من الجمود والاتكال عليه، بالمقابل اجمع الفقه الدستوري بأن المرسوم الجمهوري هو (الصك الصادر عن رئيس الجمهورية في معرض ممارسته للمهام الموكولة إليه قانونياً سواء أكانت هذه المهام تشريعية أم تنظيمية أم عادية)، عليه تقسم المراسيم إلى ثلاثة أنواع وعلى وفق الآتي :
1- المراسيم التشريعية: المرسوم التشريعي هو عبارة عن القواعد القانونية (العامة المجردة) الصادرة عن رئيس الجمهورية في معرض ممارسته للوظيفة التشريعية (استثناءً) وفقاً لما هو محدد في الدستور ولا يوجد نص صريح في الدستور العراقي حول هذا الاختصاص لكن نجد له حضور في المصادقة على القوانين وإصدارها وكذلك في تقديم مشاريع القوانين .
2- المراسيم التنظيمية: المرسوم التنظيمي هو عبارة عن القرار الإداري الصادر عن رئيس الجمهورية في معرض ممارسته لوظيفته كرئيس للسلطة التنفيذية والمتضمن قواعد عامة ومجردة وفي المنظومة القانونية العراقية نجد إن رئيس الجمهورية اصدر مرسوما بالمصادقة على اصدار نظام ديوان رئاسة الجمهورية رقم (1) لسنة 2015.
3- المراسيم العادية: المرسوم العادي ويسمى أحيانا (الفردي) هو عبارة عن القرار الإداري الصادر عن رئيس الجمهورية في معرض ممارسته لوظيفته باعتباره احد جناحي السلطة التنفيذية والمتضمن تطبيق القرار الإداري على شخص (أو أشخاص) معينين لتعيينهم أو على حالة محددة (معينة)، ومثاله تعيين المدراء العامين أو الوزراء أو عزلهم وإحالتهم على التقاعد والتي ورد فيها نص إما دستوري أو في تشريع اعتيادي (القوانين) والأمثلة على ذلك كثيرة في الدستور العراقي ومنها إصدار المراسيم بتعيين الوزراء او بعض الرتب والمناصب العسكرية وكذلك تعيين وانهاء خدمات القضاة وإحالتهم على التقاعد وإلغاء واستحداث مناطق استئنافية للمحاكم وعلى وفق ما جاء في المواد (16، 36، 47 وغيرها) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل، ويعتبر هذا النوع من المراسيم الجمهورية بأنها قرارات إدارية ويجمع على ذلك جميع فقهاء وشراح القانون العام سواء الإداري أو الدستوري وتخضع لرقابة القضاء الاداري عند الطعن بعدم مشروعيتها او مخالفتها للنصوص الدستورية أو القانونية.
عليه لرئيس الجمهورية وفق دستور جمهورية العراق النافذ، اليد الطولى في اصدار المراسيم الجمهورية المتنوعة، ولكن ذلك لم ولن يكون مطلقاً حراً من دون الخضوع لثوابت دولة القانون، التي تقضي خضوع تصرفات الحكام والمحكومين لإحكام القانون، ففي سابق الاحداث كانت المراسيم الجمهورية محصنة من الرقابة، إذ اقرت المادة (7) من القانون رقم (106) لسنة 1989، قانون التعديل الثاني لقانون مجلس الدولة، عدم اختصاص محكمة القضاء الاداري بالنظر في الطعون المتعلقة بأعمال السيادة والقرارات الادارية التي تتخذ تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية ...، علاوة على نص المادة (4) من قانون السلطة القضائية رقم (26) لسنة 1963، التي نصت على "ليس للمحاكم أن تنظر في كل ما يعتبر من أعمال السيادة" ثم تلاه نص المادة (10) من قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979، التي نصت على "لا ينظر القضاء في كل ما يعتبر من أعمال السيادة"، لكن دوام الحال من المحال، فبعد نفاذ دستور جمهورية العراق لسنة 2005، جاءت المادة (100) منه لترفع هذا الحظر مؤكدة على عدم جواز تحصين أي عمل أو قرار اداري من الطعن، فضلاً عن قانون الغاء النصوص القانونية التي تمنع المحاكم من سماع الدعوى رقم (17) لسنة 2005، الذي أشار في مادته الاولى "تلغى النصوص القانونية اينما وردت في القوانين والقرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة المنحل ...."، لذا ينتهي تحصين أعمال السيادة بموجب هذين النصين، بلحاظ إن المشرع العراقي عزز موقفه المهيب في قانون التعديل الخامس رقم (17) لسنة 2013، عندما الغى نص المادة (7/خامساً) من القانون رقم (106) لسنة 1989، استجابتهً لتجسيد ورفع راية الدولة القانونية، وفي ظل تباين التشريعات، وتزايد اجتهادات القضاء، ومراعاة ثوابت المشروعية، يبقى التساؤل يحوم حول الطعن بالمرسوم الجمهوري والجهة الكفيلة بإلغائه اذا ما جانب الصواب؟
انطلاقاً من تعريف المرسوم الجمهوري وانواعه المذكورة سلفاً، نذّكر إن المرسوم الجمهوري اما ان يكون تشريعياً مجسداً الدور التشريعي لرئيس الدولة، وكونه يتعلق بالوظيفة التشريعية، لذا يبسط القضاء الدستوري رقابته عليه معززاً احكام النصوص واجتهاده البناء في الحفاظ على سمو الدستور وهيكلة نظام الحكم وشكل الدولة الاتحادية، كذلك الحال بالنسبة للمرسوم الجمهوري النظامي، وقد يكون المرسوم الجمهوري عادياً يحمل في طياته قراراً ادارياً فردياً، حينها يعقد الاختصاص لمحكمة القضاء الاداري أو محكمة قضاء الموظفين امتثالاً لحكم المادة (7/رابعاً) من قانون التعديل الخامس لقانون مجلس الدولة بالنسبة للحالة الاولى أو نص المادة (7/تاسعاً) بالنسبة للحالة الثانية من جهة، ومن جهة اخرى حكم المحكمة الاتحادية العليا رقم (7) لسنة 2014، القاضي بأن "المرسوم الجمهوري رقم (56) في 7/5/2009 هو من القرارات الفردية الذي صدر عن السلطة الاتحادية ... ولم يتصف بالعمومية وبالتالي يخرج عن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا المنصوص عليها في المادة (4) من قانونها المرقم (1) لسنة 2005 والمادة (94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ويدخل ضمن اختصاص محكمة قضاء الموظفين ..."، وهذا الاجتهاد الصادر من هرم السلطة القضائية اختلف في مسارة واختط توجهاً يلبي روح النص الدستوري، حيث جعلت المحكمة الاتحادية العليا من احكام المادة (93/ثالثاً) من الدستور منطلقاً لبسط الرقابة القضائية على القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، وذلك بقولها في قرارها المرقم (97) لسنة 2021 "لذا فأن الاجراءات الصادرة عن السلطات الاتحادية والتي تتعلق باختصاصاتها الدستورية يكون اختصاص النظر بالطعن بتلك الاجراءات تدخل ضمن الاختصاصات الدستورية للمحكمة الاتحادية العليا ..."، اجتهاداً مبطناً لفرض اختصاص المحكمة الاتحادية العليا لكل ما هو صادر عن احدى السلطات الاتحادية – كالمرسوم الجمهوري- كون المقصود بالسلطة الاتحادية ينفذ الى السلطات الاتحادية الوارد ذكرها في المادة (47) من الدستور، وكون النص بايناً وجلياً على اختصاص رئيس الجمهورية في اصدار المراسيم الجمهورية، ويشير احد الفقهاء في تخصص القضاء الدستوري " إن تأمل ما أستخدمه المشرع الدستوري من لفظ القوانين الاتحادية وباقي القواعد والاجراءات التي تصدر من السلطة الاتحادية في المادة (93/ثالثاً) يشير صراحة الى كون جهات إصدارها مكلفة بمهام تتصل بمسائل سيادية لا تقبل التجزئة والابتسار"، بهذا عدلت المحكمة الاتحادية العليا عن مبادئها وعقدت اختصاصها على كل ما هو صادر من السلطات الاتحادية، لعمري ان التنازع بين الاجهزة القضائية قائم في محيا الدولة الاتحادية، حيث صادقت الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية على حكم محكمة البداءة بالعدد 568/ب/2020 في 9/2/2020 المتضمن الغاء المرسوم الجمهوري رقم (4) في 20 كانون الثاني 2020 والامر القضائي الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بالعدد 39/ت/2020 في 20/1/2020، كون القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة للاختصاص امتثالاً لحكم المادة (29) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969، وعند التمعن في جوف النص المذكور نجد إن الاستثناء في النص الخاص المذكور في المادة اعلاه والاتجاه الفقهي المساند له – بشأن الغاء المرسوم الجمهوري- يرتطم وحكم المادة (93 ،94) من الدستور والتفسير الحي للمحكمة الاتحادية العليا يوحي الى بسط رقابتها على سائر سلطات الدولة الاتحادية .
صفوة القول إن المرسوم الجمهوري التشريعي والإداري النظامي يخضعا للطعن امام المحكمة الاتحادية العليا عملاً بالنصوص القانونية ذوات الصلة وحكم المحكمة الاتحادية العليا المذكور سلفاً اما المرسوم الجمهوري ذات الطابع الاداري العادي فهو قراراً ادارياً صرفاً يعقد فيه الاختصاص للقضاء الاداري كونها صاحبة الولاية العامة للنظر بصحة القرارات الادارية بالاستناد الى قانون مجلس الدولة النافذ أو للمحكمة الاتحادية العليا عملاً بحكم المادة (93/ثالثاً) من الدستور .



#علي_فاضل_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي فاضل ابراهيم - الطعن بالمرسوم الجمهوري بين النص القانوني واجتهاد القضاء