*أيقونات الشوق المصلوب

مراد فطوم

الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 06:17
المحور: الادب والفن
    

( 1 )
وها هو وجهك مرة ً أخرى
يعرِّش على حدود التَّذكر
كمينا ًلفيض التداعي الحزين .
ليل ٌ يتألق بظلمة ٍ تكتنفه
غير خجول ٍ
وشرفة ٌ عالية ٌ كما وجهك
تنتشي سكرا ً
يحضنها غيل ٌ من الياسمين
يضوع .
عارم ٌ بأطياف الرجوع
أيها الليل المسلَّط على تحجر القلوب
التواقة للنبض
تمهل تمهل
فها هي قمر ٌ سيبزغ
من أفول الكأس الأخيرة
والهذيان الأول
تمهل تمهل
لأن الشروق سيأخذ مني الظلال
فترحل
وكي لا يغيب مع الصحو سحر ٌ
تبدّى على صدرك الرحب أجمل


( 2 )

هو الشوق
برعم ٌ يتفتَّح
كلما هصر النسيم قلبي
وهي الآه
الحنين الذي يدغدغ دمي
لحظة السكون
عندما يهتف الألق المشرئبُّ
وراء الأبعاد .
شاهق حزني
كارتفاع الحدود الفاصلة بين دمي
وأخاديد الدمع في ثراك
ومترع ٌ مثقل ٌ بأجوبة ٍ فوضوية ٍ
وتساؤل ٍ مغفل ٍ
يرميني صريعا ً
بين سكر الحنين
وهذيان الانعتاق
وأعرف كيف يلذ ّ الألم
لأنه الشوق
لحن لاذع ٌ وغفلة ٌ مخيفة ٌ
ولأنها الآه
بين رعفة ِ الجرح ِ
ورعشة ِ الهمس ِ
تحمر ُّ خجلا ً


( 3 )

تألقي أيقونة ً للشوق والحنين
لأشعل شموع وجدي العميق
كما البخار ؛
مخاض البحر
الذي يبدع الغيوم
وكما الغيث ؛
مخاض السحاب
الذي يفجر الأرض
عيونا ً ، عشبا ً ، حياة ً .
هي الذكرى ؛
طيوف ٌ لوجهك
تعلن ولادة ً جديدة ً
لحزني المتكرر


( 4 )

أبعثر الأشياء
أبحث عن شيءٍ
يخامرني الشَّك ُ
أن لا أرى منك فيه خيالا ً.
تائه ٌ
بين تجدد ٍ يقتل غرسا ً
تجذ َّر في الروح
وقتل ٍ
يجدد براعم الشجر
الخريفي الحزين
أنذوي في مناخ ٍ لا شيء فيه
فيومض طيفك ِ في َّ الفراغ
أحاول أن أركنه بعيدا ً
فأدرك أني أسير ارتيابي
أستل ُّ خنجره للنزال
فيستل ُّ مني دمي
أحاصره
فيدنو ويطبق
يطوق كل المدارك
تضيع الرؤى
وتموت الحواس
أغمد ُ خنجره في السراب
فيسقط دمي صريعا ً
كأول ما يخسره المحاربون


( 5 )

ألمح شخصك
في كل ِّ لون يذكرني
باخضرار السرور
والبراءة البيضاء
وأستف ُّ عطرك
من كل شعر ٍ
تلاعب فيه نسيم بساتينك
وأشكو حنيني لكل غروب
يأتلق احمرار لخديك فيه .
لصمتي نصال ٌ
ستُردي السكون َ
وبوحي يؤلِّب جمرا ً
ترمَّد منذ عصور ٍ
ومن حجرة ٍ ظلماء
في القرارة العميقة الثكلى
يورق برعم ٌ طفل ٌ
يصفِّق لأول شعاع ٍ
لحضورك المفاجئ


( 6 )

وكالتوق الذي يتدفق في شراييني
أسيرُ منسيَّا ً
في أزقة اغترابي
أوقظ الليل
في الزوايا التي اعتادت النوم
بأمان عميق
أشيد ُ دروبا ًجديدة ً
لوجع ٍ كامن ٍ قديم ٍ
يتاوج في الأزقة النافذة
على أفق الضياع .
وكسقوط النرجس
بعد سجود ٍ طويل ٍ
تضيق آخر فسحة ٍ
للأمل المرجو بالابتهال
وتنطفئ الشعلة
التي أوقدتها الأكف
المرتفعة للذهول
وتجسّدك الشهوة الحمقاء
طيوفا ً للشغف العذري
كأنه المآب الأخير –
رغم انقيادي لومض ٍ يلوح –
فألثغ في هجاء تفاصيل وجهك
ويذوي بريق ٌ
بعيد المدارك
يأسر ُ في شرك ِ الابتعاد .
بليغ ٌ نزيف هذا الجرح
وأبلغ منه
قافية للتأوه الأنين
أتقنها مغني الشوق .


( 7 )

أعرف أنني مقيد بالحزن
لأن الشوق
كأشواك الورود
مصيدة الحب
وهنا
لأنني مغمور بأنفاسك
ومتأهب لتقبيل جسدك العطر
ترفض مطاوعي
خطاي التي تعودت دروبك
وتكذِّب عيناي
كلَّ الصباحات التي
لا يفتتحها شروق لوجهك
وأعرف أنني لن أحيا قصتك
كعاشق ٍ مجنون ٍ
أو كمجنون ٍ عاشق ٍ
لأن المدن الصاخبة
أسقطت العقل
في متاهة الضجيج
ولأنني كطفل ٍ صغير ٍ
يجرِّح ُ دميته الوحيدة
ليتورد نزيف عينيه
أعرف أنني مقيد ٌ بالحزن
إلى أن تعتقني سعادتي
عندما تخلو ساحة البكاء
سوى من حطام دميتي


( 8 )

ألقاك في المدن الغريبة
خيالات ٍ
تستيقظ الأشجان في نوح الأسير
ألقاك
من قال إن القتل
يغمد في القتيل نصاله
بين الحقيقة والرؤى
أنا نسغ التراب
أعود من شجر الحياة
يا أيها الموت الغرير
- يا قهقهات الريح -
كالعري يُفتضَح ُ المسير
أسيقيك لتعتلي ملك البقاء .
ألقاك
عندما تصبح الأمكنة موعدا ً
تمتزج الأبعاد في فراغ الزمان
وأنا
كأشجار حزني الباسقة
أتفرع إلى اللاشيء
وأضرع لوجهك
استسقاء الجفاف
أحبك
كآخر ما تبقى من كلام
قبيل الرحيل
أحبك
كأول ما أفتتح به
ميلاد لقاء ٍ جديد

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل