أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أميمة الشريف - قراءة في حادث عروس الأسماعيلية














المزيد.....

قراءة في حادث عروس الأسماعيلية


أميمة الشريف
(Omima Elsherief)


الحوار المتمدن-العدد: 7168 - 2022 / 2 / 20 - 09:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ليس الأول ولا الأخير بين حوادث العنف التي يشهدها المجتمع المصري، لكنه حادث كاشف لحجم التغيير الذي طرأ على المجتمع وعاداته، فقد أصبح العنف غير المبرر، هو أحد السمات الطاغية والبارزة، في مجتمع يملؤه التناقض، ويسود فيه أفكار عكس الناموس والأخلاق.
ليس الغريب في حادث عروس الإسماعيلية، ما قام به "العريس" الذي ضرب عروسه بكل هذه القسوة، على مرأى ومسمع من الناس، والأهل، وغيرهم، قبل أن تخطو خطواتها الأولى إلى منزل الزوجية.
رغم أن الواقعة كلها صادمة للمشاعر الإنسانية السوية، لكن الأكثر صدمة بالنسبة لي هو حالة الإنقسام الحاد في ردات الفعل تجاه ما جرى، فالبعض يلوم العروس التي رضيت أن تستمر في زواج لابد أن ينتهي قبل أن يبدأ فهو حتما مصيره الفشل إذ بدأت حياتها الزوجية بتنازلها عن كرامتها وقبول الضرب والإهانة، وبين من يرى أنها ضحية تستحق الدعم والمساندة، وآخرين يرون أن ما حدث يدخل في إطار الحياة الخاصة ولا يجب لأحد أن يتدخل فيه.
وفي الحقيقة لا أستطيع أن ألوم العروس الضحية، أو أقسو عليها، كما فعل البعض، فهي ابنة مجتمع ذكوري لم يزرع إحساس الكرامة داخلها، فتربت على أنها دائما في المرتبة الأدنى، مجتمع تطالبها فيها إحدى الإعلاميات بأن تقول للمجرم " يا سيدي وتاج راسي"، ويرى آخر أن المسامح كريم والحياة لازم تستمر، وأمام ضعف وعدم قدرة الفتاة وعدم وعيها بأنها إنسان له كافة الحقوق التي منحها مجتمعها لسي السيد عريس الغفلة، لا أستطيع أن أحملها أكثر مما تعانيه من ألم نفسي وبدني جراء ما تعرضت له في يوم عرسها.
على الجانب المقابل، لا أبرر تصرف العروس ولا أهلها في قبول ما صار دون اتخاذ موقف مناسب، يرد كرامتها المهدورة، وقبولهم بالأمر وكأنه طبيعي، وغير مستهجن ولا مرفوض، ورغم أنهم بسطاء، أبناء بيئة محافظة، فربما ما فعلوه كان السبب فيه عدم قدرتهم على مواجهة تقاليد بالية، حال تطور الموقف لو أنهم رفضوا تلك الجريمة ووصل الأمر إلى الطلاق مثلا، وهذا ليس تبريرا لكنه ربما يكون تفسيرأ لتصرفهم الغريب.
ما حدث أثار لدي تساؤلين الأول فيما يخص المجتمع بكافة فئاته وشرائحه، والصادم فيه موقف بعض مثقفيه ومن يشكلون قاطرة الوعي وأحد روافد التأثير في العقل الجمعي، الذين يلومون على من تدخلوا لنجدة الفتاة بحجة حماية "الحياة الخاصة"، وكأن الحياة الخاصة تسمح بارتكاب الجرائم دون تدخل، اللهم إلا إذا كان موقفهم نابع من اقتناع داخلي وإيمان ذكوري مطلق يعطي الحق للمجرم أن يرتكب جريمته اللا أخلاقية واللا إنسانية كونه "ذكر"، فهل حماية الحياة الخاصة وخصوصيتها من وجهة نظر هؤلاء تستقيم مع منع جريمة تحدث في الطريق العام على مرأى ومسمع من المحيطين حتى لو نتج عنها قتل الضحية مثلا.
أما التساؤل الثاني، فهو يتعلق بما كشفه الحادث من أن جميع ما قدمته جميع الجهات المعنية والفاعلة والجمعيات والمؤسسات والمعنين بقضايا النساء، طوال سنوات، لم يستطع أن يسهم في رفع الوعي، وإحداث تغيير إيجابي بالشكل الذي كنا نتصوره، وأننا مازلنا نعيش في عصر سي السيد وأمينة، فيطالعنا بسلامته اليوم بأن "عندينا عادي"، فهل كنا نحرث في البحر؟! وإلى أين نسير؟!
وفي الحقيقة، إن مثل هذه التصرفات، التي انتشرت بصورة مبالغ فيها في الفترة الأخيرة من وجهة نظري هي نتاج طبيعي لما نمر به، وما تطالعنا به المؤسسات ذات التأثير، والفتاوى المتعلقة بحق التأديب، وإباحة ضرب الزوجة، والسموم التي تبثها بعض القنوات والمنصات الإعلامية، التي تؤكد أن المرأة مخلوق من الدرجة العاشرة، وأنها عورة، وأنها ناقصة عقل ودين، فضلا عن غياب الحماية القانونية والاجتماعية التي تجعل المرأة تشعر بالأمان ولا تجعل المجرم يفر بجريمته ويفلت من العقاب عليها.
إن جريمة الإسماعيلية، وغيرها، هي إنذارات تكشف عن ما سيؤول إليه المجتمع، في حال التهاون والتعاطي مع تلك الجرائم على طريقة تقبيل اللحى، والصلح حتى تستمر الحياة، وهي بمثابة إلقاء ضوء على ضرورة انتاج منظومة كاملة تعيد تشكيل الفكر الجمعي، وتؤكد احترام الناس وتساويهم في كافة الحقوق، منظومة لا نجد فيها مذيعة تشعر بأنها أدنى درجه من الذكر فتطالب الضحية بأن تذل نفسها لمجرد كونها أنثى، منظومة لا نرى فيها أمثال تؤكد أن لزوج البنت فضل فنرى أبو الضحية بدلا من أن يدعمها ويعلمها الحفاظ على كرامتها ورفض ما حدث نجده يرى أن ما حدث شيء "عادي" ونرى الضحية تبرر الجريمة بأنها هي من " استفزته"
إن مواجهة تلك الكارثة إن لم يبدأ فورا وعلى كل المستويات فلا أمل في اختفاء تلك الظواهر، ولا إمكانية لتغيير إيجابي في المجتمع.



#أميمة_الشريف (هاشتاغ)       Omima_Elsherief#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين النخب والجماهير اتهامات متبادلة وأدوار مفقودة
- الثوب الملون أكثر بهاء قراءة في أزمة التخوين والإقصاء الدائر ...


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أميمة الشريف - قراءة في حادث عروس الأسماعيلية