أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - برق في حانة .. من عناوين حانة القصب














المزيد.....

برق في حانة .. من عناوين حانة القصب


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 06:19
المحور: الادب والفن
    


1 ـ كلّما أتينا الماء صهل النهر

تفضّلي هو بيتي الذي شيدته بيديّ .. هو بيتي يزخرُ بالعطاء .. على الطريق أقمته ، بكلّ الندى ، للقادمين من أعالي أكتاف الضياع .. على ضفّة نهر شيدته للمتعبات العابرات مع الموج .. عند ملتقى الرياح .. ما بين سبأ وتدمر .
تفضلي هي من بيتي تخرج حرقة الأنفاس . هو بيتي يعبق به الطيب كلما اشتاقت له امرأة وكلما اشتاق للنساء .. شُيِّد من عذوبة الجوز وحلم الكستناء .. من جَفْلَة الصندل ولوعة الأبنوس .. من رائحة التاريخ وأنفاس المساء الكريمة . حوله إنْ عصفت ريح لا طير يغادر المائدة وإنْ غدر به نهر لا تندثر إليه السبيل . هو بيتي يستقبل القادمين بالغناء ، وبأطواق الزهر يأسر الصبايا .
تفضلي هو بيتي الذي أيقظ في صدر زنوبيا الحنين فجاءته عارية بمركبة ملكية فاجرة الصدر .. فيه اعتصمت زمناً وغادرت تجرّ وراءها ثوباً من نسيم .
تفضلي يا سيدتي هو بيتي الذي نزعت بلقيس ، بالنورة فيه ، شَعراً فاحشاً ولسليمان أرسلت على جنح الخصام خاتماً غامض المعنى . هو بيتي الذي تشرق في سمائه فاطمة كلّ مساء .
تفضلي
تفضلي
يا سيدتي


2 ـ الطبل

هذا الطبل خُذْه فهو عذب الإيقاع حلو الصحبة .
هذا الطبل من صمت الدار لا يحتلّ شيئاً .. ومن فضائها لا يسكن مكاناً .
هذا الطبل من دون الآلات رعيته .. من همسي غذيته ، برقتي طوقته ومن طيبي نفحته .
خذه ..
هذا الطبل لن تجد مثله .
هذا الطبل جميل .
قالت بائعة شقراء في متجر تبيع موسيقى الريح . تبيع الآلات. قالت بائعة كالشمس :
لا تتردد يا سيدي فأنا ، مراراً رأيتك تتعشقه من وراء واجهة.
وأنا رأيتك تطعن بعينيك راحة الزجاج .
خذه ولا تتردد فهذا الطبل عندي مدلل .
لكن ما عيبه يا سيدتي الفاتنة ؟
من فم الشمس نطقت : عيب وحيد يا سيدي
ما هو يا حلوتي ؟
هذا الطبل ينمو .. كالإنسان يكبر .. هذا الطبل الصغير ينمو كالصبيان
احذر يا سيدي وحاول أن لا تمنحه حجماً أكبر فهو ضئيل
احذر .. احذر لئلا يكبر
وإن كبر الطبل فقد صوته الجميل
خذه لكن احذر
ولتعلقي به أخذته .. في الحافلة إلى جواري وضعته
رأيتُ منه تململاً . قلتُ ربما سئم المجلس .. إليّ رفعته .. في حضني وضعته .. لكنه نهض واستنكر
على رأسه مررتُ بحنوّ يدي ، إنما أبى واستكبر .. نقرتُ على وجهه .. سمعتُ صوته تغير
الطبل من صوته العذب يفقد شيئاً وصار حجمه يكبر
الطبل .. الطبل .. ماذا أفعل ؟
حذرتني البائعة ولم أحذر
صار يخنّ ويتضخم .. الطبل يا سيدتي تضخم ومن إيقاعه الجميل لم يبق شيء . قبيل البيت فقدتُ قدرتي على حمله فتركته لرغبة الطريق بلا صوت .. بلا رغبة أو حذر .

3 ـ حمّامنا شجرة الكستناء

نزلنا ، مثل غجر هبطوا من السماء ، على ضفّة جدول . في ظاهر المدينة نصبنا الخيام نحن القبيلة السوداء .. قبيلة الخمرة والنساء وعبر الماء صادفتنا شجرة الكستناء . كانت ضخمة ، عظيمة ، مجوّفة الجذع ، فعملنا من تجويفها حمّاماً لنا.. به ننزع وسخ الأيام ونتدثر باللذة . أثثنا الجدران ورفعنا عليها المرايا ثم فرشنا الأرض بحصباء ملونة أهداها لنا الجدول حين آخيناه وحين ألفَنا واطمأن لنا . كنّا ندخل فرادى أو إنْ شئنا ندخل أزواجاً ، نساء ورجالاً فتهمس المرأة منّا في منتصف رجل غيور وينفخ الرجل منّا بمنتصف امرأة من نار . كنّا أزواجاً تحرسنا المرايا وبعض الجذور النافرة من أصل الجذع. كنّا فرادى نتمرأى خلف أستار الريح . مرّة دخلتُ وحيداً فرأيتُ المرايا تتعرّى مثلي ورأيتُ المرايا تلهث مثلي ورأيتُ المرايا تشتاقني . مرّة دخلتُ المرايا فرأيتُ الأجنة تعبث بالحصاة وترشق برفيفها وردة الماء . مرة كنّا نتجوّف مثل جذع الكستناء فتدخلنا المرايا كالنساء . نحن القبيلة السوداء نرتشف من عيون الليل عشقاً ونُدفع للنماء .. نحن القبيلة السوداء ، الهابطة من السماء كالغجر لا نعرف إلاّ الرحيل والغناء .

4 ـ قصتنا مع الفأر

هُتكتْ مأربُ ، فالفأر خرّب السدَّ ، والسدّ دمّر حقولنا الخضراء .
فاض الماء .
إلى أعالي السماء طاردَنا الفأرُ
إلى صيحةٍ في رأس الجزيرة
نحو لوثة القمر
في تلك الأيام شرّدنا الفأرُ
وصرنا في بلادٍ لأبناء عمومتنا
ما بين نهرين أو ما بين جرحين
أنخنا الجِمال .. صرنا في جنح الهلال أو في شوق الخصب .
إنّا صرنا في شتات وإنْ رضعنا من أثداء نوق الشام وأكلنا من تمر نخل العراق .
الفأر العاشق يعرف عنّا ما يعرف الماء الساكن خلف السدِّ .
الفأر الفاسق هاجمنا في تلك الأيام
وبنا استبدَّ
الفأر النابح وراءنا مازال يطاردنا
حتى هذه الأيام
حتى هذه الأيام
يطاردنا الفأرُ



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن القسوة .. الوجوه البيضاء عن أدب الداخل والخارج
- مرثية عوني .. حين تكون الريح صبا


المزيد.....




- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - برق في حانة .. من عناوين حانة القصب