أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريدة عدنان - فتاة بني مرين/قصة














المزيد.....

فتاة بني مرين/قصة


فريدة عدنان
كاتبة وشاعرة

(Farida Adnane)


الحوار المتمدن-العدد: 7188 - 2022 / 3 / 12 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


في مشهد رومانسي غريب تقف فتاة في ربيعها العشرين على حافة الطريق وأمطار الخريف تجلدها ،.متسمرة بلا حراك ظلت. يحسبها الرائي نحتا جميلا ،وفتى وسيم بخطوات رشيقة ومظلة سوداء يخطو نحوها وعيناه تشعان شوقا ولهفة للقاء, ابتسامته لها ترى من بعيد .
في لمح البصر أمسك بيدها ليجتازا الطريق .أحس كأنه أمسك قطعة ثلج، انطفأ حماسه عندما نظر الي عينيها فوجدها سماءً تسكب دمعا سجاما في صمت.وقف برهة دون أن يسألها شيئا ثم مشى بها الى ذلك الصرح العظيم الذي كانت تعشق الجلوس بين أحضانه منذ أن جاءت إلى تلك المدينة العتيقة ذات الأمجاد المتوالية عبر العصور، لإتمام دراستها العليا. فقد كانت فتاة نجيبة تهوى الدراسة والتحصيل العلمي بجنون .
طالما كانت تقف أمام ذلك الصرح وتحدث فتاها الوسيم لاهية وتقول : أنا أعشق هاذا الصرح الشامخ، إنه من عصر بني مرين عصر الفرسان الأقوياء الذين أطلقوا للناس حرية الإعتقاد والتعبير ،واستقطبوا العرب واليهود. في عصرهم برز رحالة كبار عرفت على أيدهم بلاد السند والهند ومؤرخون وعلماء، هم من اقاموا صوامع ومساجد ومرستانات ..
كانت ترسم مشهدا مسرحيا بعفويتها وهي تقف على أنقاض أحد الأسوار وتهتف لفتاها بصوتها الجميل "انا أنتمي لبني مرين وآتية من ذلك العصر الذهبي الجميل فحلمي كبير وسفري طويل".وبنبرة يعلوها الحماس استرسلت
" يوما ما سنقف أنا وانت هنا وأيدينا مزينة بأعلى الشهادات وقد نلنا أعلى الدرجات في العلوم ومختلف الثقافات.ومن هاذا المكان سأزف إليك في حفل اسطوري كالملكات نغمات الموسيقى الأندلسية، وعطر العود الفواح والشموع الملونة محمولة من ضريح المولى إدريس تبهج المكان، فتعلو الزغاريد ويرش الزهر مع الحناء وينطلق الموكب في بهاء وانت تمتطي صهوة حصان أدهم ،سرجه سندسي مطرز بخط عربي جميل كأني بك سلطان من ذاك الزمان... وهنا سنلقن أبناءنا أبجدية الحب والافتخار بالأجداد، والإعتزاز بكونهم أبناء هاذا الوطن ذي الأمجاد"
تكمل حديثها مداعبة اياه، وضحكتها التي كان يعشقها يتردد صداها في الأرجاء، كانت عفويتها وحماقاتها سر جمالها وكان هو يبتسم في هدوء ويقول لها في حنو : هل اكتفيت مشاغبتي من الأحلام ام ليس بعد؟ وتتوالى ضحكاتها الجميلة وهي تركض فاردة ذراعيها للحياة.
وصلا الصرح بعد بضع دقائق كان المطر ينهمر وهي لاتزال شاردة الذهن، ودموعها لا تكاد تفتر, قال لها مداعبا : كل هاته الدموع لأنني تأخرت عن الموعد بضع دقائق، أعدك يوما ما سأشتري سيارة فارهة وأحملك كأميرة ولن أجعلك تنتظرين ،نظرت اليه في عتب فهو يعلم انها ليست من عشاق المظاهر والبهرجة ،بدا التوتر يبدو على ملامحه الهادئة, فهو لم بعهدها هكذا يوما , كان لقاؤهما فرحا وسرورا وأحاديث لا تنتهي وطفولة كلها مرح ..همس اليها محاولا طمأنة نفسه ما أسعدني بقلبك الحنون لن أتأخر مرة ثانية عن موعدنا أعدك" ، دست يدها في معطفها وأخرجت رسالة ناولته اياها وخبأت رأسها بزنده وهي ماسكة ذراعه وكأنها تحتمي من شيء قادم نحوها.تصفحها على عجل وعيناه متلهفتان لقراءة محتوى الرسالة التي كانت مكتوبة باللغة الفرنسية, كان يعلم أن أسرتها كانت مهددة بالطرد من المنزل بسبب تراكم الديون ووالدها المريض لم يتبق من معاشه إلا القليل، وكان عليها أن تبحث عن عمل لتنقذ اسرتها من التشرد ، انه إخبار بحصولها على وظيفة وسترحل بعيدا.
تعالت دقات قلبه من هول المفاجأة وتسارعت أنفاسه طأطأ رأسه وعيناه لا تحيدان عن الرسالة، لم تترك له مجالا للكلام ، تركت ذراعه واتجهت خارج المظلة مسرعة واجهشت بالبكاء واسترسلت بصوت حزين " أيها الصرح العظيم، لقد تبددت أحلامي، لتظل سجينة أفكاري، أنا من لا زالت تراقص حبات المطر، وتلهو كطفلة مشاغبة بأوراق الشجر وتفرح بالوان قوس قزح،رحلاتي وآمالي ستركن على رف الزمن، لن أحدث ابن بطوطة عن اسفاري ولن احكي لابن خلدون عن هلوساتي ولن يكون هاذا الصرح عرابي ،لن ولن...اليوم حصلت على وظيفة لا تشبهني في سن العشرين ودخلت عالم الكبار على عجل حيث لا مجال للخطأ ،لن أكون فتاة من بني مرين ..



#فريدة_عدنان (هاشتاغ)       Farida__Adnane#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامي إليك
- تصور
- قصيدة : تناقضات
- قصيدة : رثاء حب
- قصيدة : - إلى لا ئمي -
- قصيدة :أخبره ياليل
- قصيدة : القلادة
- قصيدة :أخبره بالليل
- قصيدة : يومك العالمي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريدة عدنان - فتاة بني مرين/قصة