أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - ‎‎أوقفوا خطف أطفالنا















المزيد.....

‎‎أوقفوا خطف أطفالنا


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 7171 - 2022 / 2 / 23 - 00:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحمد سليمان العمري/دوسلدورف
أطفالنا قرّة أعيننا وسويداء قلوبنا؛ نهرب بهم إلى أقاصي البلدان البعيدة جغرافياً وعرفاً وديناً جبراً للحفاظ عليهم وحمايتهم من جلّاد يؤذي بالسوط بإسم الوطنية، فنضيّعهم في القارّة الباردة بإسم العرف وتارة بإسم الدين وأخرى جهلاً.
فبالله بعضاً من الرأفة بإسم الحب والإعزاز والكلف.
في بلادنا العربية المنكوبة تغلب العاطفة في جلّ حياتنا على الموضوعية؛ سياسياً اقتصادياً واجتماعياً وعلى كلّ الأصعدة. لذلك يبدو أنّ أحد أهم فشل الأنظمة العربية هي إقحام العاطفة بغير مكانها، فننتخب ابن العشيرة في البلدية والبرلمان، لنختار نهاية الحكومة بذات الآلية أو الجهويّة، وهي لا تختلف عن نظام القبيلة بشيء. فقط على سبيل الطرح لا الحصر.
ظهر فيديو متداول منذ قرابة ٨ سنوات ونيّف، وأُعيد تداوله بكثافة، يبيّن جهات حكومية سويدية تأخذ أطفال أسرة عربية.
وجدت هذه المأساة - ظاهرها مأساة وباطنها رحمة - تعاطفاً وتضامناً قوياً مع الأسرة وغيرها من الأسر التي واجهت ذات المصير، مرفقة بعاصفة إعلامية مستمرة منذ قرابة أسبوعين ولغاية الآن، فكثر الهرج والمرج والنسخ واللصق، ونَشُط حاملي الخلويات الّذكية ليُقدَّم عمل المؤسّسات الحقوقية والإنسانية والرعاية على أنّه اختطاف واستهداف لأطفال العرب والمسلمين، فظهرت وسوماً داعية لاسترجاع الأطفال إلى أسرهم ومتضامنة معهم مثل ‎أوقفوا خطف أطفالنا وأوقفوا خطف أطفالنا في السويد، لتنتشر مثل النار في الهشيم.
آلية طرح قضية العرب بإختلاف معتقداتهم والمسلمين في السويد، والتي تستند إلى مصدر واحد وهم الأسر المتضرّرة ومواقع إعلامية قدّمت هذه المسألة من ذات المصادر أُحادية الجانب، أي الأسرة، ومقابلات أخرى عرضت مداخلات لم تفِ بالغرض، بعضها قدّم الجانب القانوني الذي يدين بدوره الأسر المعنية وأخرى بيّنت ضعفاً بأعداد موظّفي مؤسّسة رعاية الأطفال بشكل عام والموظّفين المخّتصين أثّرت سلباً على إمكانيات مؤسّسة رعاية الأطفال والناشئة وأدائها، مؤطّراً بعدم فهم هذه الأسر حديثة الإقامة في السويد للقانون؛ أدّت هذه العوامل مشتركة إلى هذا المآل.
الإعلام وظّف العاطفة بطريقة طرحه للموضوع لتهييج الشارع العربي، فتقديمه المآسي - إن صحّ التعبير - والتغطية الإعلامية الواسعة، بين مظاهرات ومقابلات لذوي الأطفال واستثناء المؤسّسات السويدية المعنية، وعوضاً عن ذلك مقابلات مقتضبة مع محامي الأسر وآخرين جعلت الإسقاط والإستناد للأسباب التي قدّمتها الأسر ومحامي بعضهم أو الموقع العربي أو الإسلامي يصعب التحقّق منه.
المطّلع على الوجه الآخر لهذه المأساة، يعي تماماً أنّ ما يسمّوه في هذا الفضاء اختطافاً هو في حقيقة الأمر حماية للأطفال.
‏‎الأنظمة الأوروبية المعنية بشؤون الأطفال والناشئة وليس السويد وحدها تتفاعل عندما تلاحظ أنّ هناك تغيير سلوكي للطفل، وهذا لا يعني بالضرورة فصلهم عن ذويهم، فهذه الخطوة هي الخيار الأخير لحماية الأطفال، كأن يتعرّضون للضرب المبرح، فهي تحميهم عندما يتبيّن أنّ الأسرة تمارس العنف على أطفالها؛ تجنّبا لوقوع حوادث لا تُحمد عقباها ولا يمكن إصلاحها بأثر رجعي؛ والأمثلة كثيرة لا حصر لها، آخرها في ألمانيا قبل 6 أيام؛ سقط رجل على الأرض وطفله بين ذراعيه، فهزّه مرات عديدة غضباً ليفارق الحياة بعد أسبوع.
الحقيقة أنّنا ترعرعنا في مجتمعات يمثّل الضرب بها جانباً أساسياً من التربية، والضرب المبرح أيضاً، لكنّنا لم نرى بهذا الجانب الذي يشبه حالات «غوانتانامو» من التربية شيء يضرّ بالطفل كون المجتمع كان مشتركاً مع الأباء والأخوة؛ يساهمون حيناً بالضرب ويسمّى تربية.
أخذ بعض من اللاجئين الذين تركوا بلادهم هرباً من الموت على أيدي نظام الأسد وغيره هذا الموروث المجتمعي الجائر معهم، ظنّا منهم أنّ الضرب هو ضرورة في التربية؛ لم يعرفوا غيره. لذلك سنترك مسمّيات هذه الحالات في السويد إلى أولئك المظلومين جرّاء فصل أبنائهم عنهم من وراء هذا النوع من التربية.

كرامة الإنسان لا تتجزّأ
افتتاحيه الدستور الألماني الذي يطابق السويدي ومعه الأوروبي هي المادّه الأولى، والتي تنصّ على:
كرامة الإنسان لا تتجزّأ، وترجمتها القانونية بأنّها غير محصورة على مجموعة عرقية أو جنسية أو دين، وتُطبّق على كلّ إنسان يعيش على أرضها.
في المدن الأورويبة يوجد مساعدون للمحافظ، عمدة أو رئيس البلدية كلّ باختصاصه، فمنهم مساعد للشؤون الإجتماعية، وبهذا الصدد نتحدّث، وتحت إشراف هذا المسؤول أو المساعد تعمل إدارة شؤون الأطفال والناشئة؛ تتضمّن هذه الإدارة قسم يسمّى قسم دعم ومساعدة العائلة والشباب والأطفال.
في حالة ملاحظة أي إشارات تدلّ على تعرّض الطفل إلى عنف جسدي أو نفسي يخبر من يلاحظ ذلك مديرية هذه الدائرة كالجيران، المدرسة أو الحضانة. وهنا تبدأ الإجراءات الأولية.
في حالة وجود ضرب مبرح يقوم المسؤول بإتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية الطفل المتضرّر، بعدها تقوم المؤسّسة المعنية ممثّلة بالموظّف المسؤول بدراسة الوضع العائلي والأسباب التي أدّت إلى العنف، وبناءً على نتائج الدراسه يعمل الموظّف على وضع برنامج قانوني وتربوي لحماية الطفل وإعداده وتهيئته وعائلته على حدّ سواء للرجوع إلى بيت الأسرة.
والإرشاد التربوي يعمل مع هذه المؤسّسة بالموازاة لدعم العائلة، بالإضافة إلى الخدمة النفسية المدرسية إذا دعت الحاجة في حال وجود مشاكل تربوية نفسية عند الطفل.
الدراسة والإجراءات تتمّ تحت إشراف محكمة الشؤون العائلية، وللأهل في طبيعة الحال حقّ النقض في الإجراءات الإدارية والقانونيه.
من أهم أهداف هذه الإجراءات هي تمكين العائلة بإيجاد جو تربوي إيجابي لتربية الأولاد ورعايتهم.
إذن، الأمر ليس بهذه السهولة التي روّجت لها الجهات الإعلامية من خلال قصص من طرف الأُسر المتضرّرة، وهي قصص مؤلمة لا محال.
الذي حصل في السويد من فصل الأطفال عن أسرهم هو تمخُّض عن قلّة خبرة الموظّفين المسؤولين فاعتمدوا على ثقة الموظّف بتقييم الحالة، لعدم وجود أخصّائيين كفاية لتغطية الحالات الكثيرة التي دخلت الدولة بالجملة، بالإضافة إلى جهل الأُسر جديدة الإقامة نسبياً بالقانون السويدي، فاجتمع جهل المسؤول مع جهل الأسرة.
نهاية أود القول بأنّ الضرب أو الضرب المبرح ليس هو وحده السبب وراء سحب الأطفال من ذويهم، فهناك أسباب قد لا تكون ذات معنى في ثقافتنا كمراجعات الطبيب الدورية للأطفال، أو الغياب بشكل لافت للنظر عن المدرسة أو منعهم من المدرسة. كلّ هذه الأسباب ذريعة لتدخّل الجهات المعنية، أو حتى بأسوأ الحالات لزيارة الشرطة لمنزل ذوي الطفل.
لذلك، يجب على الأسر البحث في قانون الدولة بما يتعلّق على الأقل بالأطفال تجنباً للوقوع بمثل هذه المطبّات الإجتماعية؛ قد تتحوّل بالتفاقم إلى مآسي يصعب حلّها.
[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نائب الشعب البارحة سجين اليوم، العجارمة
- الإتفاقية الأردنية الإسرائيلية: الكهرباء مقابل الماء
- تُونس بين مطرقة الانقلاب وسندان تصحيح المسار
- مستشفى السّلط فاجعة الأردن
- ثمن اللّقاح للفلسطيني
- كورونا المتحوّر: هل اللقاح فعّال ضد الطفرة الجديدة؟
- الصراع الأذري الأرميني: أسبابه ومآلاته
- الإتفاق الثلاثي وأثره على المشهد السياسي العربي
- كسر الأردني بالمعلّم
- الضّمّ من أجندة ورقيّة إلى خطوة تنفيذيّة
- النفط داخل الحجر الصحي
- كورونا الألمانية بين مؤامرة سياسية وحرب بيولوجية
- ما بعد جريمة -هاناو-
- صفقة القرن مبادرة سياسية أم مؤامرة تصفويّة؟
- تخزين مادة إيريديوم 192 الإشعاعية في مادبا جهل أم استخفاف؟
- العَهد
- لك الله يا عراق
- يا معلمي الفاضل اطلب المستطاع حتى تطاع
- لتعيش أكثر شوية ابتعد عن السيجارة الإلكترونية
- كسر اليمين والشمال في مؤتمر الإقتصاد للسلام


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - ‎‎أوقفوا خطف أطفالنا