أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمضان بوشارب - اللقيط و الخطيئة














المزيد.....

اللقيط و الخطيئة


رمضان بوشارب
كاتب-شاعر هاوي - رسام - خطاط

(Bouchareb Ramdane)


الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 10:10
المحور: الادب والفن
    


على غير عادته راح المسكين يمشي بين الناس مطأطأ رأسه، متمنيا لو أن الأرض انشقت وابتلعته، أو أنه لم يكن شيئا مذكورا، لم يكن ينتظر هذه الساعة التي اكفهر فيها وجهه واسود، ساعة قلبت حياته كلها رأسا على عقب.
فبعد ما طالبوه بشهادة ميلاده التي لم يجد فيها أسم أبيه ولا أمه، إلا علامة (x)، تمنى حينها لو أنه كان نسيا منسيا أو كان في زمن الموءودة فمات ساعة مجيئه.
بقي الوحيد يسير بين الخلائق وكأنه غريب الديار.
مسكين هو...
لسانه لم يعرف كلمة أمي ولا أبي كلمتان حرمته منهما الأقدار
وبينما هو سائر في هذا الفلك البشري المشحون بنضرات الازدراء والاحتقار له، باحثا عن شيئا ما يربطه ببقية الخلائق, شيئا يثبت أواصر أخوته بهذا المجتمع.
وفي ساعة من ساعات هذا الزمن , تخطى عتبة الانهيار ودخل إلى الدار التي تؤويه أو بالأحرى القبر الذي يواريه يواري سوءة من ظلموه.
دخل زنزانته المنفردة التي اختارها بمحض إرادته , جهز كعادته فنجان قهوته المُرة التي اختلطت مرارتها بمرارة العيش
أشعل سيجارته التي ينتحر به بين إصبعيه, ليصعد دخانها في السماء كما تصعد روح من مات و فارق الحياة
راح يرتشف جرعات من فنجان الحرمان, حرمانا من الدفء الأسري.
راح المغبون على أمره، يتنفس بصعوبة ويستنشق جمرات سيجارته، ليحرق ما تبقى فيه من كبد لم تجد أما تحترق لأجلها.
بكى وهو لا يدري، هل يبكي أمه التي لم تراها عينه وتحضنه؟
أم يبكي على أب يجهله؟ يجهل نسبه؟
ودون وعي منه أمسكت يده بمرآة كانت ملقاة إلى جنبه, ليجد نفسه تبحث عن نفسه، عن ذاته يفتش عن أصله عن شبه يشبهه أو يتشبه ب، في تلك المرآة.
وبينما هو كذلك، بدأت مخيلته تسرح بعيدا، في خيالات أرعبته وتساءل
من أنا؟
من أكون؟
أين هم من جاءوا بي ؟
لماذا رحلوا ؟
لماذا تركوني ؟
- قال وبكل غضب:
يريد الغطس والدخول في تلك المرآة في أعماق نفسه وهو يصارع أنفاسه
...لمااااااااااااااااااااااااذا؟
قالها بصوت عال.
آدم خلق من تراب , حواء خلقت من ضلعه
فما أنا بآدم ... ولا حواء بأمي
فهل من أن مخطأ يقول أنت خطأي ؟
هل من مخطئة تقول لي أنت خطأي؟
من تراه يكون أبي؟
ومن هي أمي؟
لماذا رموني أ لآني ثمرة تشهد على خطأهم؟
راح الهائم في ظلمات نفسه، يجادلها ويؤنبها , كأنه يحقق في جريمة هو ليس مرتكبها.
هل أنا مجرد نطفة شاردة كتب لها ؟أن تعيش مشردة خارجة عن الطوع.؟
هل أنا نطفة ذنبها أنها احتوتها رحم في غفلة من سكرات العشق؟
هل أنا نزوة رجل عابرة؟
وبينما هو يسأل ويتساءل, فإذا به يسمع صوتا، يصدر من داخل المرآة
- قائلا :
اسأل الخطيئة وستخبرك.
ستعرفك بنفسك حينها ستعرف من أنت .
- رد عليها يريد احتضان الجواب .
من هي؟
أين هي؟
أين أجدها؟
من تكون هاته الخطيئة؟
- قالت :هي أمك
- هي أمي إذا ؟ فمن تراه أن يكون أبي بالله عليك؟
- قالت: هو نزوة عابرة في ذروة الشهوة, نزوة أطاعت شياطين الإثم.
- قال ودموع الندم والانتقام تذرفها عيناه ندم البحث الحقيقة، التي أساءته.
- قال وهو يريد الانتقام من نفسه لنفسه، من خطيئة أمه و أبيه .
خطيئة ونزوتا كانتا سببا في تعاسته في شقائه وعذابه.
وبعدما هدأ روعه عاد ليسأل
أين لي بهما ؟
أين سأجدهما ؟
- قالت :
في أسواق الهوى بين بائعات الهوى وزبائنهن ,هنالك ربما ستجد من باعك واشتراك.
رد وقال: إذن أنا محصول فاسد.
- ردت فقالت: أبدا أنت لست فاسدا , لأنك مجرد ثمرة زرع فاسد في أرض فاسدة.
- قال:علي إذن ان أنتقم لنفسي وللمجتمع؟
- قالت:وكيف السبيل إلى ذالك؟
- قال:سأصلح زرعي وبذري سأختار أرضا أطهرها. بما يرضي ربي
سأتوب، لأمي وأبي وأغفر لهما خطيئتهما، بالعمل الصالح وسأكون عبدا صالحا، لن أزني، لن أرتكب ذنبا مثلهما فعلاه عن جهالة.
و راحت نفسه المطمئنة تخاطبه لتصنع منه فردا إيجابيا في المجتمع.
كن أنت ذاك الشاب الطيب الصالح لنفسه وللناس.
... فليس الفتى من يقول كان أبي لكن الفتى من قال ها أنا ذا...

كن ابن من شئت واكتسب أدباً يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
فليس يغني الحسيب نسبته بلا لسانٍ له ولا أدب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي



#رمضان_بوشارب (هاشتاغ)       Bouchareb_Ramdane#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائريون بين العهدة الخامسة و تشبيب الحُكّم


المزيد.....




- في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو ...
- الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية ...
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161 على قناة ا ...
- -أماكن روحية-في معرض فوتوغرافي للمغربي أحمد بن إسماعيل
- تمتع بأقوي الأفلام الجديدة… تردد قناة روتانا سنيما الجديد 20 ...
- عارضات عالميات بأزياء البحر.. انطلاق أسبوع الموضة لأول مرة ف ...
- نزل تردد قناة روتانا سينما 2024 واستمتع بأجدد وأقوى الأفلام ...
- عرض جزائري لمسرحية -الدبلوماسي زودها-
- مترجمة باللغة العربية… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161.. مواعيد ...
- علماء الفيزياء يثبتون أن نسيج العنكبوت عبارة عن -ميكروفون- ط ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمضان بوشارب - اللقيط و الخطيئة