أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين معزة - الكتابة التاريخية في الجزائر بين ضغوط التقديس ونزعات التسيس وترسبات الاستعمار















المزيد.....

الكتابة التاريخية في الجزائر بين ضغوط التقديس ونزعات التسيس وترسبات الاستعمار


عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)


الحوار المتمدن-العدد: 7186 - 2022 / 3 / 10 - 11:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التدوين التاريخي في الجزائر بل وفي كل الوطن العربي لا يزال في مهده يتخبط بين ضغوطات التقديس وتأليه الحكام والقادة العسكريين، وتغييب المجتمع والفئات الهشة من الشعب، لم يستطع التحرر من سوط الحاكم ورواق المحاكم، أضف إلى ذلك أنه لا يزال يتخبط في مأزق المنهج والموضوع...
هل هي محنة تاريخ فقط، أم أنها محنة المنهج والموضوع في التدوين التاريخي ـ أيضاً‏ـ؟
إن فهــم الوقائــع التاريخيــة والقــدرة على تدوينها وتحليلهــا ّ ونقدهــا عمليــة صعبــة ومعقــدة، -عـلـى عكــس مــا يعتقــد الكثيرون عن جهل حيث يرون أن التدوين التاريخي سهل ومتاح متكامــل للحــدث أو الموضــوع التاريخــي المــدروس،
إلى أنه التدوين التاريخي في مجتمعاتنا العربية لم يستطع تجاوز النظرة التقديسية للماضي، لأن هذه الأخيرة تعد من المعيقات البنيوية والذهنية، التي تقف في وجه تطور الكتابة التاريخية عندنا، إلى جانب المصادر، التي تعد إشكالا حقيقيا َ مع قلة الوثائق أو غيابها في شطر من فترات التاريخ، أو تغييبها ُ لأسباب مختلفة، إلى جانب قلة المؤسسات المهتمة بالوثائق والأرشيفات، وندرة الباحثين، الذين يتمتعون بالعدة والوسائل والأدوات المنهجية، ما يفسح المجال أمام انتشار الكتابات التجارية والنفاق العلمي والتملق لمن بيدهم السلطة والمال والقوة ، في مقابل غياب النقد العلمي وغياب المجلات التي تراجع الكتابات التاريخية أو تسمح بالمراجعة الجريئة.
يسود الاعتقاد لدى معظم الناس عندنا وخاصة فئة الشباب منهم، أن تاريخنا مزور وبالأخص ما كتب حول الثورة التحريرية والحركة الوطنية، ويرجع بعضهم هذا إلى عامل السلطة أو عامل الخوف من التاريخ نفسه، لنأخذ مثلا ثورتنا التحريرية هي أعظم شعبية في التاريخ المعاصر، وكم كانت قدوة لعدد من حركات التحرير في العالم، فماذا بقي منها الآن؟ حتى أصبح ذكرها عند الآن عند الجيل الجديد الذي ولد بعد استرجاع السيادة الوطنية مرتبطا بالعجز السياسي والفساد الممنهج والاستثراء الفاحش لفئة معينة استأثرت بالسلطة والثروة بعد أن تحول أعضاؤها من ثوريين تقدميين اغلى تجار بمقدسات الثورة وتضحيات الشعب الجزائري، ثورتنا العظيمة شارك الشعب فيها كله، لكن بعد الاستقلال، أبعدته تلك العناصر التي جعلت نفسها وصية ووريثة للثورة الجزائرية ، لا أحد ينكر فضل الشهداء الابرار الذين أدوا واجبهم كاملا بلا نقصان وكذلك دور المجاهدين الذين واجهوا اشرس استعمار استطياني ، لكن علينا ألا ننسى دعم الشعب لهم ماديا والتحامه حول جبهة التحرير الوطني ، لكن بعد الاستقلال حدث شرخ خطير بين الشعب والمجاهدين ، وربما نستطيع ان نقول ان الشعب لم يذكروا له أي فضل في الثورة ،
أحيانا أسأل نفسي سؤالا محرجا، لو لم يكن الشعب مساندا لجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني، هل كان بإمكان الثورة ان تستمر ولو لشهر واحد؟
هل كانت مهمة الثورة التحريرية اخراج العدو واسترجاع السيادة الوطنية؟ لقد تحقق ذلك بعد تضحيات جسام قدمها الشعب الجزائري كله، وكل ذلك أصبح متوفرا وظاهرا للجميع ولا نقاش فيه، هل انتهت مهمة الثورة بتحقيق ذلك النصر على العدو؟
لو رجعنا إلى بيان اول نوفمبر لوجدنا أن هدفه أكبر من ذلك، فهو لم يقف على هدف اخراج العدو واسترجاع السيادة الوطنية فقط، وإنما وضع هدفا آخر وهو بناء دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية، السيادة فيها للشعب وحده.
بعد ستة عقود من استعادة السيادة الوطنية، ما زال الشعب الجزائري يطالب بالديمقراطية ودولة المؤسسات والحقوق، ما زال حلم بيان أول نوفمبر في بناء هذه الدولة لم يتحقق، وأن ثورتنا قد جردت من بعض قيمها النبيلة، وأصبحت شعارات جوفاء تعلن في المناسبات الوطنية التي يغيب الشعب عن المشاركة فيها وتقتصر فقط على المسؤولين وبعض المجاهدين وعائلات الشهداء، وأصبح الشعب ينظر الى الاحتفالات بشيء من اللامبالاة والسخرية. وكم من المرات شاركت بمداخلات حول تلك المناسبات، ولكني أكون دائما اخر من يلقي كلمته بعد ممثلي المجاهدين وابنائهم وأبناء الشهداء، وآخر من تمنح له جائزة رمزية عبارة عن شهادة شرفية، لم أر يوما أحدا من افراد الشعب سواء من الرجال أو النساء او الأطفال الذين خدموا الثورة ودعموها قد استدعوا لتلك المناسبات. وكأن ثورتنا لم تكن إلا ثورة المجاهدين والشهداء رحمهم الله.
مما كنت اسمعه وأنا طفل صغير بعد الاستقلال من افواه الرجال وحتى النساء قولهم: " أن المجاهدين بعد 5 جويلية 1965 اجتمعوا في احدى مراكز الثورة في جبال جيجل واقسموا كلهم بقولهم: " وحق يوم الحق أن الشعب لن يرى أي حق " طبعا هذا لم يحدث أبدا، ولكن الشعب وصل إلى درجة الياس حينما رأى بعض المجاهدين وليس كلهم يتسابقون فيما بينهم على عقارات المستوطنين بل أحيانا يتقاتلون فيما بينهم عليها، ومنعوا الشعب نهائيا من الاستحواذ عليها، أضف إلى الامتيازات التي حصلوا عليها من رخص فتح الخمارات وغيرها.
إن الاستقلال الوطني ليس مجرد اخراج الاستعمار الاستيطاني من ارضنا، وإنما هو تحرير للشخصية الجزائرية والانطلاقة بها في التنمية الشاملة وبناء دولة المؤسسات والحقوق.
لقد أصبح الان في وقتنا الحالي ذكر عظمة ثورتنا التحريرية لدى الجيل الجديد مرتبطا بالعجز والفشل وحتى لا أقول بخيانة دماء الشهداء، والاستثراء الفاحش لفئة معينة جعلت من الثورة سجلا تجاريا لها متخذة من الثورجية والوطنجية شعار لها للمزيد من الكسب والنهب والسلب.
هذه الثورة العظيمة قزمناها وفقدت بريقها واشعاعها ، ويبقى هنا سؤال الكتابة التاريخية الذي اصبح عندنا هاجسا مقلقا للباحثين الجادين ، وذلك حول كيفية تحديث الكتابة التاريخية واشكالاتها ، فالتدوين التاريخي لثورتنا التحريرية يجب أن يؤسس على منهجية علمية وفق إطار يعمل على معالجة الوقائع التاريخية بكل حيادية وتخليصها من الزيف وتقديس الاخر ، اعرف ان هناك العديد من الكوابح البنيوية والمنهجية والظرفية التي تحول دون تطور الكتابة التاريخية في مجال الثورة وما قبلها من بينها المصادر وقلة الوثائق أو تغييب تلك الوثائق لأسباب عديدة مما جعل المؤرخين عندنا يتجنبون الخوض في بعض المواضيع الحساسة التي تفتح عليهم باب جهنم يضاف إلى ذلك النفاق العلمي والتملق لمن بيدهم السلطة والجاه بحثا عن منافع شخصية .
يبدو أن ازمة الكتابة التاريخية عندنا ما زالت تتعمق وتستفحل ونفسر ذلك بعوامل متشابكة ومعقدة أهمها القصور اللغوي وضعف التكوين في مجال علم التاريخ ومناهجه وادواته وغياب الدراسات النقدية الجادة وغياب التجديد كذلك في المواضيع التي ظلت متأثرة بالنزعة الوطنية وسيادة الوصف بدل التفسير والتحليل والنقد وعجز الكتابة التاريخية عن الارتقاء إلى الشمولية والتركيب وغلبة " الكسل الفكري " على الممارسة البحثية والنقدية.



#عزالدين_معزة (هاشتاغ)       Maza_Azzeddine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد السياسي يُعمّق الظلم الاجتماعي ويقلل فرص التنمية
- سلطة التراث والسياسة وانعكاساتهما على العقل العربي المعاصر
- هل أزمتنا في جسم الأمة العربية العملاقة أم في رأسها السياسي ...
- اركان بناء الدولة المدنية العصرية
- من ثورات الربيع العربي إلى عودة شتاء العرب؟
- الجزائر وفيتنام جمعتهما ثورتان كبيرتان وفرقتهما التنمية وسوء ...
- إشكالية العقل النقدي وفقه العصور الوسطى في الفكر العربي المع ...
- مفهوم الدولة في العالم العربي
- الديمقراطية وانظمة الحكم في الوطن العربي
- الانظمة العربية والتلاعب بعقول شعوبها
- سيكولوجية التلاعب بالعقول والتحكم في القطيع
- الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج سادية ومستبدة
- لماذا لم تنهض الجزائر ونهضت ماليزيا
- لماذا لم تنهض الجزائر ونهضت ماليزيا
- واقع المسلمين بين التشبث بأمجاد الماضي وبؤس الحاضر وفوبيا ال ...
- جدلية الدين والحاكم والمحكوم
- البرلمانات العربية، واكذوبة تمثيل الشعب
- الأمة العربية الإسلامية بحاجة إلى مارتن لوثر مسلم
- سلطة النصوص المقدسة واشكالية التأويل وانعكاساتهما على واقعنا
- الأمة العربية المعاصرة بحاجة إلى نقد راديكالي لفقه العصور ال ...


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين معزة - الكتابة التاريخية في الجزائر بين ضغوط التقديس ونزعات التسيس وترسبات الاستعمار